نسمع دائماً في أحدث اتجاهات التسويق الرقمي أو في الكلمات الافتتاحية لفعاليات القطاعات الصناعية، أن "المحتوى يتفوق على كل شيء" وأن علينا أن "نفكر بعقلية الناشر" إذا أردنا أن نتميز على شبكة الإنترنت اليوم. فما هي استراتيجية تسويق المحتوى المناسبة؟
من السهل الموافقة على ذلك، والاندفاع بقوة نحو اقتحام مجال تسويق المحتوى. سيكون الأمر رائعاً في البداية، فنحن نبتكر! ننشر مقالات في المدونات وفيديوهات ومدونات صوتية وكتباً إلكترونية ومخططات للمعلومات المصورة (إنفوغرافيك) وغير ذلك الكثير. وفي النهاية سنجد أننا صنعنا شيئاً لم يكن موجوداً من قبل نتيجة عملنا الجاد. وفقاً لبيانات تعود إلى العام 2016 من "معهد تسويق المحتوى" (Content Marketing Institute)، فإن 88% من المسوقين يستخدمون تسويق المحتوى، منهم 76% يرون أنهم سينتجون مزيداً من المحتوى في عام 2016 مقارنة بعام 2015.
لكن هناك مشكلة تتمثل ببساطة في أن صناعة مزيد من المحتوى لا تكفي. ليس المزيد هو الحل الأمثل دائماً، ولا يحقق أثراً فعالاً بصفة خاصة. فعندما كانت مستويات إنتاج المحتوى عالية، أوضحت نفس البيانات من "معهد تسويق المحتوى" أن 30% فقط من شركات التسويق للشركات ذكرت في العام 2016 أن مؤسساتها تحقق أثراً فعالاً بتسويق المحتوى، ما يعني انخفاضاً في النسبة مقارنة بـ 38% في العام 2015. قد يرجع ذلك إلى أنه مع زيادة إنتاج المحتوى عما سبق، صار هناك عدد أقل من المسوقين لديهم استراتيجية تسويق محتوى موثقة في 2016 مقارنة بالعام 2015 (32% مقابل 35%)، على الرغم من أن البحث ذاته يوضح باستمرار أن هؤلاء الذين يوثقون استراتيجيتهم أكثر فاعلية في جميع مجالات تسويق المحتوى تقريباً.
سيساعدك تأسيس عملك استناداً إلى استراتيجية موثقة في إنتاج محتوى أكثر فاعلية. فليس لزاماً أن تكون استراتيجية المحتوى معقدة دون داع لذلك.
لأتمكن من وضع استراتيجيتي للمحتوى، أعود دائماً إلى قصيدة "وليد الفيل" (The Elephant’s Child) لـ "روديارد كبلينغ" التي ألفها عام 1902 التي تقول كلماتها:
أحتفظ بستة من الخدم (علموني ما أعرف)، أسماؤهم هي: ما ولمَ ومتى وأين ومن وكيف.
أدوات الاستفهام الأساسية في استراتيجية تسويق المحتوى
يمكننا استخدام "خدم كبلينغ" لبدء استراتيجية المحتوى أيضاً. جميع أدوات الاستفهام تستحق الانتباه، إلا أن الأساس القوي يكمن في التركيز على لمَ ومن وما. إذ تساعدنا في التحقق من أن محتوانا يركز على العمل ومعرفة العميل.
لمَ
— علينا أن نبدأ بـ "لمَ" كما ينصح سيمون سينيك المؤلف البريطاني. السبب وراء قيامك بشيء. عندما يتعلق الأمر باستراتيجيتك للمحتوى، يكون سببك هو الهدف من عملك. لماذا تفعل ذلك؟ هذا هو جزء "التركيز على العمل" عند إنشاء محتوى جيد.
يمكن لتسويق المحتوى أن ينجز هدفاً من الأهداف الست للعمل: الترويج للعلامة التجارية، وبناء مجتمع، والعلاقات العامة، وأبحاث التسويق، وخدمة العملاء، وجذب عملاء محتملين وزيادة المبيعات. اختر فقط هدفاً واحداً من هذه الأهداف واستخدمه كأساس للإجابة عن أسئلة "كبلينغ" الأخرى.
مَن
بعد أن تناولنا جانب "التركيز على العمل"، علينا الآن أن نتحقق من أن محتوانا يفي بجانب "معرفة العميل". على المحتوى الجيد أن يحل مشكلات الجمهور، ويلبي احتياجاً في حياتهم.
ابدأ بسؤال نفسك من الجمهور الذي تخدمه؟ والآن بعد أن وضعت قطاعاً مستهدفاً، ابدأ العمل وتفحص محتواك. هل كنت محدداً كفاية؟ هل تحتاج إلى أن تتعمق أكثر؟ بعد أن تنتهي من هذا، ابدأ في تصور جمهورك وما يجده مهماً. واستخدم بيانات كمية توضح التركيبة السكانية وبيانات نوعية توضح اهتماماتهم.
ما
وأخيراً، بناء على الهدف من عملك (السبب) ومن هم جمهورك، فكّر فيما يمكنك فعله لصنع محتوى يخدم الجانبين. أي نوع من المحتوى هو الأفضل؟ الأمر يتوقف على المحتوى الأنسب لعلامتك التجارية وما يخدم عملاءك. علينا أن نضع أسلوباً للعمل فيما يتعلق باستراتيجية المحتوى بشكل يركز على ملاءمتها. لا تنظر إلى ما يفعله الآخرون، بل فكّر فيما يناسب علامتك التجارية.
لمَ ومن وما ستقدم لك أساساً بسيطاً وقوياً لوضع إطار عمل استراتيجي يمكنك استخدامه للوصول إلى المحتوى الصحيح الذي يلبي متطلبات جمهورك وعملك.
ومن هنا، يمكنك أن تضع تصوراً لاستراتيجيتك للمحتوى باستخدام بقية خدم "كبلينغ" الآخرين.
متى
سيحدث هذا؟ وكم مرة؟
أين
سيحدث هذا؟ في الداخل أم الخارج؟
كيف
سنفعل هذا؟ وكيف نقيس نجاحنا؟
إذا كنا بحاجة إلى تسويق محتوى أكثر فاعلية، فعلينا أن نكون أكثر ذكاءً فيما يتعلق بالاستراتيجية. ما من شخص اليوم يملك موارد تسويقية غير محدودة. ولا يمكننا تحمل تكلفة القيام بكل شيء، ولا يجب علينا ذلك على أي حال، فالمستهلكون غارقون في كل هذا المحتوى الذي أمامهم. لذا من التهور وضع محتوى يزيد من ازدحام السوق الإلكترونية الصاخبة بطبيعتها. علينا أن نمتلك استراتيجية مناسبة لتسويق المحتوى إذا أردنا إنتاج محتوى أفضل، ولو عنى هذا أن ننتج محتوى أقل.