كيف يمكن أن يُبرز مدراء الإدارة الوسطى قدراتهم الإبداعية؟

3 دقيقة
حفز الابتكار
shutterstock.com/RoseRodionova
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قبل بضع سنوات، قال لي الرئيس التنفيذي لشركة بيست باي آنذاك، براد أندرسون، شيئاً مثيراً للتفكير وعميقاً في آن معاً. كنا نتناقش حول الصفات التي يبحث عنها أندرسون عند اختيار شخص ما لشغل منصب على مستوى المناصب التنفيذية العليا. كان يبحث عن مسؤولين تنفيذيين لا يتمتعون بمهارات متنوعة فحسب، ولكن يتسّمون بالحكمة أيضاً لمعرفة متى تحتاج المؤسسة إلى تغيير جذري وإحداث تغييرات كبيرة ومتى يمنحون الوقت لها لاستيعاب التغييرات السابقة ودمجها.

تكشف وجهة نظر أندرسون حقيقة مهمة حول ما يتطلبه النجاح على المستوى التنفيذي. في مواجهة وتيرة التغيير السريعة والمستمرة اليوم التي تؤثر على المؤسسات في جميع القطاعات تقريباً، تبحث الشركات عن المسؤولين التنفيذيين الذين يدركون كيفية تحفيز الابتكار وتنفيذ التغيير، بدلاً من مجرد الإشراف على إدارة الوضع الراهن.

عندما يُقال للمدراء الذي يقبعون في مستوى أو مستويين أدنى من المناصب التنفيذية العليا أن عليهم إثبات قدرتهم على تحفيز الابتكار والتغيير، يعترضون ويجادلون بأن الإدارة العليا لا تشجع الابتكار بصدق، قائلين أشياء مثل “إنهم لا يسمحون لي بالمخاطرة” أو “إنهم لا يتسامحون مع الأخطاء أو الفشل”.

في العديد من الشركات، تحمل هذه الشكاوى من مدراء الإدارة الوسطى بعض الحقيقة، ففي هذا المستوى، يفتقرون عادةً إلى النفوذ أو الموارد اللازمة لإحداث تغييرات شاملة. ومع ذلك، تبقى المعضلة قائمة. يبحث صنّاع القرار في المستوى الأعلى في شركتك عن دليل على قدرتك على تحفيز الابتكار والتغيير؛ فمجرد التفوق في التحسين المستمر لا يكفي. لحسن الحظ، لا يتطلب منك إظهار مهاراتك في هذا المجال أن تطور بمفردك منتجاً جديداً مبتكراً أو مراجعة نموذج العمل العام للشركة وتحسينه. إذا بحثت بعناية، فيمكنك عادةً أن تجد فرصاً ضمن دورك ومستواك الحالي لإثبات قدرتك على تحفيز التغيير، حتى لو كنت في وظيفة دعم مثل المالية أو الموارد البشرية.

في الواقع، لا يتوقع صنّاع القرار في المستويات العليا في الشركة من مدير من المستوى المتوسط مثلك اتخاذ قرارات عالية المخاطر يمكن أن يكون لها تأثير سلبي كبير على أداء الشركة، ولكنهم يهتمون بجودة أفكارك وكيفية تنميتها خلال المؤسسة، سواء كان ذلك بتنفيذ تصميم جديد للمؤسسة أو تعديل عملية إدارية. لذلك ابحث عن فرص في وظيفتك الحالية لتنمية الأعمال أو تغيير الإجراءات الحالية. هل نظام التخطيط وإعداد الميزانية السنوي يستهلك الكثير من الوقت ولا يتماشى مع وتيرة العمل؟ هل هناك طريقة أفضل لتحديد احتياجات العملاء وتلبيتها؟ كيف يمكنك خفض التكاليف في أحد مجالات مؤسستك لإعادة تخصيص الموارد لأنشطة ذات قيمة مضافة أكبر، ربما من خلال المركزية أو الأتمتة أو الاستعانة بمصادر خارجية؟

خذ على سبيل المثال المديرة من المستوى المتوسط، لين هولنغز، التي بادرت إلى إحداث التغيير داخل مؤسستها. ترأست لين وحدة إدارة المنتجات في شركة منتجات استهلاكية كبيرة. ومثل العديد من المسؤولين التنفيذيين داخل الشركة، كانت تدرك أن بعض كبار العملاء يكتسبون المزيد من النفوذ وأصبحوا أكثر تطلباً مع تزايد مشترياتهم السنوية من الشركة.

وبعد مناقشات مع العديد من المسؤولين التنفيذيين في مجموعتها التشغيلية، صاغت لين استراتيجية لإنشاء فرق عمل تركز على العملاء تهدف إلى تلبية احتياجات مجموعة مختارة من المشترين الرئيسيين في مجال البيع بالتجزئة، وتضمّن كل فريق من فرق العملاء موظفين من المبيعات ودعم المبيعات إلى جانب موظفين من وحدات تطوير المنتجات في المجموعة والتسويق المباشر والتمويل والخدمات اللوجستية. كان هدف كل فريق إقامة شراكات مع كبار تجار التجزئة وتطوير استراتيجيات مصممة خصيصاً في مجالات مختلفة، مثل المنتجات والترويج وإدارة المخزون والفواتير والتحصيل، بهدف تعزيز ولاء العملاء وزيادة الإيرادات.

بالإضافة إلى إقناع رئيس فريق التشغيل والمسؤولين التنفيذيين الآخرين في المجموعة بفكرتها، عملت لين على إشراك العديد من الأشخاص من مختلف أقسام المؤسسة للمساعدة على إنشاء البنية التنظيمية الجديدة والأنظمة الداعمة. على الرغم من مشاركة العديد من الموظفين في هذا الجهد، كانت لين الشخصية الرئيسية التي تقود المبادرة في كل خطوة في الاتجاه الصحيح، ونتيجة لذلك، اكتسبت سمعة طيبة بصفتها مديرة مبتكرة قادرة على إحداث التغيير.

بصرف النظر عن نتائج ابتكارك المقترح، ضع في اعتبارك أن كبار المسؤولين التنفيذيين يهتمون بمهاراتك وسماتك الشخصية التي تعطيهم فكرة عن إمكاناتك المحتملة بالنسبة لقدرتك على حفز التغيير على المستوى التنفيذي. على سبيل المثال:

  • هل أنت قادر على التعامل مع حالات عدم اليقين والمواقف الغامضة، أو هل تشعر بعدم الارتياح عندما لا تكون المواقف واضحة المعالم أو عندما لا تكون التفاصيل جميعها واضحة تماماً؟
  • هل أنت على استعداد للمخاطرة المحسوبة، وهل يمكنك التعافي من الفشل واستخلاص الدروس من مبادرة فاشلة والاستفادة منها في الابتكارات المستقبلية؟
  • هل يمكنك صياغة حجة مقنعة للتغيير وحشد الآخرين لدعم ابتكارك المقترحة؟
  • هل تمتلك الشجاعة الإدارية للمثابرة في مواجهة المعارضة؟ هل أنت مستعد لدفع المؤسسة خارج منطقة راحتها والصمود أمام انتقادات أولئك الذين يفضلون الوضع الراهن؟

لكي ترتقي إلى المستوى التنفيذي، ليس بالضرورة أن تكون عبقرياً مبدعاً مثل ستيف جوبز، لكن صنّاع القرار في المستويات العليا يريدون أن يضمنوا أنك تتمتع بالمهارات القيادية اللازمة لإحداث التغيير عندما تستدعي الظروف ذلك. دون الابتكار المنتظم في مجالات مختلفة مثل المنتجات والعمليات والتنظيم، تميل المؤسسات إلى الجمود بمرور الوقت، وهذا جوهر رسالة براد أندرسون: يجب على الشركات الخروج من منطقة راحتها بانتظام لتتجنب القناعة بالوضع الراهن، ويتطلب ذلك قادة يدركون متى يتخطون الحدود التنظيمية، حتى عندما لا تكون جميع التفاصيل محسومة تماماً، وقادة قادرين على تحمل المخاطر ويتمتعون بالمهارات اللازمة لتوجيه المؤسسة خلال التغيير.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .