يسعى القادة إلى أن يكونوا حاسمين، ويرفضون إعادة مناقشة القرارات بعد اتخاذها، ولكن في كثير من الأحيان يُعيد المدراء والزملاء مناقشة قراراتهم المنطقية بشكل جيد، أو يتجاهلونها بشكل أسوأ، ما يؤدي إلى إبطاء التقدم ويولد الاستياء والارتباك والشلل. كيف يمكنك التأكد من أن قراراتك حاسمة؟ في سياق البحث في كتابنا الذي بعنوان "التخريب البسيط" (Simple Sabotage)، حددنا 3 أسباب هي الأكثر شيوعاً والتي تتعلق بتسمية إجراءات معينة يمكنك اتخاذها للتأكد من اتباع الأشخاص للخطة التي وضعتها.
ثلاثة أسباب متعلقة برفض القرارات
السبب الأول: "أنت لم تسألني!"
بمجرد معرفة القرار، يعترض أحدهم زاعماً عدم استشارته في هذا القرار. ربما أنه لا يتفق مع القرار، وربما يتفق معه، ولكنه يغضب لأن أحداً لم يُشركه في عملية صناعة القرار ويود إعادة فتح النقاش حوله. يمكن أن يحدث ذلك بكل سهولة عندما تكون المؤسسة في مرحلة تقدم ونمو وعند تفويض حق إصدار القرار لعدد أكبر من الأشخاص. ولكن يبقى السؤال، هل كان يجب إشراك ذلك الشخص؟ أحياناً لا يتطلب الأمر إشراكه أو إشراكها، ولكن، إذا استُبعِد أصحاب المصلحة المهمين (وبخاصة هؤلاء الذي يعملون على تنفيذ القرار)، فهنا تكمن المشكلة.
الحل: توضيح عملية اتخاذ القرار. استفد من الملك الفارسي كورش الأكبر عندما قال: "تنوع المشورة يؤدي إلى وحدة القيادة". وبعبارة أخرى، يجب التأكد من الحصول على ملاحظات وآراء كافية من أصحاب المصلحة الفعليين قبل اتخاذ القرار. فنحن لا نقترح إشراك الجميع في عملية صناعة القرار، ولكن كلما استشرت عدداً أكبر من الأشخاص، تحصل على دعم أكبر، حتى وإن كانت الأمور لا تؤدي إلى مصلحتهم، يجب الاستفادة من أحد النماذج الجيدة، مثل مصفوفة توزيع المسؤوليات، لمساعدتك في تحديد العديد من الأدوار والمسؤوليات من البداية إلى النهاية، يجب التأكد من استشارة الأشخاص المحتمل اعتراضهم والتعرف على وجهة نظرهم، وإشراك ممثل لفريق العمل القائم على تنفيذ القرار فور اتخاذه. وبعد ذلك، في حال اعترض أحدهم قائلاً: "أنت لم تسألني"، ستكون مستعداً لشرح السبب وراء عدم إشراكه أو إشراكها في عملية صناعة القرار والسبب وراء إشراك الأشخاص الذين شاركوا في هذه العملية.
السبب الثاني: "أنا لم أخبرك من قبل ولكن أخبرك الآن"
هناك بعض الأشخاص الذين لم يثقوا في القرار وقرروا الإعلان عن ذلك بعد اتخاذه. وأحياناً تصدر وجهات النظر المتناقضة المتأخرة هذه من كبار أعضاء فريق العمل، الذين يتصورون أنه ينبغي لهم السماح للآخرين بالتعبير عن وجهة نظرهم ويرفضون الأفكار عندما يحتاجون لذلك، وهو ما يكون غالباً متأخراً للغاية خلال عملية صناعة القرار. وفي حالات أخرى، لا يتمتع المبتدئون بالثقة الكافية للتعبير عن آراء مخالفة.
الحل: إصدار قاعدة أساسية جديدة من البداية: "الصمت يدل على الرضا". إذا لم يظهر الأشخاص المستشارين أي آراء بخصوص ما نوقش، فعندها يعتبر ذلك بمثابة موافقتهم عليه، ولا يمكن لأي أحد منهم أن يقول بعد ذلك "لست متأكداً"، حتى وإن كان عضواً مؤثراًَ أو أحد الأصدقاء.
السبب الثالث: "أعلم أننا قد اتفقنا على شيء، ولكنني سوف أنفذ شيئاً مختلفاً"
ويعتبر ذلك السبب الأكثر مكراً: حيث يرغب أحدهم، بعدما وافق في الأساس على القرار، بالرجوع عن الموافقة وتنفيذ شيئاً آخر بعد اتخاذ الإجراءات، ويحدث ذلك عندما يتناقش المسؤولون التنفيذيون، الذين ينفذون إحدى الخطط، مع أعضاء فريق العمل الخاص بهم، الذين غالباً ما يكون لديهم المزيد من الأفكار ويرغبون بإضافتها. بعد ذلك يتمتع الفريق بحرية إجراء بعض التغييرات في التنفيذ، ما يؤثر عملياً على القرار بمعرفة متخذي القرار أو دون معرفتهم.
الحل: أولاً، تحديد الشخص المسؤول عن التنفيذ والتأكد من تفهمه أو تفهمها للمقصود من القرار وتفاصيله وضرورة الالتزام بالأمر بالكامل. ثانياً، تحديد جدول زمني بالمراحل الصريحة والواضحة: تاريخ اتخاذ القرار وتاريخ إعلانه للمعنيين وتاريخ بدء تنفيذه وتاريخ توقع إنجاز التنفيذ. ثالثاً، تحديد نقاط تحقق دورية للتأكد من أن العمل يتقدم في الاتجاه الصحيح.
وعلى أي حال، عندما يكون أي قرار مشكوك فيه ستحتاج إلى الموازنة بين التكلفة ومزايا إعادة فتح المناقشة حول القرار في مقابل الاستمرار في النهج نفسه. ويؤدي إعادة النظر في أي قرار أو الرجوع فيه إلى إبطاء تقدم سير مؤسستك وزرع بذور ثقافة عدم الحسم. وفي بعض الحالات، توجد أسباب سائغة لإعادة التفكير في أي خطة متفق عليها، لذلك يجب عليك التحلي بالقدرة على التمييز.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال سؤال نفسك عما إذا ظهرت أي حقائق واقعية جديدة وذات صلة في الأجواء منذ اتخاذ القرار. قد تعلو أسعار المستلزمات التي اخترت شراءها، وقد يدرك أحدهم أن الأسعار التي ذكرتها غير دقيقة أو غير كاملة، وعندها، قد تحتاج إلى إعادة مناقشة القرارات بعد اتخاذها، ولكن في غياب وجود تلك الحقائق الجديدة، ينبغي لك أن تعي كلمات الأدميرال البحري ديفيد فراغوت عندما قال: "تباً للطوربيدات.. فلنمضي بأقصى سرعة إلى الأمام!".