طريقة توفير الأمان النفسي الذي تحتاج إليه الفرق عالية الأداء

4 دقائق
تعزيز الأمان النفسي في فريق العمل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يقول بول سانتاغاتا، رئيس وحدة الصناعة في شركة جوجل: “لا يوجد فريق من دون ثقة”. فهو يعرف نتائج الدراسة الشاملة لأداء الفريق التي أجريت على مدى عامين في الشركة التقنية العملاقة، والتي كشفت أن هناك أمراً مشتركاً بين الفرق صاحبة الأداء الأفضل، ألا وهو الأمان النفسي، أي الإيمان بأنك لن تعاقب عندما تخطئ. وتبين الأبحاث أن الأمان النفسي يسمح بالمجازفات المتوسطة والتحدث عما يجول في ذهنك والابتكار والفضول دون مواجهة عقوبة على كل ذلك، وهذه هي أنماط السلوك التي تؤدي إلى الإنجازات في السوق. فكيف يمكن تعزيز الأمان النفسي في فريق العمل لديك؟

أهمية تعزيز الأمان النفسي في فريق العمل

توضح عمليات التكيف القديمة السبب الذي يجعل الأمان النفسي هشاً وحيوياً للنجاح في البيئة غير المستقرة والمترابطة داخلياً. إذ يعالج العقل الاستفزازات التي يوجهها له المدير أو الزملاء المنافسون أو المرؤوس الرافض على أنها خطر حياة أو موت، وتطلق لوزة المخيخ استجابة “قاتل أو اهرب” وتحتل مراكز الدماغ الأعلى، ما يؤدي إلى قيام آلية “تصرف ثم فكر” في الدماغ بإيقاف التفكير التحليلي ووجهات النظر. وبذلك، نفقد عقولنا حرفياً عندما نكون بأمس الحاجة إليها. على الرغم من أن استجابة “قاتل أو اهرب” تلك قد تنقذ حياتنا في المواقف الخطيرة فعلاً، إلا أنها تعيق التفكير الاستراتيجي الذي نحتاجه في أماكن عملنا اليوم.

اقرأ أيضاً: تكييف أسلوبك الخاص في القيادة لإدارة الفرق الكبيرة

يعتمد النجاح في القرن الواحد والعشرين على نظام آخر، وهو وضع “التوسع والبناء” للعواطف الإيجابية، والذي يسمح لنا بحل المشاكل المعقدة واحتضان العلاقات التعاونية. وقد وجدت باربرا فريدريكسون في جامعة كارولينا الشمالية أن العواطف الإيجابية كالثقة والفضول والثقة بالنفس والإلهام توسع العقل وتساعدنا على بناء الموارد النفسية والاجتماعية والجسدية. فنصبح أكثر انفتاحاً وقدرة على التحمل وحماساً وإصراراً عندما نشعر بالأمان. كما يزداد حس الفكاهة وتفكير إيجاد الحلول والتفكير المتباعد، وهو العملية الإدراكية التي تشكل أساساً للإبداع.

عندما يبدو أن مكان العمل يشكل تحدياً وليس تهديداً، يمكن للفرق استدامة وضع التوسع والبناء. إذ ترتفع مستويات الأوكسيتوسين في أدمغتنا وتحث مشاعر الثقة والسلوكيات التي تزيد الثقة. وهذا عامل هام في نجاح الفريق، وكما يقول سانتاغاتا: “في بيئة شركة جوجل شديدة الصعوبة ذات الوتيرة السريعة في العمل، يرتكز نجاحنا على قدرتنا على المجازفة وإمكانية إظهار الضعف أمام زملائنا”.

خطوات تعزيز الأمان النفسي في فريق العمل

إذن، كيف يمكنك زيادة الأمان النفسي في فريقك؟ جرب تقليد الخطوات التي اتبعها سانتاغاتا مع فريقه، وهي كما يلي:

1- تعامل مع الخلاف على أنه حليف لا عدو

نحن كبشر نكره الخسارة أكثر مما نحب الفوز. والخسارة المتوقعة تطلق محاولات لإعادة بناء العدالة عن طريق التنافس أو الانتقاد أو الانفصال، الذي هو شكل من أشكال العجز الذي نتعلمه من مكان العمل. ويعلم سانتاغاتا أن النجاح الحقيقي هو نتيجة رابحة لجميع الأطراف. لذلك عندما تظهر الخلافات، يتجنب إطلاق استجابة “قاتل أو اهرب” عن طريق طرح سؤال: “كيف يمكننا تحقيق نتيجة مرغوبة مشتركة؟”.

2- تكلم إنساناً لإنسان

تكمن وراء كل مواجهة لتوجيه الاتهامات في الفريق احتياجات مشتركة كالاحترام والتنافس والمركز الاجتماعي والاستقلالية. وبصورة طبيعية، يؤدي إدراك هذه الاحتياجات الأعمق إلى توليد الثقة وتعزيز اللغة والسلوكيات الإيجابية. لذلك، ذكّر سانتاغاتا أفراد فريقه بأن الطرف الآخر مثلهم تماماً ويهدف للخروج سعيداً حتى من المفاوضات التي تثير أكبر الخلافات. وقادهم في عملية تفكير يطلق عليها “مثلي تماماً” تطلب منك أن تفكر فيما يلي:

  • يملك هذا الشخص معتقدات ووجهات نظر وآراء، مثلي تماماً.
  • يملك هذا الشخص آمالاً ومخاوف ونقاط ضعف، مثلي تماماً.
  • يملك هذا الشخص أصدقاء وعائلة وربما لديه أطفال، وهو يحبهم، مثلي تماماً.
  • يرغب هذا الشخص في الشعور بأنه ينال الاحترام والتقدير وأنه كفؤ، مثلي تماماً.
  • يتمنى هذا الشخص الحصول على السلام والمتعة والسعادة، مثلي تماماً.

