بالنظر إلى أن معظم المؤسسات تنفق ما يقرب من 70% من ميزانياتها التشغيلية على نفقات القوة العاملة، تجدر الإشارة إلى أنه من النادر قياس المؤسسات نجاح مدراء التوظيف من خلال دراسة قدرتهم على اختيار المرشحين المناسبين. من النادر أيضاً أن يحاسب الأفراد أنفسهم لأنهم أصبحوا يجرون المقابلات الشخصية بشكل أفضل بمرور الوقت. باستخدام بطاقة أداء المقابلة الشخصية الكمية لتقييم مؤهلات المرشح للوظيفة وتحديد مدى ملاءمته لها، ومن خلال مقارنة التوقعات القائمة على المقابلة الشخصية بالأداء الفعلي للمرشح بعد التوظيف، يمكن اتخاذ قرارات توظيف أفضل وتحقيق زيادة في معدل نجاح المقابلات في اقتناص المواهب وتعظيم عائد المؤسسة من استثمار رأس المال البشري بمرور الوقت.
ضعف استثمار الشركات في رأس المال البشري
لنبدأ بتقييم سبب ضعف استثمار معظم الشركات والأفراد في رأس المال البشري، وخاصة عند استخدام المقابلات الشخصية لتقييم المرشحين. يظهر الناس عموماً مشاعر التحيز والتعاطف والتناقض عند إتمام المقابلات، ونتيجة لذلك أظهرت أبحاث علم النفس الصناعي على مدار عقود أن صلاحية مقابلة العمل النموذجية غير المنظمة أو قوتها التنبؤية بالمرشح المناسب تقارب 20%، ما يعني أن مقابلة شخصية واحدة من كل 5 مقابلات تنجح في توظيف المرشح الممتاز.
تشكل التصورات السابقة والصور النمطية غير الواعية أو الضمنية مشكلة حقيقية أمام الباحثين عن عمل. ويتمثل الحل وفقاً لبعض الأكاديميين والممارسين في توعية الناس بتحيزاتهم حتى يكونوا قادرين على اتخاذ قرارات أكثر "موضوعية" حول مدى ملاءمة المتقدم للوظيفة. إن توجيه مجموعة قياسية من أسئلة المقابلات الجيدة لجميع المرشحين يمكنه أن يعزز من دقة عملية التوظيف.
ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بإجراء المقابلات، فإن الكثير منا لديه تحيزات تجعلنا لا ندرك مدى تحيزنا. عندما ينتهي الحال بنجاح مرشح، فإن الكثيرين يعتقدون ويدعون أنهم لاحظوا تفوقه أو اكتشفوا موهبته في وقت مبكر. وعندما لا ينجح المرشح، فإن الأمر يبدو فجأة وكأن توظيفه تم على الرغم من الشكوك الواسعة التي تحيط به. وتصدق في هذا الموقف مقولة: "للنجاح العديد من الآباء، لكن الفشل يتيم". لذلك، فإن الذاكرة الانتقائية تجعل من الصعب علينا أن نتذكر انطباعاتنا عن المرشحين في الوقت الذي قابلناهم فيه بدقة، وهذا بدوره يجعل من الصعب علينا أن نتعرف على تحيزاتنا وأن نحصل على تقييم دقيق لمهاراتنا كأشخاص يجرون المقابلات الشخصية.
نموذج نظرية الكشف
باستخدام نموذج نظرية الكشف، فإن هناك 4 سيناريوهات أساسية لإجراء المقابلات والتوظيف. الأول أن المرشح "الجيد" تم توظيفه ويشكل "نجاحاً". أما إذا لم يُوظف المرشح "الجيد"، فهي "خسارة". في حالة عدم توظيف مرشح "سيئ"، فهذا "رفض في محله". وإذا تم توظيفه، فإن هذا يعد "مكسباً زائفاً".
يميل من يجري المقابلات إلى أن يكون أكثر اهتماماً بمحاولة تجنب "المكاسب الزائفة" فتوظيف مرشح غير كفء قد يمثل مشكلة كبيرة. من النادر أن يكتشف القائم بالمقابلة أي "خسارة" على الإطلاق، وهو ما يحدث على سبيل المثال إذا أصبح المرشح الذي لم يُوظف ناجحاً للغاية في مكان آخر (مثال واضح على ذلك هو جان كوم الذي لم يحصل على عرض عمل في "فيسبوك"، ثم انتهى به الأمر إلى بيع شركته الناشئة "واتساب" لها مقابل 19 مليار دولار). يمكن حساب "معدل نجاحك" عن طريق حساب نسبة "النجاحات" و"الرفض في محله" إلى نسبة "الخسائر" و"المكاسب الزائفة".
كيف يمكنك تحسين معدل نجاحك في التوظيف؟ يمكن لبطاقة أداء المقابلات الشخصية أن توفر أساساً كمياً للمقارنة بين القائمين بالمقابلات، ما يتيح لك التحقق من تصوراتك مع زملائك ومعرفة المواطن التي قد تكون فيها تقييماتك خارج النطاق العادي. من خلال ربط تنبؤاتك بالأداء الفعلي للمرشحين للوظيفة، يمكنك أيضاً الحصول على آراء تقييمية كمية حول دقتك في تقييم المعايير المختلفة. فقط عن طريق تنمية الوعي بشأن تحيزات المقابلات التقييمية الخاصة بنا، يمكن تصحيح الأمر.
لإنشاء بطاقة أداء للمقابلة، اكتب التقييمات وفقاً لـ 5 معايير قابلة للتطبيق أو ما يقابلها (انظر المثال في الجدول أدناه، وحمّل نسخة هنا)، ثم أعد النظر فيها بشكل دوري. ناقش تقييمات مرشحك وفكر بها مع الزملاء من أجل تقييم وتحسين دقتك الفردية والجماعية. قد تتعلم أنك جيد في تقييم القدرة الفنية، لكنك أقل دقة في تقييم مهارات القيادة. وقد تكتشف أن زميلاً متساهلاً للغاية بشأن بعض المعايير وصارماً للغاية مع المعايير الأخرى.
تشبه تقنية التحقق هذه ما يحدث في الذكاء الاصطناعي الذي تتعلم فيه شبكة عصبية كيفية التعرف على الأنماط بمرور الوقت، على سبيل المثال، لقراءة خط اليد. لكي يحدث التعلم عبر محاولات متكررة، يجب إدخال آراء تقييمية إلى النظام، حيث يجري الكمبيوتر "تخميناً" لمعرفة الحرف المكتوب ومن ثم يحصل على آراء تقييمية حول ما إذا كان تخمينه صحيحاً أم خاطئاً. إذا لم تكن هناك "معايير للصواب"، فسيكون من الصعب أن يتعلم الكمبيوتر كيفية قراءة خط اليد المختلف إن لم يكن مستحيلاً. بشكل مشابه، إذا لم تُعد النظر في "قراءتك" التنبؤية عن المرشحين وتتحقق من صحتها بالمقارنة مع أدائهم اللاحق، فلن تكون قادراً على تعلم كيفية تقييم المرشحين المختلفين بشكل أفضل.
عند استخدام بطاقة أداء المقابلة الشخصية بشكل صحيح ومتسق، فإنها تساعدك على اتخاذ قرارات توظيف أفضل وتهيئة مكان العمل للمرشحين، وإنشاء أساس كمي للمقارنة والتحقق، وتُمكنك أنت ومؤسستك من اتخاذ قرارات توظيف أفضل بمرور الوقت.