5 أمور تعلمناها من إنشاء برنامج تنوع ناجح في مكان العمل

7 دقائق
التنوع في مكان العمل

إليك هذا المقال الذي يتحدث عن التنوع في مكان العمل تحديداً. تنفق الشركات في أيامنا هذه الملايين على برامج التنوع والتوعية في أماكن العمل، إلا أنّ أثرها غالباً ما يكون محدوداً، حيث وجدت الأبحاث أنّ معظم برامج التنوع في أماكن العمل تفشل في تحقيق تنوع ودمج حقيقيين، فضلاً عن أنّ بعضها تسبب بالفعل في زيادة التحيز بين الموظفين. وفي مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، يواصل كلا القطاعين الخاص والعام العمل لتوظيف قوى عاملة متنوعة والمحافظة عليها. إذ أنه وبحلول العام 2017، كان ما يقرب من 75% من العاملين في مجال الحوسبة والحساب الرياضي من الرجال وكان أقل من 15% منهم من السود أو من ذوي الأصول الإسبانية.

عندما قررنا إنشاء برنامج تنوع في شركتنا، قمنا بوضع ما سبق في الاعتبار، حيث يعمل ثلاثة منّا (برينكوورث، أبونتي، ويونغ) في المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي (يو سي أيه آر) (UCAR)، وهي مؤسسة كبيرة مموّلة اتحادياً تركّز على إنتاج الأبحاث ودعم الباحثين في علوم الغلاف الجوي والكرة الأرضية. وقد عملت جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة، والتي لديها ما يقرب من 1,400 موظف، جاهدة على استقطاب واستبقاء النساء والأقليات حالها حال العديد من أماكن العمل التقنية الأخرى، إلا أنّ المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي تؤمن بشدة أنّ التنوع والمساواة والشمولية كلها أمور أساسية لتقديم أفضل الأبحاث العلمية لدينا.

في العام 2015، عينت المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي برينكوورث مديراً للتنوع والتعليم والتوعية (DEO)، (وتم تغيير المسمى الوظيفي لاحقاً ليصبح كبير مسؤولي التنوع)، وتم تكليفه بمهمة جعل المؤسسة الجامعية أكثر تنوعاً وشمولية. بعد فترة وجيزة، سأل مجموعة صغيرة من الباحثين العاملين بقيادة يونغ عن عدم وجود مساحة داخل المؤسسة لمناقشة المواضيع المتعلقة بالتنوع – وهي قضية مهمة لتطوير الموظفين واستبقائهم في وظائفهم. عمل برينكوورث مع هؤلاء الموظفين بشكل مشترك على إنشاء برنامج تدريبي متنوع يدعى (UNEION)، والذي يمثل التنوع والإدماج في كل من المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي وجامعة كاليفورنيا.

أصبح برنامج (UNEION) الآن عبارة عن دورة مكونة من أربعة أجزاء تغطي المواضيع المتعلقة بالسلطة والامتياز والجنس والعرق، وتتضمن تدريباً لمدة ثلاث ساعات حول التدخل. ويتمثل هدف البرنامج في تدريب المشاركين على كيفية بناء فرق شمولية، وتسهيل المحادثات المتصلة بالتنوع داخل أقسامهم، وتحديد الممارسات الأخرى التي يمكنها تعزيز ثقافة إيجابية في مكان العمل من ناحية؛ ومن ناحية أخرى، يعمل البرنامج كمنصة لأولئك المهتمين بتعزيز المساواة ويوفر منبراً لهم. وقد أكمل أكثر من 80 موظفاً برنامج (UNEION) وشارك 10 منهم كمنظمين أو "متعلمين رئيسيين". ولقد وجدنا أنّ برنامج (UNEION) قد زاد من التعاون بين المشاركين، وساعد مختبرات الأبحاث على إنشاء بيئات أكثر شمولية فضلاً عن قيامهم بجعل الموظفين أكثر انخراطاً في القضايا المتصلة بالتنوع في جميع أنحاء المؤسسة.

وبينما لا نزال نواجه مقاومة من الموظفين ممن لا يفهمون كيف يرتبط التنوع والشمول بوظائفهم في مجال العلوم، فإنّ هذه المقاومة بدورها باتت أقل مع استمرارنا في الانخراط في إدارة التغيير وتقديم البراهين حول الشمولية عبر مؤسستنا. فبعد ثلاث سنوات من العمل الدؤوب والتقييم والتطوير لبرنامج (UNEION)، تعلمنا 5 ممارسات رئيسية تمثل أهم ما يجب فعله لتنفيذ برنامج ناجح للتنوع في مكان العمل:

التركيز على التدخل، وليس فقط الحد من التحيز

لطالما ركزت العديد من برامج التنوع في أماكن العمل على خفض التحيز فحسب، إذ أظهرت الدراسات أنه عندما يطلب أصحاب العمل من موظفيهم الخضوع لتدريب الحد من التحيز، فإنّ ذلك يؤدي إلى زيادة الأعمال العدائية عملياً. أما في البرامج التطوعية مثل برنامج (UNEION)، فتشير الأبحاث إلى أنّ أولئك الذين يتطوعون للمشاركة من تلقاء أنفسهم، يرون أنفسهم بالفعل "مناصرين للتنوع". ويفسر هذا لما انتقلنا من محاولاتنا التقليل من التحيز لنصل على العمل إلى إدراج الشمولية أكثر في مكان العمل.

وتعلمنا أنّ غالبية المشاركين في برنامج (UNEION) كانوا بالفعل على دراية بالتحيزات المجتمعية والحواجز في مكان العمل التي تواجهها النساء والفئات المهمشة الأخرى. ومع ذكر الأبحاث إنّ امتلاك مستويات عالية من الوعي قبل بدء التدريب يمكن أن يؤدي بدروه إلى مشاركة أكبر في البرامج المتعلقة بالتنوع، يركز برنامج (UNEION) على أولاً: تجهيز المشاركين للتدخل عندما يرون حالات تحيز أو تحرش. وثانياً: تدريب الناس على كيفية التحدث مع الآخرين حول التنوع التنظيمي.

يقوم قادة برنامج (UNEION) في العادة بتخصيص جلسة واحدة للتدريب المتعمق حول كيفية قيام المتفرجين بالتدخل عندما يلاحظون حالات تحيز وتمييز فضلاً عن تدريبهم حول كيفية تمييزها. ويبدأ التدريب بعرض تجريبي لأساليب التدخل المختلفة، حيث يقوم قادة التدريب بعرض سيناريوهات مع لعب أدوار (استناداً إلى حالات حقيقية تم الإبلاغ عنها في المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي سابقاً)، ويُطلب من المشاركين القيام بالتدخل، ثم يتم مناقشة ما تم وكيفية تحسينه. على سبيل المثال، في إحدى الرسائل، طُلب من المجموعة الاستجابة لموقف قال فيه باحث أبيض البشرة لزميل آسيوي "نحن نعمل معاً بشكل متناغم لأنني ... أراك تشبهني!". ويقوم المشاركون هنا بالانقسام إلى مجموعات صغيرة لمراجعة السيناريو الموضوع، ووضع استراتيجية للتدخل، ثم عرضها أمام البقية.

وكان المشاركون يصرّحون على الدوام بأنّ هذه الجلسة كانت ذات تأثير كبير عليهم، حيث عززت ثقتهم في قدرتهم على التدخل بشكل مناسب أمام الأقران والمشرفين والإدارة العليا. وقد توصلت استبيانات المتابعة إلى أنّ 80% من المشاركين السابقين ذكروا أنهم تدخلوا في أوضاع غير مناسبة في أماكن العمل بعد تلقي هذا التدريب.

بينما لا يتضمن برنامج (UNEION) القراءات والأنشطة المصممة لتحدي آراء المشاركين حول شمولية مكان العمل، فإنّ الهدف منه وضع هذه الأفكار موضع التنفيذ، حيث يقوم المتعلمون الرئيسيون في كل جلسة بتعريف المجتمع بموارد تساعد على تحسين التنوع والشمولية. فعلى سبيل المثال، ناقش المشاركون كيف يمكن أن تؤدي أسباب عدم المساواة العرقية والجنسية الممنهجة إلى عدد أقل من النساء والفئات المهمشة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، كما ناقشوا أيضاً كيفية تحسين برامج التوعية الطلابية في المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي والمؤسسات المحلية التي يمكن أن تدعم هذه الجهود.

