كيف تتخذ قراراتك؟ مواطن القوة والضعف في اتخاذ القرار

6 دقائق
اتخاذ أفضل القرارات

ملخص: يميل الكثير منا إلى اتباع الأسلوب نفسه دائماً عندما يتعين علينا اتخاذ قرار. وغالباً ما نستخدم الطرائق والعادات نفسها في كل مرة، حتى لو اختلفت طبيعة القرارات. لكن ما يحد من قدراتنا على اتخاذ القرار السليم هو اتباع الاستراتيجية نفسها لكل مشكلة تواجهنا. لذا علينا التحرر من ذلك الأسلوب ورؤية الحقائق من منظور مختلف إن أردنا اتخاذ أفضل القرارات حتى لو كان ذلك متعباً بعض الشيء. في البداية عليك أن تدرك مواطن قوتك ونقاط ضعفك في عملية اتخاذ القرار. وعليك أن تتعرف إلى الأخطاء في منهجية تفكيرك وتحدد التحيزات المعرفية التي تعيقك عن اتخاذ القرار السليم. وحينها يمكنك دراسة أسباب هذه التحيزات ومن ثم التخلص منها، وتقويم منهجيتك في التفكير، والوصول إلى فهم أكثر شمولية للموقف، ما يضمن التوصل لحلول أفضل للمشكلات التي تواجهك.

 

كيف تتصرف عندما تواجه قراراً مهماً ومعقداً؟ هل تلجأ إلى المختصين؟ هل تبحث عن المعلومات والحقائق؟ هل تستشير أهل الثقة من الأصدقاء والزملاء؟ هل تتبع حدسك؟

في الواقع يتبع الكثير منا الأسلوب نفسه دائماً عندما يتعين علينا اتخاذ قرار. وغالباً ما نستخدم الطرق والعادات نفسها في كل مرة، حتى لو اختلفت طبيعة القرارات. لكن ما يحد من قدراتنا على اتخاذ القرار السليم هو اتباع الاستراتيجية نفسها لكل مشكلة تواجهنا. لذا علينا التحرر من ذلك الأسلوب ورؤية الحقائق من منظور مختلف إن أردنا اتخاذ أفضل القرارات حتى لو كان ذلك متعباً بعض الشيء.

في البداية عليك أن تدرك مواطن قوتك ونقاط ضعفك في عملية اتخاذ القرار. ما عقلية اتخاذ القرار لديك؟ ما أسلوبك النموذجي لاتخاذ القرار؟ ما الأخطاء في منهجية تفكيرك والتحيزات المعرفية التي تمنعك من اتخاذ القرار السليم؟ يمكن للتفكير بعمق في الأمور ذات القيمة والأهمية بالنسبة إليك أن يوضح سبب اتخاذك للقرارات بالطريقة التي تتبعها وما الذي يحد من تطوير ذاتك ومنهجيتك في اتخاذ القرار. وحينها يمكنك أن تزعزع أساليبك التقليدية.

ملامح عقلية حل المشكلات

من خلال بحثي وعملي في صناعة القرار، استطعت تحديد خمسة نماذج مختلفة لصناعة القرار، والتي أطلقت عليها اسم ملامح عقلية حل المشكلات. كما أصف في كتابي "حل المشكلات: مضاعفة مواطن قوتك لاتخاذ قرارات أفضل" (Problem Solver: Maximizing Your Strengths to Make Better Decisions)، فإن هذه الملامح هي أساليب شخصية لصناعة القرار مبنية على مواطن القوة والضعف لدينا. ولكل منها تحيزات معرفية خاصة تكشف عن عادات وأنماط سلوكية تدفعنا إلى خياراتنا. وتلك الأساليب ليست بالقدر المحتوم، وبمجرد أن نعرف كيف نميل لخيار دون آخر، يمكننا اتخاذ خطوات لتصبح عملية صناعة القرار لدينا أكثر فعالية ومرونة.

فيما يلي وصف موجز لملامح عقلية حل المشكلات الخمس. ألقِ نظرة عليها لمعرفة إن كان سلوكك في حل المشكلات موجوداً في أحد هذه الملامح. (يمكنك أيضاً إجراء تقييم ملامح عقلية حل المشكلات الكامل على app.areamethod.com).

  • عقلية المغامر: تتخذ القرارات بسرعة وتثق في حدسك. وعندما تقف أمام أحد التحديات بصرف النظر عن حجمه، تفضل أن تقوم بما تشعر أنه صحيح بدلاً من قضاء وقتك الثمين في التفكير في الخيارات الأخرى. تعرف طبيعتك وأهدافك لذلك لا تخشى المضي قدماً.
  • عقلية المحقق: تعرف أهمية المعلومات وتبحث دائماً عن الحقائق والبيانات. لا تقرر بناءً على حدسك، فأنت تريد أن تعرف ما تشير إليه الأدلة. وترى أنه من الأفضل معرفة المزيد والانغماس في التفاصيل.
  • عقلية المستمع: لديك الكثير من الناس حولك تثق بهم ويدعمونك. وتعتمد عليهم عندما تواجه موقفاً صعباً أو قراراً معقداً، وتطلب آراءهم ونصائحهم. وترتاح لفكرة أنك لن تتخذ القرار وحدك.
  • عقلية المفكر: متأنٍ في قراراتك وتقاوم الضغوط التي تدفعك إلى اتخاذ قرارات سريعة. تدرس الخيارات بعناية وترغب في معرفة إيجابيات وسلبيات كل منها. لا تحتاج إلى الكثير من المعلومات، ولكنك تحتاج إلى الوقت وصفاء الذهن لتتوصل لقناعة بوجود سبب للاختيار وأساس منطقي يبرر خيارك. ولا تهتم بسرعة اتخاذ القرار بل بمنهجية اتخاذه.
  • عقلية المبدع: تحب الخروج عن المألوف، وتناول الأمور بطريقتك الخاصة. وعندما تقف أمام مجموعة واضحة من الخيارات، تفكر في العثور على خيار مختلف، وتفضل أن يكون الخيار فريداً ولم يجربه أحد قبلك. تدفع الجميع إلى التخمين وغالباً ما تفاجئهم بقراراتك.

أي من هذه الملامح تشبهك؟ معظمنا يمتلك أكثر من عقلية لحل المشكلات، لكن لدينا دائماً منهجاً واحداً نعتمد عليه دوماً. بمجرد تحديد الأسلوب أو الأنماط التي تمثل المنهج الذي تتبعه، يمكنك معرفة كيفية التفكير بشكل أفضل باستخدام ذلك المنهج أو غيره.

التحيزات المعرفية وعقلية حل المشكلات

لا شك في أن كلاً من تلك العقليات تمتلك مواطن قوة عظيمة، لكن مواطن القوة والضعف وجهان لعملة واحدة. كما ترتبط كل عقلية بمجموعة من التحيزات المعرفية التي يمكن أن تعيق عملية اتخاذ القرار السليم. ولحسن الحظ يمكنك تجنب هذه المزالق. وإليك الطريقة.

عقلية المغامر

التحيز التفاؤلي يجعلك تشعر بالثقة العمياء، ما قد يؤدي بك إلى الخطر. ليس لديك دائماً إحساس دقيق بالوقت اللازم لمسار الأحداث لأنك ترغب في المضي بسرعة، ولأنك متفائل بطبيعتك. يمكن أن يؤدي ذلك إلى التحيز في التخطيط(أي عدم إعطاء كل مهمة الوقت الملائم لإنجازها)، وحينها تخاطر بالتخلف عن الجدول المواعيد وعدم إنجاز كل ما تريده.

لتجنب ذلك، انتبه لماذا تندفع في بادئ الأمر. ماذا يقول لك حدسك؟ ثم فكر كيف سارت الأحداث في الماضي مع هذا النوع من القرارات. قد تكون روح المغامرة لديك رائعة في بعض القرارات ولكن ليس بالنسبة للآخرين. كما أن التعاون مع الآخرين المتأثرين في قرارك والمعنيين به من شأنه أن يساعدك أيضاً. لكن كن حذراً هل تضرب آراءهم بعرض الحائط؟ هل تفهم أهدافهم وغاياتهم وتأخذها في الاعتبار؟ عليك الإصغاء إليهم دون إطلاق الأحكام وانتبه إلى مخاوفهم من عدم القدرة على التنفيذ في الوقت المحدد.

عقلية المحقق

يمكن أن يسبب الانتباه المفرط للتفاصيل عدم رؤية الصورة الكاملة للمشكلة، ما يؤدي إلى الاتجاه إلى حل المشكلة الخطأ أو جزء من المشكلة فقط. حيث لا تقودنا معرفة المزيد من المعلومات دائماً إلى اتخاذ قرارات أفضل؛ وقد تزيد المشكلة تعقيداً. ويمكن أن يقع أصحاب عقلية المحقق فريسة للانحياز التأكيدي، حيث ينتقون من البيانات والأدلة ما يدعم فرضيتهم. كما أن جمع المزيد من المعلومات قد يكون على نحو متحيز، بخاصة إذا كنت تجمعها فقط لتتأكد أنك على صواب، والأبحاث المنشورة التي يفضل استهدافها أصحاب عقلية المحقق ليست المصدر الوحيد للمعلومات.

بدلاً من ذلك، عليك الاعتراف بأن الآراء الأخرى ذات قيمة. فليست المعلومات كلها بيانات موثوقة، ومصدر بعضها أشخاص عاديون. تجاوز البيانات وناقش المختصين ذوي الجدارة. اعتمد على زملائك في العمل لمساعدتك في رؤية الصورة كاملة وتفاصيلها. استعن بمعرفتهم وخبراتهم لوضع البيانات المتوفرة في نصابها الصحيح.

عقلية المستمع

يعتمد أصحاب هذه العقلية لحل المشكلات بشكل كبير على أشخاص آخرين من أفراد العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل لاتخاذ القرارات نيابة عنهم. يمكن أن تقع ضحية التحيز للسلطة (أي الميل إلى النظر لرأي أصحاب السلطة على أنه أكثر دقة)، لذلك ستتأثر بآراء مَن في مواقع السلطة. أنت مخلص لمن تثق بهم، وأحياناً تتخذ قرارات بناءً على ما (أو مَن) تحب، ما يسمى التحيز لما نُحب. قد يكون الآخرون صادقين في نصحك، إلا أن نصائحهم قد لا تتماشى مع صوتك الداخلي، وبخاصة إذا لم تستجب له.

اعترف بأهمية صوتك الداخلي، اجلس مع نفسك وحدد ما يهمك في نتيجة قرارك قبل طلب آراء الآخرين. وبعد ذلك فقط يمكنك أن تتواصل مع الآخرين للحصول على آرائهم ووجهات نظرهم. وتذكر أن الإصغاء للآخرين لا يعني بالضرورة الحصول على وجهات نظر متنوعة. وعندما تناقش مشكلة ما مع الآخرين لا تستمع فقط إلى الآراء بل أيضاً إلى اختلاف الآراء. وفي حال لم تجد تبايناً في أفكار الأشخاص الذين قصدتهم، فابحث عن آخرين يمكنهم أداء دور محامي الشيطان.

عقلية المفكر

لأنك شديد الحذر قد تقع فريسة اختيار خيار آمن بدلاً من الخيار الأفضل وذلك لتفادي الخسارة وتجنب الفشل. ولأنك تحب المقارنة بين الخيارات والموازنة بينها، فإن التحيز النسبي قد يمنعك من رؤية حقيقة الأشياء. فقد تميل إلى مقارنة الموقف بموقف آخر يشمل جزءاً بسيطاً من المشكلة.

وعليك أن تدرك متى تضيع الوقت بإعادة التفكير مراراً وتكراراً. فوقتك ثمين. حدد موعداً نهائياً لاتخاذ القرار قبل أن تبدأ بعملية صناعة القرار وذلك لتحديد المدة وعدد المرات التي يمكنك فيها إعادة التفكير. يستفيد المفكرون من تصور رؤية للنجاح أولاً لتحديد مقاييس النجاح وعكس المشكلة. فمن خلال عكس المشكلة والتركيز على الحل يكون من السهل البقاء على المسار الصحيح والتعاون مع الآخرين.

عقلية المبدع

مع ميلك إلى الانجذاب إلى الأفكار المثيرة قد تنجر لتحيز الأهمية أو الارتباط بالحل الأكثر بروزاً أو الفكرة الأكثر جرأة حتى لو لم تكن الخيار الأفضل. كما تبالغ في تقدير الأصالة لأنها نادرة، وهو شكل من أشكال التحيز للندرة الذي يقلل من قيمة ما هو شائع أو وفير، والذي يمكن أن يقودك إلى تنمية الاختلاف بدلاً من اتخاذ القرار الأذكى.

عليك معرفة قيمة الأشياء العادية: فمن خلال إيصال رؤيتك (الثمينة) للآخرين بوضوح ثم جمع البيانات لاختبارها، سيكون لديك فكرة أفضل عن الأفكار الملهمة التي يجب تطويرها والأفكار التي يجب تأجيلها (حالياً). اطلب رأي زملائك دائماً، واسألهم ليس فقط عما سمعوه، بل أيضاً عما فهموه. هل هذه الفكرة مجدية؟ هل هناك ثغرات يجب سدها حتى تتلاءم مع الجميع؟ هل يعرف أعضاء الفريق مسؤولياتهم؟ ستساعدك إجاباتهم على صقل تفكيرك.

ديناميكية القرار

لا توجد عقلية "مثالية" لحل المشكلات. وفي حين أن بعض القرارات أو حتى مراحل صناعة القرار قد يتم تناولها بشكل أفضل عبر إحدى تلك العقليات، فإن القرار الناجح يستفيد من الجمع بين عقليات التفكير المختلفة. من خلال الابتعاد عن نهجك المعتاد والتعرف على العقليات الأخرى، يمكنك التحقق بشكل أفضل من تحيزاتك وتحديها وإخراج فهم أكثر شمولاً للموقف، ما يضمن أن تحل المشكلة بأكملها على نحو أفضل.

يبدأ اتخاذ القرار الأكثر ديناميكية بمعرفة المزيد عن نفسك، حتى تتمكن من تجنب التحيز المحتمل واكتساب وجهات نظر جديدة حول المشكلة. وفي حين أنه ليس من السهل دائماً التفكير بخلاف طبيعتك المعتادة، تذكر أنك تبني القوة والمرونة في آليات صنع القرار التي تحتاج إليها لاتخاذ قراراتك المهمة بشكل أفضل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي