لماذا لن تتوقف أبداً عن إيجاد الهدف من عملك؟

3 دقائق
إيجاد الهدف من عملك

هل تكره الذهاب إلى المكتب صباح يوم الأحد؟ ربما أن مديراً جديداً قد ظهر في الصورة وتسبب في إحداث فارق بين ما كنت تشعر به سابقاً وما تشعر به الآن، أو لعل شركتك خضعت للاستحواذ حديثاً وتغيرت ثقافتها، أو ربما تشعر أنك صرت أكبر من المهام الموكلة إليك، وتكاد تبكي من شدة الملل في مكتبك.

لقد اكتشفت أن استمتاعنا بعملنا يعود إلى مدى تماشي وظائفنا مع شعورنا بالهدف. أين نعمل، وما دورنا، وشعورنا بالهدف، كلها أمور قابلة للتغير. ولهذا إذا أردنا أن نبقى في "نقطة التقاء" هذه المعايير الثلاثة، علينا ألا نخشى التحولات المهنية أو التغيير في حد ذاته، بل علينا أن نسعى وراءه. وبذلك يمكننا إيجاد الهدف من العمل.

الشعور بالهدف لتحقيق الرفاهة المهنية

لا بد من الشعور بالهدف في حياتنا لتحقيق الرفاهة والسلامة. فقد وجد الباحثون في دراسة طولية، أن الأشخاص الذين يُظهرون شعوراً بالهدف في حياتهم، تقل خطورة تعرضهم للموت بنسبة 15%. ولشعورنا بالهدف في أدوارنا العملية ووظائفنا نفس الأهمية، إلا أن إيجاد ذلك الشعور بالهدف لا يكون لمرة واحدة فحسب، بل عليك أن تواصل إيجاده والعثور عليه مع تغيُّر الظروف (وتغيُّرك).

في وصفها للاستمرار في رحلة التعلّم هذه، تقول "سيلين شيلينغر" -المسؤولة التنفيذية في قسم "سانوفي باستير" (Sanofi Pasteur)- "أنا حذرة ومنتبهة وأدرك أنني لم أربح المعركة بعد. لن أقع في شِرك الرضا بالوضع الراهن، ومهما حدث سأواصل صقل مهاراتي والعمل على نفسي". في 2001، حصلت "شيلينغر" على وظيفة في فرنسا في شركة "سانوفي" للأمصال، وشغلت بعد ذلك مناصب في الموارد البشرية وتطوير المنتجات وإشراك أصحاب المصلحة والمعنيين. ثم انتقلت إلى بوسطن في الولايات المتحدة في عام 2015 لتُركّز على الابتكار في الجودة. قالت لي: "سأعرّف نفسي كشخص لا يزال قيد التطوير"، فأنا أحاول دائماً أن أثري خبرتي بإضافة مهارات جديدة لها أينما ذهبت. أجرّب الأدوار التي أتولّاها، وأخرج عما ألِفته وأشعر براحة فيه لأكتسب في النهاية معرفة جديدة من كل موقف".

توضح قصة "شيلينغر" أنك لست مضطراً إلى ترك شركتك لتحافظ على تطورّك، ولكن أحياناً تظهر الحاجة إلى تغيير جذري. تأمّل قصة "مانا يونسكو". لقد عملت بجد واجتهاد لتترقى في المناصب في شركة أميركية كانت تعمل لصالحها، وكانت على وشك أن تتولى منصب المدير، لكن "يونسكو" ملّت طبيعة عملها القائم على المعاملات التجارية، حيث لا مجال للإبداع والإلهام الحقيقي. قالت: "لا بد أن تكون حياتي العملية هادفة أكثر من مجرد الجلوس وكسب المال دون صنع أي أثر". وهكذا قررت ترك مؤسستها وأنشأت "لايت سبان ديجيتال" (Lightspan Digital)، وهي شركة تسويق رقمي مقرها في شيكاغو، وتتخصص في التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وعبر المحتوى. أدركت "يونسكو" أن عليها الإمساك بزمام حياتها الشخصية وحياتها العملية معاً، ومنذ ذلك الوقت صارت تعيش وتعمل وهي تتحلى بروح الشعور بالهدف.

كيفية إيجاد الهدف من عملك

يعود لكل منا قرار تحديد توقيت القيام بتلك القفزة.

جرّب هذا التمرين. في نهاية يوم العمل، اكتب كم من الوقت تقريباً قضيت بكل من العقليات الثلاثة التالية:

  • عقلية الوظيفة. عندما تغلب عقلية الوظيفة، يلجأ الأشخاص إلى "التفكير في الراتب"، ويؤدون واجباتهم في انتظار المقابل ليس إلا.
  • عقلية الحياة المهنية. تغلب هذه العقلية عندما يكون تركيز الشخص على زيادة أو رفع راتبه أو لقبه أو قوته أو حجم فريقه أو مجال سيطرته.
  • عقلية الهدف. تتمثل السمات المميزة لهذه العقلية في الشعور بالشغف والابتكار والإصرار وكذلك التركيز المنفتح على خدمة مؤسسة أكبر أو أصحاب المصلحة الرئيسيين. وبهذه العقلية، ستشعر بأن هدفك المهني يتماشى مع هدفك الشخصي.

احتفظ بسجل لأسبوعين وانظر هل تمسّكت بواحدة من هذه العقليات أكثر من غيرها؟ إذا كانت الغلبة لعقليتي الوظيفة والحياة المهنية بنسبة تفوق 50% من وقتك، فقد يكون هذا تحذيراً لك كي تعيد النظر في أهدافك الشخصية وتعاود تحديدها.

لا أحد يعيش بعقلية الهدف طيلة الوقت، لكن قضاء الكثير من الوقت في عقلية الحياة المهنية أو الوظيفة مُدمّر: فحتماً ستصبح غير راض عن وظيفتك، وقد تؤذي هاتان العقليتان في النهاية سُمعتك وفرص الترقية وآمالك على المدى البعيد. بينما ينبغي علينا جميعاً أن نعمل على التطور والنمو، إلا أن التركيز لمدة طويلة على حياتك المهنية أو راتبك قد يؤدي إلى سلوكيات سيئة مثل التنمر والأنانية أو محاولة السيطرة بجنون على غيرك. قبل أن تجد نفسك في هذا المأزق، ابحث عن دور جديد -وربما مؤسسة جديدة- لتعيد موازنة معادلتك.

إذا لم تكتب قط بياناً شخصياً بأهدافك، فقد حان الوقت لأن تفعل ذلك. هذا البيان هو عبارة عن جملة بسيطة عن كيف قررت أن تعيش كل يوم. احرص على أن يكون البيان مختصراً ومحدداً ومعبراً ولا يحتوي على مصطلحات صعبة. يجب أن تكون جملتك شخصية وتجمع بين أفكارك واهتماماتك وطموحاتك الأساسية. هذه جملتي على سبيل المثال: "لم نأت إلى هنا لكي يرى كل منا من خلال أعين الآخرين، بل لكي ندعم بعضنا بعضاً".

خذ في اعتبارك الأنواع الثلاث للهدف: الهدف الشخصي والهدف الوظيفي والهدف المؤسسي، لكن لا تنتقص من هدفك الشخصي، فهذا خطأ شائع وفقاً لـ "إيلانغوفان"، الأستاذ بجامعة فيكتوريا، فقد قال لي:"على عكس الهدف المؤسسي والوظيفي بصفة خاصة، عندما يعمل العديد من أصحاب المصلحة على تشكيل النتائج، أنصح ببذل الجهد ذاته -أو أكثر- في تحديد أهدافنا الشخصية".

الحياة قصيرة، وأنت تستحق أن يكون لك دور في مؤسسة تتألق فيها أهدافك الشخصية. لكن لا يمكنك أن تترك تحديد هدفك ووضعه للمؤسسة أو لمديرك أو لفريقك، فهذا دورك أنت.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي