ما اجتماعات معايرة الأداء؟ وكيف نمنع التحيز من التسلل إليها؟

6 دقيقة
اجتماعات معايرة الأداء
فريق هارفارد بزنس ريفيو/ أنتون فيريتين/فابريكا سي آر/غيتي إميدجيز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: اجتماعات معايرة الأداء هي عادة إحدى الخطوات الأخيرة التي تتبعها شركات عديدة ضمن دورات تقييم الأداء التي تجريها؛ تبدأ العملية عادة بأن يضع المشرف تقييماً عاماً لكل فرد من مرؤوسيه المباشرين، ثم يحضر اجتماع معايرة الأداء مع المشرفين الآخرين وكبار القادة لمناقشة التقييمات في مختلف أقسام الشركة وتعديلها. وبذلك يخضع أداء الموظفين إلى التقييم مرتين، مرة حين يقيّمه المشرف عليهم والثانية حين تقيمه لجنة معايرة الأداء.

الهدف من عملية معايرة الأداء هو القضاء على التحيز من خلال إلزام المدراء بمعايير متسقة والحد من أي محاباة تحدث سراً، وهو أسلوب فعال؛ لكن مع نوع واحد من التحيز فقط، إذ توصلت دراسة إلى أن اجتماعات معايرة الأداء كانت ناجحة في الحد من تحيز التساهل، وهو ميل المدراء إلى منح أداء الموظف تقييماً أعلى مما يستحقه بالفعل.

ومع ذلك، كشفت الدراسة نفسها وكذلك تحليلنا لبيانات معايرة الأداء عن عدة الطرق تؤدي بها اجتماعات معايرة الأداء إلى التحيز في عملية التقييم.

على سبيل المثال، وجدت الدراسة المذكورة آنفاً أن اجتماعات معايرة الأداء تزيد الميل إلى منح الموظفين تقييماً متوسطاً، ولا تفرّق بين ذوي الأداء العالي وذوي الأداء المتوسط أو المنخفض، وهذا يعني أن أصحاب الأداء المتوسط ​​والمنخفض لا يتلقون التقييمات الضرورية لتحسين أدائهم، كما أن أصحاب الأداء العالي يظنون أنهم متوسطو الأداء، وهذه النتيجة سيئة.

لكن ليس هذا التحيز الوحيد الذي تعززه معايرة الأداء، فحينما تعمقنا مؤخراً في التقييمات التي توضع بالإجماع في إحدى شركات المحاماة، توصلنا إلى ملاحظات تسترعي الانتباه. التقييمات بالإجماع شائعة في مكاتب المحاماة، حيث يضع الشركاء تقييمات لكل شخص عملوا معه، ولا يرى الموظفون الذين خضعوا إلى التقييم نتائجه بل تعمل مجموعة صغيرة من الشركاء على معايرة تقييمات المشرف ثم كتابة تقييمات بالإجماع ترسل إلى الموظف.

لهذا الإجراء عدد من العيوب الواضحة: لا يعرف الموظف من قيّمه وطريقة التقييم، ولا يُمنح الفرصة لطلب المزيد من المعلومات أو وضع خطة لتحسين أدائه مع مشرف محدد بناءً على تقييمات الأخير.

أدت هذه العملية أيضاً إلى تفاقم نوعين رئيسيين من التحيز شائعين في التقييمات: تحيز “إثبات الذات مجدداً”، إذ تضطر بعض المجموعات إلى إثبات نفسها أكثر من غيرها، وتحيز “الحبل المشدود”، الذي يعني قبول نطاق أوسع من السلوكيات من بعض المجموعات مقارنة بغيرها.

في شركة المحاماة، وجدنا أن عملية معايرة الأداء أدت إلى تحيز ضد النساء ذوات البشرة الملونة، وهو ما لم يكن موجوداً في تقييمات المشرفين. على سبيل المثال، لم يكن هناك سوى فارق نقطتين مئويتين في النسبة المئوية بين كبار المستشارين من الرجال البيض والنساء ذوات البشرة الملونة اللواتي اعتبرهنّ المشرفون أصولاً قيّمة، لكن هذا الفارق الطفيف ارتفع إلى 34 نقطة مئوية في التقييمات التي وضعت بالإجماع.

وبافتراض أن هؤلاء المحامين كانوا يتمتعون بالقدر نفسه من الموهبة، فقد خلصنا إلى أن اجتماعات معايرة الأداء عززت الصور النمطية المتعلقة بالنوع الاجتماعي والعِرق فيما يخص تحديد قيمة الأفراد، وذلك على الرغم من حقيقة أن المشرفين المباشرين كانوا يساوون بين الرجال البيض والنساء ذوات البشرة الملونة.

ومن الجدير بالملاحظة أن المحامين الذين عملوا بالفعل مع النساء ذوات البشرة الملونة اللواتي خضعن إلى التقييم، رأوا أن أداءهن يتساوى مع أداء الرجال البيض: غالباً، تتجاوز الأدلة الصور النمطية التي تسود عند غياب المعرفة المباشرة. النقطة المهمة الأخرى هي أن هذا النمط لم يؤثر في المساعدين المبتدئين فحسب بل في كبار المستشارين أيضاً،

إذ ظهر نوع مختلف من تحيز إثبات الذات مجدداً تجاه النساء البيض، كانت فرصة وصفهن بأنهن يتمتعن بالإمكانات في التقييمات التي يجريها المشرفون أكبر من فرصة الرجال البيض وبفارق 12 نقطة مئوية، ولكن بعد عملية معايرة الأداء صار احتمال ملاحظة إمكانات النساء البيض أقل بخمس نقاط مئوية مقارنة بالرجال البيض. تتجلى أهمية هذه المسألة فيما كشفت عنه دراسة حديثة وجدت أن ما يصل إلى 50% من الفارق في الترقية بين الرجال والنساء يُعزى إلى التفاوت في تقييم الإمكانات ضمن تقييمات الأداء.

بالإضافة إلى ذلك، لا حظنا وجود تحيز الحبل المشدود، الذي يظهر عادة في التعليقات حول شخصيات الموظفين؛ في دراساتنا لعملية تقييم الأداء، ظهر أن ذوي البشرة الملونة يتلقون عموماً تعليقات على شخصياتهم أكثر من التي يتلقاها الرجال البيض، لأن السلوك المقبول من الرجل الأبيض قد يعدّ إشكالياً أو مفزعاً أو تعبيراً عن الغضب إذا صدر من شخص ملون البشرة.

تفاقم تحيز الحبل المشدود أيضاً بسبب التقييمات الموضوعة بالإجماع، إذ أظهرت تقييمات المشرفين اختلافاً بمقدار نقطتين مئويتين فقط بين الرجال البيض والرجال ذوي البشرة الملونة الذين يوصفون بأنهم “محبوبون جداً”، وبعد تقييمات معايرة الأداء ازداد احتمال وصف ذوي البشرة الملونة على هذا النحو 11 نقطة مئوية. لكن ما المشكلة في أن يكون الفرد محبوباً جداً؟ على حد تعبير أحد الموظفين ذوي البشرة السمراء القلائل في شركته: “لا يمكن لأي شخص أسمر البشرة أن يتقدم هنا إلا إذا كان صديقاً عزيزاً للجميع”. كان على الرجال ذوي البشرة السمراء أن يبرعوا في عملهم ويكونوا أصدقاء أعزاء للجميع في الوقت نفسه، في المقابل يمكن للرجال البيض أن ينجحوا بفضل مؤهلاتهم المهنية وحدها، وهو ما يشير إليه بوضوح وصف “محبوب جداً” ضمن التقييمات.

تختلف ترتيبات اجتماعات معايرة الأداء بحسب المؤسسة، ولكن إذا افتقرت هذه الاجتماعات إلى التنظيم فلا بد أن تكون نتائجها فوضوية أيضاً. عقدت إحدى شركات التكنولوجيا التي نعرفها اجتماعات على مدار يومين لمعايرة أداء أكثر من 100 موظف، وفي كل يوم كان الوقت ينفد قبل إنهاء العمل المطلوب، ونتيجة لذلك نالت تقييمات الموظفين التي خضعت إلى المراجعة في بداية اليوم حقها من المناقشة لوقت مطول، على عكس التقييمات التي تناولها المجتمعون في نهاية اليوم. إذاً، كما رأينا أعلاه، من المرجح أن يحكم المعنيون على الموظفين الرجال ذوي البشرة البيضاء على أساس الإمكانات وهو ما لا ينطبق على غيرهم، ما يعني أن الرجال البيض الذين تخضع تقييماتهم إلى المراجعة في نهاية اليوم يتمتعون بفرص الحصول على تقييمات أعلى مقارنة بالنساء والمرشحين ذوي البشرة الملونة الذين يخضعون إلى التقييم في الوقت نفسه من اليوم.

احتوت استمارة تقييم الأداء في شركة أخرى على العديد من المعايير بحيث لم يكن من الممكن مناقشتها كلها، كما عجزت الشركة عن متابعة ما قيل عن كل موظف، ونتيجة لذلك، خضع الموظفون إلى التقييم بناءً على معايير مختلفة وغير متسقة. ما لم يجرِ تقييم المرشحين كافة بناءً على معايير موحدة وعلى مقياس التقييم نفسه واستناداً إلى الأدلة، فلا بد من ظهور التحيزات.

هناك مشكلة أخرى شهدناها في اجتماعات معايرة الأداء غير المنظمة، وهي تداول التعليقات حول الحياة الشخصية للموظف (القضايا الزوجية والحالة الأبوية وحتى المظهر) وهي تعليقات لن تدوّن أبداً في تقييم الأداء لسبب بسيط، فهي غير مناسبة وغير ذات صلة بالأداء.