3- توقع ردود الأفعال، وخطّط للهجمات المضادة

يشرح سانتاغاتا قائلاً: “إن التفكير المسبق بطريقة رد فعل الطرف الآخر على ما تحاول قوله يساعد على ضمان سماع محتوى كلامك، بدلاً من اعتباره هجوماً على كبرياءه أو هويته”.

اقرأ أيضاً: عناصر بناء الثقة بين أعضاء فريق العمل

واجه المحادثات الصعبة مسبقاً بمهارة عن طريق التحضير لردود الأفعال المحتملة. مثلاً، قد تضطر لجمع أدلة ملموسة لتتمكن من صد رد الفعل الدفاعي عند مناقشة القضايا الساخنة. يقول سانتاغاتا: “أسأل نفسي: إذا طرحت نقطتي بهذه الطريقة، ما هي الحجج المضادة الممكنة وكيف سأرد عليها؟ يساعدني النظر إلى النقاش من وجهة نظر الطرف الثالث في توضيح نقاط الضعف في موقفي ويشجعني على إعادة التفكير بحجتي”.

والأسئلة التي يطرحها بالتحديد هي:

  • ما هي نقاطي الأساسية؟
  • ما هي الطرق الثلاث الممكنة لاستجابة الطرف الآخر؟
  • كيف سأستجيب لكل من هذه الحالات؟

اقرأ أيضاً: سر الفريق المثالي في شخصيات أفراده وليس في مهاراتهم

4- استبدل اللوم بالفضول من أجل تعزيز الأمان النفسي في فريق العمل

إذا شعر أفراد الفريق أنك تحاول إلقاء اللوم عليهم فسيعتبرونك وحشاً مفترساً يتربص بهم. يبين بحث جون غوتمان في جامعة واشنطن أن اللوم والانتقاد يزيدان النزاع ويدفعان الطرف الآخر إلى اتخاذ موقف دفاعي، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى الانفصال عن العمل. وبديل اللوم هو الفضول، إذا كنت تعتقد أنك تعرف ما يفكر به الشخص الآخر فعلاً، فأنت غير مستعد لإجراء المحادثة بعد. بل يجب عليك تبني عقلية التعلم وإدراك أنك لا تملك جميع الحقائق. ويمكنك فعل ذلك عن طريق اتباع الخطوات التالية:

  • أفصح عن السلوك أو النتيجة موضع الخلاف على أنه ملاحظة، واستعمل لغة واقعية محايدة. مثلاً، يمكنك أن تقول: “هناك تراجعاً ملحوظاً في مشاركتك في الاجتماعات، ويبدو تقدمك في مشروعك متباطئاً في الشهرين الماضيين”.
  • دع الطرف الآخر يشارك في اكتشاف المشكلة. يمكنك أن تقول مثلاً: “أعتقد أن هناك عدة عوامل تؤثر في هذا الوضع. ربما يمكننا التعرف عليها معاً؟”.
  • اطلب حلولاً. فالأشخاص المسؤولون عن نشوء المشكلة قادرون غالباً على إيجاد حلول لها. ولذلك تعتمد النتيجة الإيجابية غالباً على آرائهم ومشاركتهم. اسأل مباشرة: “ما الذي يجب أن يحصل برأيك؟” أو “ما هو تصورك المثالي؟” أو “كيف يمكنني تقديم الدعم لك؟”.

5- اطلب الآراء حول طريقتك في إيصال الرسالة

إن طلب الآراء حول طريقة كلامك يهدئ خصمك، وينوّر النقاط العمياء في مهارات التواصل ويضع نموذجاً لقابلية الخطأ، وهو ما يزيد الثقة بالقادة. يختم سانتاغاتا المحادثات الصعبة بهذه الأسئلة:

  • ما الذي نجح وما الذي فشل في طريقة كلامي؟
  • كيف كان شعورك وأنت تسمع ما قلته؟
  • كيف يمكنني قوله بفعالية أكبر؟

مثلاً، سأل سانتاغاتا عن الرسالة التي حاول إيصالها بعد تقديم تقييم صعب لكبير مدرائه، فأجاب الأخير: “كان من الممكن أن يبدو هذا التقييم كضربة على المعدة، ولكنك قدمت دليلاً منطقياً وهذا ما جعلني أرغب في سماع المزيد. كما كنت متلهفاً لمناقشة الصعوبات التي كنت أواجهها وهذا ما أوصلنا إلى الحلول”.

6- قس الأمان النفسي

يسأل سانتاغاتا أفراد فريقه بصورة دورية عن مدى شعورهم بالأمان وما يعززه. إضافة إلى أنه يجري استبانات لآراء فريقه بصورة روتينية حول الأمان النفسي وغيره من القوى المحركة للفريق. وتتضمن بعض الاستبانات التي تجرى على الفرق في شركة جوجل أسئلة مثل: “ما مدى ثقتك بأنك لن تواجه انتقاماً أو انتقاداً إذا اعترفت بخطأ ارتكبته؟”.

إذا أنشأت هذا الشعور بالأمان النفسي لدى فريقك من الآن، فسيكون من الممكن أن تتمكن من تعزيز الأمان النفسي في فريق العمل، وأن تشهد ارتفاعاً في مستويات الانخراط والحماس لحل المسائل الصعبة، وازدياد فرص التعلم والتطوير وتحسناً في الأداء.

اقرأ أيضاً: حل المشكلات المستعصية: دروس من الفرق العابرة للصناعة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .