لا أجد مشكلة في التوصُّل إلى أفكار مبتكرة؛ إذ يتوصل فريقي إلى الكثير من الأفكار الجديرة بالاهتمام، لكن كبار المسؤولين التنفيذيين يقابلونها دائماً بالرفض عندما نعرضها عليهم. فكيف أقنع مديري بالاستثمار في أفكارنا؟” لم يفاجئني هذا السؤال الذي طُرح في أعقاب ندوة حول الابتكار في إحدى شركات تكنولوجيا المعلومات الكبيرة.

يتمثّل أحد أصعب التحديات التي يواجهها المبدعون، خاصةً مَن يعملون في وحدات مثل البحث والتطوير أو التصميم أو التسويق، في كيفية إقناع الإدارة العليا بدعم أفكارهم؛ إذ يشعر الكثيرون بأن مقترحاتهم لم تُوءد في مهدها بسبب ضعف فرص نجاحها، بل لأن مدراءهم لا يفهمونها بكل بساطة أو حتى لأنهم يرفضون الاستماع إلى العرض التقديمي أصلاً. فيشعرون نتيجة لذلك بالإحباط ويحلمون بالعمل مع رؤساء تنفيذيين من أمثال ستيف جوبز أو ألبرتو أليسي، يعشقون الاستثمار في الأفكار غير المسبوقة.

يكمن حل هذه المشكلة في أن تصحب مديرك في رحلة الابتكار منذ بدايتها قبل وقت طويل من طرح الفكرة؛ لأن كبار المسؤولين التنفيذيين الذين يشجّعون الابتكار ويدعمونه لا يستثمرون في الأفكار غير المسبوقة التي تُطرح عليهم فجأة، فهم يحبون المشاركة منذ البداية. ذكر مدير أول سابق في شركة بورتال بلاير (PortalPlayer) التي ساعدت شركة آبل في تطوير جهاز آيبود (iPod): “المثير للاهتمام في جهاز آيبود أنه استحوذ على 100% من وقت ستيف جوبز منذ بداية العمل عليه”. وينطبق الأمر نفسه على شركة أليسي (Alessi) الإيطالية المشهورة بتصميم منتجاتها المنزلية؛ عندما تظهر الأفكار غير المسبوقة، يكون الرئيس التنفيذي، ألبرتو أليسي، على علم بها منذ البداية.

عليك بالتالي أن تتجنّب المواقف التي تضطر فيها إلى إقناع مديرك بفكرة مبتكرة لم يكن على علم بها منذ البداية، قد تنجح في إقناعه، لكن النتيجة تعتمد على عوامل لا علاقة لها بمزايا فكرتك (مثل أسلوبك في عرض الفكرة والحالة المزاجية لمديرك عند عرضها عليه). لا يقدّم المسؤولون التنفيذيون ردوداً إيجابية على الاتصالات غير المرتّب لها، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالأفكار غير المسبوقة التي تتطلب فهماً عميقاً وقد تترتب عليها تداعيات محفوفة بالمخاطر تؤثر في العمل سلباً. في مثل هذه الحالة، يفضلون بالطبع أن يقولوا: “لا”.

بدلاً من ذلك، ابدأ التفاعل مع كبار المسؤولين التنفيذيين في مرحلة مبكرة من عملية الابتكار:

  1. احصل على مباركتهم لسبر أغوار تحدٍ يتعلق بالعمل. على سبيل المثال، إذا كنت تعمل في إدارة البحث والتطوير في شركة أغذية، فقد يكون التحدي هو ابتكار منتجات جديدة وصحية توفر تجربة أفضل من خلال تقليل كميات الطعام التي يتناولها الفرد. ستزداد فُرَص حصولك على الدعم حينما تقدّم اقتراحاً بسبر أغوار مثل هذا التحدي، بخلاف ما سيحدث حينما تحاول إقناع رؤسائك بفكرة مفاجئة لنوع جديد من الجبن الرائع يشتريه المستهلكون بكميات أقل. لذا، حتى إذا كانت لديك بالفعل فكرة لحل مشكلة ما، فلا تطرحها على الفور.
  2. تعاون معهم في تصميم عملية الابتكار. بمجرد حصولك على دعم الإدارة العليا لمواجهة التحدي، توصل إلى اتفاق حول كيفية ابتكار أفكار لمواجهته.
  3. أطلع كبار المسؤولين التنفيذيين على المستجدات أولاً بأول، وواصل تزويدهم بالمعلومات حول كيفية تطور الأبحاث خطوة خطوة. وعندما تفعل ذلك، لا تتحدث عن الحلول الممكنة التي تلوح أمامك، واحرص بدلاً من ذلك على عرض معلومات حول تفسيرك للتحدي. بهذه الطريقة، سوف يستوعب المسؤولون التنفيذيون الحل بسهولة بمجرد عرضه عليهم.
  4. احرص على إشراك كبار المسؤولين التنفيذيين في عملية التوصُّل إلى حل. حينما تفعل ذلك، لن تتلقى رؤى ثاقبة ثمينة فحسب، بل ستحصل أيضاً على دعم أقوى من جانبهم، لأنهم سيشعرون حينذاك بأنهم هم أصحاب الفكرة (هذا يعني أن مديرك سيضع اسمه على الفكرة؛ فهل أنت مستعد للتضحية بمكتسباتك المعنوية في سبيل تنفيذ الابتكار؟)

لا أعني ضمنياً أنك إذا اتبعت هذه الخطوات، فإن الفكرة التي تقترحها ستنال القبول أو ينبغي قبولها في نهاية المطاف (تشير مقالة نُشرت في مجلة فاست كومباني (Fast Company) إلى أن “الرد الجاهز على لسان ستيف جوبز هو لا”. وكان ألبرتو أليسي يلتقي كل شهر مئات الأفكار التي يقابلها بالرفض). لكن ما أعنيه هو أن مديرك سيكوِّن بالتأكيد فهماً أفضل لمقترحاتك، وستشهد عمليات صناعة القرار في شركتك تحسناً ملموساً، وستشعر بأنك تتلقى مزيداً من الدعم وستتعرّض لقدر أقل من الإحباط.

باختصار، إذا كنت تسعى إلى تنفيذ ابتكار ثوري، فلا تحاول إقناع مديرك بالفكرة، بل أقنعه بعملية الابتكار نفسها.