يتحدث شريك ومدير مساعد في شركة بوسطن كونسلتينج جروب باكاتجان ساندالخان في هذه المقابلة عن استراتيجيات مدينة دبي لتعزيز النقل المستدام وأهم مشاريع البنية التحتية المصممة في دبي لتكون قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية، ويعرفنا إلى أهم التحديات التي تواجه هذا القطاع لجعله من القطاعات الحيوية في مواجهة التغير المناخي.
يعتبر قطاع النقل من أكثر القطاعات المسؤولة عن انبعاثات الكربون. هل يمكنك إطلاعنا على استراتيجيات دبي لتعزيز النقل المستدام وخفض الانبعاثات في هذا القطاع؟
أطلقت الإمارات العربية المتحدة الاستراتيجية الوطنية للتنقل الذكي، والتي تهدف إلى تعزيز مكانة الدولة كإحدى البلدان الرائدة في عالم التنقل الذكي متعدد الوسائل بحلول العام 2032. وتتمحور هذه الاستراتيجية حول ركائز البنية التحتية المتوافقة وأنظمة التنقل المتكاملة والسياسات واللوائح التنظيمية الديناميكية، مع التركيز على خمسة أهداف رئيسية وهي: أمن وسلامة المتنقلين واستدامة القطاع وضمان الكفاءة وتعزيز الموثوقية وتوفير تجربة سلسة لإسعاد المتعاملين.
تتطلع دبي لوضع معيار عالمي في مجال النقل المستدام والصديق للبيئة. وتعكس استراتيجية هيئة الطرق والمواصلات بدبي (مواصلات عامة عديمة الانبعاثات في إمارة دبي 2050)، طموح إمارة دبي لتكون بمثابة نموذج عالمي للاستدامة والتحول الأخضر. وتهدف هذه الخطة إلى التشجيع على استخدام مصادر الطاقة النظيفة والكهرباء، بالإضافة إلى مجموعة من المبادرات الأخرى لتحقيق هدفها المتمثل في التخلص من الانبعاثات الكربونية على المدى الطويل في قطاع النقل. وتشجع استراتيجية رحلات الميل الأول والأخير التي تنتهجها طرق دبي، عملية التحول على مستوى وسائل النقل العام عبر توفير خيارات الجزء الأول أو الأخير من الرحلة المؤدية من أو إلى أقرب محطة نقل جماعي والتي تنقسم إلى قسمين جماعية وفردية، ومن أهمها الحافلات المتوفرة حسب الطلب ومركبات الأجرة والقيادة بالتناوب والسكوتر الكهربي والدراجات الهوائية. على صعيد آخر سيتم توسيع شبكة المترو ذاتية القيادة من 89 كيلومتر حالياً إلى حوالي 379 كيلومتر في دبي.
ما هي التحديات التي تواجهها دبي لتعزيز استدامة قطاع النقل؟
تعتبر سيارات الركاب الخاصة والحافلات والشاحنات الثقيلة والآلات الصناعية مثل الرافعات والحفارات مصادر الانبعاثات الرئيسية في قطاع النقل.
وتواجه دبي تنامياً ملحوظاً في الطلب على العمليات ذات الصلة بنقل الركاب والبضائع. وتشهد دبي واحدة من أعلى نسب المركبات إلى المقيمين في العالم، مع سيارة واحدة لكل شخصين. من ناحية أخرى، يساهم التركيز الثقافي على "الافتخار باقتناء السيارات" في ارتفاع نسبة سيارات الدفع الرباعي في دبي مقارنة بالمدن العالمية الأخرى. وأخيراً، يشهد قطاع البناء والتشييد في دولة الإمارات العربية المتحدة انتعاشاً استثنائياً، يتميز بمعدلات نمو ملحوظة.
هل يمكن الإشارة إلى بعض الأمثلة حول مشاريع البنية التحتية المصممة في دبي لتكون قادرة على التكيف مع المناخ؟
صمم مركز إكسبو سيتي دبي على نحو خاص، بحيث تم تظليل 80% من الممرات الرئيسية و60% من الممرات الإسمنتية والأماكن العامة المفتوحة، للمساهمة في التخفيف من حدة الأجواء الحارة في دولة الإمارات العربية المتحدة وتشجيع الناس على المشي.
ما هي أكبر التحديات التي تواجهها دبي في جعل نظام النقل أكثر مرونة في مواجهة التغير المناخي؟
من الممكن أن يؤدي الطقس القاسي وتزايد ارتفاع منسوب مياه البحر وتزايد ملوحة مياه البحر وحموضتها الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة، إلى إلحاق الضرر بالبنية التحتية الساحلية والبحرية الحالية، فضلاً عن تكاليف الصيانة ذات الصلة. وبالنظر إلى أن 85% من سكان دولة الإمارات العربية المتحدة يعيشون في المناطق الساحلية، كما أن أكثر من 90% من البنية التحتية للدولة موجودة في هذه المناطق، تخطط دبي والإمارات المجاورة لمواجهة التأثيرات المرتبطة بالمناخ على بنيتها التحتية، الأمر الذي يشمل اعتبارات التصميم والتنسيب والبناء والتشغيل والصيانة المستمرة.
كيف تشجع دبي على استخدام السيارات الكهربائية وغيرها من وسائل النقل المستدامة؟
تلتزم دبي بتطوير حلول النقل المستدامة، وأدت جهود الاستدامة إلى تمكين هيئة كهرباء ومياه دبي من إطلاق مبادرة "الشاحن الأخضر" للمركبات الكهربائية، وذلك تحت مظلة مبادرة التنقل الأخضر 2030 التي تم إطلاقها في دبي. وشهدت المبادرة إقبالاً منقطع النظير، حيث ارتفع عدد مالكي السيارات الكهربائية المسجلين من 14 فقط عام 2015 إلى ما يربو عن 11,000 بحلول مايو 2023، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد خلال السنوات القادمة. وتهدف الاستراتيجية إلى توفير ما يقرب من 42,000 سيارة كهربائية في شوارع دبي بحلول عام 2030. ومن المقرر أن يتوسع عدد محطات الشحن من 370 محطة و680 نقطة شحن، لتصل إلى 1,000 محطة بحلول عام 2025. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تشغيل أسطول سيارات الأجرة على نحو كامل في دبي باستخدام تقنيات هجينة أو كهربائية أو هيدروجينية بحلول عام 2027.
كيف تدمج دبي مصادر الطاقة المتجددة في أنظمة النقل لجعلها أكثر استدامة ومرونة في مواجهة التغيرات المناخية؟
تتبع استراتيجية هيئة الطرق والمواصلات بدبي للتحول نحو وسائل مواصلات عامة ذات صافي انبعاثات "صفرية" بحلول عام 2050، نهجاً مرحلياً لتعزيز استدامة وسائل النقل العام في المدينة. وتهدف الخطة بحلول عام 2030، لتشغيل 10% من الحافلات العامة باستخدام الكهرباء أو الهيدروجين، مع تطلعات بالتوسع نحو 20% بحلول عام 2035 و40% بحلول عام 2040 و80% بحلول عام 2045، وصولاً لتحقيق الهدف الكامل بحلول عام 2050. بالإضافة إلى ذلك، تهدف الخطة إلى تحويل 30% من سيارات الأجرة والليموزين لاعتماد طاقة الكهرباء أو الهيدروجين بحلول عام 2030، وزيادتها إلى نسبة 50% بحلول عام 2035 وتحقيق التحول الكامل بحلول عام 2040.
وبالنسبة للحافلات المدرسية التي تديرها مؤسسة تاكسي دبي (DTC)، يبدو المسار الاستراتيجي مماثلاً مع خطة تحويل 10% من الحافلات بحلول عام 2030، وصولاً إلى نسبة 30% بحلول عام 2035، وحتى نسبة 50% بحلول عام 2040 و80% بحلول عام 2045، ليتم تحقيق هدف التحويل الكامل بحلول عام 2050.
وفي الآونة الأخيرة، وقعت إحدى أكبر شركات النفط والغاز مذكرة تفاهم مع إحدى هيئات الكهرباء والمياه في دولة الإمارات العربية المتحدة لإجراء دراسة جدوى حول مشروع تجريبي مشترك. ويهدف هذا المشروع إلى استخدام الهيدروجين لتشغيل قطاع النقل بما يتماشى مع استراتيجيات الطاقة النظيفة وتحقيق صافي انبعاثات صفرية على مستوى الدولة، وصولاً إلى تحقيق الهدف الرئيسي والمتمثل في توفير 100% من الطاقة الإنتاجية للطاقة من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2050.