ملخص: عملية صنع القرار صعبة حتى في ظل أفضل الظروف، ونقوم بها مراراً على مدار اليوم. إذا كنت من الآباء والأمهات العاملين، فبالتأكيد يتعين عليك باستمرار اتخاذ قرارات كبيرة كانت أو صغيرة، وغالباً ما تفعل ذلك بمفردك، خاصة إذا كنت المعيل الوحيد للأبناء. لكن يمكنك تسهيل هذه العملية على نفسك. فمن خلال إدارة مشاعرك، وتوترك، ورفاهك في ظل الشعور بالعزلة والضغوط الشديدة، يمكنك أن تشعر براحة أكبر تجاه القرارات التي تتخذها في الوقت الحالي وبعد مدة طويلة أيضاً. فيما يلي 5 ممارسات للإدارة الذاتية يطبقها كبار المسؤولين التنفيذيين من أجل اتخاذ قرارات أفضل للعناية بالذات ويمكن للوالدين اتباعها: أولاً، اعتنِ بذاتك من خلال اتخاذ خطوات صغيرة نحو الحفاظ على الصحة وتجديد نشاطك. بعد ذلك، تحكم في مشاعرك في لحظتها عن طريق بناء عادات تخفف من توترك. ثالثاً، اتخذ قرارك في الأوقات التي تتمتع فيها بأكبر قدر من الطاقة خلال اليوم. رابعاً، خصص مكاناً للاختلاء بنفسك يمكنك الهروب إليه لاستجماع أفكارك. وأخيراً، استعن بمجلس إدارة شخصي للحصول على المشورة أو لطرح أفكار بشأن الخيارات المتاحة.
"مَن يتولى زمام القيادة يشعر بالوحدة".
غالباً ما تلقى هذه العبارة صدى لدى كبار المسؤولين التنفيذيين، ولكنها تنطبق أيضاً على فئة أخرى من الأشخاص: الآباء والأمهات العاملون، لا سيما هؤلاء الذين يربون أطفالهم بمفردهم. وهذا ينطبق بوجه خاص عند مواجهة قرارات صعبة. يناضل كل من المسؤولين التنفيذيين والآباء والأمهات الذين يعيلون الأبناء بمفردهم لاتخاذ قرارات لا يمكن مناقشتها مع الآخرين. بالنسبة إلى المسؤولين التنفيذيين، قد يرجع ذلك إلى أن لكل فرد مصلحة ذاتية. وبالنسبة إلى الآباء والأمهات، فيرجع ذلك إلى أنهم هم البالغون الوحيدون الذين يمكنهم اتخاذ هذه القرارات.
عملية صنع القرار صعبة حتى في ظل أفضل الظروف، ونقوم بها مراراً على مدار اليوم. وتقع جميع المسؤوليات المتعلقة بالعملاء والزملاء والثقافة والشركة على عاتق المسؤولين التنفيذيين، تماماً مثلما تقع مسؤوليات الأسرة على عاتق الوالدين. ومع إضافة مزيج من العزلة والإرهاق والمشاعر، في بيئة متقلبة، تصبح هذه المهمة أكثر صعوبة. وسواء كان القرار مهماً، مثل اختيار حضانة لإرسال أطفالك إليها أو كيفية التعامل مع مشكلة صحية، أو بسيطاً نسبياً، مثل اختيار الأنشطة المدرسية والأطعمة التي ستجهزها لوجبة الغداء للأبناء، فقد يكون التفكير فيه ودراسته أمراً شاقاً.
تختلف طبيعة القرارات التي يتعين على هذين الفئتين من الجماهير اتخاذها، لكن عملية التوصل إلى قرارات رصينة هي نفسها. فهي تتضمن إدارة مشاعرنا وتوترنا ورفاهنا عموماً في ظل شعورنا بالعزلة والضغوط الشديدة. وعندما ينقصنا الوقت والوضوح، فإن أكثر ما يتضرر هو أنفسنا. لذا، عندما نتعمد تخفيف الضغوط الواقعة علينا، فإن هذا يسمح لأدمغتنا بالاستراحة والتفكير والوصول إلى أفضل الإجابات عن الأسئلة المطروحة علينا.
اتخاذ قرارات أفضل للعناية بالذات
بناءً على عملي مع المسؤولين التنفيذيين، فيما يلي 5 ممارسات لإدارة الذات يطبقها كبار المسؤولين التنفيذيين من أجل اتخاذ قرارات أفضل للعناية بالذات ويمكن للآباء والأمهات اتباعها أيضاً.
اتخذ خطوات صغيرة للعناية بذاتك
تُظهر البحوث أننا نتخذ قرارات سيئة عندما نكون منهكين، لذلك بنى معظم المسؤولين التنفيذيين الذين أدربهم عادات روتينية يومية للعناية بذاتهم وصحتهم. ولكن ليس من المنطقي الاعتقاد أنه يمكنك الانتقال من الجلوس الدائم على الأريكة إلى التمرن في صالة الألعاب الرياضية بين عشية وضحاها. بدلاً من ذلك، ابدأ بإرساء ممارسة بسيطة وابنِ عليها بقية الممارسات تدريجياً. على سبيل المثال، كانت إحدى العادات الصغيرة لإحدى عميلاتي هي أداء تمرين ضغط مرة واحدة كل يوم. وعلى مدار 10 أشهر، عملت ببطء على زيادة عدد مرات التمرين إلى 30 مرة يومياً. وهناك عميلة أخرى أخّرت تفقُّد بريدها الإلكتروني لدقيقتين فقط، وقد كان هذا هو أول شيء تقوم به كل صباح. وبعد عام، أصبحت تبدأ العمل بعد ساعة من الاستيقاظ وتخصص تلك الفترة الزمنية للعائلة، وممارسة التمارين الرياضية، وتناول وجبة الإفطار. يمكنك العناية بذاتك من خلال اتباع عادات بسيطة وصغيرة يومياً.
بالإضافة إلى ذلك، اخلق فرصاً لتجديد نشاطك، من خلال البحث عن بعض الأشياء التي تسعدك وتأكد من أن لديك مخزوناً منها في متناول يديك كل أسبوع. على سبيل المثال، ضع الشوكولاتة التي تفضلها في مكان قريب حتى تتمكن من تناول قطعة واحدة عندما تشعر بالضغط في حالة كان عليك الاختيار بين خيارين لا تفضل كليهما أو خصص وقتاً للراحة بين الاجتماعات تقضيه مع أطفالك. أياً كان ما يسعدك، تأكد من أنه شيء يمكنك أن تجعله شبه تلقائي حتى تتمكن من الاعتماد عليه عندما تحتاج إليه.
تحكم في مشاعرك
كثيراً ما ندمنا على القرارات التي اتخذناها استجابة لمشاعرنا وليس استرشاداً بها. لإدارة مشاعرنا، نحتاج إلى تنشيط جزء التفكير في أدمغتنا، خاصة في حالة شعورنا بالحماس والثقة بالنفس.
يمكن أن يؤدي بناء بعض العادات إلى زيادة قدرتنا على استيعاب المشاعر القوية دون الانصياع لها. لذا، ابنِ عادات يمكنك ممارستها عندما تكون هادئاً بحيث تساعدك عندما تمر بلحظات عصيبة. على سبيل المثال، في أثناء توصيل الأطفال إلى المدرسة، يمكن ممارسة تمرين التنفس مع تناوب كل شخص على العد، وبالتالي سيتمكن الآخرون أيضاً من التنفس بعمق. وبمجرد أن تعتاد ممارسة هذا الروتين بما فيه الكفاية، ستتمكن من استخدامه عندما تشعر بتوتر شديد. تشمل العادات الروتينية الأخرى: ترديد قول مأثور، أو العد إلى 10 بلغة أجنبية، أو تدوين ملاحظات عن شيء ما من خلال كل حاسة من حواسك الخمس؛ أي شيء يمكنك رؤيته وسماعه ولمسه وشمّه وتذوقه. فبناء عادات قبل الوصول إلى حالة الانهيار يوفر لك أساليب ملموسة لتستخدمها عندما لا تتمكن من التفكير جيداً بسبب شعورك بالتوتر.
اتخذ القرارات في أوقات نشاطك
علمنا من خلال البحوث أن لدينا حصة من القرارات كل يوم، وبعدها نستنفد قدرتنا على اتخاذ قرارات سليمة. إذ تعتمد جودة قراراتنا على مستوى طاقتنا أيضاً. لذا، عندما تعلم مسبقاً أنك على وشك اتخاذ قرار ما، خصص له وقتاً ضمن جدول مواعيدك في يوم تحس به بالنشاط والحيوية وليس في يوم تشعر فيه بالإرهاق. وإذا كان ذلك ممكناً، اتخذ قرارات أصغر في اليوم السابق له، مثل القرارات المتعلقة بما سترتديه أو تأكله أنت وأطفالك، بحيث توفر طاقتك للتفكير في القرار في اليوم التالي.
ابحث عن مكان مناسب يمكنك فيه الاختلاء بنفسك
يقلل التحفيز المفرط من قدرتنا على التفكير. لذا، غالباً ما يكون للمسؤولين التنفيذيين كرسي بجانب النافذة أو مكان مفضل للمشي. خصص مكاناً في المنزل يمكنك أن تختلي فيه بنفسك، حتى لو لبضع لحظات من الهدوء تستجمع فيها أفكارك. ربما يكون لديك كرسي مفضل في غرفة نومك أو بقعة مشمسة في شرفتك، خاصة إذا كان لديك أطفال صغار.
استعن بمجلس إدارة شخصي
لا يلزم أن تتخذ القرارات بمفردك. يتألف مجلس الإدارة الشخصي عادة من 6 إلى 12 شخصاً ممن أسهموا في نجاحك وتثق بأنهم سيعطونك رأيهم بكل صراحة. غالباً ما يستعين المسؤولون التنفيذيون بالزملاء المتقاعدين أو المدراء السابقين أو المدربين. وكآباء وأمهات، يُعد البحث عن آباء وأمهات آخرين يعانون من ظروف مماثلة شبيهاً بامتلاك محرك بحث مخصص. فربما بحثوا من قبل عن حل للمشكلة التي تواجهها، أو جربوا خدمة ما ويوصون لك بها، أو يمكن أن يقدموا لك أيضاً ملاحظات إذا كنت على المسار الخطأ، أو ببساطة يمكن أن يتبادلوا الأفكار معك.
عندما نجمع بين العمل وتربية الأطفال، لا يكون لدينا دائماً مَن نلجأ إليه خلال لحظات التوتر التي تصاحب اتخاذ قرار ما، خاصة إذا كنت تربي الأبناء بمفردك. فأحياناً ستكون أنت المسؤول وحدك. يتبع المسؤولون التنفيذيون ممارسات متعلقة بالإدارة الذاتية لمساعدتهم في البقاء متأهبين ومسيطرين عندما يتعين عليهم اتخاذ قرارات مهمة بمفردهم، وتمكنهم من اتخاذ قرارات أفضل للعناية بالذات، ويمكنك اتباع الممارسات نفسها. فالاستعداد واختيار طرق لدعم نفسك قبل اتخاذ القرارات الصعبة، تُعد من الأمور التي ستجعلك أقل شعوراً بالوحدة، وأكثر تحكماً في مشاعرك، وأكثر راحة تجاه قرارك في النهاية.