ماذا تفعل عندما يُكلّف فريقك بمهام تفوق طاقته؟

6 دقائق
إنجاز المزيد من العمل
كارين موسكوفيتش/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: ماذا تفعل عندما يتم تكليف فريقك بالمزيد من العمل دون أن يتوافر لديك العدد الكافي من الموظفين لأداء كل المهمات المطلوبة؟ يواجه المزيد والمزيد من قادة الفِرَق هذا السؤال في ظل موجة الاستقالة الكبرى والتخبُّط الاقتصادي الذي يشهده العالم في الآونة الحالية. إذ يتعين عليهم إنجاز المزيد من العمل بأقل الموارد المتاحة. ولحسن الحظ، هناك طرائق لإنجاز أهم الأعمال دون استهلاك قواك في هذه العملية. أولاً: كن صادقاً مع نفسك، واعلم أن الإدارة المثقلة بأعباء تفوق طاقتها لن تستطيع إنجاز كل شيء. ثانياً: حدِّد أولوياتك بوعي لكي تعرف ما ستستطيع فعله، وما لن تستطيع فعله. ثالثاً: أطلِع مديرك على خطتك، وعرِّفه على جميع البيانات، إذا لزم الأمر. رابعاً: فوِّض المشاريع إلى فرق أخرى أو إلى موظفين خارجيين بعقود مؤقتة. خامساً: أعِد ضبط التوقعات مع أصحاب المصالح. سادساً، وأخيراً: اطلب المزيد من الموظفين. حتى لو لم تكن تلبية هذا المطلب متاحة في الوقت الحالي، فإن عرض القضية مبكراً قد يضعك على رأس الأولويات عندما تسمح الميزانية بذلك.

 

تخيّل أنك قد حصلت على وظيفة وأنك أديت مهماتها على الوجه الأكمل، ولم تقصّر يوماً في أداء الواجبات المطلوبة منك لتنفيذ المشاريع المسندة إلى إدارتك. ونتيجة لذلك، كان أداء الإدارة التي تعمل بها جيداً لدرجة أنها نالت “مكافأة” بتكليفها بمزيد من العمل، لكن دون توفير المزيد من الموظفين الإضافيين. فتشعر بالامتنان لازدياد الطلب على خدمات فريقك، ولكنك تشعر بالإنهاك أيضاً لكثرة العمل المطلوب منكم. فكيف تتعامل إدارتك مع ازدياد أعباء العمل الملقى على كاهل أعضائها إذا كان الجميع يعملون بطاقتهم القصوى فعلياً؟

يواجه الكثير من قادة الفِرَق هذا السؤال بعد أن أدَّت موجة “الاستقالة الكبرى” إلى تراجع عدد موظفي الشركات مع انخفاض عدد الكوادر البشرية في سوق العمل أيضاً. وفي ظل اقتراب موجة الركود الاقتصادي التي تلوح في الأفق، تتطلع المؤسسات إلى ضغط ميزانياتها وأوجه إنفاقها المالي. فقد سجل مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” أسوأ أداء له منذ أكثر من 50 عاماً. ولا تحرص الشركات على توظيف أشخاص إضافيين في هذا المناخ المشوب بحالة من عدم اليقين، لكنها لا تزال بحاجة إلى إنجاز المزيد من الأعمال المبتكرة. إذ يتعين عليهم إنجاز المزيد من العمل بأقل الموارد المتاحة.

وبصفتي مدربة في مجال إدارة الوقت، فإنني أساعد الأفراد على اجتياز هذه الأوقات العصيبة التي يعاني فيها المسؤولون نقص الموارد ولكنهم مطالبون في الوقت نفسه بإنجاز أعمال تفوق طاقتهم. وهناك طرائق لإنجاز أهم الأعمال دون استهلاك قواك في هذه العملية. وإليك كيفية إدارة أعباء العمل الثقيلة للغاية إلى أن تتمكن من زيادة عدد موظفيك:

كن صادقاً مع نفسك

كانت إحدى العبارات التي صُغتُها في كتابي الأول تقول: “الواقع يفرض نفسه دائماً”. حتى إذا كنتَ تعتقد أن موظفيك يمكنهم ضغط جدول مواعيدهم المزدحم أساساً، فيجب التنازل عن شيء ما في مرحلة معينة. وحتى إذا اتبعتم أفضل استراتيجيات إدارة الوقت، فإن الإدارة المثقلة بالكثير من الأعباء لن تستطيع إنجاز كل شيء. وعندما تكون صادقاً مع نفسك بشأن هذه الحقيقة، ستتمكن من اتخاذ قرارات استباقية تساعدك على التكيُّف وتعديل المسار بدلاً من اتخاذ قرارات انفعالية حينما تبدأ الأمور في الانهيار.

حدِّد أولوياتك بوعي

كانت أفضل طريقة وجدتُها لتصوُّر الطبيعة المترابطة لأولوياتك تتمثّل فيما أحب أن أطلق عليه “نموذج الأولويات الديناميكي”: تخيَّل أن هناك حوض سباحة غير متناهٍ تمثّل جدرانه الحدود الخارجية للوقت المتاح. (في حالة تحمُّل فريقك أعباء عمل تفوق طاقته القصوى، فإن ذلك يعني ضمنياً أن أعضاءه يعملون لفترات تفوق عدد الساعات التي يمكنهم بذلها في العمل). ثم تصوَّر سلسلة من الدوائر متحدة المركز داخل حوض السباحة تمثِّل الطرائق المختلفة التي يستغل بها موظفوك وقتهم. وعندما تتسع إحدى هذه الدوائر، من خلال خدمة المزيد من العملاء مثلاً، فلا بد من اتساع إحدى الدوائر الأخرى من خلال تعيين المزيد من الموظفين، وإلا فإنها ستصطدم بحافة حوض السباحة وتنكسر عندها.

وللحفاظ على أقصى درجات الفعالية، يجب اختيار الجانب الذي يمكن لأعضاء فريقك تقليل الوقت المستغرَق فيه، أو إلغاؤه تماماً، بدلاً من انتظار حدوث ذلك عشوائياً. راجع المشاريع والخدمات داخل إدارتك وفكّر في الأهداف السنوية. وبناءً على الجانب الذي يمكن أن يضيف فيه فريقك أعلى قيمة ممكنة وأهم قيمة للمؤسسة، اعمل على إلغاء الأولويات الأقل أهمية حتى تتمكن من التركيز على الأولويات العليا. ويجب ألا تكتفي بإيصال هذه الفكرة إلى أعضاء فريقك فحسب، بل يجب عليك أيضاً طلب أفكارهم ورؤاهم حول المطالب الواقعية من وجهة نظرهم.

وإذا كان بعض أسباب ازدياد عبء العمل بإدارتك يرجع إلى فقدانك بعض الموظفين، فسيحتاج أعضاء الفريق إلى تخطيط عملهم اليومي بشكل مختلف عن ذي قبل. وبدلاً من الوقوع في مزلق اتباع روتينهم المعتاد حول كيفية تنظيمهم لوقتهم، سيحتاجون إلى التفكير في كيفية ترتيب أهم الأولويات حسب مقتضيات وظيفتهم الحالية، بالإضافة إلى أهم الأنشطة الإضافية التي كانت موكلة لزميلهم المغادِر. وبصفتك قائد فريق، يمكنك المساعدة من خلال طمأنتهم بأنه لا بأس بتنحية بعض الأنشطة غير الضرورية جانباً من أدوارهم الوظيفية الحالية حتى يتم تنفيذ الأعمال الأكثر أهمية.

أَبلِغ الإدارة العليا بالأولويات

لن تحتاج إلى تحقيق التوافق فحسب داخل فريقك، بل ستحتاج أيضاً إلى التواصل مع رئيسك في العمل. فبادر بعرض الموضوع على مديرك عن طريق فتح باب الحوار معه وعرض وجهة نظرك بصورة واضحة وحاسمة وطرح أولوياتك. ففي ظل غياب هذه المعلومات، ستكون لدى مديرك توقعات مختلفة حول أهدافك. وستسهم الصراحة في البداية في منع أي احتمالات لحدوث سوء الفهم، وتقلل من مخاطر الاستجابة السلبية بعد أن تكون قد شرعت فعلياً في اتخاذ المسار المخطط لفريقك.

ويمكنك المشاركة في هذه المناقشات من خلال عدد من المواقع المتميزة. يتمثّل أولها في عرض خطتك على موظفي إدارتك بعد تحديد الأنشطة ذات القيمة الأعلى وتلك الأكثر انسجاماً مع أهدافك السنوية. ويمكنك صياغة هذه المناقشة في صورة بيان يؤكّد رغبتك في ضمان تحقيق مديرك لأهدافه وأنك تريد اتخاذ قرارات استراتيجية لضمان استمرار حدوث ذلك. يمكنك أيضاً توضيح أن ذلك يعني عدم إعطاء الأولوية لعناصر معينة حتى يتمكن فريقك من التركيز على الأنشطة ذات التأثير الأكبر.

وسيكون بعض المشرفين أقل حماساً لسماع أي شيء عن المشروعات التي سيتعين عليك التوقف عن تنفيذها أو تأجيلها مؤقتاً. استخدم البيانات لدعم حجتك في هذه الحالة. اطلب من أعضاء فريقك تتبع المشاريع التي يعملون عليها والمدة التي تستغرقها أنشطة هذه المشاريع والوقت الذي سيستغرقونه لإنجاز الأنشطة الإضافية التي لا يمكنهم أداؤها الآن. واعرض هذه النتائج لدعم رغبتك في تحديد الأولويات.

