أصابت عبارته تلك وتراً حساساً لديّ. كان من الواضح أن مسيرتي المهنية مستشاراً ستشمل الكثير من السفريات وأستطيع أن أحدّد بكامل إرادتي ما سأفعله خلال هذا الوقت. منذ ذلك الحين، اشتركتُ مع كيري وزملائنا في شركة فايتال سمارتس (VitalSmarts) في تأليف 5 كتب ومئات الأوراق البحثية والمقالات وطورنا العشرات من الدورات التدريبية الأكثر مبيعاً، كل ذلك على الرغم من سفري لأكثر من 100 يوم في السنة.

وأرى من وجهة نظري أن مفتاح النجاح في أن أكون شخصاً منتجاً في أثناء السفر حول العالم هو أن أنظر إلى نفسي بصفتي شخصاً آخر، شخصاً أحتاج إلى التأثير فيه بعناية وحرص. وإليكم الطرائق التي أفعل بها ذلك، وقد استخدمت الكثير منها في كتابة هذه المقالة بالذات!

حدد مواعيد مستقبلية لنفسك

أثبت خبراء الاقتصاد السلوكي أن اتخاذ خيارات جيدة أمرٌ سهلٌ ما لم يكن عليك تنفيذها الآن. (وإليك إحدى هذه الدراسات حول قدرة الموظفين على الادخار). فإذا سألتني عن مكونات الغداء الذي سأتناوله الأسبوع المقبل، فسأختار على الأرجح خيارات صحية أكثر مما لو سال لعابي على الخيارات التي سأتناولها الآن. يُشار إلى هذه الظاهرة باسم الخصم المقطعي؛ أي الميل إلى المبالغة في قيمة المكافآت الآن والتقليل من قيمتها لاحقاً. وأستطيع الاستفادة من هذا التحيّز المعرفي عندما أحاول خداع نفسي بتقديم التزامات سأفي بها في وقت محدد في المستقبل. فأنا أفي بوعودي التي أقطعها على نفسي في جدول مواعيدي؛ وإذا قلتُ إنه من المفترض أن أفعل شيئاً ما في وقت ما، فإنني أحرص على فعله؛ لذا أتطلع إلى الفترات الطويلة للتوقف عن العمل في أثناء السفر، كما يحدث عندما أسافر بالطيران لمدة 5 ساعات من سان فرانسيسكو إلى نيويورك. وقد وصلتُ هذا الأسبوع إلى فندقي في مدينة إنديانابوليس، وفتحت جدول مواعيدي ورأيت مهمة كنتُ قد ألزمت نفسي بأدائها. فقد كتبت في جدول مواعيدي ما يلي: “كتابة الخطوط العريضة لمقالة هارفارد بزنس ريفيو” من الساعة 4:30 إلى الساعة 5:00 عصراً؛ لذا شمرت عن ساعديّ وشرعت في كتابتها.

توقف قبل النهاية

عندما يكون لديّ مهمات طويلة أريد إكمالها، تلك التي يتطلب إنجازها جلسات عمل متعددة، فإنني أحرص على الوقوف عند مواضع أستطيع التقاط طرف الخيط من عندها بسهولة (ومتعة) لاحقاً. على سبيل المثال، إذا كنت منخرطاً في مهمة معينة ولديّ موضوع مطوَّل أستمتع بالكتابة فيه، فإنني أتوقف متعمداً قبل أن أصل إلى نقطة النهاية حتى أشتاق إلى العودة إليه من جديد. كانت المهمة المشار إليها أعلاه في جدول مواعيدي بمثابة حيلة تحفيزية صغيرة أيضاً، ولاحظ أنني ألزمت نفسي بـ “كتابة الخطوط العريضة” فقط لهذه المقالة. فقد لاحظتُ أن هذه هي الجزئية التي تتعرّض للتسويف أكثر من غيرها. ولكن بمجرد أن أنهي كتابة الخطوط العريضة، أبدأ في الاستمتاع باستكمال باقي تفاصيلها. لذا حرصتُ على تحديد موعد صارم لإنهاء الجزء الصعب حتى أشعر بالحماس للعودة إليه لاحقاً والتقاط طرف الخيط من جديد.

أنشئ حلقات مُرضية

أثبت عالم النفس، روي باوميستر، أن الدوافع تمثّل مورداً محدوداً. أجد أن هذا ينطبق عليّ، وبخاصة حينما تقل سفريات العمل وتتراجع دوافعي. إذا كنت أفكر في نفسي من منظور المتكلم، فإنني أميل إلى القسوة مع نفسي وتأنيبها لعدم إنجاز أي شيء. وعندما أفكر في نفسي كما لو كنتُ شخصاً آخر، فإنني أميل إلى التعاطف مع هذا المورد المحدود. وأتساءل: “كيف يمكنني زيادة دافع جوزيف إلى أقصى حد؟”. وبدلاً من إجبار نفسي على الكتابة القسرية في رحلة مدتها 5 ساعات كاملة، فإنني أحدد مقداراً هادفاً ومُرضياً من هذه المهمة يمكنني إكماله بأريحية تامة. على سبيل المثال، فكرتُ خلال رحلتي إلى مدينة إنديانا، قائلاً بيني وبين نفسي: “إذا كان بإمكاني تجهيز عرضي التقديمي ليوم غد وإفراغ صندوق الوارد في بريدي الإلكتروني، فسوف أشعر بالتحرر”. وهذا ما فعلتُه.