عندما يتحول اجتماع معايرة الأداء إلى مناقشة عامة لا ضوابط لها، يمكن أن يصبح المشاركون فيه عرضة لضغوط الموظفين، بل إن أحد كبار القادة السابقين في أمازون نصح بأن يتعرف الموظفون إلى المشاركين في اجتماع معايرة الأداء ويتواصلوا معهم مسبّقاً، وهو ما يعني في الأساس كسب ود كبار المسؤولين لترك انطباع إيجابي دائم. يمكن أن تنجح هذه الخطوة مع بعض الموظفين ولكنها ستكون أسهل على “المنتمين إلى المجموعة”، وهم عادةً المنفتحون من الذكور البيض. ثمة نقطة أساسية أخرى وهي أنه يجب ألا يضطر الموظفون إلى بذل هذا الجهد للحصول على تقييم عادل، فمهمة المؤسسة هي منح تقييمات عادلة للجميع.

إذاً، كما أثبتنا أعلاه، يمكن أن تتحول اجتماعات معايرة الأداء إلى بيئة خصبة للتحيز، فهل علينا إلغاء العملية برمتها؟ قد يكون هذا هو الاختيار الصحيح لبعض المؤسسات، ولكن إجراء تعديلات صغيرة يمكن أن يوقف التحيز في اجتماعات معايرة الأداء، ما يؤدي إلى تكافؤ الفرص لجميع المجموعات في عملية تقييم الأداء.

وضّح للمشاركين ماهية التحيز

من المرجح أن يدرك الأفراد الصور النمطية العرقية أو الإثنية أو التحيز ضد المرأة، لكن من المحتمل ألا يدركوا ألوان التحيز الرئيسية الأخرى، مثل تحيزات الحبل المشدود أو إثبات الذات مجدداً أو جدار الأمومة أو الشد والجذب. نوصي المؤسسات بتدريب كل من يشارك في عملية معايرة الأداء للتعرف إلى هذه التحيزات، وفي هذا الخصوص جمّعنا دليلاً مجانياً لتحديد التحيز في تقييمات الأداء يمكن لأي شخص استخدامه.

خلصنا من تجربتنا التي أجريناها مع شركة محاماة متوسطة الحجم إلى أن تعريف المسؤولين على أنواع التحيز أدى إلى انخفاض كبير في عدد التعليقات الشخصية السلبية حول الأشخاص ذوي البشرة الملونة: من 14% قبل التدخل إلى 0% بعد التدخل.

استخدم قواعد متسقة وموجزة ومبنية على الأدلة لتقييم الأداء، واطلب من المشاركين إرسال التقييمات كتابياً مسبّقاً،

وسيضمن لك تحديد الكفاءات الأساسية تقييم كل موظف وفق معايير موحدة ذات صلة بالوظيفة، كما ننصح المشاركين في اجتماعات معايرة الأداء بتقديم دليلين أو ثلاثة قبل الاجتماع لدعم تقييماتهم المكتوبة بشأن كفاءة الموظف. أظهر بحثنا أنه عندما يلتزم المدراء مسبّقاً بتقييم ما، فمن غير المرجح أن يتأثروا إذا بدأ كبار المسؤولين المحادثة بآراء مغايرة.

وفي إحدى التجارب التي أجريت مع شركة كبرى للبيع بالتجزئة، وجدنا أن 43% فقط من الموظفين تلقوا تعليقات مبنية على الأدلة حول تقييمات أدائهم، وبعد التحول إلى نموذج تقييم يتضمن توقعات موجزة ومحددة للأداء وجد المدراء أنه من الأسهل الاعتماد على الأدلة في تقييماتهم، وزاد العدد الإجمالي للموظفين الذين يتلقون تعليقات قائمة على الأدلة إلى 87%.

عيّن أفراداً لرصد التحيزات خلال الاجتماع.

يمكن للمشاركين الذين كُلفوا على وجه التحديد برصد أدلة التحيز خلال اجتماع معايرة الأداء، إعادة توجيه المحادثة إلى معايير الأداء المحددة مسبّقاً في حال انحرف الاجتماع نحو موضوعات غير ذات صلة، مثل مدى لطف الموظف، ويمكن فعل ذلك بطريقة بسيطة وهي قول: “هل لهذا الأمر صلة بقواعد الأداء؟”.

تهدف تقييمات الأداء إلى منح الموظفين الثقة أو تنبيههم على ضرورة تحسين أدائهم، ولتقييمات الأداء العادلة أهمية بالغة لنجاح الشركة لأنها تضمن ترقية الموظفين ذوي القيمة الأعلى وبقاءهم في الشركة. في حين أظهر بحثنا تحيزاً عنصرياً وتحيزاً ضد المرأة في معظم الشركات التي درسناها، فبإمكان هذه الشركات تجنب التحيز إذا كان تقييمها لأداء موظفيها منظماً أكثر ومستنداً إلى الأدلة.

يود المؤلفون أن يعربوا عن شكرهم لشركة وول مارت على المنحة السخية التي قدمتها لتمويل جزء من هذا البحث.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .