“عندما أحضر الاجتماعات، وخصوصاً التي تبدو مشاركة الحاضرين فيها منخفضة، أعمل أحياناً على حساب تكلفة الساعات الضائعة للموظفين. وبعد إجراء بعض العمليات الحسابية، قدّرت أن الاجتماع الأسبوعي العادي في مكتبي، الذي يضم عادة 50 موظفاً يجلسون في غرفة اجتماعات عادية ويبدون ضجرين وقلقين، يكلف نحو 177 ألف دولار سنوياً، ولا شك في أن هذه الاجتماعات شائعة في جميع أنحاء المؤسسة وتحدث مئات المرات في اليوم. هذه الاجتماعات مرهقة وتولد شعوراً بالتشكيك والسلبية، وكثير منها يمثل فرصاً ضائعة للعمل المُنتِج أو المشاركة الهادفة”.

هذا ما قاله أحد المتقدمين إلى دورة تيسير الاجتماعات التي ندرّسها في جامعة جورج تاون، هل يبدو رأيه مألوفاً؟ يجب أن يكون مألوفاً بالطبع، فوفقاً لهذه الإحصائيات عن الاجتماعات:

  • تعقد المؤسسات أكثر من 3 مليارات اجتماع كل عام.
  • يقضي المسؤولون التنفيذيون 40-50% من ساعات عملهم -ما يعادل 23 ساعة أسبوعياً- في الاجتماعات.
  • يقر 90% ممن يحضرون هذه الاجتماعات بأنهم يفكرون في أحلام اليقظة فيها.
  • يعترف 73% بأنهم ينفذون أعمالاً أخرى في أثناء الاجتماعات.
  • يُهدر 25% من وقت الاجتماعات في مناقشة قضايا غير ذات صلة بهدف الاجتماع.

يمكن أن تكون الاجتماعات أساساً لتطوير جدول أعمال الفريق أو المؤسسة عند تنظيمها بطريقة صحيحة، ولكن كيف تضمن أن الاجتماعات التي تنظمها ستكون مُنتِجة لا مدمّرة؟

أقترح استخدام التفكير التصميمي، وهو مفهوم انتشر بفضل مؤسس شركة آيديو (IDEO)، ديفيد كيلي، ومعهد هاسو بلاتنر للتصميم في ستانفورد، وطُبق في البداية في تصميم المنتجات المادية (مثل الأثاث والأجهزة وغيرها من المنتجات الملموسة) ولاحقاً في منتجات أخرى مثل أدوات التكنولوجيا، ويُطبق الآن على المشكلات الأكثر تعقيداً في مختلف القطاعات. ينطوي مبدأ التفكير التصميمي على وضع “المستخدم” في مركز التجربة، ويمكن تطبيق هذا النهج أيضاً على تصميم الاجتماعات.

ابدأ بوضع خبراتك في تنظيم الاجتماعات وبرنامج الاجتماع جانباً وركّز بدلاً من ذلك على الأفراد الذين سيتأثرون بالاجتماع. طوّر التعاطف مع هؤلاء الأفراد من خلال طرح ثلاث مجموعات من الأسئلة:

  1. من سيكون في الاجتماع وما احتياجاته؟
  2. من الذي لن يكون في الاجتماع ولكنه سيتأثر به، وما احتياجاته؟
  3. ما السياق الثقافي والبيئي الأوسع الذي تعمل فيه وما التحديات والفرص الرئيسية التي تنطوي عليه؟

تواصل مسبّقاً مع الأفراد الذين سيحضرون الاجتماع أو سيتأثرون به، وانخرط في محادثات معهم يُفضل أن تكون شخصية. حتى لو كنت تعقد اجتماعات منتظمة مع المجموعة نفسها من الأفراد، يمكن لهذه اللقاءات الفردية القصيرة تعزيز الثقة وكشف المشكلات الخفية وضمان شعور المشاركين بمزيد من الالتزام والمشاركة.

بعد ذلك، ضع إطار عمل للاجتماع. بعد الاستماع والمراقبة بعناية، يجب أن تقترح هدفاً رئيسياً للاجتماع وتوضّح النتائج المحددة التي ستُسهم في تحقيقه. أقترح أن تسأل نفسك ما يلي: إذا كان هذا الاجتماع ناجحاً جداً، فكيف سيكون شعور المشاركين وماذا سيتعلمون وماذا سيفعلون بالتالي؟ ضمِّن هذه النتائج المرجوة في برنامج الاجتماع حتى يفهم الحاضرون الغرض من حضورهم وإتاحة المجال لهم لتقييم إذا ما كان الاجتماع مثمراً أم لا. وجدنا بناءً على تجربتنا أن المشاركين نادراً ما يخصصون وقتاً أو يبذلون جهداً كافياً لهذه المهام، وغالباً ما تُدرج الاجتماعات في جدول المواعيد لملئه فقط من دون وضع هدف معين لها في الاعتبار، ونتيجة لذلك يحضر المشاركون الاجتماعات لأنهم يشعرون بأنهم ملزمون بذلك، وليس لأن لها أهدافاً واضحة. وحتى الاجتماعات القصيرة، يجب أن يكون لها غرض واضح ونتائج محددة مرغوبة، لأن ذلك يساعد في الحفاظ على تركيز المشاركين على المهام ويضمن الاستفادة من وقتهم على أفضل وجه.

تنطوي المرحلة الثالثة على تصميم الاجتماع بطريقة إبداعية. بمجرد معرفة القضية الأساسية التي تجب معالجتها وامتلاك رؤية للنتيجة الناجحة، يجب إنشاء برنامج الاجتماع. للأسف، يميل الكثيرون إلى وضع برنامج الاجتماع في اللحظة الأخيرة، أو قد لا يضعونه مطلقاً. لتبسيط الأمر، نشبّه النهج المستخدم في تصميم الاجتماعات وتنفيذها باستخدام تطبيقات الملاحة التي تحدد لك الطريق الأسرع والأكثر أماناً وكفاءة للوصول إلى وجهتك. كانت الخطوة الأولى التعمق في فهم المشاركين من خلال فهم المكان الذي نريد الذهاب إليه (الشاطئ؟ المدينة؟ الجبال؟)، بينما كانت الخطوة الثانية تتعلق بتحديد وجهتك الدقيقة، أي العنوان والموقع بدقة. تركز الخطوة الثالثة على المسار؛ هل الأولوية للمسار الأسرع؟ هل تحتاج إلى اتباع طرق بديلة؟ ما المسار الأجمل؟ هل هناك طرق جربتها عدة مرات وتقترح تجنبها؟ ما الذي يجب الانتباه إليه، مثل الحفر والاختناقات المرورية (ما يمثل أي حواجز محتملة بين أعضاء الفريق يمكن أن تعوق التقدم)؟ نشجع المشاركين في هذه المرحلة على المرح، ووضع الواقع جانباً قليلاً واستكشاف ما هو أبعد من أفكارهم الأولية التقليدية. كيف سيبدو الأمر بالنسبة لك عند إضافة لمسة من المرح على اجتماعاتك؟ ماذا لو بدأت الاجتماع وأنهيته بطريقة غير متوقعة؟ هل يمكنك استخدام الأفلام أو الصور أو الشعر أو الموسيقى لإثارة الأفكار؟ أو إنشاء فرصة للتفاعل الشخصي بين أعضاء الفريق والترابط بينهم؟ قد يبدو ذلك سخيفاً ربما، لكنه يحمل في الواقع أهمية كبيرة، فالاجتماعات ليست مجرد فرص لإنجاز المهام، بل لتعزيز ثقافة الفريق الإيجابية أيضاً.

أخيراً، اختبِر خطتك بالطريقة نفسها التي يسمح من خلالها مصمم المنتج للمستخدمين بتجربة نموذج أولي من المنتج قبل طرحه في السوق. في سياق الاجتماع، يمكن تحقيق ذلك من خلال مشاركة مسودة برنامج الاجتماع مع المشاركين لإعطاء آرائهم به. يمكن أن تساعدك هذه الردود في فهم وجهات نظرهم بصورة أفضل والتعاطف معهم وصياغة أسئلة جديدة وتعزيز الإبداع في تصميم اجتماعك وزيادة فرص نجاحه عندما يجتمع المشاركون أخيراً.

أفاد الأشخاص الذين طبّقوا عملية التصميم هذه على اجتماعاتهم أنها حسّنت إلى حد كبير من فعاليتها ومن الموقف تجاهها داخل مؤسساتهم. تقدم كل مرحلة من مراحل العملية مزايا فريدة، إذ يتيح التعمق في فهم المشاركين الشعور بأهمية رأيهم ويضمن ارتباط قادة الاجتماعات بهم، ويساعد تأطير الاجتماعات قادتها في ضمان وجود أهداف واضحة لكل اجتماع، ويغذي الخيال الأفكار الإبداعية والتجريب في تصميم الاجتماعات. وأخيراً، تولّد النماذج الأولية -التي يمكن أن تكون بسيطة مثل التماس تقييمات لخطتك من عدد قليل من الأفراد- شعوراً لدى المشاركين بالتقدير وتعزز تحملهم للمسؤولية في أثناء الاجتماعات وتقوي التزامهم بالسعي لتحقيق النجاح.

قد يبدو تنفيذ هذه العملية لكل اجتماع مرهقاً، ولكن يمكنك مع الممارسة تعلّم التنقل عبر هذه المراحل في وقت أقل شيئاً فشيئاً، وستجد أن هذا الجهد الأولي الصغير سيوفر وقتاً كبيراً على المدى الطويل. وسيكون لديك بالتالي عدد أقل من الاجتماعات، لكنها ستكون أكثر إنتاجية وفائدة، وستجد أنها ممتعة أحياناً.