الإجازات هي تجارب نحلم بها أو نراها فقط في إعلانات الرحلات، والنتيجة المثالية لها هي العودة مفعمين بالحيوية والنشاط مستعدين لما ينتظرنا. مع ذلك، قد يحدث العكس تماماً في بعض الأحيان. مَن منا لم يقل في مرحلة ما، عادة عشية مغادرتنا، إن محاولة أخذ هذه الإجازة مرهقة جداً، وكان من الأفضل عدم الذهاب على الإطلاق! لا مفر من ضغوط الإجازة أحياناً، لكن يمكننا التحكم بها بصورة أفضل إذا أدرناها على نحو مدروس. بصفتي مالكة لشركة تدريب في مجال إدارة الوقت، أخبرني العديد من عملائي أنهم تمكنوا من أخذ أول إجازة حقيقية منعشة منذ سنوات بعد استخدام الاستراتيجيات التي سأوضحها أدناه:
جدولة التزامات العمل مسبّقاً
أحد العوامل الرئيسية الذي يسهم في تقليل التوتر حول إجازتك هو أن تقرر موعدها بدقة مسبّقاً، إذ يتيح ذلك الفرصة لتجنب تراكم الكثير من الالتزامات قبل إجازتك وبعدها والقدرة على اتخاذ خيارات مدروسة والنظر في جوانب مختلفة في أثناء تنظيم تفاصيل رحلتك. يقلل توفير مهلة كافية قبل أخذ الإجازة إلى حد كبير من التوتر إلى درجة أن أحد عملائي الذين أدربهم في مجال إدارة الوقت، وهو متخصص في تنظيم رحلات السفر الفاخرة، يصر على تلقي إشعار قبل ثلاثة أشهر على الأقل من موعد الرحلة.
بمجرد أن تقرر الذهاب في إجازة، سجل أيام الإجازة على جدول مواعيدك واضبط إعداداته على ميزة "خارج العمل" في هذه الفترة، ومن الأفضل عدم التخطيط لأي عناصر مجدولة مثل المحادثات الهاتفية الجماعية في أثناء السفر. بهذه الطريقة، فإن أنشطة العمل الوحيدة التي قد تُضطر إلى الاستجابة لها في أثناء عطلتك هي الأنشطة غير المتوقعة والعاجلة فعلياً. قد تضطر بالطبع إلى التحقق من شيء أو اثنين في أثناء غيابك، فذلك يحدث، ولكن من المهم تقليل الحاجة إلى الانخراط في مهام العمل المعتادة خلال الإجازة.
ربما تشعر أنه من الأفضل تنظيم أكبر عدد ممكن من الاجتماعات قبل الرحلة وبعدها، ولكن ترك هامش من الوقت قبل إجازتك وبعدها يمكّنك من تحقيق نتائج أفضل. خصص بضعة أيام قبل مغادرتك لإنهاء المشاريع والتعامل مع رسائل البريد الإلكتروني المهمة وحضور أي اجتماعات عاجلة حقاً قد تطرأ فجأة. خصص اليوم الأول على الأقل عند عودتك إلى المكتب للتكيف مجدداً مع العمل وتنظيف بريدك الوارد بكفاءة، حيث يمكنك عدّ ذلك تفريغاً لحقائبك وإعادة ترتيب منزلك على الفور بدلاً من ترك الحقائب نصف فارغة لأيام وأسابيع في النهاية.
التخطيط الأولي للسفر
تؤثر طريقة تنظيم رحلتك أيضاً إلى حد كبير على درجة شعورك بالتعب أو الانتعاش عند العودة. أوصي بأخذ نصف يوم إجازة على الأقل من العمل قبل أن تغادر لمنح نفسك وقتاً إضافياً للتعامل مع أي مهام أو حزم ما تبقى من أمتعة. عند حجز رحلتك في البداية، من المفيد استثمار بعض المال لتأمين السفر في أوقات معقولة، بحيث تتجنب الاستيقاظ في الساعة 3 صباحاً مثلاً للحاق بموعد الطائرة لأن الحرمان من النوم يزيد احتمال إصابتك بالمرض، ولأنك تخطط لرحلتك في وقت مبكر، ستتمكن بلا شك من العثور على مزيد من الرحلات الجوية بأسعار معقولة.
يجب ألا تفكر فقط فيما تريد زيارته أو الاستمتاع بفعله في أثناء التخطيط للأنشطة، بل في التجربة الشاملة التي تريد خوضها أيضاً، فزيارة باريس مثلاً لا تعني بالضرورة زيارة جميع متاحفها، فلعلك تشعر بسعادة وحيوية أكبر إذا ركزت على قضاء بعض الوقت في المواقع المهمة ومن ثم منح نفسك رفاهية الجلوس في مقهى لبضع ساعات أو الخروج في نزهة ترفيهية.
ومن المهم أيضاً أن تبقى الأنشطة بسيطة وممتعة للجميع إذا كنت مسافراً بصحبة أطفال، خاصة إذا كانوا في سن صغيرة، فهم يسعدون بأنشطة مثل السباحة أو قضاء الوقت على الشاطئ ويحبون الشعور بأن لديهم وقتاً كافياً. ضع في اعتبارك أن كل شيء سيستغرق على الأرجح وقتاً أطول مما هو متوقع، وتقبّل حقيقة أنك في إجازة واستسلم لها.
الأسبوع السابق لمغادرتك
إذا كنت تخطط لقضاء إجازة طويلة، فمن المستحسن أن تبدأ حزم أمتعتك أو على الأقل أداء بعض المهام المتعلقة بالتحضير لرحلتك مبكراً. من المفيد على سبيل المثال تخصيص الوقت في عطلة نهاية الأسبوع قبل أسبوع العمل الأخير لهذه المهام، لتقلل بذلك حاجتك إلى المسارعة لشراء ما تبقى من حاجياتك، مثل الأدوية أو المنظفات، في اللحظات الأخيرة قبل المغادرة. نسّق مع زملائك أيضاً كي تكون لدى الجميع توقعات واضحة بشأن ما ستفعله وما لن تفعله في أثناء وجودك بعيداً عن المكتب. قد ينطوي ذلك على منح الآخرين صلاحيات اتخاذ القرارات المتعلقة بمشاريع معينة أو تحديد مواقف محددة يجب عليهم الاتصال بك فيها.
استخدم رسالة "خارج المكتب" على بريدك الإلكتروني وهاتفك بحكمة؛ من المفيد أن تذكر في رسالتك مثلاً "أود أن أوضح أنني خارج المكتب حتى تاريخ كذا وسأرد على الرسائل في أسرع وقت ممكن بعد ذلك". يحدد ذلك توقعات الآخرين بأنك لن ترد في أثناء الإجازة وأن ذلك قد يستغرق بضعة أيام بعد عودتك إلى العمل أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، إذا فعّلت الردود التلقائية قبل يومٍ من مغادرتك الفعلية، سيكون من الأسهل عليك الانفصال عن العمل في الوقت المحدد لتتمكن من التركيز على الأشياء الأهم خلال يومك الأخير في العمل.
الأسبوع الذي تعود فيه
من الضروري أن تكون لديك خطة مُعدة جيداً لما ستفعله عندما تعود من الإجازة للاستفادة من الانتعاش الذي منحته لك إلى أقصى حد ممكن. على سبيل المثال، العودة إلى المنزل قبل يوم واحد أو على الأقل الوصول في وقت مبكر من اليوم بحيث يكون لديك بعض الوقت لتفريغ الأمتعة وغسل الملابس ونيل قسط كافٍ من النوم ليلاً، كما يتيح لك ذلك وضع خطة لليوم التالي، بحيث تكون لديك فكرة واضحة عن كيفية التعامل مع يومك الأول في المكتب. أخيراً، بدلاً من التركيز على حقيقة أنك لم تعد في إجازة، فكر في امتنانك للوقت الذي قضيته بعيداً عن العمل، فالامتنان يولد الفرح الذي يمكن أن يساعدك على استيعاب الصدمة الأولية للعودة إلى الحياة العملية.
عند التخطيط لعطلتك القادمة، ضع في حسبانك اتباع هذه الاستراتيجيات كي تجعل إجازتك منعشة حقاً وتتجنب ضغوط الإجازة المتوقعة.