وأخيراً، بمجرد الاتفاق على الأولويات، حمِّل مديرك مسؤوليتها. وإذا لم يزد عدد موظفيك، فعندئذ لا يمكنك تحمل مسؤوليات جديدة في الإدارة، إلا إذا قرر مديرك اتخاذ خيارات استراتيجية صعبة. على سبيل المثال، إذا طرح مديرك مبادرة جديدة، يمكنك أن تقول شيئاً على غرار: “تبدو هذه فكرة رائعة. إذا حاولنا تنفيذها، فما المشروع الذي تريدنا أن نلغيه من جدول أعمالنا في الوقت الحالي؟”.

فوِّض جهات خارجية

إذا وجدتَ أن فريقك يعمل بطاقته القصوى، فابحث عن مَخرَج للتنفيس عن الضغط من خلال تفويض أفراد من خارج فريقك لأداء المهمات الإضافية. فكّر فيما إذا كانت هناك جهات مشتركة تتعامل مع مؤسستك ويمكن أن تتحمّل بعضاً من أعباء العمل لتنسيق الفعاليات أو السفريات أو التصميمات أو أعمال التواصل أو إعداد الموظفين الجدد أو غيرها من الأعمال التي تستهلك الكثير من وقت الإدارة حالياً. وكلما رأيت فرصة سانحة لتفويض الأعمال لجهات خارجية، فلا تتردد في فعل ذلك.

ثمة خيار آخر يتمثّل في معرفة إن كانت الميزانية تسمح بالاستعانة بموظفين خارجيين بعقود مؤقتة. هل يمكنك الاستعانة بموظف بعقد مؤقت يتحمل مسؤولية مشروع مهم لا يجد أي شخص آخر ضمن فريقك الوقت الكافي للعمل عليه؟ وإذا كانت إحدى مشكلات وصول إدارتك إلى طاقتها القصوى هي زيادة حجم العملاء، فهل يمكنك الاستعانة بموظف خارجي وتكليفه بالرد الفوري على استفسارات العملاء وأسئلتهم؟ احصل على المساعدة قدر الإمكان، حتى إذا لم تتمكن من تعيين موظف بدوام كامل حتى الآن.

أعِد ضبط التوقعات مع أصحاب المصالح

عندما يتعين على إدارتك إجراء تغييرات في أولوياتها أو مستوى خدمة العملاء، فمن المهم أن تُبلِغ كل أصحاب المصالح بهذه التوقعات، سواء كانوا أطرافاً داخلية أو خارجية. احرص على إطلاع الأشخاص الذين سيتأثرون بالمستجدات على التغييرات الطارئة لكي تعرِّفهم على إذا ما كانت المشروعات ستتأخر أو تتوقف تماماً. على سبيل المثال، إذا كانت هناك تغييرات في زمن إكمال المهمة، كاستغراق بعض الأعمال الآن أسبوعين بدلاً من أسبوع واحد كما كان يحدث في السابق، فأخبر الموظفين مسبقاً حتى يتمكنوا من تكييف خططهم وفقاً لهذا الوضع المستجد.

ولن يكون الجميع سعداء بتأجيل المشاريع أو طول زمن إكمال المهمة، لكن إعادة ضبط التوقعات مقدماً أفضل من الاضطرار إلى مواجهة غضب الآخرين وخيبة أملهم عندما تعجز عن تلبية توقعاتهم.

اطلب المزيد من الموظفين

أخيراً، إذا كان عبء العمل في إدارتك مرتفعاً، وتعلم أنه سيستمر في الارتفاع، فدافع عن زيادة عدد الموظفين. فليس من العدل أن يشعر أعضاء فريقك بالعجز باستمرار وعدم قدرتهم على مواكبة الأحداث، ليس لأنهم لا يبذلون الجهد الكافي ولكن لأنهم مطالبون بأعمال تفوق طاقتهم. حتى لو لم يكن تعيين موظفين جدد أمراً متاحاً في الوقت الحالي، فإن عرض القضية مبكراً والإلحاح عليها قد يضعك على رأس القائمة عندما تسمح الميزانية بذلك.

قيّم احتياجات إدارتك، سواء كانت تتعلق بالحاجة إلى زيادة عدد أعضاء الفريق للعمل في المشاريع الحالية أو طلب المزيد من الدعم الإداري، ثم ابذل قصارى جهدك للحصول على المساعدة في الزمان والمكان المناسبين. قد تعاني إدارتك نقصاً في الموظفين لفترة قصيرة من الزمن خلال موسم محدَّد. لكن تحمُّلهم للكثير من أعباء العمل باستمرار سيؤدي حتماً لإصابتهم بالاحتراق الوظيفي.

ولن تشعر بالارتياح في موسم يشهد ازدياد حجم العمل دون أن يزداد عدد موظفيك في المقابل، ولكن يمكنك إدارة هذا الموقف والتعامل مع معه بنجاح وإنجاز المزيد من العمل. استخدم الاستراتيجيات المذكورة أعلاه، وتذكّر أن تأخذ ما يكفيك من الوقت للراحة وإعادة شحن طاقتك كل أسبوع حتى تتمكن أنت وأعضاء فريقك من وضع جدول مواعيد مستدام في بيئة عمل مليئة بالتحديات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .