قد تكون على دراية بالمشهد الشهير في فيلم "قبعة غلين روس" (Glengary Glen Ross) حيث يطلب أليك بالدوين من فريقه التركيز دائماً على إتمام الصفقات. أتمنى لو كان إتمام الصفقات بهذه البساطة. في عالم اليوم، تزداد متطلبات إتمام صفقة بنجاح أو حتى إحراز تقدم نحو إتمامها، وأهمها الفهم. لن يشتري الناس شيئاً لا يفهمون ماهيته، لذلك من المهم تقديم شرح فعال واضح وموجز بجودة عالية للعملاء المرتقبين كي يصبحوا عملاء فعليين. لذلك أقترح شعاراً جديداً لمندوبي المبيعات لهذا اليوم: "ركز دائماً على تقديم شرح وافٍ".
نعتمد كثيراً على الشرح لدرجة أننا نادراً ما نفكر في طريقة لتحسين أسلوبنا فيه، فنقدم شرحاً مرتجلاً دون تفكير أو تخطيط. لسوء الحظ، يمكن أن يكون هذا الشرح المرتجل غير فعال أحياناً، لا سيما عندما نشرح فكرة معقدة. سلّط تشيب ودان هيث الضوء على هذا التحدي في كتابهما "صُنع ليبقى: لماذا تبقى بعض الأفكار وتندثر أخرى" (Made to Stick: Why Some Ideas Survive and Others Die)، وأطلقا عليه "لعنة المعرفة"، وهي مشكلة تنشأ من معرفتنا العميقة بمنتجنا أو خدمتنا إلى درجة لا يمكننا عندها تخيل أنفسنا في مكان شخص يفتقر إلى هذه المعرفة. تقودنا لعنة المعرفة إلى وضع افتراضات غير دقيقة حول مستوى فهم جمهورنا لأفكارنا، ولكن قد تبدو المصطلحات والمراجع التي نظنها مناسبة لغة اصطلاحية مربكة للآخرين، فنفشل في شرح الفكرة.
يمكن أن يكون استيعاب الجوانب الأساسية للشرح حلاً للتغلب على لعنة المعرفة، ويمكن أن يساعدنا على تبنّي نهج جديد حول طريقة شرح الأفكار، ولذلك أهمية كبيرة في عملية البيع. من خلال تحسين مهاراتنا في الشرح، يمكننا إقناع جمهورنا بأننا نتفهم احتياجاتهم، سواء كنت تتعامل مع العملاء المرتقبين في قاعة المؤتمر أو في اجتماع رفيع المستوى مع المسؤولين التنفيذيين أو في أثناء عرض تقديمي للمنتج.
بناءً على تخصصي في فنون الشرح وعملي مع شركات ليغو وفورد وإنتل ودروب بوكس لتبسيط المفاهيم والمنتجات والخدمات، قضيت مدة في البحث المتعمق فيما يجعل شرح الخدمات أو المنتجات سبباً لإعاقة العملاء الحاليين ونفور العملاء المرتقبين. ما اكتشفته هو أن معظم الموظفين لم يفكروا قط فيما يجعل الفكرة أسهل في الفهم أو في كيفية التعامل مع عملية شرح الأفكار بفعالية.
للمساعدة، جمعت 7 نصائح مفيدة لصياغة شرح فعال ومفيد في التعامل مع العملاء المرتقبين:
1. احرص على أن يشعر جمهورك بذكائه بدلاً من إظهار ذكائك
نريد أن يعتقد الآخرون أننا أذكياء لأن ذلك مرتبط بالنتائج والمكافآت الإيجابية مثل نيل التقدير والاحترام، ولكن عندما يتعلق الأمر بجعل الفكرة سهلة الفهم، فالبساطة أعلى فاعلية من الذكاء. قد تثير المفردات المتقنة والمعلومات الأساسية الشاملة إعجاب العملاء، ولكن لن تؤدي على الأرجح إلا إلى إرباكهم. توقف عن محاولة إظهار ذكائك وركز بدلاً من ذلك على أن يشعر جمهورك بذكائه من خلال تعزيز معرفته وثقته، واجذبه بشرح واضح؛ فلذلك تأثير قوي ومثير لإعجاب الآخرين أيضاً، وهو شكل آخر من الذكاء.
2. اشرح الصورة بأكملها، وليس التفاصيل فقط
إذا ركزت فقط على الميزات الفردية للمنتج، فإنك تفوت فرصة مساعدة جمهورك على فهم الصورة الكبيرة. إعطاء الأولوية لأبرز سمات المنتج لهذا العام ليس شرحاً فعالاً، فالعملاء لا يهتمون بالميزات الجذابة الإضافية لمنتجك إذا لم يفهموا الغرض منه وأهميته بالنسبة لهم. من خلال توسيع منظورك والتركيز على السياق الأشمل في بداية الشرح، يمكنك وضع منتجك ضمن إطار يساعد جمهورك على فهم أهميته بصورة أفضل.
3. أضف التفاصيل باعتدال
هل واجهت هذا الموقف من قبل: تشرح مزايا منتج جديد لعملاء مرتقبين ويبدو جلياً أنهم يجدون صعوبة في فهمها، وكل ما يفعلونه هو التحديق بصمت دون طرح أي أسئلة. قد تعتقد ألّا مشكلة في ذلك، ولا يزال بوسعك تقديم المزيد من المعلومات لمساعدتهم على فهم المنتج. قد يبدو ذلك حلاً مغرياً، فتفصيل صغير في بعض الأحيان يساعد على فهم الفكرة بأكملها. في الواقع، ليس من المجدي تقديم مزيد من المعلومات إلى شخص مرتبك بالفعل، وإذا ظننت بداهة أنه مفيد، تخيل أنك تائه وأن شخصاً ما يعطيك اتجاهات تشمل كل طريق ومعلَم محتمل لوجهتك، في حين أن كل ما تحتاج إلى معرفته حقاً هو الاتجاه الذي يجب أن تسير فيه: شمالاً أو جنوباً، يساراً أو يميناً. غالباً ما يكمن حل الارتباك في تقديم معلومات أقل لجمهورك، وبدلاً من إغراقهم بتفاصيل المنتج ركز على مفهوم رئيسي أو مفهومين تثق أنهم سيفهمونهما، وبمجرد أن يُظهر الجمهور علامات الفهم مجدداً يمكنك مواصلة الشرح ولكن بحذر.
4. استخدم المزيد من العناصر المرئية وقلل اعتمادك على النصوص
هل يجد عملاؤك المرتقبون صعوبة في فهم رسالتك؟ هل الحل هو ببساطة كتابة المزيد من المحتوى التسويقي؟ لا. فالكلمات وحدها لا تكفي؛ فنحن نتواصل في عصر يوتيوب وبنترست وإنستغرام مع الجماهير التي باتت تمتلك اليوم معارف مرئية أكبر من ذي قبل، وفي حين إن إنتاج الرسوم البيانية ومقاطع الفيديو والمخططات قد يكون صعباً ومكلفاً غالباً، فهذه الأدوات المرئية لها دور مهم في شرح منتجك بفعالية. على سبيل المثال، تشجع منصة التمويل الجماعي الشهيرة، كيك ستارتر (Kickstarter)، على استخدام مقطع فيديو لشرح فكرة كل مشروع جديد، إذ لاحظت أن المشاريع التي تقدم مقطع فيديو للتعريف بها تحقق معدل نجاح أفضل (30% مقابل 50%). توفر مقاطع الفيديو للممولين المحتملين طريقة بسيطة وجذابة لفهم الفكرة الجديدة وسبب أهميتها.
5. تذكر أن جمهورك بشر
إذا كنت تعتقد أن القصص ليست ذات صلة بمنتجك الحديث، فأنت تتجاهل حقيقة أن جمهورك بشر. القصص طريقة لتعريف الجمهور بفائدة المنتج في مواقف الحياة الواقعية ومع أناس حقيقيين، وليس من الضروري أن تكون راوياً ماهراً كي تستخدم القصص بفعالية لشرح منتجك. غالباً ما تكون القصص الأعلى فاعلية بسيطة وتُظهر شخصاً يعاني مشكلة ما، ويجد حلاً لها، ومن ثم يشعر بالارتياح. تقدم هذه القصص البسيطة وسيلة تساعد الجمهور على التعاطف مع الشخصيات وتخيل أنفسهم وهم يحلون مشكلات مماثلة.
6. ركز على السبب
الشرح الأعلى فعالية يجيب عن سؤال "لماذا؟". لماذا هذا المفهوم أو المنتج مفيد بالفعل؟ لماذا يجب أن أهتم به؟ لماذا هو مناسب لي؟ من خلال الإجابة عن "لماذا" في بداية الاجتماع أو العرض التقديمي، ستنشئ أساساً متيناً لدى جمهورك يتيح له فهم الأفكار الأكثر تعقيداً. تخيل الشرح مثل وصفة تحضير طبق من الطعام تركز عادة على تقديم إرشادات حول "طريقة" تحضير طبقٍ ما، توفر هذه الوصفة قائمة بالمكونات والإرشادات، ولكنها لا توضح سبب أهميتها، ولكن حين تفهم سبب استخدام الخميرة ومسحوق الخبز، سترى العملية من منظور جديد وستكون قادراً على وضع لمستك الفريدة على الطبق الذي ستحضّره المرة القادمة.
7. مهمتك هي تثقيف الأذكياء
لا أحد يحب أن يُوجه إليه الكلام باستخفاف، وإذا قدمت الشرح بأسلوب غير ملائم فسيؤدي ذلك إلى نتائج سلبية. تلقى كاتب العلوم ستيفن بينكر ذات مرة نصيحة من محررة حول تجنب الاستخفاف بالجمهور، وطلبت منه أن يتعامل مع جمهوره على أنهم أذكياء مثله حتى لو لم يكونوا على دراية بالموضوع. استخدم هذه النقطة المهمة لضبط أسلوب شرحك، فمهمتك هي تثقيف أشخاص أذكياء لا مساعدة من يعانون بطء الاستيعاب على الفهم. سيمكّنك وضع ذلك في الاعتبار من الحفاظ على نبرة تثقيفية دون أن تبدو متعالياً.
باتباع الخطوات الواردة أعلاه، ستتمكن أنت أيضاً من تنوير عملائك وكسب العملاء المرتقبين، تتمثل الخطوة الحقيقية الأولى نحو صياغة شرح مقنع لمنتجك في إدراك أن هناك مجالاً للتحسين. لديك القدرة على تحسين مهاراتك في شرح منتجك أو خدمتك والاستفادة منها في حل المشكلات وتحفيز الآخرين على الاهتمام برسالتك والتفاعل معها. من خلال استخدام النصائح أعلاه، ستحرز تقدماً كبيراً نحو صياغة شرح فعال جداً.