كما قامت جامعة كاليفورنيا كارتر، فضلاً عن الجهود السالف ذكرها، بجهود أخرى عملت على إعادة هيكلة الجامعة لتكون مؤسسة أكثر شمولية، بما في ذلك إجراء دراسة شاملة حول ثقافة مكان العمل، ووضع خطة استراتيجية للتنوع والإنصاف والشمولية، فضلاً عن توسعة برنامج التوعية والتوجيه لتشمل الطلاب ناقصي التمثيل، وتجديد إجراءات التوظيف، ومراجعة السياسات للتأكد من إنصافها الجميع. وقد طوّرت هذه الجهود بشكل كبير من محادثة التنوع والإدماج في المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي، حيث جذب مخيم ترفيهي ليوم كامل في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2017 أكثر من 10% من موظفي المؤسسة الجامعية وحوالي 85% من قياداتنا العليا لمناقشة جهود التنوع والتكامل المستقبلية والتخطيط الاستراتيجي.

دعوة الكادر غير الإداري لتعزيز التواصل عبر المؤسسة

تميل العديد من الدورات التدريبية الخاصة بتنوع مكان العمل إلى استهداف المدراء فقط. ولأن الأبحاث السابقة ذكرت أنّ هناك فوائد لتوظيف مجموعات متنوعة من حيث العرق والجنس من أجل التدريبات، فإنّ قادة برنامج (UNEION) يثابرون على محاولة استقطاب أشخاص من جميع مستويات المؤسسة الإدارية، بما في ذلك الموظفين غير التقنيين ورجال الدين. كما أظهرت الأبحاث أنّ دعوة الكادر غير الإداري إلى حلقات عمل التنوع والشمولية يمكن أن تساعد المؤسسات على تحديد نقاط النزاع بشكل أفضل فضلاً عن معرفة الحلول الممكنة. وقد كان ما يقرب من ثلث المشاركين السابقين من موظفي الأبحاث، والثلثين الباقيين من الموظفين الإداريين (العديد منهم لديهم تدريب علمي، ولكنهم يعملون في أدوار متصلة أكثر بالبرنامج أو التعليم). وكان أكثر من 40% من المشاركين في برنامج (UNEION) ممن يعملون في مناصب إدارية. وقال أكثر من نصف المشاركين السابقين الذين شملتهم الدراسة إنهم أقاموا شكلاً من أشكال التعاون مع أشخاص في مناطق أو أقسام بحثية مختلفة عن دوائرهم.

وقد عمل أكثر من 140 موظفاً لتحديد التحديات والفرص الفريدة للمؤسسة الجامعية في ما يتصل بالتنوع والشمولية في مؤتمر قمة التنوع الأخير في المؤسسة، فضلاً عن تطوير استراتيجيات للاستجابة وخطوات العمل قصيرة الأمد لخلق بيئة أكثر شمولاً في كل مختبر ومجموعة عمل. ولقد قمنا بمتابعة هذه الخطط مع ورشات عمل مخصصة لكل مختبر وبرنامج وقسم للمساعدة في تحديد المجالات ذات الأولوية من أجل رؤية التغيير الثقافي الإيجابي.

إبقاء التركيز على مشاكل مكان العمل، لا المشاكل الشخصية

ستتداخل القضايا الشخصية والمسارات الوظيفية لا محالة، حيث يمكن أن يكون عدم التنوع والشمولية في أماكن العمل ناتجاً عن قرارات شخصية أو عوامل أخرى غير متصلة بمكان العمل. على سبيل المثال، يُظهر البحث الذي أجراه مركز ابتكار المواهب قيام عدد أكبر من النساء بإيقاف مسيرتهن المهنية بشكل مؤقت لرعاية أطفالهن أو آبائهن المسنين مقارنة بالرجال. كما يواجه الأقليات أيضاً تحديات إضافية، سواء في مكان العمل أو خارجه، من أجل التقدم في مساراتهم المهنية.

قام برنامج (UNEION) في البداية باحتضان التداخل بين العمل والمنزل، حيث أدرج قراءات ومناقشات متعلقة بمواضيع مثل التنشئة الاجتماعية في مرحلة الطفولة والأمومة. إلا أنّ التعليقات الواردة من تلك الجلسات أشارت إلى رغبة المشاركين في التركيز على قضايا مكان العمل وإدراجها على جميع مستويات المؤسسة. كما رأينا أيضاً أبحاثاً تشير إلى أنّ التدريب على التنوع يجب أن يركز فقط على قضايا الأعمال.

وتم إعادة تصميم الجلسة للتعرف على التحديات الخارجية التي يمكن أن تؤثر على أداء العمل، والتقدم، والاختيار الوظيفي، مع الإبقاء على المحادثة بعيدة عن الأمور الشخصية البحتة، مثل خيارات الأبوة. وقد أبقى هذا على القضايا التي ترتكز في سياق العمل، وهي ميزة مهمة لبرامج التنوع الناجحة، مع الحفاظ على منتدى للناس لمناقشة الطرق التي يمكن أن تؤثر بها الهوية الشخصية على تجربة المرء في المؤسسة.

حافظ على استمرار المحادثة لإبقاء المساءلة

تظهر الأبحاث أنّ أكثر برامج تنوع مكان العمل نجاحاً هي تلك التي تتمتع بمستويات أعلى من المشاركة والمساءلة المستمرة، مثل فرق العمل ومدراء التنوع وبرامج التوجيه. بالتالي، وخلال الدورة التدريبية وبعدها، بدأ قادة التعليم بعقد الاجتماعات وورشات العمل والمحاضرات فضلاً عن قيامهم بتشجيع المشاركة في برامج التوعية ذات الصلة بالتنوع. كما يعمل المتعلمون الرئيسيون على تعزيز عقلية العمل الجماعي بين المشاركين من خلال تشجيع التعاون وتبادل المعلومات غير الرسمية.

لدى العديد من المشاركين السابقين علاقات مستمرة مع قادة برنامج (UNEION) ومكتب التنوع والشمولية في المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي، حيث قام 90% ممن شملهم الاستطلاع والذين أكملوا برنامج (UNEION) بدمج التنوع وإدراجه في أنشطة بناء فريقهم وجهود التوعية وخطط التوظيف والاحتفاظ بالموظفين. ووجدنا أنّ العديد من الأشخاص قد تعرّفوا على برنامج (UNEION) والبرامج الأخرى المتعلقة بالتنوع في المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي من خلال خريجي برنامج (UNEION) أنفسهم.

تحلّ بالمرونة في كل من المحتوى والتسليم

لا يوجد حل واحد مناسب لجميع الدورات الخاصة ببرامج التنوع في مكان العمل. سيكون لكل مؤسسة وحتى لكل مجموعة من المشاركين احتياجات مختلفة، لذلك يجب أن يكون الميسرون مرنين في محتواهم وتسليمه وبنيته.

تم تصميم (UNEION) الآن بحيث تمثل الجلسة الأولى فقد المحتوى المطور مسبقاً، في حين يعمل ميسرو البرنامج على وضع عناوين ومجالات باقي الجلسات خلال باقي أيام البرنامج وفقاً لنتائج استبيانات ما قبل ورشة العمل التي تلقوها والتي توفر لهم معلومات حول اهتمامات المشاركين وتحدياتهم وتحيزاتهم. ويعني هذا أنّ الجلسات والأنشطة تختلف اختلافاً كبيراً ما بين مجموعة وأخرى وذلك وفقاً لاحتياجات كل مجموعة. على سبيل المثال، في إحدى المجموعات، أثار العديد من الأشخاص أسئلة حول ما يسمى "بالعنصرية العكسية" في الاستبيان السابق للدورة، وهو مفهوم لم يتم تناوله من قبل في الدورة التدريبية. وسمح الهيكل المرن للمتعلمين الرئيسيين بتغيير المحتوى ليعالجوا على وجه التحديد "العنصرية العكسية"، ما أدى إلى انخفاض النسبة إلى 23% في عدد أشخاص المجموعة الذين شعروا بأن "العنصرية العكسية" كانت مشكلة في المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي.

تعمل كل مجموعة على تقديم تحديات وفرص تعلم جديدة. وعلى الرغم من أننا نسعى جاهدين لتوسيع ما نقدمه من مقررات وإبقاء الدفعات السابقة منخرطين فيما نقدمه، إلا أنّ علينا في بعض الأحيان تقديم بعض التنازلات بالنظر إلى أننا مكتب صغير بموارد محدودة. نريد احترام وقت ميسري الجلسات، الذين يشاركون في برنامج (UNEION) بالإضافة إلى مسؤوليات وظائفهم التقليدية، ونريد القيام "بالشيء الصحيح الواجب فعله"، فضلاً عن أننا نعلم أنّ التنوع في مكان العمل وبناء مجتمع أكثر تنوعاً وشمولاً من الباحثين والمعلمين وموظفي الدعم سيساعد المؤسسة الجامعية لبحوث الغلاف الجوي على إنتاج المزيد من النتائج العلمية الإبداعية والابتكارية.

اقرأ أيضاً:

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي