يبلغ معدل الذكاء البشري 100 درجة، لكن الرئيس التنفيذي لشركة "سوفت بانك روبوتكس" (Softbank Robotics) يسعى لإطلاق روبوتات بمعامل ذكاء يبلغ 10,000 درجة بحلول عام 2035، وبصفته أحد رواد التقنيات الحديثة فهو على علم بأن مستقبل الذكاء الاصطناعي وجمع البيانات لا يتحقق بالاهتمام بالهواتف الجوالة في المنازل أو مترو الأنفاق، بل بالروبوتات التي تتفاعل مع البشر في الشوارع وتجمع بياناتهم الشخصية.
يزداد تفكير تجار البيع بالتجزئة يوماً بعد يوم في الطرق التي يمكنهم من خلالها جمع البيانات من خلال الاستعانة بالروبوتات في عملياتهم، ويمكن أخذ أمازون مثالاً حياً على ذلك، فهي تمتلك تقنية حاصلة على براءة اختراع عبارة عن طائرات روبوتية مسيّرة تتولى مسح البيانات وجمعها من المنازل التي تمر بها عبر طرق توصيل الطلبات، وتشمل إمكانات هذه التقنية إخطار العملاء بتلف أسقف منازلهم أو التوصية بإحدى شركات خدمات البستنة لرعاية الأشجار المتضررة في حديقتهم، وتفيد براءة اختراعهم أن النصوص ورسائل البريد الإلكتروني والإشعارات الميدانية ستكون أفضل وسيلة لإبلاغ العملاء بهذه النتائج الموجودة
على أرض الواقع.
ويستعرض هذا المقال التجارب التي نجريها حالياً مع الروبوتات التي تجمع البيانات في الشارع لإحدى الشركات التقليدية التي تعمل في قطاع البيع بالتجزئة في الشرق الأوسط، "مجموعة شلهوب" (Chalhoub Group) التي تمتلك 750 محلاً تجارياً وهي شريك لمئات العلامات التجارية الفاخرة في جميع أنحاء العالم مثل "تومي" (Tumi) و"وجوه" (Faces) و"كريستوفل" (Christofle) و"ليفل شوز" (Level Shoes).
فكرة المقالة باختصار
المشكلة
كيف يمكن جمع كميات هائلة من البيانات التسويقية من المنازل والطرقات لصالح الشركات التي تعمل في قطاع البيع بالتجزئة والمساعدة في توصيل الطرود بأمان وسرعة للزبائن؟
الحل
الاستعانة بالروبوتات والابتكارات الروبوتية مثل الطائرات الروبوتية المسيرة لجمع البيانات التسويقية وتقديم خدمات الشحن وتوصيل الطرود وإخطار العملاء بالإصلاحات الضرورية في منازلهم وتقديم المساعدة في الخدمات الأمنية والمعلوماتية وخدمات الصحة النفسية ودعم مواقع العمل.
السياسات
يجب تحديد القيمة الصحيحة لاستخدام الروبوتات ومؤشرات الأداء القابلة للقياس واختيار الروبوت المناسب بناء على الهدف وعدم الاستغناء عن الإنترنت بجانب الروبوتات والتفكير في الأمور القانونية قبل الإقدام على تنفيذ الاستراتيجية محلياً.
مزايا استخدام روبوتات الذكاء الاصطناعي
لم يستطع البحث الحالي حول التفاعلات بين البشر والروبوتات والتنبؤ بعادات المستهلكين في عالم عمالقة التقنيات الرقمية الإجابة عن سؤال البحث: كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في حملات التسويق بعيداً عن الإنترنت لقياس حجم المبيعات؟
يُنظر إلى الروبوتات في الوقت الحالي على أنها أجهزة عالية التقنية تستخدم تقنية إنترنت الأشياء، وهي آلات قادرة على تنفيذ سلسلة معقدة من الإجراءات تلقائياً، خاصة تلك القابلة للبرمجة بواسطة الكمبيوتر، وتستخدم في العديد من الأغراض:
الشحن: صممت أمازون خدمة التوصيل الروبوتية الاستطلاعية لتوصيل الطرود بأمان للعملاء باستخدام أجهزة ذاتية التحكم.
الاتصالات والمعلومات: أصبح بإمكان سياح مطار طوكيو هانيدا الآن استئجار روبوتات تُدعى "روبوهون" (RoBoHoN) والتجول في شوارع اليابان برفقة هؤلاء المرشدين الآليين صغيري الحجم الذين تولت شركة "شارب" تطويرهم، كما يمكن لهذه الروبوتات مساعدة الأشخاص الخجولين على المشاركة بصورة أفضل في التعارف والتواصل مع الآخرين.
الأمن: تستعين شوارع بكين بروبوتات لتسيير دوريات أمن باستخدام نظام فلترة متخصص قادر على تحديد الحشود المشاغبة وإرسال الإشارات إلى مركز المراقبة.
خدمات الصحة النفسية: على الرغم من غرابة الأمر، فإن الشركة اليابانية "تروتلا" (Trottla) تتولى تصنيع روبوتات بهدف علاج الأشخاص المصابين باضطرابات من خلال مساعدتهم على توجيه دوافعهم وإفراغها في الروبوتات وعدم إيذاء أي إنسان أو إلحاق الضرر به.
دعم مواقع العمل: في عام 2020، أطلقت شركة النفط والغاز النرويجية "بي بي إيكرز" (BP-Akers) على إحدى منصاتها النفطية روبوت رباعي الأطراف والذي طورته شركة "بوسطن دايناميكس" (Boston Dynamics). ويتولى الروبوت إجراء عمليات التفتيش والكشف عن تسرب النفط وجمع البيانات لإعداد التقارير، وبالتالي المساعدة في صناعة القرار. وما فعلته "بي بي إيكرز" كان يهدف إلى جعل العمليات البحرية أكثر كفاءة وأماناً.
ولمعالجة الفجوة في فهمنا لتطبيقات روبوتات الذكاء الاصطناعي في المبيعات بين الشركات والمستهلك، تولينا نحن كاتبي هذا المقال أدوار المراقبين والمستشارين لمجموعة شلهوب التي تسعى للمضي قدماً بعد مواجهة بطء التحول الرقمي وصعوبته في بعض الأحيان، لذا نقدم في هذا المقال نظرية مركزية لزيادة القيمة والكفاءة من خلال تحول رقمي شامل وتشغيل الروبوتات التي تتمتع بالذكاء الاصطناعي أمام المحال الفاخرة في مراكز التسوق أو في الشارع، ويمكن للروبوتات ميسورة التكلفة التي تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر أن تفاجئ الحشود، وتتفاعل مع المارة بالاستعانة بخصائص التعرف على الأصوات والوجوه ثم تدعوهم في النهاية لزيارة المحل.
أسفر هذا النهج المبتكر عن نتيجتين رئيسيتين:
1- زيادة المبيعات بتغيير مسار الاستهلاك للعملاء المحتملين الذين يقضون وقتاً طويلاً في المحل نتيجة تفاعلهم مع الروبوت.
2- إمكانية تمهيد الطريق لإحداث ثورة في قطاع تجارة التجزئة من خلال قياس المبيعات النهائية لحملة إعلانية روبوتية بعيداً عن حملات الإنترنت باستخدام تحليل ذكاء اصطناعي موجه بالبيانات.
تستطيع روبوتات الذكاء الاصطناعي جمع 300 مليار نقطة بيانات يومياً، فإذا تمكنت الروبوتات المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي من جمع بيانات المستهلكين في الشوارع أو المحال التجارية (مثل اسم المستهلك وصورته وذوقه العام ورأيه بشأن العلامة التجارية)، فسوف يؤثر ذلك في العلاقة بين العلامة التجارية والعملاء على مستوى اللاوعي، وتُجدي هذه الطريقة نفعاً في جمع البيانات حين يباغت الروبوت المستهلك، وبالتالي يكون مستعداً للإفصاح عن معلومات شخصية حتى يتفاعل معه، ويجيد روبوت الذكاء الاصطناعي التعرف على الاحتمالات وتحليل إجابات المستهلكين ثم استخدام هذه البيانات لاحقاً ليقدم لهم المشورة حول خيارات الشراء. يُشار إلى أن أغلب استخدامات الذكاء الاصطناعي تقتصر حتى هذه اللحظة في قطاع البيع بالتجزئة على التطبيقات الإلكترونية عبر الإنترنت بإجراء تحليل لبيانات العملاء دون تحليل قيمة الأعمال ذات الصلة (عبر رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو الاقتراحات أو عبر شات بوت كريستيان ديور مثلاً).
علاوة على ذلك، توجه العلامات التجارية الفاخرة حالياً جزءاً كبيراً من ميزانياتها التسويقية نحو زيادة الوعي بالعلامة التجارية من خلال مبادرات التسويق المباشرة الكلاسيكية داخل مراكز التسوق، ما يخلق تجارب قوية الأثر لكنه يحقق عائداً محدوداً على الاستثمار، وتهدف تصميماتنا التجريبية الحاصلة على اعتماد ناتالي ريمي الرئيس التنفيذي العالمي لإحدى أرقى العلامات التجارية في صناعة الفضيات "كريستوفل" إلى النظر إلى الذكاء الاصطناعي من منظور جديد تماماً، حيث تقيس آثار التسويق والمبيعات التي تنتجها الروبوتات من الشارع إلى المحل التجاري.
يجيد روبوت الذكاء الاصطناعي التعرف على الاحتمالات وتحليل إجابات المستهلكين ثم استخدام هذه البيانات لاحقاً ليقدم لهم المشورة حول خيارات الشراء.
تصميماتنا التجريبية
في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد، نراعي في بحثنا الأسطورة الشهيرة التي عبر عنها أسيموف في كتابه "أنا روبوت" (I, Robot) والتي تحظي بتقدير المتابعين الدؤوبين الذين لا يصيبهم الكلل أو الملل، ونشير إلى إمكانية وجود روبوت يتولى أمر البيع للمستهلكين وإقناعهم بالمنتجات دون أي خطر للإصابة بالعدوى البيولوجية. ونجحنا في اجتياز العديد من الخطوات في الفترة بين عامي 2018 و2020 قبل عرض استنتاجاتنا النهائية الآتية:
تلقينا في البداية اتصالاً من الرئيس التنفيذي لشركة "هافاس الشرق الأوسط" (Havas Middle East) بشأن عميلها الأكبر، "طيران الإمارات"، نظراً لاستفادتهم بنسبة 18% فقط من سعة بياناتهم وكانوا يطمحون للحصول على تجربة مبتكرة للمستهلكين في محيط المطار للاستفادة من هذه السعة بصورة أفضل، وأنشأنا تصميماً لمشروع قيد التنفيذ من شأنه تحقيق ذلك عن طريق إطلاق الروبوتات في مطار دبي الدولي.
ثم قدمنا إلى الفريق المسؤول عن شركة "كريم" (وهو تطبيق لتقديم خدمات توصيل الأفراد والذي استحوذت عليه شركة "أوبر") عرضاً لتزويد سيارات "كريم" بروبوتات تفاعلية. وكان هدفنا إظهار إمكانية تأثيرنا على مسارات العملاء من خلال اقتراح منعطفات ونقاط توقف، وتقديم خصومات خاصة في المحال التجارية الفاخرة.
طرحنا أيضاً مشروعاً مبتكراً لاستخدام الروبوتات داخل المحال التجارية للعديد من العلامات التجارية، بما في ذلك "جيفنشي" (Givenchy) و"تومي" و"مايكل كورس" (Michael Kors).
وختاماً، أحرزنا تقدماً ملموساً مع الرئيس التنفيذي لشركة "كريستوفل"، حيث أنشأنا فرقاً بحثية يتألف كل منها من 3 أفراد، ويرتكز كل فريق منها في موقع جغرافي مختلف ويتولى كل منها مهمة توفير عروض أسعار للروبوتات على مدار 4 أسابيع ومن شركات مختلفة في جميع أنحاء العالم (في آسيا: الصين واليابان وكوريا الجنوبية؛ في أوروبا: فرنسا وسويسرا وألمانيا وروسيا؛ والولايات المتحدة في أميركا الشمالية). وشملت نتائج بحوثنا الخاصة بالإضافة إلى نتائج فرق البحث 20 عرضاً من 18 شركة مختلفة .
ووقع اختيارنا النهائي على الروبوت "كيكر" (Keecker)، وهو روبوت بيضاوي مزود بعجلات يقل حجمه عن متر واحد ويشبه البيضة ويذكرنا بعلبة الفضيات البيضاوية الشهيرة من إنتاج شركة "كريستوفل".
ولم تتجاوز تكلفة وضع الروبوت "كيكر" ذو التقنية العالية أمام محل تجاري فاخر 5,000 دولار أميركي، وباستخدام التعلم العميق من خلال تقنية "نستور" (Nestor) للذكاء الاصطناعي للتعرف على الوجوه والكلام استطاع الروبوت التعرف على الأشخاص والتمييز بينهم، كالتفرقة بين توقعات الذكور والإناث، على سبيل المثال، (بما في ذلك النساء المنقبات)، ويمكن للذكاء الاصطناعي التحقق مما إذا كان المارة يبتسمون أثناء مراقبة الروبوت أم لا، كما يمكنه الترحيب بهم بكلمات مثل: "مرحباً" ويسألهم عما إذا كانوا يستمتعون بوقتهم.
ولتقديم مفهوم الكرم كإحدى السمات المميزة لمحال "كريستوفل"، يتولى الروبوت دعوة العملاء المحتملين لاحتساء القهوة في أحد أكواب "كريستوفل" داخل المحل، والروبوت مزود بجهاز لعرض الأفلام الترويجية لمنتجات "كريستوفل" على الحائط، ما يتيح للعملاء الاسترخاء لبعض الوقت بينما يراقب مسؤولو المبيعات مدى تفاعلهم مع الروبوت.
وبعدها أجرينا متابعة داخل أحد المختبرات وعلى أرض الواقع على مدار 6 أسابيع في الفترة من مارس وحتى مايو 2020، باستخدام التسويق العرقي، وهو أسلوب علمي يشتمل على جمع بيانات تسويق إثنوغرافية نوعية من أولئك الذين شاركوا في التجربة في المحال التجارية، وبعد جمع البيانات الكافية، توصلنا إلى 3 نتائج رئيسية:
1- يؤدي التفاعل مع الروبوت إلى زيادة الوقت الذي يقضيه العملاء المحتملون في لقائهم مع العملاء الفعليين.
2- يمكن لموظفي المبيعات البشريين تقديم الهدايا المناسبة للعملاء مثل القفازات والأقنعة للوقاية من الإصابة بالفيروس وتعزيز تجربة المبيعات، وذلك من خلال قياس مدى سعادة المشاركين بالتجربة.
3- تبيّن زيادة عدد زوار المحل بسبب تجربة المفاجأة التي بدأت في الشارع.
توصلنا بعد هذه التجربة إلى أن هناك 5 خطوات ضرورية قبل بدء أي حملة باستخدام الروبوت.
5 خطوات لتصميم حملة تسويقية باستخدام الروبوتات المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي
1- تحديد القيمة التجارية الصحيحة: فاقتصار إطلاق الروبوتات بهدف توليد ضجة لا يُجدي نفعاً على المدى الطويل، لذا لا بد من تحديد القيمة الحقيقية التي تعود على عملائك عند استخدامك لتلك الروبوتات، وجعلها محور التحليلات التي تجريها. لا تفكر في التأثير على مسار المستهلك أو التلاعب به، وإنما عليك الاهتمام بتقديم تجربة مفيدة للعملاء، سواء لأسباب استراتيجية كزيادة عدد زوار المحل (جذب المستهلكين إلى المحال التجارية) والمبيعات (مساعدة موظفي المبيعات)، والتواصل وتبادل المعلومات (على الشبكات الاجتماعية أو في المواقع السياحية)، أو تعزيز السلامة والأمن داخل المحل.
2- حدد مؤشرات الأداء الرئيسية الصحيحة (KPIs) بتحديد أهداف نهائية محددة قابلة للقياس. يسهل دائماً الوصول إلى أهداف قابلة للقياس، فربما يحتاج الروبوت، على سبيل المثال، إلى زيادة الوقت الذي يقضيه المستهلكون في المحل التجاري بمعدل 5 دقائق تقريباً لكل شخص، أو زيادة عدد زوار المحل بنسبة 10%، أو مضاعفة المبيعات المباشرة داخل المحل. أطلق محرك البحث "بايدو" (Baidu) 001 سيارة أجرة روبوتية مجهزة بتقنية "بايدو في-2 إكس" (Baidu V2x) ("مركبة لكل شيء") للعمل في تشانغشا بمقاطعة هونان في عام 2019، ويتمثل أحد مؤشرات الأداء الرئيسية لهذه السيارات الآلية في قدرتها على جمع البيانات الشخصية التي يمكن قياسها.
3- اختر الروبوت المناسب بناءً على هدفك ووضعك الحالي. هناك المئات من الروبوتات التي تتراوح تكلفتها بين 100 دولار و2 مليون دولار، وتتباين خصائصها ووظائفها تماماً من شركة إلى أخرى، لذا ينبغي تجاهل الأداء العالمي لأفضل الروبوتات والتركيز بدلاً من ذلك على المواصفات التي يمكن أن تحدث أكبر فارق في تحقيق المكانة والأهداف الأساسية التي تطمح لتحقيقها، لننظر مثلاً إلى فندق "فلاي زو" (Flyzoo) عالي الكفاءة في مدينة هانغتشو المصمم بالشراكة مع شركة "علي بابا"، إذ يوفر الفندق خدمات تسجيل الوصول الرقمي، والتعرف على الوجه لدخول الغرف أو صالة الألعاب الرياضية، ويلاحَظ انتشار الروبوتات في كل مكان لمتابعة الضيوف وجمع بياناتهم، مع وجود بديل بسيط وعملي لحامل الأمتعة التقليدي وهو مصمم خصيصاً لمرافقتك إلى غرفتك.
ينبغي تجاهل الأداء العالمي لأفضل الروبوتات والتركيز بدلاً من ذلك على المواصفات التي يمكن أن تحدث أكبر فارق في تحقيق المكانة والأهداف الأساسية التي تطمح لتحقيقها
4- لا تجعل أفكارك قاصرة على الإنترنت، ولكن عليك دمج الإنترنت بأرض الواقع. يتقاطع العالم المادي والعالم الرقمي الآن في حيز " فيجيتال" ("phygital") أي عالم هجين من الفيزيائي والرقمي، حيث يمكنك جمع كم هائل من البيانات من خلال مفاجأة عملائك باستخدام تقنيات مثل التسويق في الشوارع في الأماكن غير التقليدية، ويمكن إطلاق الروبوتات في الشوارع أو في مراكز التسوق ليتولوا مهمة جمع البيانات الأولية في أثناء محاولتهم جذب المارة لزيارة محلك التجاري، حيث يتولى روبوت آخر جمع المعلومات. أعلنت "الخطوط الجوية البريطانية" (British Airways) عن برنامج لتجربة الروبوتات التي صممتها شركة "بوتس آند أص" (BotsAndUs) البريطانية في مبنى الركاب رقم 5 بمطار هيثرو، وزودت الروبوتات بنظام تحديد المواقع وأجهزة الاستشعار لأداء مهمات بسيطة في العالم المادي مثل جذب انتباه المسافرين في أثناء التنقل ومرافقتهم في جميع أنحاء الصالة. ويمكن للروبوتات المتصلة لاسلكياً والمزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي تقديم إجابات لبعض الأسئلة بصورة آنية وبلغات مختلفة، مثل توفير معلومات عن الرحلة.
5- فكر في المسائل القانونية، اعتماداً على السوق الجغرافية. اتجه دائماً إلى تجربة برامجك في البلدان التي تطبق قوانين أقل تقييداً قبل الإقدام على تنفيذ استراتيجياتك محلياً، فالإدارات الحكومية والمحال التجارية المرموقة حساسة لسرية الأشخاص الذين تخدمهم، ولا تتردد في إلغاء برامج التعرف على الوجوه في بلدان معينة، وتعديل مؤشرات الأداء الرئيسية والاستراتيجية وفقاً لذلك.
تجارب قادمة
نعكف على إجراء تجارب أخرى بوضع الروبوتات أمام المحال التجارية الراقية للتفاعل مع المارة وجمع بيانات جديدة عن العملاء الحاليين والمحتملين، وينعكس العائد الهائل لهذه التجارب على المبيعات نظراً لما يمكن اكتشافه من خلال الصور الملتقطة لوجوه العملاء خلال المقابلات والتحليل المعجمي والنحوي لكلماتهم المنطوقة من خلال تقنيات تعلم الآلة ومن خلال السياقات المتاحة باستخدام قاعدة بيانات العملاء الهائلة، فإذا اشترى المستهلك حقيبة صفراء للأمتعة من "تومي" في تاريخ معين منذ عدة سنوات مضت من أي محل حول العالم، حتى إن نسي المستهلك أمر هذا الشراء، فسيكون الروبوت قادراً على دفعه للشراء من خلال تقديم عرض ترويجي على منتج حديث أصفر اللون.
لقد أظهرت أفلام مثل "المدمر" (Terminator) و"المنتقمون: عصر الأولترون " (Avengers: Age of Ultron) و "أنا روبوت" (I, Robot) الأخطار النظرية والكوارث المحتملة لفقدان البشر السيطرة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي دراسة استقصائية شملت أكثر من 4,000 أميركي، تبين أن أكثر من 70% من الأفراد يخشون احتمالية سيطرة الروبوتات على حياتهم، علاوة على التخوفات بشأن احتمالية أداء الآلات للوظائف بكفاءة أكبر من البشر.
هل تلك المخاوف منطقية؟ في عام 2018، كانت الدولتان الأكثر استعانة بالروبوتات في العالم (اليابان وألمانيا) هما نفسهما الدولتين اللتين حققتا أدنى معدلات البطالة. نستشف من ذلك أن المستقبل المؤتمت ليس بالفظاعة التي يظنها الكثيرون، وقد حان الوقت للمضي قدماً إلى هذا المستقبل وتحقيق أقصى استفادة ممكنة وبصورة فاعلة من روبوتات الذكاء الاصطناعي لإحداث ثورة في قطاع البيع بالتجزئة.
يناقش عملنا حملات التسويق في الشوارع لتقديم تجارب رقمية مبتكرة على أرض الواقع، ما يؤثر في مسارات استهلاك العملاء المحتملين، وسبق لنا أن أجرينا قياساً لنتائج المبيعات والحملات الإعلانية عبر الإنترنت والحملات الميدانية على أرض الواقع في العديد من الدراسات التجريبية التي أوردناها في المقالات الأكاديمية والاستشارات والكتب التي لاقت استحسان الجميع، بالإضافة إلى دراسة حالة منشورة بمجلة هارفارد، إلا أننا في هذه الدراسة المقترحة نقيس للمرة الأولى عائد استثمار واعد يمزج بين عناصر الذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت والعناصر (الروبوتية) الموجودة على أرض الواقع.
بالإضافة إلى الخلفيات الأكاديمية ذات الصلة التي يمتلكها كاتبا المقال، فإن انتماء أحد أعضاء فريق البحث لمجلس العائلة ومشاركته في ملكية العلامة التجارية قيد الدراسة قد أتاح لنا القدرة على الوصول إلى مصادر مميزة للتعرف على قدرات الذكاء الاصطناعي في التسويق في الشوارع والمحال التجارية الراقية على حد سواء في مختبرات دراسة الدكتوراه الممتدة عبر فرنسا ودبي وكاليفورنيا.