متى يكون التخلي عن هدفك أفضل من المضي قدماً لتحقيقه؟

6 دقائق
التخلي عن مشروعك

ملخص: نميل في بعض الأحيان إلى التمسك بمسار بدأناه حتى عندما ندرك أنه لا جدوى من الاستمرار به. فكّر في تلك العلاقة التي تتمسك بها حتى بعد فشلها، أو في الوظيفة التي بقيت فيها على الرغم من سوء معاملة مديرك لك. إذا كنت تعتبر نفسك من الأشخاص الذين لا يستسلمون بسهولة، فقد تجد نفسك عالقاً في مسار معين لفترة طويلة إلى حد ما. هناك خمس استراتيجيات يمكنك استخدامها للحد من خسائرك عندما يحين وقت التخلي عن مشروعك أو التخلي عن أهدافك.

  • أعد تركيز تفكيرك. بدلاً من التركيز على ما ستخسره، ضع في اعتبارك ما ستكسبه إذا قللت من خسائرك.
  • قيّم ما يقع ضمن نطاق سيطرتك. من المهم للغاية إدراك ما يمكنك التحكم به وما لا يمكنك بالضبط لاتخاذ القرار الأفضل بالتوقف أو المضي قدماً.
  • وسّع هويتك الذاتية. بدلاً من التمسك بذهنية "لن أستسلم"، تذكر سماتك الإيجابية الأخرى وخصائصك الشخصية التي يمكنك الاستفادة منها في اتخاذ القرار.
  • ابحث عن وجهات نظر أخرى. قد يكون من المفيد الاستعانة بآراء ومصادر خارجية للمعلومات بدلاً من الاعتماد على تفكيرك وحدسك فقط.
  • تعاطف مع ذاتك. عندما لا يحقق مسعانا الذي بدا واعداً في البداية الآمال التي كنا نتطلع إليها، قد نبالغ في انتقاد أنفسنا. بدلاً من لوم نفسك وانتقادها، ركز على ما يمكنك تعلمه من هذا الموقف.

 

لا تسير المشاريع والعلاقات والوظائف دائماً كما هو مخطط لها، ومن غير الواضح دائماً متى يجب التوقف عن المحاولة والتخلي عنها. لقد سمعنا جميعاً القول المأثور "الناجحون لا يستسلمون أبداً" مرات عديدة، ولكن في بعض الأحيان قد يكون الحد من الضرر وتقليل خسائرنا أفضل قرار.

فكر في تلك العلاقة التي تمسكت بها حتى بعد فشلها، أو في الوظيفة التي بقيت فيها على الرغم من سوء معاملة مديرك لك. يحاول الكثير منا التمسك ببصيص الأمل حتى آخر لحظة معتقداً أن الحال سيتحسن في نهاية المطاف. إذا كنت تعتبر نفسك من الأشخاص الذين لا يستسلمون بسهولة، فقد تجد نفسك عالقاً في مسار معين لفترة طويلة إلى حد ما. ولكن على الرغم من أن المثابرة هي سمة حميدة عموماً، يمكن أن تؤدي إلى هدر وقتك وجهدك في الاستثمار في شيء لم يعد فكرة جيدة بعد الآن.

بصفتي مدرباً تنفيذياً، أعمل مع العديد من القادة المتحمسين والجادين الذين يرفضون فكرة "الاستسلام". لكن القائد الذكي هو الذي يتعلم الفرق بين الاستسلام قبل الأوان وبين التمسك بشيء لم يعد من المجدي الاستمرار به.

فيما يلي 5 استراتيجيات يمكنك اتباعها للحدّ من خسائرك عندما يحين وقت التخلي عن مشروعك:

أعِد تركيز تفكيرك.

معظمنا عرضة لمغالطة التكلفة الغارقة، وهي تحيز غير واعٍ يغرينا بالاستمرار في مسعى نستثمر فيه الوقت والجهد والمال، حتى لو كان من المنطقي التخلي عنه.

ندرك تماماً أنه لا يمكننا استعادة ما استثمرناه في مسعانا، سواء كان مشروعاً يجب إيقافه أو علاقة يجب إنهاؤها أو قراءة كتاب لم نعد نستمتع بقراءته، ومع ذلك نصر على الاستمرار ونخفق في التخلي عنه لأننا ببساطة في منتصف الطريق. فإذا كنت لا تحبّذ فكرة "الاستسلام"، فقد تكون عرضة لهذا التحيز بشكلٍ خاص.

تدفعنا مغالطة التكلفة الغارقة إلى القلق الشديد بشأن ما سنخسره إذا تخلينا عن مشروعنا، بينما تمنعنا من التفكير ملياً بتكلفة استمرارنا به.

لتجنب الوقوع في هذا التحيز، يجب أن تركز بوعي على المكاسب حتى تتمكن من تقييم البدائل بموضوعية أكبر. اسأل نفسك: ما الذي سأكسبه من إيقاف خسائري الآن؟ هل ستكون أكثر سعادة أم سيكون لديك وقت لفرصة أخرى (أفضل)؟ ثم اسأل نفسك: ماذا سيكلفني الاستمرار؟ على سبيل المثال، هل ستهدر المزيد من المال بعد ما فقدته حتى الآن؟ أم لن تمتلك ما يكفي من القدرة والذهنية لاستكشاف فرص واعدة أخرى؟

قيّم ما يقع ضمن نطاق سيطرتك.

يمكن أن يؤدي وهم السيطرة أيضاً إلى إضعاف أحكامنا، ما يجعلنا نبالغ في تقييم قدرتنا على التحكم في الأحداث وتحقيق نتيجة إيجابية. يمنحنا هذا التحيز الشعور بالقوة والقدرة على التصرف، ويمكن أن يعزز صحتنا العقلية. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي المستوى العالي من الكفاءة الذاتية إلى تمسكنا أكثر بمسار العمل الخاسر.

في الحقيقة، يؤدي الشعور بأن لدينا سيطرة أكبر على حدث أو شخص أكثر مما نمتلكه في الواقع إلى زيادة إصرارنا على الاستمرار بما نقوم به في الوقت الذي يجب علينا فيه التوقف، خصوصاً إذا ما اقترن ذلك بذهنية "لن أستسلم أبداً".

لمواجهة هذا التحيز، فكر في موقفك وقم بعمل قائمة بسيطة من عمودين، اكتب في العمود الأول ما يقع في نطاق سيطرتك وفي الآخر ما هو ليس كذلك. فكر ملياً بالأمر. غالباً ما يكون الشيء الوحيد الذي يمكنك التحكم فيه حقاً هو جهودك وسلوكك، فحتى لو كان بإمكانك التأثير في الآخرين وفي ظروف مختلفة، فلا يمكنك إجبارهم على التغيير أو السير كما تريد.

من المهم للغاية إدراك ما يمكنك التحكم به وما لا يمكنك بالضبط لاتخاذ القرار الأفضل بالتوقف أو المضي قدماً. يمكن أن يساعدك وجود قائمة مكتوبة بهذه الأشياء على ضمان التركيز بشكلٍ أفضل على ما يمكنك التحكم فيه وتقييم ما إذا كانت جهودك المستمرة تستحق العناء. قد يكون بذل الجهد والعاطفة على أشياء لا يمكنك التحكم بها مرهقاً وموهناً لعزيمتك.

وسّع هويتك الذاتية.

تشير الأبحاث إلى أن الناس يربطون هويتهم الذاتية ومكانتهم الاجتماعية بالتزاماتهم. ونظراً لأننا نعتبر التزاماتنا جزءاً من هويتنا، فإن الانسحاب منها يبدو أنه تهديد لهويتنا أو لمكانتنا.

على سبيل المثال، استثمرت إحدى عملائي، وهي مسؤولة تنفيذية في شركة للتكنولوجيا وتدعى رايان، عامين والكثير من الجهد في مشروع تصميم لم يحقق النتائج التي كانت تطمح إليها، ولكنها وجدت صعوبة كبيرة في التخلي عنه بعد كل ما بذلته. عندما ناقشت أنا وريان ما إذا كان ينبغي لها التوقف أو المضي قدماً في المشروع الذي كانت تقوده، قالت "المشكلة هي أني لا أريد الاستسلام". لقد أثرت هذه الذهنية الذاتية الصلبة بحكمها وحدّت من الخيارات التي يمكن أن تتخذها.

مفهوم الذات والهوية الذاتية هي مفاهيم عقلية تؤثر على سلوكنا في النهاية. إذا كنت تعتبر نفسك من الأشخاص الذين لا يستسلمون بسهولة، فقد تجد نفسك عالقاً في مسار معين بسبب مفهومك المحدود والصارم لذاتك.

للتغلب على هذا النوع من العوائق الذاتية، فكر في سماتك الإيجابية وخصائصك الشخصية الأخرى. اسأل نفسك: ما هي نقاط القوة الإضافية التي أمتلكها (أو أطمح إلى امتلاكها) والتي ستكون مفيدة عند توظيفها هنا؟ على سبيل المثال، عندما سألت رايان عن صفاتها الشخصية الإيجابية الأخرى التي تحتاج إليها في عملية صنع قراراتها، أجابت: "التبصر والشجاعة".

والآن، راجع موقفك من منظور كل جانب من هذه الجوانب من نفسك. ماذا يقول جانب التبصر منك؟ والجزء الشجاع؟ إذا نظرت إلى قرارك من خلال هذه الخصائص المختلفة، فستدرك أن لديك المزيد من الخيارات.

ابحث عن وجهات نظر أخرى.

من المفيد أيضاً الاستعانة بوجهات النظر والآراء الخارجية الأخرى بدلاً من الاعتماد على تفكيرك وحدسك الداخلي، ومن المهم أيضاً أن تكون حذراً بشأن من تسعى للحصول على رأيه.

من الناحية المثالية، ابحث عن أشخاص أقل انخراطاً منك في قراراتك. على سبيل المثال، إذا كنت تفكر في إغلاق مشروعك الريادي، فاستشر أشخاصاً أسسوا مشاريع أخرى وليس فقط شريكك في العمل. وبالمثل، إذا كنت تبحث عن المشورة بشأن علاقتك العاطفية، اسأل شخصاً غير مطلع على تعقيدات علاقتك بدلاً من الوثوق برأي صديقك المقرب فقط.

في جميع الحالات، أوصي بوصف موقفك ثم طرح سؤال مثل "كيف كنت ستتعامل مع هذا الموقف؟".

بدلاً من ذلك، يمكنك أيضاً الاستعانة ببيانات ملموسة تسلط الضوء على فرصك الحقيقية في النجاح في أي مسعىً تفكر فيه. بالعودة إلى مثال المشروع الريادي، فإن الأرقام هي أفضل صديق لك. فمن خلال تحليلها، يمكنك التخلي عن ولعك بهذه الفكرة والنظر إلى معدل الاستنفاد بالنسبة لخطة النمو ومعدلات نمو الصناعة والعوامل الأخرى التي تتنبأ بنجاح الشركة الناشئة. يمكن أن تساعدك مصادر المعلومات الخارجية على معرفة الرؤى والفرص التي ربما لم تفكر فيها.

تحلَّ بالتعاطف الذاتي.

عندما لا يحقق مسعانا الذي بدا واعداً في البداية الآمال التي كنا نتطلع إليها، قد نبالغ في انتقاد أنفسنا. في الواقع، لا يرغب أحدنا بالشعور بأنه اتخذ قراراً سيئاً، خاصة عندما يكون اتخاذ قرارات ذكية سمة تقدرها.

الاستراتيجية الأكثر فاعلية في هذه الحالة هي أن تمنح نفسك استراحة. تزيد ممارسة التعاطف الذاتي من مرونتك وذكائك العاطفي وتعاطفك مع الآخرين، ويمكن أن تعزز أداءك وتساعدك على تطوير عقلية النمو.

بدلاً من لوم نفسك وانتقادها، ركز على ما يمكنك تعلمه من هذا الموقف. لقد أدركت رايان، على سبيل المثال، أنها طورت مهارات وقدرات قيادية جديدة مختلفة من قيادة مشروع التصميم. وعلى الرغم من أنها قررت في النهاية التخلي عنه، لكنها كانت سعيدة لأنها حاولت وممتنة لما تعلمته من تجربتها.

لا يمكن إنكار أن المثابرة يمكن أن تساعدنا على النجاح. ولكن من أجل رفاهك، من المهم أن تتعلم كيفية التمييز بين التوقف قبل الأوان وبين التشبث بمسار العمل الخاسر. من خلال تجنب التحيزات المعرفية ومراعاة نقاط قوتك وضعفك والتعرف على وجهات النظر الخارجية والتعاطف مع ذاتك، بوسعك التغلب على ميلك إلى التمسك بالأشياء لفترة طويلة جداً وتقليل الخسائر عندما يحين الوقت للقيام بذلك. على الرغم من أن التخلي عن مشروعك قد يكون صعباً، فإنه يمنحك الوقت والطاقة والفضاء الذهني لتصور إمكاناتٍ جديدة والسعي وراء فرص جديدة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي