الإفراط في الإنفاق قد لا تجني منه الكثير.
ما هو الابتكار التدريجي تحديداً؟ كان مارسيل كورستجينس، أستاذ التسويق في "المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (إنسياد)" يتشاور منذ عقد مضى مع موظفي إحدى الشركات متعددة الجنسيات في مجال السلع الاستهلاكية المعبأة حول الطرق الممكنة لإنعاش واحدة من أكبر الماركات التجارية في الشركة. وفي أحد الاجتماعات التي استمرت لمدة ثلاثة أيام، أثار عرض تقديمي مذهل أعدّه فريق البحث والتطوير بالشركة إعجابه ورأى أنه عرضاً مذهلاً للغاية، ولكن لم ير ذلك أحد سواه! ويقول معلقاً على ذلك: "عُرضت الكثير من الأفكار التي يمكن تطويرها، ولكن في نهاية جلسة البحث والتطوير، قال جميع الحاضرين حسناً، لنتابع الحديث عن الاتصالات والدعاية ولم يتحدث أحد بعدها عن البحث والتطوير مرة أخرى". ولا يخفى على أحد أنّ الشركات الكبرى العاملة في مجال السلع الاستهلاكية المعبأة تُعتبر قوى محركة في مجال التسويق، إلا أنّ هذا التجاهل الواضح لما يُقدم في مجال البحث والتطوير من أفكار ورؤى ظل عالقاً في ذهنه. ورغم أنّ شركات السلع الاستهلاكية المعبأة تتخلف كثيراً في الترتيب عن شركات التكنولوجيا العالية وشركات الرعاية الصحية من حيث الإنفاق على البحث والتطوير، إلا إنّ بعضها يخصص أكثر من مليار دولار سنوياً لعمليات البحث والتطوير. وبدأ كورستجينس يتساءل: ما نوع العائدات التي تحصل عليها هذه الشركات من الاستثمار في البحث والتطوير؟
لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال، أجرى كورستجينس مع اثنين من زملائه تحليلاً إحصائياً لقياس معدلات الإنفاق والنمو في مجال البحث والتطوير، مستعينين ببيانات خاصة بأفضل 2,500 شركة على مستوى العالم. وبعد استبعاد الشركات التي تقل عائداتها عن مليار دولار، قاموا بدراسة العلاقة بين المبيعات وعدد من المتغيرات؛ ألا وهي الإنفاق على البحث والتطوير، وتكاليف العمالة، والنفقات الرأسمالية، والإنفاق على التسويق (مع اعتبار تكاليف البيع والتكاليف العامة والتكاليف الإدارية متغيرات غير مباشرة)، وبعدها احتسبوا تأثير كل متغير على نمو المبيعات. تم إجراء التحليل أولاً حسب نوع الصناعة، حيث ركزوا على المستحضرات الصيدلانية والأغذية والسلع الاستهلاكية المعبأة، ثم تم إجراء التحليل بعد ذلك حسب كل شركة.
أظهر التحليل الأول أنّ حجم الإنفاق على البحث والتطوير في شركات السلع الاستهلاكية المعبأة لم يؤثر على المبيعات، بينما بدا أن حجم الإنفاق التسويقي هو المحرك الأساسي لها. أما في صناعة المستحضرات الصيدلانية، لاحظ الباحثون ارتباط حجم الإنفاق على البحث والتطوير وحجم الإنفاق التسويقي بتحقيق مكاسب كبيرة وهامة.
أما التحليل الثاني الذي تم إجراؤه على شركات السلع الاستهلاكية المعبأة بشكل فردي، فقد اكتشف الباحثون من خلاله وجود اختلاف بين الشركات التي تخصص ميزانيات كبيرة نسبياً على البحث والتطوير وتلك التي تخصص ميزانيات أقل، إذ لم تشهد الأولى (بما فيها شركة بروكتر أند غامبل، التي تخصص أعلى ميزانية للبحث والتطوير في العالم والتي تقدر بملياري دولار) أي علاقة ملموسة بين هذا النوع من الاستثمار وحجم المبيعات. أما الأخرى (بما فيها شركات هنكل Henkel، ولوريال، وبييرسدورف Beiersdorf، وريكيت بينكيزر Reckitt Benckiser)، فقد شهدت ارتباطاً واضحاً بينهما.
وبعد دراسة نسق هذه العلاقة وإجراء مقابلات مع مسؤولي بحث وتطوير تنفيذيين ذوي خبرة واسعة، توصل الباحثون إلى أن الشركات التي تخصص ميزانيات بحث وتطوير ضخمة يكون لديها حافز قوي على بذل جهود ابتكارية باهظة التكاليف وواسعة النطاق يمكن أن يترتب عليها ابتكار منتجات جديدة متميزة تلقى رواجاً كبيراً، وأنّ تلك المشاريع تتلقى الجزء الأكبر من تمويل البحث والتطوير. والمشكلة في هذه الاستراتيجية ذات "المخاطرة العالية والفوائد الكبيرة" أنها قد تكون غير مفيدة ولا تؤتي ثمارها المنشودة. ووضح الباحثون أنه "رغم إنفاق شركة بروكتر أند غامبل ملياري دولار سنوياً في المتوسط على عمليات البحث والتطوير على مدى الـ 15 عاماً الماضية، فقدت شهدت حالات إخفاق أكثر بكثير من حالات النجاح. ببساطة، راهنت الشركة بالكثير وخسرت الكثير".
وفي المقابل، وجد الباحثون أنّ شركة ريكيت بينكيزر البريطانية، التي تضم ماركات تجارية مثل كليراسيل (Clearasil) ولايسول (Lysol) وولايت (Woolite)، تتبع استراتيجية ذات فائدة أكبر وجهود ابتكارية أقل طموحاً تساعد على رفع مستوى المبيعات دون صخب وتكاليف ضخمة. ويطلقون على هذه الاستراتيجية اسم "الاستراتيجية اللورينزية"، نسبة إلى إدوارد لورينز (Edward Lorenz)، عالم الرياضيات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي) (MIT)، الذي اكتشف أنّ أمراً بسيطاً (مثل رفرفة الفراشة) يمكن أن يصنع حدثاً عظيماً (مثل الإعصار). وأضاف الباحثون: "لا تمتلك شركة ريكيت بينكيزر إمكانيات مالية ضخمة للإنفاق على الابتكارات الكبيرة. ولذلك، فإنها تتبنى نهجاً مختلفاً، إذ تنفق مبالغ صغيرة تركز من خلالها على التحسينات الهامشية في أهم الماركات التجارية لديها التي يقدرها المستهلك ولا مانع لديه من دفع مبلغ أكبر قليلاً فيها، بهدف حل المشكلات الحقيقية التي يواجهها في تلك الماركات التجارية". واستشهد الباحثون على ذلك بماركة فينيش (Finish) الخاصة بمنتجات تنظيف غسالات الصحون، فبعد عقود من إطلاق المنتج الأصلي، أضافت ريكيت بينكيزر إلى المنتج مادة تساعد في عملية الشطف وغيرّت اسم المنتج إلى فينيش 2x1، وبعد بضع سنوات، أضافت مكون ملحي إليه وأعادت تسمية المنتج مرة أخرى ليصبح فينيش 3x1، واليوم أصبح اسمه فينيش الكل في 1، بعد إضافة عنصر لحماية اللمعان. وكانت المبيعات والأرباح تزداد بشكل كبير، مع كل تحسن تدريجي تدخله الشركة على المنتج. ويعتبر التغليف والتعبئة كذلك من الابتكارات الصغيرة التي يمكن أن تحقق نجاحاً كبيراً. فمثلاً، عندما غيرت سلسلة مطاعم ماكدونالدز، عام 2004، الطريقة التي كانت تبيع بها الحليب واستبدلت العلب المصنوعة من الورق المقوى بزجاجات بلاستيكية شفافة تحاكي زجاجات الحليب قديمة الطراز، تضاعف حجم المبيعات 3 مرات في عام واحد. كما استطاعت شركة هاينز زيادة مبيعاتها من الكاتشاب عن طريق التجديد في شكل العبوات، بما في ذلك الزجاجات المقلوبة لتسهيل تدفق الكاتشاب من الزجاجة وصواني التغميس الصغيرة لتسهيل أكل البطاطا المقلية بالكاتشاب.
وبناءً على المقابلات التي أُجريت مع موظفي البحث والتطوير، توصل كورستجينس وغريغوري كاربنتر (Gregory Carpenter)، الأستاذ بجامعة نورث ويسترن (Northwestern)، إلى أنّ الشركات التي تضع رهاناً أكبر على عمليات البحث والتطوير تحقق بالفعل بعض العوائد على هذه الاستثمارات، لكنها قد لا تكون عوائد واضحة على شكل إيرادات كلية. فمثلاً، يمكن أن يساعد البحث والتطوير الشركة على تخفيض التكاليف وبالتالي زيادة الأرباح، لكن دون تحقيق إيرادات إضافية. وأشار إلى إحدى الشركات التي ركز فيها الباحثون على طرق زيادة مدة صلاحية المواد الغذائية. ومع ذلك، لاحظ أنّ الشركات تعمل في إطار فلسفتين مختلفتين تماماً وذلك بناءً على حجم ميزانيات البحث والتطوير لدى كل منها. ويقول: "ترفع الشركات ذات ميزانيات البحث والتطوير الكبيرة شعار "الأكبر، الأفضل، الأسرع"، في حين أنّ الشركات ذات ميزانيات البحث والتطوير الأقل "تتقدم وتبلي بلاءً حسناً من خلال صقل بعض التفاصيل وتحسينها في ماركاتها التجارية، وبالتالي زيادة حجم مبيعاتها بشكل كبير".
ولا يعد التعارض بين السعي لتحقيق جهود البحث والتطوير الطموحة من جهة وتقديم المزيد من الابتكار التدريجي من جهة أخرى أمراً جديداً، إذ يوضح جورج داي (George Day)، الأستاذ بكلية وارتون (Wharton)، في مقالة قديمة نشرت في مجلة هارفارد بزنس ريفيو عام 2007 تحت عنوان "هل هذا حقيقي؟ هل يمكننا الفوز؟ وهل يستحق الأمر هذا العناء؟: إدارة المخاطر والمكافآت في الحافظات الابتكارية" الوسائل المختلفة التي يمكن للشركات استخدامها لضمان تحقيق التوازن بين الابتكارات ذات "المخاطرة العالية والفوائد الكبيرة والابتكارات الموجهة والأكثر أماناً. وأطلق على هذين النوعين من الابتكارات "ابتكارات كبيرة" و"ابتكارات صغيرة". ومن المثير للاهتمام، أنه توصل عند دراسته لهذه المسألة منذ عقد مضى إلى نتيجة معاكسة لما توصلت إليه الدراسة الحديثة؛ وهي أنّ معظم الشركات تفرط في الاستثمار في "الابتكارات الصغيرة" وعليها أن تولي اهتماماً أكبر بالأمور الأكبر التي قد تغير قواعد اللعبة.
ولاحظ فريق كورستجينس عدم ارتباط النُهج المختلفة في التعامل مع البحث والتطوير بحجم الميزانية فحسب، بل إنها تتأثر كذلك بثقافة الشركة وتنبع منها. ومن بين الشركات التي شملتها الدراسة والتي تفضل الابتكارات الصغيرة، شركات لديها جذور في الصناعات الكيميائية أو الصيدلانية، وهي صناعات تحظى فيها عمليات البحث والتطوير عادة باهتمام وتقدير يفوق شركات السلع الاستهلاكية المعبأة. ويعتقد الباحثون أنّ في هذه الأخيرة غالباً ما تطغى عملية التسويق على عمليات البحث والتطوير، ما يقلل من احتمالات ترجمة هذا الإنفاق إلى مبيعات. ووضح الباحثون أنه: "عندما يحظى البحث والتطوير بقيمة كبيرة ويتحد مع عملية التسويق، تحقق الشركات نجاحاً أكبر في مشاريعها الابتكارية".
حول البحث: "نيوتن أم لورينز: أيهما يعد النموذج الأفضل لنجاح الابتكار التدريجي في شركات السلع الاستهلاكية؟ مارسيل كورستجينس، وغريغوري كاربتنر، وتوشميت حسن، مجلة إم آي تي سلون مانيجمنت ريفيو (تصدر قريباً).
الابتكار التدريجي في الواقع العملي
سانجاي خوصلا
"المراهنة على المجالات الرائجة فقط هي مجازفة خطيرة".
عمل سانجاي خوصلا (Sanjay Khosla) لأكثر من 30 عاماً مسؤولاً تنفيذياً في شركتي يونيلفر وكرافت، ويعمل الآن كبير مستشارين في "بوسطن كونسلتينغ جروب" (Boston Consulting Group) وأستاذاً في كلية كيلوغ بجامعة نورث ويسترن (Northwestern’s Kellogg School) حيث يساعد الشركات على إيجاد وسائل لرفع معدلات النمو العضوي (التوسع في عمليات الشركة الأساسية) وتعزيز عمليات الابتكار التدريجي فيها. تحدث سانجاي مع مجلة هارفارد بزنس ريفيو عن تحقيق التوازن بين الابتكار التدريجي والمشاريع الأكثر طموحاً. فيما يلي بعض المقتطفات من الحديث:
ما أهم درس مستخلص من هذا البحث عن الابتكار التدريجي تحديداً؟
الدرس الأهم هو اعتماد الشركات الناجحة في مجال الابتكار التدريجي على الأمور التي يمكنها النجاح فيها، حيث يجب أن تنظر إلى 3 أمور أساسية هي: المجالات ذات هامش الربح الجيد، والقدرة على دفع نمو الشركة للأمام، والقدرة على إحداث تأثير مالي ملموس. تحاول هذه الشركات تحقيق التوازن بين المكاسب السريعة والمشاريع متوسطة وطويلة الأجل. فلا يمكن أن يعتمد الأمر كلياً على المجالات الأكثر قبولاً ورواجاً، فمن المجازفة الخطيرة أن تراهن بشكل كامل على المجالات الرائجة فحسب.
عندما كنت مسؤولاً عن إدارة الأعمال التجارية في الأسواق النامية لشركة كرافت، ما نوع الابتكارات التي حققت نجاحاً أكبر في دفع مسار النمو في الشركة؟
يعتبر شراب تانغ مثالاً على ذلك، إذ وصلت مبيعاته خارج الولايات المتحدة عام 2007 إلى 500 مليون دولار ثم بدأت بالانخفاض بعد ذلك. لذا، شكلنا فريقاً متعدد الوظائف يضم خبراء مختصين في مجالات البحث والتطوير والتسويق وسلاسل التوريد وطلبنا منهم العمل معاً لزيادة المبيعات إلى 700 مليون دولار خلال خمس سنوات. وسمحنا لهم بكل ما يحتاجون إليه من موارد واستقلالية وتشجيع على التجربة والإخفاق، لكن الإخفاق المبكر. توصل الفريق إلى ابتكار نكهات جديدة، مثل المانجو في الفلبين والأناناس في الشرق الأوسط. وأصبح الفريق متميزاً ومبدعاً لا في ابتكار المنتجات فحسب ولكن كذلك في الابتكارات المتعلقة بالتصميم والتعبئة والتغليف وسلاسل التوريد، وكانت النتيجة تجاوز المبيعات مليار دولار في خمس سنوات. وباتباع نهج مشابه، ارتفعت مبيعات بسكويت أوريو من 200 مليون دولار إلى مليار دولار خارج أميركا الشمالية في ست سنوات.
إلى أي مدى ترتبط عائدات الاستثمار بالثقافة المتبعة داخل الشركات الكبرى للسلع الاستهلاكية المعبأة؟
لا تعتبر القضية الأكبر هي مقدار ما تنفقه الشركات أو مجالات هذا الإنفاق؛ إنما ما يهم حقاً هو الربط بين مختلف الوظائف. وهناك الكثير من الشركات التي تبني عمليات البحث والتطوير على نظرة داخلية للشركة نفسها بدلاً من النظر إلى العملاء في الخارج. يقوم العلماء بعملهم دون التركيز على القيمة التجارية، وهذا أحد الأسباب التي تساعد الشركات الصغيرة على زيادة حصصها السوقية. وما يزال بإمكان الشركات الكبيرة تحقيق المزيد من النمو، لكن عليها التركيز على الفئات التي باستطاعتها تحقيق المزيد من النجاح فيها وتشكيل فرق عمل ريادية متعددة الوظائف واعتماد آليات أكثر مرونة في عملياتها التنفيذية.
كيف يتغير الابتكار التدريجي داخل الشركات الكبرى للسلع الاستهلاكية المعبأة، مثل كرافت هاينز، التي اشترتها شركات أسهم خاصة؟
عند البحث عن تغيير الابتكار التدريجي تحديداً، نجد في حالة كرافت هاينز، كان لدى المشتري، وهي شركة 3 جي كابيتال (3G Capital)، فلسفة وثقافة مختلفتان عن معظم الشركات الأخرى، ولذلك حدثت الكثير من التغييرات. تتميز الكثير من شركات الأسهم الخاصة بالبراعة والنجاح في شراء الشركات وتخفيض التكاليف وتعزيز مستوى الربح. وأعتقد أنّ الأمر لم يُحسم بعد فيما إذا كانت قادرة على تحقيق النمو العضوي أم لا.
تواصل
رسم رؤية واضحة
لطالما استخدمت الصور الحسية على مدى عهود بعيدة، بدءاً من تعبير "دجاجة في كل صحن" إلى "كمبيوتر في كل منزل"، لتوصيل الشعور بوضوح القصد للآخرين وتحفيزهم على العمل. ولكن يميل القادة، عند صياغة رؤاهم، ميلاً قوياً إلى استخدام لغة مجردة أكثر عاطفية. وأظهرت الدراسات أن استخدامهم للعبارات البلاغية النظرية يزيد بمعدل ثلاثة أضعاف إلى 15 ضعفاً عن العبارات البلاغية التصويرية، ويرفعون شعارات نبيلة حول "تغيير العالم" أو "خدمة المجتمع"، وهي عبارات تدعو الناس للتفكير في المستقبل فحسب لا تصوره وتخيله في الواقع. وثمة بحث جديد يدرس علاجاً لما يسمى بـ "الميل لاستخدام الرؤية الضبابية"، يستخدم "السفر الذهني عبر الزمن" لمساعدة القادة على تصور شكل الأحداث وإدراكها بالحواس الخمس بدلاً من التركيز على ما قد تحمله من معنى.
وفي سلسلة من التجارب المعملية، قسم الباحثون المشاركين إلى عدة مجموعات ووجهوا تعليمات مختلفة لكل مجموعة وطلبوا منهم صياغة بيان رؤية مستقبلية. وفي إحدى التجارب التي أجريت في اليوم التالي لتصويت المملكة المتحدة للخروج من الاتحاد الأوروبي، طُلب من 166 مسؤولاً حكومياً بريطانياً صياغة رؤية تتعلق بالمؤسسة أو الوحدة التي يعمل بها وكذلك بالحكومة الوطنية. أُعطي البعض منهم تعليمات تتعلق باستخدام اللغة؛ حيث طُلب منهم اختيار كلمات تعكس سمات معينة يتميز بها بيان الرؤية الناجح، مثل الدقة وإمكانية التطبيق. وطُلب من آخرين تخيل أنفسهم في المستقبل والتقاط صورة خيالية له. بينما قام البعض الآخر بدور مجموعة الضبط. فاق استخدام المشاركين في مجموعة "السفر عبر الزمن" للصور المجازية المجموعات الأخرى بشكل واضح. ويقول الباحثون: "يرى الغالبية العظمى من الخبراء أنّ القادة هم الأكثر قدرة على تعزيز وصول الرؤية للآخرين من خلال انتقاء الكلمات التي يستخدمونها بعناية". و"تدحض النتائج التي توصلنا إليها هذا الافتراض، إذ تشير إلى أنّ القادة الذين صرفوا انتباههم المباشر عن الكلمات التي عليهم استخدامها وسافروا بأذهانهم إلى المستقبل... توصلوا إلى رؤى ذات صور مجازية أكثر غنى... مع عدم تغيير السمات الأخرى للرؤية الجيدة (إمكانية تحقيقها ودقتها وما تمثله من قيم)".
وفي الحقيقة، تُظهر الدراسة أنّ دفع الأفراد لتخيل المستقبل يؤدي إلى رسم صور أكثر وضوحاً من توجيههم إلى استخدام صور واضحة. ويرى الباحثون أنّ هذا الأسلوب قد يكون مفيداً كذلك للمدراء عند توجيه ملاحظات للموظفين، وللقادة عند توجيه الآخرين لكيفية القيام بالمهام المختلفة.
حول البحث: "كيف يمكن للقادة التغلب على ميلهم لاستخدام الرؤية الضبابية؟ العلاج المضاد لإشكالية توصيل الرؤية، أندرو كارتون وبريان لوكاس، مجلة أكاديمي أوف مانيجمنت جورنال (تصدر قريباً)
مخاطر
الرؤساء التنفيذيون الماديون يتمتعون بالمزيد من الفرص
من الطبيعي أن نتوقع من الأشخاص الذين يتوقون للحصول على أفضل الأشياء في الحياة اتخاذ قرارات تساعدهم على تحقيق ذلك، حتى وإن دفعهم ذلك للإقدام على مجازفات كبيرة. ولتوضيح كيفية انعكاس ذلك في المجال المصرفي، أجرى الباحثون دراسة على 445 فرداً شغلوا منصب رئيس تنفيذي في أحد البنوك الأميركية في وقت ما منذ عام 1992 إلى عام 2013. وبالاستعانة بمتخصصي التحقيق الخاص والسجلات العامة، قاموا بتصنيف بعض الرؤساء التنفيذيين باعتبارهم "ماديين"، أولئك الذين يمتلكون سيارات تتجاوز قيمتها 75,000 دولار أو منزل سكني أو منزل مخصص للعطلات يتجاوز سعره ضعفي متوسط سعر العقارات المجاورة أو قارب كبير يتجاوز طوله 7 أمتار. وبعدها، قاموا بمقارنة بيانات المخاطر في البنوك التي يترأسها هؤلاء التنفيذيون الماديون البالغ عددهم 269 بتلك الخاصة بالبنوك التي يترأسها التنفيذيون غير الماديين البالغ عددهم 176 رئيساً تنفيذياً. وتوصل الباحثون إلى أنّ البنوك التي يترأسها رؤساء تنفيذيون ماديون ترتفع فيها نسبة القروض المستحقة، ويزداد فيها الدخل غير الناتج عن الفوائد (ما قد يعكس توسع أكبر في الأنشطة التجارية)، ويزداد فيها عدد سندات الرهن العقاري (المعروفة بارتباطها بالمخاطرة) كنسبة من الأصول. كما حققت هذه المؤسسات مكاسب وخسائر كبيرة في السوق خلال أكثر أيام التداول تقلباً واضطراباً. وعندما قام الباحثون بقياس ممارسات إدارة المخاطر في كل بنك، باستخدام مؤشر قياسي يشمل عوامل محددة، منها ما إذا كان لدى الشركة منصب رئيس إدارة المخاطر أم لا، ووجدوا أنّ البنوك التي يترأسها رؤساء تنفيذيون ماديون تتميز بأداء أضعف في إدارة المخاطر. وأخيراً، تناول الباحثون المؤشرات الخاصة بالثقافة، مثلاً ما إذا كانت تداولات أصحاب النفوذ من غير الرؤساء التنفيذيين لأسهم الشركة أدت إلى ارتفاع غير عادي في العائدات خلال عمليات إنقاذ المصارف أثناء فترة الكساد الكبير في الولايات المتحدة، ووجدوا أنّ الرؤساء التنفيذيين الماديين كانوا على الأغلب أكثر ميلاً للتراخي عند عدم وجود مراقبة كافية. وأشار الباحثون: "يزداد عدد الدراسات التي تقدم أدلة تربط بين سلوك المسؤولين التنفيذيين خارج العمل والسلوك المؤسسي"، وأضافوا أنّه "بينما يعرّض الرؤساء التنفيذيون الماديون البنوك بشكل أكبر لمخاطر هبوط أسعار الصرف، إلا إنهم يساعدونها كذلك على تحقيق نسبة أكبر من العوائد المتصاعدة".
حول البحث: "النزعة المادية لدى الرؤساء التنفيذيين للبنوك: ضوابط المخاطر والمخاطر الثقافية والهامشية)"، روبرت بوشمان وآخرون. مجلة جورنال أوف أكاونتنغ آند إكونومكس، 2018
إدارة
المدير المشغول غالباً ما يبدو غير منصف
عندما يشعر الموظفون بحصولهم على معاملة منصفة، يصبحون أفضل أداء وأكثر إقبالاً على مساعدة زملائهم وأشد ولاءً لفرق عملهم ومؤسساتهم وأكثر بعداً عن السرقة أو التعامل بفظاظة. ولكن، هناك أمر واحد يقف في طريق المعاملة المنصفة: وهو المدير المثقل بالمهام الذي لا يجد وقتاً للتعبير عن إنصافه في قراراته. أجرى الباحثون ثلاث دراسات لتقصي هذه الظاهرة. أظهرت الدراسة الأولى، التي استخدمت استطلاعات أُجريت للمدراء مرتين يومياً، أنّ الأيام التي عانى فيها المدراء من زيادة أعباء العمل، أعطوا أولوية أكبر للمهام التقنية وتصرفوا بطريقة رآها الموظفون غالباً معاملة غير منصفة. وتوصلت الدراسة الثانية، التي استطلعت آراء المدراء وموظفيهم المباشرين، إلى أنّ المدراء المثقلين دائماً بالكثير من أعباء العمل لم يصدر عنهم الكثير من السلوكيات التي عادة ما يراها الآخرون منصفة. أما الدراسة الثالثة، فكانت عبارة عن تجربة معملية كان على المشاركين فيها الاختيار بين إنجاز مهمة تقنية أو كتابة مذكرة توضح سبب عدم حصول شخص ما على ترقية؛ والنتيجة هي أنّ المشاركين الذين كانت لديهم أعباء عمل أكبر فضلوا التهرب من كتابة المذكرة. ويقول الباحثون: "لكي تكون منصفاً، فإنك تحتاج إلى الوقت والجهد، وقد يجد المدير المثقل بالعمل صعوبة في إعطاء الأولية للمعاملة المنصفة عندما يتعين عليه إنجاز مهام تقنية عاجلة تتطلب تركيز اهتمامه عليها". وينصحون المدراء والمؤسسات بالحرص على التوصل لحل يرضي الطرفين وتخصيص وقت للموظفين بحيث لا تتعدى مهام العمل على مسؤولية تحقيق الإنصاف.
حول البحث: "هل تعاني من الانشغال لدرجة تمنعك من الإنصاف؟ تأثير عبء العمل والمكافآت على التزام المدراء بقواعد الإنصاف، إلعاد شِرف و فيجايا فينكاتاراماني و رافي غاجندران. مجلة أكاديمي أوف مانجمنت جورنال، قيد النظر
سفر
ضريبة كثرة الأسفار
بلغت رحلات العمل المحلية التي قام الأميركيون بها عام 2016 أكثر من 500 مليون رحلة. ورغم توفير الكثير من برامج تعزيز الصحة المهنية الخاصة برحلات العمل من لقاحات ومعلومات حول تجنب الأمراض المنقولة بالأغذية وإصدارها تحذيرات بشأن الاضطرابات المدنية أو السياسية، إلا إنه قلما تركز هذه البرامج على الأخطار الأخرى الأكثر انتشاراً: مثل الإجهاد والنوم المتقطع والطعام والشراب غير الصحي وعدم ممارسة التمارين الرياضية، التي تعد آثاراً سلبية يتعرض لها المسافرون على الطريق. ولتوضيح التأثيرات الصحية الناجمة عن كثرة الأسفار، استخدم الباحثون بيانات من نتائج الفحوصات الطبية الوقائية والفحوصات الصحية الشاملة وخطط السلامة الصحية. ويعقد المخطط التوضيحي التالي مقارنة بين المخاطر التي يتعرض لها كثيرو الأسفار، الذين يقضون 21 ليلة أو أكثر في الشهر في رحلات خاصة بالعمل، والمخاطر التي يواجهها من يقضون ليلة إلى ست ليال شهرياً في رحلات العمل.
نصيحة
الثقة أهم من اليقين
تشير الأبحاث إلى أنّ الناس يفضلون المستشار الذي تظهر عليه علامات الثقة. ولكن ماذا عن المستشار الواثق الذي يقدم نصيحة لا ترقى إلى درجة اليقين؟ في 11 تجربة أُجريت على 4,806 مشاركاً، حلل الباحثون ردود أفعال الناس تجاه مجموعة من أساليب التواصل ونسب اليقين المختلفة في توقعات متعلقة بأسعار الأسهم والمباريات الرياضية وحالة الطقس. وبشكل عام، فضل المشاركون المستشارين الذين يظهرون ثقة أكبر، ولم يبدوا اعتراضاً كذلك على المستشارين الذين أظهروا ثقة في التعبير عن عدم يقينهم بشأن توقعاتهم من خلال طرح عدد من النتائج الممكنة أو عرض الاحتمالات الإحصائية المختلفة أو توضيح الحدث "الأقرب للوقوع" (رغم ميلهم للنفور من كلمة "ربما"). وعندما طُلب منهم الاختيار من بين اثنين من المستشارين يقدم أحدهما نصيحة مؤكدة ويقدم الآخر نصيحة غير مؤكدة، فضل المشاركون اختيار المستشار الثاني. وتظهر الدراسة أنّ الناس يميزون بالفعل بين أسلوب التواصل والمضمون. وتشير الدراسة إلى عدم انزعاج المشاركين من رفض المستشار ادعاء درجة اليقين أو تضخيمها. ويقول الباحثون: "تثبت نتائج البحث خطأ الاعتقاد السائد بأنه على المستشارين ادعاء اليقين الكاذب فيما يقدموه من نصائح ليعمل الآخرون بها".
حول البحث: "هل ينفر الناس بطبيعتهم من النصيحة المبنية على عدم اليقين؟، سيليا غارتيج وجوزيف سيمونز. مجلة سيكولوجيكال ساينس، 2018
أماكن العمل
فجوة المرونة
يعلم أرباب العمل أنّ الموظفين يبحثون على المرونة، وتدعي الكثير من الشركات توفيرها لهم. إلا إنّ الكثير ممن يحتاجون إلى المرونة لا يمكنهم الحصول عليها. ولفهم هذه المشكلة بشكل أفضل، قام باحثون في شركة ويرك (Werk)، وهي شركة ناشئة تستخدم التكنولوجيا لإقامة أماكن عمل تتميز بالمرونة، بإجراء استطلاع على 1,583 موظفاً إدارياً يمثلون القوى العاملة في الولايات المتحدة. يوضح الرسم البياني أدناه الفجوة بين المرونة التي يحتاجها الموظفون والمرونة التي يسمح بها أرباب العمل.
تسويق
الجانب الإيجابي لكسب الزبائن عن طريق الإحالة
تسعد الشركات دائماً بكسب زبائن جدد عن طريق الإحالات من طرف عملائها الحاليين، وذلك لأسباب وجيهة: فمن بين عدد من الأمور الأخرى، تساعد هذه الطريقة على خفض التكاليف التسويقية. وأظهر بحث سابق أنّ العملاء الذين ينضمون للشركة بهذه الطريقة يحققون هوامش أرباح ومعدلات استمرار أعلى من غيرهم، ما يؤدي إلى ارتفاع القيمة الدائمة للعميل بنسبة تصل إلى 25%. ويرى المختصون في التسويق أنّ أفضل نوع من العملاء هو العميل المُحال، وذلك لسببين: أنه الأكثر ملاءمة لمنتجات الشركة وخدماتها (إذ يعلم الشخص الذي يقوم بالإحالة كل من الطرفين: الشركة والعميل المُحال)، وأنّ الصديق يمكنه مساعدة صديقه على فهم منتجات الشركة أو خدماتها وكيفية استخدامها. لكن لم تُجر أي اختبارات لقياس صحة هذه التخمينات حتى الآن.
وتوجد دراسة أُجريت مؤخراً على 1,800 عميل جديد في أحد البنوك الألمانية وعلى العملاء الحاليين الذين قاموا بإحالتهم إلى هذا البنك، بالإضافة إلى 3,663 فرداً انضموا للبنك عن طريق وسائل أخرى غير الإحالة. اكتشف الباحثون وجود تشابه من حيث تحقيق الأرباح بين العميل الذي قام بالإحالة والعميل المُحال، ما يشير إلى أنّ الأول كان يرى الخدمات التي يقدمها البنك مناسبة لاحتياجات من قام بإحالتهم. (كما اكتشفوا أنّ أكبر نسبة أرباح يحققها العملاء الجدد للشركة تأتي عن طريق الأشخاص المُحالين من قبل عملاء الشركة الدائمين الأقدم والأكثر ولاء والذين يحققون أرباحاً كبيرة للشركة). كما تصل احتمالية مغادرة العميل المُحال للبنك إلى 40% عند مغادرة العميل الذي قام بالإحالة، ما يشير إلى أنّ الروابط الاجتماعية تلعب دوراً هاماً في معدلات استمرار العملاء. وألقت الدراسة الضوء على فائدة جديدة لإحالات العملاء، التي قد تكون مفيدة بشكل خاص في حالة الشركات التي لا يمكنها تحديد سمات العملاء المحتملين أو في حالة المنتجات المعقدة التي يصعب معها تحديد أفضل العملاء المحتملين. كما أشارت إلى أنّ الشركات بإمكانها كسب عملاء جدد يحققون للشركة ربحية أكبر من خلال تشجيع عملائها الحاليين الذين يحققون أعلى ربحية على إقناع الآخرين بالانضمام لها.
حول البحث: "كيف تحول برامج إحالة العملاء رأس المال الاجتماعي إلى رأس مال اقتصادي، كريستوف فان دين بولت وآخرون. مجلة جورنال أوف ماركتنج ريسيرتش، 2018
أجور ورواتب
ماذا يحدث عند خفض أجور الموظفين
عندما تمر الشركات بظروف صعبة ويضطر المدراء إلى تقليل التكاليف، فإنهم على الأغلب دائماً ما يعيدون النظر في عدد الموظفين لا المرتبات والأجور، لكن أسباب تفضيل هذا الإجراء تعتبر أسباباً نظرية وغير مفهومة بدرجة كبيرة: حيث تظهر الدراسات الاستقصائية أنّ السبب هو القلق من ارتفاع معدلات ترك الموظفين ذوي الكفاءة لوظائفهم؛ بينما تظهر الدراسات المعملية أنّ تخفيض الأجور سيدفع الموظفين إلى العمل بجهد أقل. وتبحث إحدى الدراسات الحديثة هذه الظاهرة في الحياة اليومية، حيث تابع الباحثون في هذه الدراسة 2,033 ممثلاً في أحد مراكز الاتصالات التي تعمل بمجال المبيعات الواردة لمدة 61 أسبوعاً قبل تخفيض الشركة لعمولات الموظفين وبعده، ما أدى إلى انخفاض صافي الأجور بنسبة 7%. وكما هو متوقع، ترك الكثير من الموظفين ذوي الكفاءة الشركة، وفاقت نسبة التناقص في صفوف هذه الفئة من الموظفين الحد الطبيعي بنسبة 28%، ما أدى إلى تراجع الإيرادات بنسبة 6%. أما ما كان غير متوقع حقاً، فهو عدم وجود انخفاض ملحوظ في الإنتاجية، إذ ارتفع أداء الكثير من الموظفين الآخرين، ربما في محاولة لاستعادة مستويات أجورهم السابقة. ويقول الباحثون: "تترتب العديد من الآثار على معرفة أي التأثيرين هو التأثير السائد". وتشير نتائج الدراسة إلى أنّ خوف الإدارة من تقاعس الموظفين في العمل عقب خفض الرواتب قد لا يكون له أساس من الصحة، أما "تخفيض الأجور، فسوف يؤدي إلى فقد الشركة الدائم لأصولها".
حول البحث: "تحليل تبعات تحفيض الأجور"، جيسون ساندفيك وآخرون. (ورقة عمل)
قطاع التجزئة
يمكن لهرمون التستوستيرون زيادة الإقبال على المشتريات الفاخرة
يربط الكثير من الناس هرمون التستوستيرون بالسلوك التنافسي، وأثبتت الدراسات وجود هذا الارتباط، إلا أنّ بحثاً حديثاً يشير إلى وجود ارتباط مثير للدهشة بين هذا الهرمون والرغبة في التسوق. وبوجه خاص، ترتفع لدى الرجال الذين يحدث لديهم ارتفاع شديد في التستوستيرون الرغبة في اقتناء منتجات فاخرة من الماركات المعروفة التي تشير إلى ارتفاع مكانتهم الاجتماعية. وأخذ الباحثون عينات من 243 رجلاً لقياس مستويات الهرمون الأساسية لديهم قبل إعطائهم إما تستوستيرون أو دواء وهمي عن طريق استخدام هلام موضعي، ثم طُلب منهم إتمام مهمتين (تم كذلك قياس مستويات الهرمون أثناء التجربة وبعدها). في المهمة الأولى، قام المشاركون بتقييم تفضيلاتهم للماركات الفاخرة، مثل كالفن كلاين (Calvin Klein)، مقابل الماركات العادية، مثل ليفايس (Levi’s). أظهر أولئك الذين أُعطوا جرعات من التستوستيرون ميلاً أكبر من الآخرين لاختيار المنتجات الفاخرة. أما المهمة الثانية، فكانت تهدف إلى تحديد الدافع الأساسي لذلك الاختيار. وضع الباحثون ثلاثة عبارات دعائية تصف كل منها ستة منتجات، وتؤكد بطرق مختلفة على الجودة (تتميز بالمتانة الشديدة والدقة العالية والتكنولوجيا والراحة) أو القوة (رياضية وضد التلف وتمنح القوة والثقة) أو الفخامة (رفيعة المستوى وتتميز بروح المهارة والرفاهية والاهتمام بالتفاصيل). رأى كل مشارك عبارة واحدة لكل منتج وعبر عن موقفه من كل عنصر ونيته الافتراضية لاقتنائه. جاءت استجابات مجموعتي المشاركين مماثلة عندما تم وصف العناصر بالجودة العالية أو القوة، أما العناصر التي تم وصفها بالفخامة، فلاقت قبولاً أكبر بكثير لدى المجموعة ذات مستويات التستوستيرون العالية مقارنة بالأخرى التي حصلت على دواء وهمي.
ويظهر بحث سابق أنّ مستويات هرمون التستوستيرون ترفع في بعض المواقف المحددة، مثل الأحداث الرياضية. ويقترح هذا البحث على التجار الاستفادة من أوقات ارتفاع التستوستيرون المؤقتة. ويقول الباحثون: "في هذه الأوقات، قد تزداد احتمالية ميل المستهلكين من الرجال إلى شراء منتجات فاخرة ويزداد إقبالهم على الماركات التي تظهر مكانتهم الرفيعة".