5 أساليب لمساعدة قادة الشركات على تكوين فرق متنوعة عالمياً

7 دقائق
أصحاب المواهب
ياروسلاف دانيلشينكو / ستوكسي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: إذا تابعت العناوين الإخبارية العالمية فقط، فسيظهر لك أن التوقعات بشأن تنقّل أصحاب المواهب العالمية متشائمة. لكن وجد تحليل جديد أن عبور أصحاب المواهب المهرة الحدود أصبح أسهل من أي وقت مضى. حيث حلل باحثو “بوسطن كونسلتينغ جروب” (BCG) السهولة النسبية للتنقّل العالمي لأصحاب المواهب المهرة، وقارنوا بين أكثر 10 دول مشهورة ومقصودة في العالم، إلى جانب الصين واليابان. ووجدوا أن دولاً عدة تنفّذ اليوم إطار عمل قانوني لتوظيف المواهب العالمية ونقلها بتكلفة وسرعة شبيهة عموماً بمستويات التوظيف المحلي، (باستثناء الولايات المتحدة والصين)، وقدموا 5 أساليب لقادة الشركات الذين يتطلعون إلى تكوين فرق متنوعة عالمياً.

 

افتح موقع الأخبار المفضل لديك، وسرعان ما ستجد نفسك منغمساً في الواقع المظلم للهجرة العالمية، بدءاً من الحدود الأميركية المكسيكية إلى الصين التي ترسل العمالة الوافدة إلى أوطانها، إلى النقص الشديد في العمالة في المملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وتلك المشكلات حقيقية بالفعل، لكنها لا تمثّل كامل الوضع.

ومن منظور عالمي، أصبح عبور أصحاب المواهب المهرة الحدود اليوم أسهل من أي وقت مضى. وبشكل عام، يلجأ مزيد من الشركات إلى تكوين فرق متنوعة عالمياً، حيث أظهرت البحوث ميل معظم تلك الفرق إلى دفع عجلة الابتكار على مستوى الشركة وعلى المستوى القطري أيضاً. على سبيل المثال، تدرس ألمانيا اليوم طرح نظام تأشيرات قائم على النقاط لجذب أصحاب المواهب المهرة. وقدمت فرنسا تأشيرات جديدة لرواد الأعمال. كما تقدم اليابان فئة تأشيرة لأصحاب المواهب المتخصصين بالتكنولوجيا بشكل أساسي لكنها لا تقتصر عليهم أيضاً، وهي ليست معروفة على نطاق واسع. وحتى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تبقى تأشيرة العمال المهرة القائمة على النقاط ركيزة أساسية لاستراتيجية إدارة المواهب في البلاد. وعلى الرغم من أن القيود التي فرضتها أستراليا في ظل جائحة “كوفيد-19” جعلت تنقل المواهب صعباً، من المتوقع أن تكون تلك ظاهرة عابرة.

وكجزء من بحثنا حول “الابتكار بلا حدود”، حللنا السهولة النسبية للتنقل العالمي لأصحاب المواهب المهرة، وقارنا بين أكثر 10 دول مشهورة ومقصودة في العالم، إلى جانب الصين واليابان. تنفّذ دول عدة اليوم إطار عمل قانوني لتوظيف المواهب العالمية ونقلها بتكلفة وسرعة مماثلة لمستويات التوظيف المحلي عموماً. وأصبح العالم “متساوٍ” اليوم بالنسبة لأصحاب المواهب العالمية.

ويختلف الوضع إلى حد كبير عند التعمق فيه:

  • الولايات المتحدة والصين هما الاستثناء وليستا القاعدة. على عكس البلدان الأخرى، تضع الولايات المتحدة حداً أقصى لبرنامج تأشيرات غير المهاجرين أصحاب المهارات العالية “آتش وان بي” (H1B visa)، وهي تواجه صعوبة في تجاوز المعوقات الإدارية بشأن تأشيرات الهجرة الأخرى وبطاقات الإقامة الدائمة. وإلى جانب قوانين الحجر الصحي الصارمة الأخرى والمرتبطة بجائحة “كوفيد-19″، فرضت الصين قوانين ضريبية جديدة في شهر يناير/كانون الثاني هذا العام تستهدف المواهب الوافدة، جعلت من الصعب عليهم خصم تكاليف إيجار السكن ونفقات التعليم من الدخل الشخصي الخاضع للضريبة.
  • تقدّم الدول الغربية. أصبحت فرنسا وألمانيا وإسبانيا اليوم من بين أكثر الدول انفتاحاً على استقطاب أصحاب المواهب المهرة، وذلك بالتساوي مع كندا التي لطالما اعتُبرت الدولة الأكثر ترحيباً بالمواهب بفضل نظام التأشيرات المباشر القائم على النقاط.
  • أصبح السباق على المواهب الماهرة عالمياً اليوم. تسعى الهند واليابان اليوم بجد لجذب المواهب الأجنبية وتسهلان على شركاتها التوظيف على مستوى العالم، على الرغم من أنهما غير معروفتين بانفتاحهما.

لماذا اليوم؟

أصبح الوصول إلى المواهب العائق الأول أمام النمو بالنسبة للشركات التي تتسارع لتجاوز أزمة “كوفيد-19”. وإلى جانب عامل الاستقطاب هذا، لا تزال عوامل طرد المواهب قائمة؛ إذ يوجد اليوم مزيد من المواهب العالمية، ولا تزال المواهب على استعداد للانتقال، ولم يُبطئ العمل عن بُعد التنقل العالمي حتى الآن.

  • شبكة المواهب آخذة في الازدياد. سينطلق خلال السنوات العشر المقبلة أكثر من 260 مليون خريج إلى أسواق العمل العالمية. وهذا النمو يعادل إجمالي عدد المواهب عام 1990، ويأتي كل ذلك النمو تقريباً من خارج مراكز القوى التقليدية، ألا وهي أميركا الشمالية وأوروبا والصين واليابان.
  • استعداد كثير من الأفراد للانتقال. على الرغم من انخفاض نسبتهم عن الذروة البالغة 64% في عام 2014، تبقى نسبة 50% من المواهب العالمية التي شملها الاستقصاء عام 2021 على استعداد للانتقال للبحث عن فرص عمل أفضل في مكان آخر. في حين يختار الكثيرون منهم التنقل العالمي كنمط حياة حتى.
  • يساعد العمل عن بُعد في تطوير علاقات جديدة. يخبرنا الرؤساء التنفيذيون ومسؤولو إدارات الموارد البشرية التنفيذيون في الشركات الناشئة أن العمل عن بعد يُقلل من العوائق التي تحول دون التوظيف على مستوى العالم، إذ يتيح العمل عن بُعد للطرفين “الاختبار قبل الاتفاق”، وهو ما يجعل التوظيف من الخارج أقل خطورة.

ولا عجب إذاً أن يشهد العقد الثاني من القرن الحادي والعشرون انتقال مزيد من المواهب عالمياً إلى الدول الأوروبية والآسيوية بشكل خاص (خارج الصين). وتقدم البيانات بعض التلميحات المبكرة لذلك الاحتمال؛ إذ بلغت التدفقات السنوية الوافدة مستويات مرتفعة جديدة في 20 من أصل 25 دولة في “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” عام 2019، لكن ليس في الولايات المتحدة. وانخفضت الهجرة القائمة على تأشيرات العمل في العديد من البلدان خلال جائحة “كوفيد-19” بالتأكيد، لكنها كانت أكثر استقراراً من أي فئة تأشيرات أخرى أيضاً، على الأقل في أوروبا، كما انتعشت بقوة منذ ذلك الحين مقتربة من مستويات ما قبل الجائحة.

يواجه قادة الشركات قيوداً صارمة وقيوداً خفيفة

أجرينا مؤخراً دراسة استقصائية كجزء من بحثنا القادم شملت 850 مسؤولاً من كبار المسؤولين التنفيذيين، ووجدنا فجوة كبيرة بين الوعي واتخاذ الإجراءات. حيث أفادت نسبة 95% منهم أنهم يعتزمون تكوين فرق أكثر تنوعاً عالمياً. في حين لا ترى إلا نسبة 2% منهم الصورة الكاملة بالفعل.

يستخدم الرائدون تنوع فرقهم العالمية كمحفز للابتكار. ويتجلى ذلك في أدائهم بالفعل، إذ إنهم أكثر قدرة على الإبداع وتحقيق النمو مقارنة بأقرانهم الأكثر تجانساً. لنأخذ، على سبيل المثال، شركة “ديليفري هيرو” (Delivery Hero)، وهي شركة عالمية ذات عشرة قرون (ديكاكورن) ووجهة فاعلة في مجال التجارة. أُسست الشركة في عام 2009، وهي توظف اليوم على مستوى العالم، ليس في مجال التكنولوجيا فحسب، وإنما في جميع الوظائف، مثل الكثير من الشركات الناشئة في سعيها لتحوز لقب اليونيكورن (شركة ناشئة تبلغ قيمتها مليار دولار أو أكثر).

وفي غضون ذلك، يواجه المتأخرون عن الركب مزيجاً من القيود الصارمة والخفيفة على حد سواء. تعترض القيود الصارمة الشركات الأصغر في الولايات المتحدة أو الصين على وجه التحديد؛ أي تلك الشركات التي لا يمكنها التحايل على القيود الصارمة المفروضة على التوظيف الأجنبي (على سبيل المثال، عبر عمليات النقل العالمية بين الشركات).

من جهة أخرى، غالباً ما تكون القيود الخفيفة مفروضة ذاتياً، إذ لا يمتلك الكثير من الشركات النشطة عالمياً سياسة “اللغة الواحدة”، باستثناء الدول الناطقة باللغة الإنجليزية، وهو ما يضع حواجز لغوية وثقافية كبيرة أمام المواهب الأجنبية التي غالباً ما تتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة دون غيرها من اللغات. واشتهرت شركة “راكوتن” (Rakuten)، وهي جهة فاعلة في مجال التكنولوجيا في اليابان بقدرتها على تجاوز ذلك العائق عندما أطلق مؤسسها ورئيسها التنفيذي هيروشي ميكيتاني خطة “تعلم الإنجليزية التي تطلبت من جميع الفرق التحدث باللغة الإنجليزية عام 2010.

تكوين فرق متنوعة عالمياً

لاحظنا تبني قادة الشركات 5 أساليب لتكوين فرق متنوعة عالمياً لدفع الابتكار. يستهدف الأسلوبان الأولان الشركات التي تواجه قيوداً صارمة، في حين خُصصت الأساليب الثلاثة الأخيرة للشركات التي تواجه قيوداً خفيفة أو تلك التي لا تواجه أي قيود مادية على الإطلاق.

1. التنوع الجغرافي

إذا لم تتمكن من جلب المواهب الأجنبية إلى شركتك بشكل قانوني، فافتح مراكز في الخارج. أدركت شركة “واي فير” (Wayfair)، وهي شركة متخصصة في بيع الأثاث بالتجزئة عبر الإنترنت أن توظيف جميع مطوري البرمجيات وعلماء البيانات الذين تحتاج إليهم سيتطلب منها البحث خارج مقرها الرئيسي في بوسطن. وبنت نتيجة لذلك مركزاً هندسياً في برلين. ثم افتتحت مركزاً في تورنتو في خطوة تهدف إلى الاستفادة من أصحاب المواهب التكنولوجية المحلية ومن مجتمع المواهب العالمي الأوسع على حد سواء.

2. الاتحاد

لا تزال الدول التي تسهّل على العمالة الماهرة نسبياً الحصول على تأشيرات الهجرة تتبع إجراءات إدارية بطيئة للغاية فيما يتعلق بالانتقال. وقد تساعد الشراكات بين القطاعين العام والخاص في حل تلك المشكلة.

وتقدم ألمانيا مثالاً جيداً في هذا الصدد. إذ على الرغم من أن الدولة منفتحة جداً على استقطاب المواهب الماهرة، لا تعكس بيروقراطية البلاد ذلك السلوك الترحيبي الجديد، أو ثقافة الترحيب الألمانية. ولدفع ذلك التغيير الثقافي، وحّدت الشركات التي تتخذ من برلين مقراً لها قواها وشاركت في تأسيس “برلين بارتنر” (BerlinPartner)، وهي مؤسسة قائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وسرعان ما أدرك الفريق وجود حاجة ماسة إلى “تطوير مسار الأعمال” لاستقطاب المواهب الدولية. واليوم، يعمل فريق صغير ومتخصص في مؤسسة “برلين بارتنر” جنباً إلى جنب مع موظفين منتدبين من الحكومة المحلية لتسريع عملية التوظيف العالمي لأصحاب العمل وتجنب مخاطرها وللمساعدة في نشر ثقافة الترحيب بسكان برلين الجدد.

3. تبنّي النهج العالمي أولاً

يُعد تحويل اللغة الرئيسية للشركة إلى اللغة الإنجليزية وجعلها لغة مشتركة عالمية إجراءً عملياً بسيطاً، لكنه قد يمثّل صدمة ثقافية هائلة للفرق المعتادة على العمل بلغتها الأم بسلاسة. وللتخفيف من وطأة ذلك النهج، حوّلت الشركة المشغلة لشبكات الطاقة الأوروبية “إي أون” (E.ON) جميع التواصلات على مستوى المجموعة إلى اللغة الإنجليزية منذ ما يقرب من عقد من الزمن، لكنها منحت وحدات التشغيل المرونة لإدارة الأعمال بلغاتها المحلية الخاصة. يُتيح ذلك الاختيار من الناحية العملية مجالاً للموظفين للتواصل بلغتهم الأم، لكنه يضمن التواصل السلس أيضاً، حيث يتم توفير جميع المستندات الرئيسية باللغة الإنجليزية فقط.

4. الاختبار قبل الاتفاق

تستخدم الشركات من جميع الأحجام اليوم خطط إعداد الموظفين قبل البدء الفعلي للعمل، سواء كانوا سيعملون بطريقة العمل الحر أو من خلال شركات توظيف تتولى إدارة شؤونهم الوظيفية. على سبيل المثال، بدأت شركة “فورتو” (Forto) المتخصصة في مجال الخدمات اللوجستية ومقرها ألمانيا، بإعداد المواهب عن بُعد ثم قررت لاحقاً نقلهم إلى مراكز أكبر للعمل في بيئات هجينة. وما بدأ كحل سريع خلال أيام جائحة “كوفيد-19” أصبح اليوم استراتيجية هادفة لانتقاء المواهب العالمية.

5. تقدير كل المواهب

غالباً ما تفشل الشركات غير الجذابة للمواهب المحلية في اجتذاب المواهب الأجنبية بشكل مستدام أيضاً. ويجب أن تهدف الشركات إلى تحسين قيمة صاحب العمل لجميع الموظفين، على سبيل المثال، من خلال تحسين رحلة المواهب الكاملة، من الترويج للعلامة التجارية إلى التوظيف السريع إلى دعم إعداد الموظفين بشكل شخصي إلى تقديم التوجيه للموظفين الجدد. وترجع شركة “دوغلاس” (Douglas)، الرائدة في السوق الأوروبية في مجال بيع مستحضرات التجميل بالتجزئة جزءاً من نجاحها الأخير في توسيع نطاق منصتها الرقمية للجمال إلى قدرتها على جذب المواهب الرقمية الماهرة من ألمانيا، حيث يقع مقرها الرئيسي، ومن خارج أوروبا. وتحقيقاً لتلك الغاية، طوّرت الشركة مؤخراً عملية توظيف سلسة عن بُعد للمواهب الرقمية، كما أضافت حزم انتقالات بعينها تقدم للموظفين الجدد الدعم السكني وتضمن في الوقت نفسه الاحتفاظ بقوة العمل الآخذة في العولمة.

إذا تابعت العناوين الإخبارية العالمية فقط، فسيظهر لك أن التوقعات بشأن تنقّل أصحاب المواهب العالمية متشائمة. لكن تعمّق أكثر، وسترى فرصاً مثيرة لمعالجة النقص المُلحّ في المواهب ودفع الابتكار. وقد حان الوقت اليوم لفهم تلك الفرص المثيرة واستغلالها في حين لا يزال الآخرون في سبات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .