امنحوا الصلاحيات للمدراء لكي يوقفوا التحرش

10 دقائق
إيقاف التحرش في أماكن العمل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سبق لي أن تعرّضت للتحرش في مكان العمل، حالي حال أي امرأة أخرى تعمل في المهن الفكرية. وفيما يلي قصتان من هذه القصص، والطريقتان المختلفتان اللتان تصرّفت بهما الشركتان اللتان كنت أعمل لديهما وقتها رداً عليهما. فماذا عن إيقاف التحرش في أماكن العمل بطريقة فعالة؟

في القصة الأولى، وخلال عملي الناجح في شركة إعلامية، كنت أتعرض للتحرش من زميل رفيع المستوى سأشير إليه على أنه “الموجه ذي المآرب الأخرى”. وتحت ستار رغبته في مساعدتي في مسيرتي المهنية، كان يتودد لي. جلست مع المشرف الذي أثق فيه وشرحت له الوضع بصراحة فأخبرني أنني يجب أن ألجأ إلى العملية التي تفرضها الشركة لكي أتقدم “بشكوى رسمية”. ولكي أفعل ذلك، كنت مضطرة إلى الخضوع إلى مقابلة مع رجل من قسم الموارد البشرية مسؤول عن مراجعة الوضع علماً أنه لم يسبق لي أن التقيت بهذا الرجل من قبل أو رأيته البتة.

اقرأ أيضاً: إقناع الرؤساء التنفيذيين بجعل منع التحرّش أولوية

بعد مرور بضعة أيام، اضطررت إلى الذهاب إلى مبنى مختلف للخضوع لمقابلة مختلفة هذه المرة، مع إحدى المديرات في قسم الموارد البشرية. خلال تلك المقابلة، لم أعلم فقط أن هناك سيدة أخرى قد عبّرت عن مخاوف مشابهة بخصوص الشخص الذي يتحرش بي قبل عام فحسب، لكنني علمت أيضاً أن هذه المديرة في قسم الموارد البشرية كانت تربطها علاقة صداقة بهذا الموجه ذي المآرب الأخرى منذ أكثر من 20 عاماً. بعد بضعة أيام، طُلِبَ مني المرور بمكتب مدير في قسم الموارد البشرية للخضوع لمقابلة إضافية أيضاً. كانت العملية الرسمية هي مضيعة للوقت وانتهاك للإنسانية، وكانت الغاية منها هي إثنائي عن تقديم أي شكوى تحرش ثانية. بعد أن ساعدت المديرة في قسم الموارد البشرية “الموجه ذي المآرب الأخرى” في التغطية على سوء سلوكه، وعندما رفضت التنازل عن الشكوى، لم يُجدّد عقدي. ليس لدي الكثير من الإيجابيات لأقولها بخصوص الوقت الذي أمضيته في تلك الشركة. كانت تجربة صادمة لي.

وإليكم القصة الثانية. في وقت أبكر في مسيرتي المهنية، كنت قد عملت في إحدى وكالات بيع السيارات الراقية التي كان يعمل فيها مندوب مبيعات ناجح جداً (دعوني اسميه الرجل الوقح) اعتاد على ملامسة النساء في المكتب ممازحاً. في أحد الأيام، ذهبت أنا وزميلتي في المكتب بشكل عفوي إلى مكتب المشرفة علينا وذكرنا لها أننا نريد من هذا الرجل الوقح أن يتوقف عما يفعله. فما كان من المشرفة ببساطة إلا أن انتقلت إلى الجهة المقابلة في صالة السيارات حيث يقع مكتب مدير المبيعات وقالت له بكلمات مقتضبة: “هلا طلبت من الرجل الوقح من فضلك أن يتوقف عن ملامسة الفتيات؟” فما كان من مدير المبيعات وبلا أي تردد إلا أن استدعاه عبر مكبر الصوت الداخلي في الصالة وأمره بكل وضوح قائلاً: “توقف عن ملامسة الفتيات!” فرد الرجل الوقح قائلاً: “حسناً”. شكرنا مدير المبيعات. وتفرّق الجميع. وتوقفت الملامسة. وحُلت المشكلة. وتواصل نجاح مسيرتي المهنية في الشركة، التي قدّمت لها إسهامات كثيرة دون أي مشكلة أو أي ردود انتقامية. وأنا ما زلت أكنّ كل الاحترام لتلك الشركة حتى يومنا هذا.

إيقاف التحرش في أماكن العمل

شملت التجربتان بيئتين مختلفتين تماماً، لكن الذكور يهيمنون عليهما في مهنتين ذكوريتين تقليديتين في شركتين لديهما سياسات وتدريبات على مكافحة التحرش. في كلتا الحالتين كانت هناك عدة نساء عبّرن عن المشكلة ذاتها بخصوص زميل “نجم في عمله” كان أيضاً متحرشاً – وهو شخص كنا مضطرين إلى الاستمرار في العمل معه. في الحالة الأولى، فشلت المقاربة الرسمية التي تبنّتها الشركة الإعلامية إلى حد كبير لأنها عاقبتني على الإبلاغ عن المتحرش من خلال تعريضي إلى عملية طويلة الأمد وغير ضرورية مع أشخاص لم أكن أعرفهم أو أثق بهم، ناهيكم عن الإنهاء الفجائي لمستقبلي في الشركة عندما أصريت على إجراء عملية تحقيق منصفة. بينما كانت المقاربة غير الرسمية في وكالة السيارات، بالمقابل، سلسة وسريعة، ما جعلني أشعر بالارتياح وبأنني أحظى بالتقدير، فضلاً عن وضعها حداً للتحرش.

اقرأ أيضاً: ما أسباب عدم فاعلية الكثير من سياسات التحرش في المؤسسات؟

تكشف المقاربة الأولى حول إيقاف التحرش في أماكن العمل الكثير من عيوب الطريقة التي يتعامل بها العديد من أصحاب العمل مع التحرش. فالمشاكل اليومية بين الموظفين (مثل السلوك غير المفيد أو غير الاحترافي) يتعامل معها المشرف على الفريق؛ ولكن عندما تتضمّن مشكلة ما تحرشاً، فإن معظم الشركات تتجاوب معها بوصفها مشكلة قانونية، بحيث تسارع إلى المطالبة بتدخل قسم الموارد البشرية، وتتبع عملية ذات طابع شبه قضائي، كل تفاصيلها الدقيقة مدروسة، وهي غالباً ما تكون عملية متحيّزة. ونادراً ما تُظهر هذه العمليات التي تقودها أقسام الموارد البشرية اهتماماً كافياً بالموظفة التي تتعرض للتحرش، ونادراً ما تقود إلى حل المشكلة الفعلية. فأصحاب العمل عادة لديهم هم أساسي هو الحد من مسؤوليتهم القانونية. وفي العديد من الشركات، يشمل الرد البيروقراطي ترك المتحرش في منصبه، ما يؤدي إلى استمرار السلوك. خذوا مثلاً شركات “سي بي إس” (CBS)، و”إن بي سي” (NBC)، وجوجل: فكل واحدة من هذه الشركات لديها فريق كبير للموارد البشرية ودليل سياسات سميك، ومع ذلك وبحسب التقارير الإعلامية، فإن ليزلي مونفيس، ومات لاوير، وآندي روبين أمضيا كما زُعِم سنوات في التحرش بزميلاتهم في العمل دون أن يجدوا من يردعهم أو يضع لهم حداً.

أنماط الاستجابات

كيف يستجيب الناس عادة عندما يتعرّضون للتحرش؟ ليست هناك إجابة بسيطة. بالنسبة لمعظم الناس، هي عملية أكثر من أن تكون فعلاً أحادياً. وفيما يلي مسار الاستجابة المعتاد كما حدده الباحثون: التجاهل  التحاشي  المساعدة الذاتية  إخبار العائلة/ الأصدقاء  إخبار زملاء العمل  إخبار المشرفين/ قسم الموارد البشرية  الاتصال بمحامٍ أو بجهة حكومية.

اقرأ أيضاً: لماذا ما زال التحرش سلوكاً سائداً وكيف يمكن للشركات وقفه؟

يندرج كل فعل من هذه الأفعال ضمن فئة من ثلاث فئات: عدم الاستجابة، أو الاستجابات غير الرسمية، أو الاستجابات الرسمية.

تُعتبرُ “حالات عدم الاستجابة”، التي تشمل تجاهل المتحرش، أو التقليل من قيمة السلوك، أو ترك الشركة دون إخبار الناس بالسبب أكثر شيوعاً مما يعتقد المرء. ففي دراسة تعود إلى عام 2015، قال 32% من الناس الذين تعرضوا إلى تحرش شديد في مكان العمل أنهم لم يخبروا أحداً به، مقارنة مع 3% فقط رفعوا دعوى قضائية؛ بينما غادر 80% الشركة ببساطة في نهاية المطاف.

تشمل “الاستجابات غير الرسمية” السلوكيات التي تحاول معالجة المشكلة دون تقديم شكوى رسمية. ويتضمن ذلك مواجهة المتحرش (شخصياً أو خطياً)، أو التهديد بإخبار الآخرين، أو طلب المساعدة من أحد الشهود، أو استعمال الفكاهة والسخرية لنزع فتيل المشكلة.

“الاستجابات الرسمية” هي الاستجابات التي تخطر في بالنا عندما نسمع بالتحرش. وهي تشمل تقديم بلاغ إلى قسم الموارد البشرية، أو رفع شكوى إلى “هيئة الفرص المتساوية في التوظيف” (أو وكالة مشابهة على مستوى الولاية)، أو الاتصال بالشرطة (إذا كان السلوك إجرامياً)، أو الاستعانة بمحامٍ أو رفع دعوى مدنية.

كلما كان موقف الشركة ضد التحرش أقوى، وكلما كان المشرفون والزملاء أكثر دعماً، فإن ذلك يزيد من احتمال إبلاغكن رسمياً عن التحرش إذا ما حصل. وهذا ليس مفاجئاً. فالمشرف الداعم لا يريدك أن تعاني بصمت، والزملاء الطيبون لا يريدونك أن تضحي بنفسك نيابة عن الفريق من خلال عدم الإفصاح عن أي شيء. في الشركات النظامية المحترمة، ينتهك التحرش القواعد المكتوبة وغير المكتوبة التي تحددها ثقافة الشركة. وعندما يبدو أن الثقافة تتغاضى عن التحرش وتتسامح معه، فمن غير المرجح أن يلجأ الناس إلى تقديم الشكاوى. فعلى سبيل المثال، عملت مرة في مكتب محاماة حيث أخبرني مشرفي بشكل عرضي أن رئيس مجلس إدارة الشركة كان يشير إليّ أنني “الفتاة المثيرة”. بعد أن سمعت هذا الكلام، هل تعتقدن أنني أبلغت قسم الموارد البشرية أن مديري قد بدأ يعاكسني؟ لا.

تعتبر عمليات الإبلاغ الرسمي أكثر أشكال الاستجابات التي يختارها الرجال أو النساء ندرة، ومع ذلك فإن معظم الشركات تركز حصرياً على البلاغات الرسمية. لكن الأمر المعتاد هو أنه في حال تقدّم الموظف ببلاغ رسمي، فإن ذلك يعني أن السبل الأخرى قد استنفدت، أو أن التحرش شديد، كأن يكون قد أخذ شكل اللمس أو الإكراه.

ثمة سببان لندرة التبليغات الرسمية ألا وهما انتشار الانتقام والطبيعة المتقادمة لعمليات الإبلاغ الموجودة لدى معظم أصحاب العمل. فقد عمد العديد من أصحاب العمل ولعقود طويلة إلى إعادة تدوير ذات المقاربة التي عفا عليها الزمن وتنتمي إلى المدرسة القديمة على الرغم من التقدم المحقق في الأبحاث التي أكدت الإجراءات الناجحة والإجراءات غير الناجحة. وتشير هذه الأبحاث إلى أن المقاربات التي تنتمي إلى المدرسة الجديدة غالباً ما تكون أكثر فاعلية في الحيلولة دون حصول التحرش.

تعتبر عمليات الإبلاغ الرسمي أكثر أشكال الاستجابات التي يختارها الرجال أو النساء ندرة، ومع ذلك فإن معظم الشركات تركز حصرياً على البلاغات الرسمية.

مقاربة المدرسة القديمة

تنادي مقاربة المدرسة القديمة باتباع سياسة عدم التسامح المطلق مع التحرش. فالموظفون يجب عليهم أن يتقدموا بشكوى رسمية، وقد يشمل ذلك إجراء مقابلات مع الإدارة أو تقديم بيان خطي موقع يبيّن تفاصيل المزاعم، أو كلا الأمرين معاً. بعد تقديم البلاغ الرسمي، يقرر صاحب العمل ما إذا كان السلوك المزعوم يشكل تحرشاً؛ إذا كان كذلك، فإن التحقيق يبدأ. يُبلغ المتحرش وأي شهود، ويخضعون للمقابلة، وتُجمع الأدلة ذات الصلة. فقد يعمد صاحب العمل إلى مقابلة الموظفة المشتكية مجدداً أو يدعوها إلى تقديم الأدلة الداعمة. بعد انتهاء التحقيق، يقرر صاحب العمل ما إذا كان المتحرش قد انتهك سياسة الشركة أم لا، وما إذا كان المتحرش يجب أن يُعاقب وكيف. في بعض الأحيان، يحاول أصحاب العمل الذين يستعملون هذه المقاربة أن يظهروا بمظهر التقدميين من خلال تخصيص خط ساخن للمبلغين.

تتمتع مقاربة المدرسة القديمة ببعض المنافع – مثل السماح بقدر أكبر من المساءلة، وفرض عقوبات من أصحاب العمل، وتتبع المرتكبين الذين يكررون فعلتهم، واستعمال هيكلية محددة سلفاً. كما أن لها مساوئ مهمة: فهي لا تساعد في التقليل من التحرش، لأن العوائق المتكررة العديدة تثني الناس عن الإبلاغ. فقد لا ترغب السيدة التي تعاني من التحرش في أن يُعاقب المتحرش رسمياً، أو قد لا تحتاج إلى ذلك إذا كان التحرش ثانوياً، فهي ببساطة تريد للسلوك أن يتوقف. إضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات الروتينية العقيمة لهذه المقاربة لا تشجع الموظفين على طرح القضايا الحساسة والمزعجة عاطفياً. المؤسف في الأمر، هو أنه على الرغم من هذه العيوب وغيرها من العيوب المعروفة، إلا أن العديد من أصحاب العمل مازالوا لا يطبّقون إلا مقاربة المدرسة القديمة.

مقاربة المدرسة الجديدة من أجل إيقاف التحرش في أماكن العمل

توفّر المقاربة التقدمية خيارات أكثر – تكون عادة خيارات غير رسمية، ورسمية، ومغفَلة الاسم، وسرّية – لتقديم بلاغات بحالات التحرّش وحلّها. وفيما يلي بعض الأمثلة التي تستند إلى بحث أجراه كل من فرانك دوبين وألكساندرا كاليف، وحقيبة أدوات الحلول الخاصة بالتحرش التي وضعها عام 2018 معهد الدراسات الفكرية “نيو أميركا” (New America) الذي يمثل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في أميركا:

عوضاً عن سياسة عدم التسامح المطلق، تعرض السياسة التقدمية استجابات مناسبة للسلوك الإشكالي، من مساعدة الأطراف المعنية في المحافظة على علاقة عمل مهنية إلى إبعاد المتحرش المعتدي الذي يكرر فعلته من مكان العمل.

يسمح نظام الإبلاغ الإلكتروني السري للموظفة أن تطلب تجميد بلاغها حتى يتقدم شخص آخر بشكوى بحق الشخص ذاته الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى إيقاف التحرش في أماكن العمل بطريقة فاعلة.

يجوز للموظفين التقدّم بشكوى إلى أي مدير يرتاحون إليه. والمدير مفوّض إما بمعالجة المسألة رسمياً مع المتحرش أو رفع الأمر إلى موظفين معنيين بإجراء التحقيق.

هناك وسطاء خارجيون جاهزون لحل المشاكل بين الموظفين، بهدف ضمان التعاملين المهني والسلمي وليس العقاب.

ثمّة جهة خارجية أو مستقلة يُستعان بها للتحقيق في الشكاوى، وتقديم توصيات بالإجراءات والعقوبات، وتتبع الشكاوى، ومراقبة الأوضاع للتأكد من عدم حصول انتقام لاحق.

قبل طرد موظف بتهمة التحرش، يطبق اختبار الأجزاء السبعة المستعمل في حالة المظالم المقدمة إلى النقابات العمالية لتحديد ما إذا كان الطرد فعلاً مناسباً أم لا. يراجع الاختبار عدة أشياء من بينها ما إذا كان الموظف قد تلقى تحذيراً كافياً، وما إذا كانت المزاعم قد استقصيت في تحقيق منصف وموضوعي أم لا.

تثبت مقاربات المدرسة الجديدة في معالجة التحرش جدواها، ولاسيما لأنها تمنح الموظفين خيارات لحل المسألة. فهي تساعد في ضمان أن تكون العملية منصفة، وأن تكون النتيجة عادلة.

التعامل مع ردود الأفعال السلبية

حتى لو عملت سيدة ما تعاني من تحرش لدى صاحب عمل يطبّق أفضل مقاربات المدرسة الجديدة، تذكري أن الموظفة المعرضة للتحرش لا تتعامل مع سياسات فقط وإنما مع بشر أيضاً، وجميعهم لديهم تجاربهم وتحيزاتهم الشخصية. فبعض الأفراد يتفاعلون مع التحرش من خلال إبداء التعاطف مع الضحية والمشاركة العاطفية؛ في حين أن أفراداً آخرين لا يتفاعلون بهذه الطريقة. وعندما يحاول الأشخاص الذين تعرّضوا للتحرش اتخاذ قرار بخصوص الاستجابة ويفاضلون بين عدم الاستجابة، أو الاستجابة غير الرسمية، أو الاستجابة الرسمية، فإنني أحثهن على الاستعداد لمواجهة ردود الأفعال السلبية المحتملة من المشرفين، وموظفي الموارد البشرية، والزملاء غير المتعاطفين، وهي ردود أفعال شائعة جداً. وفيما يلي بعض الأمثلة:

عدم التصديق. ثمة عدد كبير من النساء اللواتي لا يبلغن عن التحرش خشية عدم تصديقهن. يكافح أصحاب العمل اللائقون هذا الأمر من خلال تدريب من يتلقون البلاغات على إظهار التعاطف والرحمة. فإذا ما كان الشخص الذي يستلم البلاغ منك يفتقر إلى تلك المهارات، أو إذا بعث برسالة مفادها أنه لا يصدّق ما تقولينه، فإنك لا يجب أن تشعري بالردع. أنت تعلمين الحقيقة، ولا أحد يستطيع أن يصادرها منك. أنت لا تحتاجين إلى شخص يصدقك؛ أنت بحاجة إلى إنسان منفتح وحيادي. إذا كان تفاعلك الأول مع هذا الشخص يوحي أن الحال ليس على هذا النحو، ادرسي احتمال طلب إيكال مهمة استلام بلاغك والتحقيق فيه إلى شخص آخر. إذا لم يكن لك ما أردتِ، يجب أن تصري على تقديم البلاغ في جميع الأحوال. قد يكون لديك أيضاً خيار اللجوء مباشرة إلى “هيئة الفرص المتساوية في التوظيف” أو أي وكالة مشابهة لتقديم شكوى.

الإنكار. ينكر بعض أصحاب العمل شكاوى التحرش على الفور، رغم أن هذا السلوك بات أقل شيوعاً بعد أن اكتسبت حركة #أنا_أيضاً (MeToo#) زخماً كبيراً. ويشكّل ذلك انتهاكاً لأي سياسة تعد بالتعامل السريع والمنصف مع الشكاوى. فإذا ما خضع بلاغك للتجاهل، ربما يجب أن تصري على الحديث مع شخص آخر، أو أن تقدمي شكوى مفصلة بصيغة رسالة تسرد الأحداث كما وقعت، أو أن تلجئي إلى هيئة حكومية.

الانتقام. يُعتبرُ الانتقام أمراً غير قانوني، ومع ذلك فإنه يحصل في 75% على الأقل من الحالات التي يُبلغ فيها عن حصول تحرّش: فالموظفة المشتكية تتعرض إلى تخفيض رتبتها الوظيفية، أو توضع في مواعيد نوبات عمل سيئة، أو تُطرد، أو تتعرض للاعتداء أو للمزيد من التحرش. وعندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الانتقام، ادرسي فكرة إبلاغ الإدارة العليا أو الذهاب مباشرة إلى وكالة حكومية. مهما كان الإجراء الذي تتخذينه، وثقي أي انتقام تتعرضين له، تماماً كما توثقين التحرش، وادرسي فكرة استشارة محامٍ.

يجب على كل سيدة تتعرض للتحرش في مكان العمل أن تقرر كيف تتجاوب مع ذلك من أجل إيقاف التحرش في أماكن العمل بطريقة صحيحة. ونظراً لردود الأفعال السلبية المحتملة، أنا أوصي الأفراد المعنيين أن يتأملوا هذه الأسئلة الأساسية عندما يقررون كيف سيبلغون صاحب عمل ما بتحرش حصل وما إذا كانوا يريدون إبلاغه أصلاً. هل ينتهك السلوك الذي تتعرضين له سياسة الشركة أو القانون؟ هل حصل أكثر من مرة واحدة؟ هل حاولت معالجة الوضع بطريقة غير رسمية، أو هل هذا الشيء ممكن أصلاً؟ هل لديك أي وثائق أو شهود، أم أن الوضع ليس أكثر من قيل وقال؟ هل هناك شخص آخر يعاني من المشكلة ذاتها؟ ما مدى قوة صلات المتحرش، وهل هو شخص ناجح أم لا، وما أوجه الشبه بين مكانتك ومكانته في الشركة؟ هل تعلمين كيف تجاوبت شركتك في السابق مع شكاوى التحرش الرسمية، وهل تعلمين ما إذا كان الأشخاص الذين قدموها قد عوملوا معاملة جيدة؟ هل تشعرين أنك ستكونين مضطرة إلى مغادرة وظيفتك إذا لم يتوقف السلوك؟ إذا تقدمت بشكوى رسمية، هل أنت مستعدة لمواجهة خطر عزلك أو إجبارك على ترك الوظيفة على سبيل الانتقام؟

وفي نهاية الحديث عن كيفية إيقاف التحرش في أماكن العمل بطريقة فعالة لا تحصل عمليات الانتقام والعزل في أعقاب بلاغات التحرش مباشرة. وبما أنها تحصل غالباً، فمن الضروري بمكان أن تطرحي على نفسك هذه الأسئلة الأساسية، لأن بعض أصحاب العمل لا يستثمرون استثماراً صادقاً في وضع حد للتحرش.

اقرأ أيضاً: لماذا تعطي برامج مكافحة التحرش نتائج عكسية؟ وكيف يمكن حل هذه المشكلة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .