عندما انضممتُ إلى شركة "إنستغرام" عام 2015 بصفتي رئيس قسم الهندسة، كان قد مضى على اندماجها بشركة "فيسبوك" ثلاث سنوات، وكانت تضم 115 مهندساً، وتخطط للتوسع وضم 300 مهندس آخرين، ونمت الشركة بعد ذلك لتضمّ أكثر من 400 مهندس في عام 2017. ولم تكن مهمتي سهلة، إلا أنني كنت أمتلك سلاحاً قوياً منذ البداية، ألا وهو إعادة التنظيم، فماذا عن ارتفاع مهندسي إنستغرام أربعة أضعاف تحديداً؟
كثيراً ما تُسيء الشركات استخدام نهج إعادة التنظيم واستغلاله. ورغم أن نهج إعادة التنظيم يُعتبر خطوة كبيرة، فإنه غالباً ما يكون الأداة الأكثر أهمية لدى الشركة. وقد أدرك المسؤولون التنفيذيون في "إنستغرام" حاجتهم إلى المساعدة عندما انضممت إلى العمل، كان قسم الهندسة يحتاج إلى تنظيم وإدارة أفضل، وكان موظفوه يتوقون إلى مزيد من التطوير الوظيفي. واستغرقتْ فترة إعادة التنظيم ثلاثة أشهر، واحتجنا إلى 18 شهراً أخرى للتوسع إلى قسم أكبر. وفي النهاية، تضاعف حجم مجموعتي إلى أربعة أضعاف، وأصبح أداؤها أفضل من ذي قبل، وبتنا نشحن مزيداً من المنتجات بسرعة أكبر مما مضى.
الدروس المستفادة من ارتفاع مهندسي إنستغرام أربعة أضعاف
حدّد ما تستهدف تحقيقه
انطوت أول مهمة قمنا بها بمجرد أن قررنا اتباع نهج إعادة التنظيم على تحديد النتائج المنشودة كفريق واحد، فقد جمعنا فريق القيادة في غرفة، وتوصّلنا إلى 20 نتيجة مختلفة تتراوح من السرعة إلى كفاءة التكلفة، وصنّفنا هذه النتائج حسب الأولوية من الرقم 1 إلى الرقم 20.
واخترنا أفضل خمس نتائج وجعلناها مبادئنا التنظيمية:
- تقليل الترابط بين الفرق والشفرات البرمجية.
- تحديد نهج تحمّل المسؤولية مع أقل عدد من صنّاع القرار.
- وضع تدابير واضحة للمجموعات.
- ضرورة امتلاك المؤسسات عالية المستوى خطط استراتيجية تفصيلية.
- تعيين موظفين متخصصين في الأداء والاستقرار وجودة الشيفرات البرمجية.
وتكشّفت طبيعة هيكلنا التنظيمي الجديد بشكل طبيعي بمجرد أن عززنا مبادئنا التوجيهية، فأعدنا تنظيم الفريق من فرق ثلاثة أقسام، شملت قسم المحمول، وقسم الواجهة الخلفية، وقسم البيانات والتسييل، فقسمناها إلى فريقين أساسيين وستة فرق عمودية، وكان كل فريق قادراً على التعامل مع هندسة الواجهة الخلفية والواجهة الأمامية على حد سواء. وحافظت فرقنا التأسيسية، التي ضمّت فريق البنية التحتية الأساسية وفريق خدمة العملاء، على وظيفة هندسة الواجهة الأمامية والواجهة الخلفية للتطبيق في أثناء عملنا على إضافة ميزات جديدة وتوسيع نطاق قاعدة المستخدمين. وتعكس الفرق الستة العمودية أولوياتنا الرئيسة المتمثّلة في الارتباط الذي يبين مقدار القيمة التي يحصل عليها الأفراد من تطبيق "إنستغرام"، ومنصة العمل التجاري التي تبيّن كيفية تواصل الشركات مع الأفراد على "إنستغرام"، والنمو المتمثّل في مساعدة مزيد من الأفراد في الوصول إلى تطبيق "إنستغرام" حول العالم، والحماية والرعاية التي تتضمن الحفاظ على سلامة المجتمع، والإبداع في توفير المرونة للأفراد للتعبير عن أنفسهم بالطريقة التي يرغبون فيها، والتواصل الذي ينطوي على كيفية تواصل الأفراد وتبادلهم الخبرات مع مجتمعاتهم على "إنستغرام".
وضم هيكلنا التنظيمي الجديد فرقاً متعددة المهام ومستقلة، إلا أن ذلك تطلب إجراء بعض المقايضات. على سبيل المثال، آثرت الشركة التحرك بسرعة أكبر بدلاً من تحقيق فاعلية التكلفة. وهو ما يعني أننا كنا على أتم الاستعداد لتكرار الشيفرة البرمجية، بمعنى وجود فريقين يتوصلان إلى الشيفرة البرمجية نفسها بشكل مستقل حتى لا يعتمد كل منهما على الآخر.
وعندما انضممتُ إلى "إنستغرام"، كانت الشركة تضم فريقاً متخصصاً في نظام "آي أو إس" (IOS)، وفريقاً آخر متخصصاً في نظام "أندرويد" (Android)، وفريقاً للواجهة الخلفية. على سبيل المثال، كان لخاصية البحث في التطبيق فريق بحث للواجهة الأمامية لنظام "آي أو إس" وفريق بحث آخر للواجهة الأمامية لنظام "أندوريد". وكان لدينا فرق متعددة في مؤسسات مختلفة تعمل على مهمة البحث نفسها. وبعد إعادة التنظيم، جمعنا مختلف الأشخاص المتخصصين في وظيفة البحث ضمن قسم واحد للعمل على حل مشكلة واحدة مع صانع قرار واحد.
وكان تحديد الأدوار بوضوح داخل هذه الفرق العمودية عاملاً رئيساً، وكان له تأثير بالغ على رضا الموظفين واستبقائهم. كما شجع تحديد الأدوار بوضوح على تحقيق مزيد من الإنجازات، لأن معرفة جميع الموظفين لماهية وظائفهم وشعورهم بالقدرة على التمكن لأدائها أسفر عن الكفاءة.
احشد التأييد ليس فقط من القيادة
لا بد من أن يكون الهيكل التنظيمي الجيد بسيطاً، فالنموذج التنظيمي أشبه بالآلة، ومن ثم، كلما قلّ عدد الأجزاء المتحركة في الآلة، ضعف احتمال تعطلها. في حين أن تعقيد هذه الآلة هو علامة تحذير تشير إلى هيكل سيئ الإعداد.
كان من المهم لنا الحصول على قبول مركزي بمجرد أن اكتسبنا الثقة في التنظيم الجديد، وبالتالي، نقلت أفكاري التنظيمية إلى مرؤوسيّ المباشرين أولاً ودوّنت ملاحظاتهم، ثم انتقلتُ إلى المستوى التالي من الإدارة، ومن ثم إلى الأقسام الأخرى وهما قسما المنتجات والتصميم والبحوث، وكررت العملية مع كل طبقة من الموظفين، وهو ما حال دون قيام إحدى اللجان بإجراء التصميم في أثناء توصلنا إلى توافق في الآراء.
وتُعدّ عمليات إعادة التنظيم مشكلة كبيرة، حتى مع دعم الفريق، فهي عمليات مقلقِة ومزعزِعة ويمكن أن تجعل الموظفين يشعرون بعدم الأمان. وتُعتبر كيفية مشاركة عملية إعادة تنظيم وتنفيذها مهمة للغاية. فإذا أنجزتَ عملك وأشركتَ فيه عدة موظفين وأدرجتَ تعليقاتهم، لا بد من أن تضمن ثقتهم بالهيكل التنظيمي والمبادئ التنظيمية الجديدة. وقد حرصنا في شركة "إنستغرام" على التأكد من تعاون مؤسسينا وكبار المسؤولين التنفيذيين الآخرين معنا بغية أن يتردد صدى ثقتهم في جميع وحدات المؤسسة، وذلك من خلال اجتماع إطلاع العاملين على التطورات في الشركة، والمنشورات الداخلية التي أوضحت بشفافية عملية إعادة التنظيم.
تجنب الغموض
يوجد الكثير من سوء الفهم الذي يكتنف مفهوم إعادة التنظيم، هذا لأن العديد من المسؤولين التنفيذيين لا يعرفون كيفية استخدامه أو تنفيذه على نحو جيد، فمن المحتمل أن يُسفر عن ضرر ما أو أن يدفع عجلة التطور، مثل الأدوات القوية الأخرى جميعها، ويعتمد الأمر على كيفية استخدام هذه الأداة.
وفي نهاية الحديث عن ارتفاع مهندسي إنستغرام أربعة أضعاف نحديداً. خلال 25 عاماً من عملي مهندساً ومسؤولاً تنفيذياً في "إنستغرام" و"ياهو"، أدركتُ أن معظم الخلل الوظيفي في أي مؤسسة ينبع من الغموض. وتنطبق هذه النتيجة على كل شيء، بدءاً من سلاسل تحمّل المسؤولية إلى توصيف الوظائف. المؤسسات أشبه بالآلات، ويجب إعداد هذه الآلات بشكل صحيح، فالإعداد الجيد يُسفر عن توسع أكثر سلاسة، وتواصل أفضل، وتنفيذ أسرع، وعوائق قليلة تعترض سياسة الشركة. ومع أكثر من 400 موظف، ومع تحديد هدف المضاعفة في غضون العامين المقبلين، نتحرك اليوم بشكل أسرع مما كنا عليه عندما كنا فريقاً مكوّناً من 115 موظفاً فقط. وقد تحقق ذلك كله بفضل عملية إعادة التنظيم.
اقرأ أيضاً: