مؤسس موقع “تشيوي دوت كوم” يتحدث عن إيجاد التمويل لتحقيق التوسع

9 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يعتقد معظم الأشخاص أن ذروة حياتي المهنية كانت يوم 18 أبريل/ نيسان من عام 2017، عندما دفعت شركة “بتسمارت” (PetSmart) مبلغ 3.35 مليار دولار أميركي لشراء موقع “تشيوي دوت كوم” (Chewy.com)، وهو متجر لبيع الحيوانات الأليفة بالتجزئة شاركتُ في تأسيسه قبل ست سنوات. ومما لا شك فيه أن ذلك اليوم كان عظيماً. إذ إنه كان ثمرة الحلم الذي ظل يراودنا والجهود الكبيرة التي كنا نبذلها. ولكن صدّقوا أو لا تصدّقوا، فثمة صفقة أخرى كانت أكثر أهمية بالنسبة إليّ.

وقد جرت تلك الصفقة يوم 29 سبتمبر/ أيلول من عام 2013. حيث إنني أطلقت قبل ذلك التاريخ بعامين، بالاشتراك مع مايكل داي، موقع “تشيوي دوت كوم” اعتماداً على مالنا الخاص وبعض القروض الصغيرة، بيد أن رؤيتي كانت تتمثل في إنشاء مشروع تجاري كبير، وقد كنتُ أعلم أن ذلك سيتطلب رأسمال كبير لتمويل النمو المتوخى. وقد طلبنا التمويل من عشرات من شركات رأس المال الاستثماري المغامر (أو ما تسمى بشركات رأس المال الاستثماري الجريء)، بل إنني سافرت إلى منطقة سيليكون فالي من مقرنا في جنوب فلوريدا وجُبتُ شارع ساند هيل، المكتظ بشركات رأس المال المغامر، شركةً بعد شركة وأنا أشرح السبل الكفيلة بنجاح موقع تشيوي عن طريق إسعاد الزبائن وإدارة عمليات عالية الكفاءة. ولكن قوبلنا بالرفض من الجميع.

وكان لاري تشينغ، من شركة “فوليشن كابيتال” (Volition Capital)، أحد هؤلاء الأشخاص الذين عرضنا عليهم تمويل شركتنا. حيث قابلناه أول مرة في عام 2012 حين كان في طريقه إلى منتجع “ديزني وورلد” (Disney World) برفقة أسرته، ووافق على القيام بزيارة سريعة إلى مكتبنا. وأتذكر أنه سألني قائلاً: “مَن الذي سيقود هذه الشركة لتحقيق مبيعات مقدارها مائة مليون دولار؟”. وقد كنتُ حينئذٍ في السادسة والعشرين من عمري وربما كنت أبدو أصغر سناً، بيد أنني أجبته بثقة قائلاً: “أنا”. ومع ذلك، فإن لاري لم يقرر الاستثمار في  شركتنا.

إلا أنه عاد بعد نحو ستة أشهر ووافق على تمويلنا. إذ إننا تخطينا التوقعات التي كنا قد أخبرناه بها سابقاً فيما يتعلق بالمبيعات، وقد كان مبهوراً. وبعد بضعة أيام، وقّع على عقد استثمار في موقع “تشيوي” قيمته 15 مليون دولار. وأشاع ذلك الانتصار في نفسي شعوراً بالرضا كان أكبر من الفخر الذي شعرت به في أعقاب صفقة بيع الموقع النهائية البالغة مليارات الدولارات. إذ إنه بعد عامين من تأسيس موقع “تشيوي”، وبعد مئات المناقشات التي خضتها مع شركات رأس المال الاستثماري المغامر التي لم تؤتِ أكلها، فقد وجدت في نهاية المطاف شخصاً آمن بي وبنموذج العمل الذي نتبعه، فقد أقر لاري بصحة فكرتنا. ومنذ ذلك الحين فصاعداً، أصبحت المهمة أكبر حجماً. فقد أصبحت أكثر التزاماً تجاه جعل موقع “تشيوي” رائداً في هذا القطاع، لأن رأسمال الشركة الذي أضحى على المحك الآن لم يعُد مالنا الخاص فحسب. وقد أقدم لاري على مخاطرة من أجلنا. وشعرتُ أن ذلك يضع على عاتقي مسؤولية كبيرة.

خضتُ كل جولة من جولات التمويل التالية، بما في ذلك عملية الاستحواذ بواسطة شركة “بتسمارت” بالطريقة نفسها، أي من خلال تحقيق مبيعات مبشرة وتفوق التوقعات. فقد كانت رسالة شركتنا واضحة ومباشرة، وتتمثل في التالي: “إنشاء شركة لبيع مستلزمات الحيوانات الأليفة بالتجزئة تكون الأفضل في مجالها وتتمحور كليةً حول الزبائن”. كما أننا أردنا أيضاً أن نجعل مساهمة أي شخص دعمنا مساهمة رابحة بالنسبة إليه.

اعتزمنا إنشاء شركة لبيع مستلزمات الحيوانات الأليفة بالتجزئة تكون الأفضل في مجالها وتتمحور كليةً حول الزبائن، كما أننا أردنا أيضاً أن نجعل مساهمة أي شخص دعمنا مساهمة رابحة بالنسبة إليه.

تحوّل مبكر

كنت أعمل في مجال تطوير المواقع الإلكترونية منذ أن كنت في الثالثة عشر من عمري، عندما بدأت أؤسس مواقع إلكترونية لأفراد العائلة ولمشروعات تجارية محلية. ثم انتقلتُ إلى العمل في مجال التسويق بالعمولة. وقد التقيتُ بمايكل في إحدى غرف الدردشة عبر الإنترنت التي تناقش تصميم المواقع الإلكترونية والبرمجة الحاسوبية. توافقت آرائنا معاً في الحال وشرعنا في الحديث بشأن التعاون بيننا في بدء عمل تجاري.

لطالما أردت تأسيس شركة تعمل في مجال التجارة الإلكترونية، لذا اتفقنا على ما اعتقدنا أنه فكرة رائعة في قطاع مواتٍ للزعزعة، وهو قطاع بيع المجوهرات عبر الإنترنت. حيث أسسنا الموقع ووضعنا أنظمة توصيل الطلبات واشترينا مخزون من المجوهرات، بل ووضعنا خزانة في المكتب لتخزين المجوهرات.

بيد أنه قبل أسبوع من الموعد المقرر لبدء العمل، أتتني لحظة إلهام. حيث كنت في متجر محلي للحيوانات الأليفة مع كلبتي الصغيرة “تايلي”، أسأل صاحب المتجر بشأن أكثر غذاء صحي بوسعي شراؤه لها. وتلك كانت اللحظة التي أدركت فيها أنني كنت على وشك الدخول في غمار المشروع التجاري الخاطئ. حيث إنني لم أكن أهتم كثيراً بالمجوهرات، بيد أنني، على غرار الكثير من أصحاب القطط والكلاب الذين أعرفهم، كنت مولعاً بشأن ما أشتريه لكلبتي تايلي. كان قطاع الحيوانات الأليفة ضخماً ومتنامياً، وينتقل من صفته سوقاً عامة إلى سوق متخصصة. وكان من الواضح وجود فرص هائلة في هذا القطاع.

لذا، وعلى الرغم من أننا كنا على بُعد أسبوع فحسب من البدء في مشروعنا التجاري في مجال بالمجوهرات، اخترنا مساراً آخر. حيث بِعنا جميع الخواتم والقلائد والأساور والخزانة، وبدأنا تعلّم كل شيء بوسعنا تعلّمه بشأن سوق الحيوانات الأليفة. وأسسنا موقعاً إلكترونياً جديداً. وعثرنا على موزع محلي وأقمنا شراكة مع شركة طرف ثالث تقدم الخدمات اللوجستية. وفي يونيو/حزيران من عام 2011، أطلقنا مشروعنا التجاري. وانتقلنا، في غضون ثلاثة أشهر فحسب، من لحظة الإلهام التي أتتني في متجر الحيوانات الأليفة إلى إدارة مشروع تجاري لتوفير مستلزمات الحيوانات الأليفة.

يسألني الأشخاص أحياناً عما إذا كنت قد شعرتُ بالقلق من السير على خطى الموقع الإلكتروني “بتس دوت كوم” (Pets.com) الذي أغلق في عام 2000 في إحدى أشهر إخفاقات “فقاعة الدوت كوم” (dot-com bubble). وواقع الأمر أنني لم أقلق بهذا الشأن. فمن ناحية، كنت أبلغ من العمر خمسة عشر عاماً عندما أعلنت الشركة إفلاسها، لذا لم أكن على دراية كبيرة بالقصة. ومن ناحية أخرى، فقد كان موقع “بتس دوت كوم” موجوداً في وقت كان معظم الأشخاص يتصلون بشبكة الإنترنت بواسطة خط هاتفي ولم يكونوا يشعرون بالارتياح لإجراء عمليات شراء عبر الإنترنت. بيد أنه بحلول الوقت الذي بدأنا فيه شركتنا، كانت التجارة الإلكترونية أمراً اعتيادياً لمعظم المستهلكين.

كما أنني تلقيتُ أيضاً أسئلة بشأن شركة “أمازون، التي كانت بالطبع منافساً حقيقياً. حيث إنها تتمتع ببنية تحتية مدهشة وعلاقات راسخة مع الزبائن والموردين ورأسمال طائل. ولكن كنت أعلم أن الشركات الأخرى، بما في ذلك شركة “زابوس” (Zappos)، التي استحوذت عليها فيما بعد شركة “أمازون”، وشركة “واي فير” (Wayfair) قد حققت النجاح في فئات محددة من المنتجات. وكان السر وراء نجاحها هذا هو تقديم تجربة متميزة للزبائن. لذا اعتقدتُ أنّ بوسعنا القيام بشيء مماثل في مجال مستلزمات الحيوانات الأليفة.

ونظراً لمحدودية الموارد التي كانت بحوزتنا، فقد شغلنا المناصب التنفيذية العليا في شركتنا بأنفسنا. حيث توليتُ منصب الرئيس التنفيذي، وشغل مايكل منصب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا، وعمل صديقي القديم آلان عطال في منصب الرئيس التنفيذي للعمليات. وكنا نعلم أن تقديم خدمة رفيعة للزبائن يجب أن يكون إحدى كفاءاتنا الرئيسة إذا ما أردنا تقديم التجربة نفسها التي حظيت بها شخصياً في متجر مستلزمات الحيوانات الأليفة في الحي الذي كنت أسكنه. لذا، فقد كان على رأس أولوياتنا بناء فريق للرد على المكالمات الهاتفية والدردشة المباشرة ورسائل البريد الإلكتروني لكي يتسنى لنا التوقف عن القيام بهذه المهمة بأنفسنا.

منذ اللحظة الأولى أعدنا استثمار كل أموالنا التي حققناها من عمليات مشروعنا التجاري، بيد أننا احتجنا، في نهاية المطاف، مخزوناً مالياً أكبر قدّمته لنا شركات رأس المال الاستثماري المغامر. وقد وجدنا أخيراً، بعد أشهر من البحث، لاري وشركة “فوليشن” لتمويل شركتنا.

التوسع

أتممنا جولة التمويل من الفئة “أ” في يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول عام 2013، ولن أنسى ما حييت اللحظة التي أودِعت فيها الأموال في حسابنا المصرفي. فعلى الرغم من أننا وقّعنا مذكرة الشروط، كنت ما أزال متشككاً بعض الشيء من أن الأمور ستسير على ما يرام. بيد أن الأمر أضحى حقيقياً عندما رأيت تأكيد التحويل المالي.

وأضحى بوسعنا، مع امتلاكنا هذا المال، الاستثمار في تطوير الأنظمة والتقنيات والفرق اللازمة للتوسع. كما أصبح بمقدورنا التخزين والشحن محلياً. وقد كنا ندرك بالفعل أننا إذا ما أردنا تأسيس عمل تجاري تبلغ قيمته مليارات الدولارات، فإن استيفاء طلبات الزبائن يجب أن يكون إحدى الكفاءات الرئيسة التي نتميز بها.

ريان كوهين مع كلبته الصغيرة، تايلي، في مدينة ميامي.

وقد أخبرَنا الاستشاريون أن بناء مستودع من البداية سيستغرق عاماً ونصف العام. لكن لم يكن لدينا ذلك المتسع من الوقت في ضوء معدلات نمونا التي كانت تبلغ 300% عاماً بعد عام. ولم تستطع الشركة التي تقدم لنا الخدمات اللوجستية مواكبة وتيرة طلبات الزبائن، لذا فقد أخذت تجربة الزبائن في التدهور. وتعيّن علينا السيطرة بقدر أكبر على مجرى الأمور، وعلى وجه السرعة. وكنا نعلم أنه يتعين علينا القيام بهذا التحول في غضون بضعة أشهر.

وبدأنا، في فبراير/شباط من عام 2014، في استكشاف المواقع المحتملة لبناء المستودع، بالتركيز على الجزء الشمالي الشرقي من الولايات المتحدة نظراً لأن الكثير من سكان البلاد يقطنون هذه المنطقة. وكان من شأن الموقع الذي وقع عليه اختيارنا، وهو مدينة ميتشانيكسبورغ في ولاية بنسلفانيا، أن يتيح لنا تقديم خدمة توصيل الطلبات بسرعة كبيرة إلى الزبائن في منطقة الولايات الثلاث: كونيتيكت ونيويورك ونيوجرسي، ذات الكثافة السكانية العالية. وبحلول صيف ذلك العام، افتتحنا مبنى تبلغ مساحته 400 ألف قدم مربع ويعج بأطعمة الكلاب والقطط والأقفاص والمقاود (السلاسل) وصناديق الفضلات والدُمى والهدايا.

وعلى الرغم من أننا تمكنّا من إنشاء المستودع وتشغيله في أقل من ستة أشهر، لم يكن الأمر قطعاً بتلك السهولة. فكل الأشياء التي كان يمكن أن تسوء قد سارت على هذا النحو فعلاً، إذ إننا لم نستطع توظيف أشخاص للعمل في المستودع بالسرعة الكافية، وعندما وجدنا الموظفين أخيراً، كانت القارئات الضوئية تصاب بعطب ما، أو يمكن أن تتعطل شبكة الإنترنت اللاسلكية أو نظام إدارة المستودع. فقد كنا نتصدى لمشكلة تلو الأخرى طوال اليوم على مدار الأسبوع إلى أن أصلحنا جميع مكامن الخلل.

كما أننا ركزنا أيضاً بشدة على التسويق. وقد اقتصر استثمارنا تقريباً، منذ اليوم الأول، على إعلانات الاستجابة المباشرة، بحيث يمكننا تتبّع كل دولار ننفقه، ولم ننتهج أسلوب موقع “بتس دوت كوم” فيما يتعلق بالإعلانات التجارية في المباراة النهائية لدوري كرة القدم الأميركية “سوبر بول” (Super Bowl). فقد توسعنا من خلال الاستثمار في فريق العمل والعمليات لجذب الزبائن المناسبين بالتكلفة الملائمة على نحو أكثر فعالية. وكانت الآلية التي تحكم نمونا هي التدفقات النقدية الحرة. وازدادت مبيعاتنا بأكثر من الضِعف لترتفع من 205 مليون دولار في عام 2014 إلى 423 مليون دولار في عام 2015.

وأدى موظفونا الجدد دوراً كبيراً في توسع الشركة. فقد أدركت في وقت مبكر الحاجة إلى استثمار وقتي بكفاءة والتركيز على عمليات التوظيف، حيث كان تعيين الموظفين يشكل تحدياً في البداية. وقد قضيتُ، ومعي آلان، ساعات لا تُعد ولا تحصى في التواصل مع المتقدمين للوظائف على موقع “لينكد إن” لنوضح لهم مدى السرعة التي تنمو بها شركتنا وما نخطط لتطويره، بيد أن 98% من هؤلاء المرشحين لم يكلفوا أنفسهم عناء الرد.

ومن المدهش أن هذا الأمر قد اتضح أنه وسيلة انتقاء مفيدة لنا في هذا الصدد. حيث إن نسبة الـ 2% من المتقدمين للوظائف الذين ردوا علينا كانوا أشخاصاً يؤمنون بمشروعنا فعلاً وبالعمل الجماعي وبناء الأعمال وتنميتها، وكانوا متحمسين حيال هذه الفرصة ويرغبون في تحقيق النجاح. وقد كنا نوظف الأشخاص الذين يتحلّون بالشغف. حيث تخلى الكثيرون عن وظائفهم الثابتة وانتقلوا مع عائلاتهم من شتى أنحاء البلاد للانضمام إلينا. وكانت تلك تضحية كبيرة لم نستخف بها أبداً.

وفي نهاية الأمر، فقد استقطبنا ست جولات من التمويل بإجمالي أكثر من 350 مليون دولار من شركات “تي رو برايس” (T. Rowe Price) و”بلاك روك” (BlackRock) و”جرين سبرنغ” (Greenspring) و”لون باين” (Lone Pine) “فيرلين فيست” (Verlinvest) والمصرف الاستثماري “ألين آند كومباني” (Allen & Company).

بلوغ المستوى التالي

بلغت إيراداتنا 901 مليون دولار في عام 2016، وكانت تزداد بنسبة 100% عاماً بعد عام. وهذا ما دفعنا إلى التفكير بشأن إجراء اكتتاب عام أوّلي لاستقطاب الجولة التالية من التمويل. فقد كان لدينا حوالي 7,000 موظف وستة مستودعات، وثمة خطط لإضافة مستودعين آخرين في غضون الاثني عشر شهراً المقبلة. وهو ما يعني أن الشركة، من منظور تشغيلي واستراتيجي، كانت قوية.

وبينما كنا نتهيأ للاكتتاب العام الأولي، خاطبتنا شركة “بيتكو” (Petco)، إحدى أكبر شركات البيع بالتجزئة في قطاع مستلزمات الحيوانات الأليفة، بشأن إجراء عملية اندماج بين الشركتين. وحيث إنها لم تستوف شروطنا، فقد انتهى الأمر بشكل ودي وذهب كل منّا في حال سبيله.

وفي مطلع عام 2017، تواصلت معنا أيضاً شركة “بتسمارت”، المنافس التقليدي الأساسي لشركة “بيتكو”. حيث تلقيت رسالة بريد إلكتروني من ريموند سفيدر، وهو شريك في شركة “بي سي بارتنرز” (BC Partners) ويرأسها، وهي مجموعة مساهمة خاصة كانت قد أكملت استحواذها على شركة “بتسمارت” في مارس/آذار من عام 2015. حيث أبلغني ريموند في رسالته برغبته في شراء شركة “تشيوي” ويود التحدث معي في هذا الشأن. وكنتُ قد التقيت به في السابق، بيد أننا لم نكن نعرف بعضنا البعض بشكل وثيق.

كانت شركة “بتسمارت” أحد أكبر منافسينا، لذا فقد شرعنا في الأمر بحرص وحذر. وأوضحت لهم أننا نُعد العدة لإجراء اكتتاب عام أولي، لذا فإننا نتوقع الحصول على سعر محدد وفقاً لنموذج الشركات المساهمة العامة والذي تُدفع قيمتها الكاملة نقداً. وفي ضوء الديناميات التنافسية، لم نكن لنتخلى عن معلوماتنا السرية والبدء في اتباع الإجراءات المطوّلة لطرح الاكتتاب. لذا، أخبرت سفيدر أنه إذا كان يود القيام بعملية الاستحواذ، فيجب عليه الإسراع في إتمام الأمر. ومما يُحسب له أنه قد فعل ذلك. حيث وقّعنا، في أبريل/نيسان من عام 2017، اتفاقية بيع الشركة في صفقة بلغت قيمتها 3.35 مليار دولار. ومثّلت هذه الصفقة أكبر عملية استحواذ في مجال التجارة الإلكترونية في التاريخ.

وقد كانت الصفقة مصدر سعادة للمستثمرين في شركتنا أيضاً. حيث إن المكاسب التي حصل عليها المستثمرون الأوائل في الشركة كانت ضخمة، كما جنى المستثمرون في المراحل اللاحقة أرباحاً طائلة. وقد أفضى الاستثمار في شركة “تشيوي” إلى خلق الكثير من الوظائف، وإنني لأشعر بالفخر بذلك. فقد وثق هؤلاء المستثمرون بي وبرؤيتي، وبدوري كافأتهم بهذه العائدات التي حصلوا عليها. وسيتحقق الأمر نفسه عما قريب بالنسبة إلى شركتَي “بي سي بارتنرز” و”بتسمارت”.

واستمرت إيرادات شركة “تشيوي” في التزايد بعد عملية الاستحواذ وبلغت 3.5 مليار دولار في عام 2018، بينما تقلصت خسائرها إلى 267 مليون دولار. وفي يونيو/حزيران من عام 2019، حوّلت شركة “بتسمارت” شركة “تشيوي” إلى شركة تُطرح أسهمها للتداول العام تبلغ قيمتها ما يقارب 9 مليارات دولار، وهو رقم يقترب من ثلاثة أضعاف السعر الذي بيعت به الشركة قبل عامين فحسب.

تركتُ الشركة في مارس/آذار من عام 2018. ولم يكن ذلك القرار سهلاً، لكنني شعرت أنني قد حققت كل ما اعتزمت تحقيقه. فقد كانت الشركة في وضع جيد وأساسها قوياً وذات رؤية واضحة. بيد أنني لم أعد أسيطر عليها بالكامل. ولم أكن أرغب أن أكون مديراً، فأنا شخص يؤسس الشركات ولستُ مديراً. وبذلك فقد انتهت مهمتي.

وعندما أعود بذاكرتي للتفكير بشأن السبب الذي جعل استقطاب الأموال للمساعدة في نمو الشركة أحد أهم لحظات حياتي، أدرك أن ذلك يعود إلى أن هذه الرحلة كانت أكثر تشويقاً من الوصول إلى الهدف المنشود. فقد استمتعت بالتحدي المتمثل في زعزعة قطاع بأسْره ومحاولة إسعاد الزبائن إلى درجة لم يبلغها أحد من قبل. وكانت الإثارة التي شعرت بها من بناء فريق رفيع المستوى من الموظفين والمستثمرين، وتحقيق النجاح رغم كل الصعاب، وتأسيس شركة بيع بالتجزئة رائدة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، هي بشكل قاطع أعظم إثارة حظيت بها خلال حياتي المهنية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .