إيجاد‭ ‬الوتيرة‭ ‬المثلى‭ ‬لإطلاق‭ ‬المنتجات‭ ‬الجديدة‭ ‬

14 دقيقة

تستعد شركة آبل في بداية هذا الخريف، إذا ما جرى الالتزام بالتقليد السائد، لإطلاق نسخة جديدة أو عدة نسخ من جهاز آي فون. ويعد هذا الطرح من بين أهم الأحداث السنوية في مجال المنتجات الإلكترونية الاستهلاكية. لقد ساعد هذا الهاتف الذكي شركة آبل على أن تغدو أكبر شركات العالم من حيث القيمة السوقية، بالرغم من أن شركة سامسونغ وغيرها من الشركات المنافسة الأخرى تطلق منتجاتها الجديدة بوتيرة أسرع من آبل. ولعل هذا التناقض الصارخ قد دفع ڤي كومار أستاذ التسويق في جامعة ولاية جورجيا وزملاءه أماليش شارما وألوك سابو لطرح التساؤلات التالية: "إذا أرادت إحدى الشركات أن تعظم قيمة أسهمها في السوق، فما هو العدد المثالي لمنتجاتها الجديدة التي تطرحها في إطار زمني محدد؟ وهل يعد إطلاق تلك المنتجات واحداً تلو الآخر أم على شكل باقة واحدة عاملاً مؤثراً؟ وهل من المهم أن يكون المنتج الجديد مماثلاً للمجموعة الحالية من منتجات الشركة أم مختلفاً عنها؟".

لا يحتاج المدراء إلى دراسة أكاديمية لإخبارهم بأن إطلاق المنتجات الجديدة يلقي بظلاله على العديد من أقسام الشركة، ابتداءً بقسم التصميم والتطوير ومروراً بقسم التصنيع وانتهاءً بقسم التسويق. ولا شك أن الشركات التي تطلق الكثير من المنتجات الجديدة تتحمل تكاليف مرتفعة قد تؤثر سلباً على عائدات أسهمها. (فمن المعتاد في الواقع أن تلجأ الشركات لدى إعلانها عن مكاسب مخيبة للآمال إلى إلقاء اللوم على إطلاق المنتجات الجديدة.) فضلاً عن أن إطلاق المنتجات في حزمة واحدة كفيل بأن يجهد الأفراد والنظم على حد سواء. ولكن وفقاً للأبحاث السابقة حول كيف يمكن للشركات أن تطبق بسرعة ما تعلمته من إطلاق منتجاتها السابقة، يعتقد فريق كومار أن أسئلتهم تتضمن أكثر من مجرد النظر إلى محددات التكلفة والموارد ويخلصون إلى أن "الشركات التي تطرح منتجاتها الجديدة بوتيرة مرتفعة لا يتوفر لها الوقت الكافي لكي تقيّم منتجاتها وتتعلم من خبرتها مع تلك المنتجات وتستوعب الدروس المستفادة منها وتترجمها إلى مكاسب تجارية". فمن الناحية النظرية، من المفترض أن تسمح الوتيرة المناسبة لإطلاق المنتجات للشركات بأن تستفيد من الدروس المستفادة من إطلاق أحد منتجاتها في تحسين فرص نجاح إطلاق المنتجات اللاحقة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز عائدات أسهمها. وإن كان ذلك صحيحاً، من المفترض أن يتمكن الباحثون من إثباته تجريبياً، حسبما يرون.

وللقيام بذلك، توجه الباحثون إلى قطاع الصناعات الدوائية، حيث تعد المنتجات الجديدة بالغة الأهمية لنمو الإيرادات والقيمة السوقية لشركات الأدوية. وباستخدام قواعد بيانات متنوعة ودراسة 73 شركة أميركية مطروحة للتداول العام على امتداد الفترة من 1991 إلى 2015، حدد الباحثون مواعيد إطلاق 1,904 عقاراً دوائياً ثم حسبوا وتيرة إطلاق تلك العقاقير (بحساب نسبة عدد المنتجات المطروحة إلى المدة الزمنية التي طرحت فيها)، إلى جانب نسبة عدم الانتظام في طرح المنتجات (التباين في الفترات الزمنية التي تفصل بين إطلاق منتجَين متتاليَين). كما درسوا أيضاً ما إذا كان كل منتج جديد يندرج ضمن فئة علاجية ويعالج مرضاً محدداً ضمن الفئات والأمراض المتضمنة مسبقاً في مجموعة العقاقير التي تنتجها الشركة والأمراض التي تعالجها، أم أن المنتج الجديد يقع خارج نطاق منتجات الشركة الحالي. بالإضافة إلى ذلك جمعوا أيضاً بيانات حول أسعار أسهم الشركات وقارنوا عوائدها مع المعايير المرجعية في القطاع. ولعزل أثر إطلاق المنتجات، قاموا بمراعاة عدد من المتغيرات، بما فيها قوة براءات اختراع كل شركة، وما إذا كان المنتج الجديد يواجه منافسة من منتجات أخرى، والاهتمام الإعلامي الذي حظي به إطلاق المنتج، وحجم الشركة التي أطلقت المنتج، وعمرها، وسلامة وضعها المالي.

لقد أكدت النتائج بشكل عام صحة حدس الباحثين، فالشركات التي أطلقت الكثير من المنتجات الجديدة عانت من تلاشي زيادة قيمتها السوقية مع مرور الزمن، مثلها مثل الشركات التي كانت تطلق منتجاتها الجديدة من دون ربطها بمنتجاتها الراهنة. كما أن الشركات التي كانت تطلق منتجاتها على فترات غير منتظمة حققت أداء أسوأ من متوسط الأداء في القطاع: حيث انخفضت قيمتها السوقية، وكان الانخفاض أكبر بالنسبة للمنتجات المعقدة وبالنسبة للشركات التي تخصص ميزانيات كبيرة للبحث والتطوير مقارنة بميزانيتها على التسويق (قد تشير إلى القيمة المرتفعة للإنفاق على البحث والتطوير نسبة إلى الإنفاق على التسويق إلى أن الشركة تركز اهتمامها على ابتكار المنتجات أكثر من المبيعات). ويخلص الباحثون إلى أن: "نتائج الأبحاث تشير إلى أن ثمة وتيرة ونطاق أمثل لإطلاق المنتجات الجديدة ومن الضروري مراعاة المدراء لهما. ولذلك يتعين على المدراء تكريس الوقت اللازم للتعلم من خبراتهم في إطلاق منتجاتهم السابقة والاستفادة من الخبرات المكتسبة أثناء إطلاق المنتجات اللاحقة ".

ومع أن هذا البحث لا يحدد بدقة كيف يمكن لشركة ما أن تحسب القيم المثلى لوتيرة ونطاق إطلاق منتجاتها الجديدة والبعد الزمني بين كل مرة إطلاق وأخرى، إلا أنه يوفر معطيات إحصائية ومعادلات يمكن أن تساعد المدراء على فهم ما إذا كان تغيير وتيرة الإطلاق من شأنه أن يزيد قيمة الشركة. والأهم من ذلك أنه يوفر إثباتاً على أن هنالك فعلاً وتيرة مثلى وأن على الشركات أن تحذر من تخطيها. كما يوفر الباحثون أيضاً بعض التقديرات حول المكاسب المهمة في القيمة التي يمكن تحقيقها من خلال اعتماد إيقاع أكثر عقلانية في إطلاق المنتجات الجديدة. فحساباتهم تشير على سبيل المثال إلى أن الشركة المتوسطة في دراستهم – وهي الشركة التي تبلغ قيمتها السوقية حوالي 5.6 مليار دولار – بوسعها زيادة قيمتها السوقية بمقدار 702 مليون دولار إذا خفضت عدم انتظام إطلاق منتجاتها بنسبة 10%. وتشير الدراسة أيضاً إلى أهمية إجراء البحوث الخاصة بعملية إطلاق المنتجات، وليس البحوث المتصلة بتطويرها فقط.

وفي حين يقر كومار بتعرض المدراء إلى ضغوط متنوعة – من المستثمرين والزبائن ووسائل الإعلام والمنافسين – للإسراع بإطلاق المنتجات الجديدة، غير أنه يرى أن ما يشعر به المدراء من ضرورة الإسراع في ذلك غالباً ما يكون شعوراً مغلوطاً. ويقول: "تُبرز دراستنا أهمية النظر إلى مجموعة المنتجات كلها بدلاً من التركيز فقط على المنتج الجديد". ومن الخطأ أيضاً أن يركز المدراء بشكل مبالغ فيه على أوقات طرح المنافسين لمنتجاتهم الجديدة. ويشبّه كومار الشركات التي تطلق منتجها الجديد بسرعة على أمل التفوق على المنافسين بالمستثمرين الذين يحاولون اقتناص الصفقات في السوق قبل الآخرين– الأمر الذي أثبتت الدراسات أنه قد يؤدي إلى نتائج عكسية. ويقول: "وهنالك أمر آخر يجب قوله حول التباعد الزمني بين إطلاق منتجين متتاليين: عليك أن تضمن أنك قد تعلمت ما يكفي من تجربة إطلاق المنتج الأول وأنك غير مقيد بعدم توفر الموارد الكافية لعملية الإطلاق".

حول البحث: "دراسة أثر خصائص عملية إطلاق المنتجات الجديدة على قيمة الشركة: حالة قطاع الصناعات الدوائية"، أماليش شارما، ألوك سابو، وڤي كومار (مجلة التسويق، قيد النشر).

في الواقع العملي
إلن دوناهو-دالتون
"إذا أطلقت عدداً مبالغاً فيه من المنتجات بسرعة كبيرة فسيحدث ذلك أثراً عكسياً وتصبح كمن يطلب الزيادة فيقع في النقصان"
يتطلب إطلاق منتج جديد تنسيقاً وثيقاً بين تطوير المنتج وتسويقه. ومن المفيد الحفاظ على وتيرة مدروسة وإيقاع مناسب لإطلاق المنتجات الجديدة. أجرت هارفارد بزنس ريفيو مؤخراً لقاءً مع إلن دوناهو-دالتون، التي تشغل منصب نائب المدير التنفيذي ومدير التسويق وخبرة الزبائن في شركة ميديسيجن، وهي شركة برامج لإدارة الصحة العامة، ومقرها دالاس، حول بحث حديث يدرس أهمية تلك العوامل. وفيما يلي مقتطفات محررة من ذلك اللقاء:

لماذا ترين أن هذا البحث وثيق الصلة بعملك؟ لقد مررنا بمرحلة امتدت لـ 18 شهراً أطلقنا فيها 10 منتجات جديدة. وهذا يعادل مرتين أو ثلاث مرات مما اعتدنا على إطلاقه خلال هذا الإطار الزمني. ولطالما كنا نفكر في وتيرة عمليات إطلاق منتجاتنا الجديدة وانتظامها وما يتطلبه ذلك من موارد وكيف يمكننا التعلم من كل عملية إطلاق لتحسين عملية الإطلاق التالية.

ما الذي يحدد متى تطلقون منتجاً جديداً؟ نطلق برمجيات جديدة أكثر من مرة في السنة، وكثير من عمليات إطلاق المنتجات تلك تكون مرتبطة بمؤتمرات سنوية متخصصة بقطاع أعمالنا أو بمنتديات سنوية نعقدها مع زبائننا. وعندما نفكر بوتيرة الإنتاج، فإن القضية الأهم هي مقدرة الزبائن على استيعاب منتجاتنا الجديدة. إننا نعرض في الغالب برمجيات تحويل سير العمل إلى النظام الأوتوماتيكي، ولذلك فإن الأثر الذي يتركه إطلاق منتج جديد على زبائننا كبير جداً: إذ يتعين على الزبائن تغيير عملياتهم التشغيلية على نحو واسع وتدريب موظفيهم على البرمجيات الجديدة. إضافة إلى ذلك يمتاز قطاع الرعاية الصحية بدرجة عالية جداً من التنظيم، ولذلك هنالك اعتبارات مهمة ذات صلة بالامتثال للقوانين وإعداد التقارير أيضاً. من الضروري حقاً أن يتم استيعاب برمجياتنا من قبل المؤسسات التي تطبقها وهذا ما نأخذه بالحسبان عندما نحدد الوتيرة التي نطلق من خلالها منتجاتنا الجديدة.

هل أثّر البحث في تفكيرك حول إطلاق منتجاتك مؤخراً؟ بالنظر إلى الماضي، أجد أنه كان ينبغي عليّ تخفيض وتيرة إطلاق المنتجات الجديدة وزيادة المسافة الزمنية بينها قليلاً. ولا يرتبط الأمر بعدم قدرة مطوري المنتجات على إنتاج برمجياتهم في الوقت المطلوب، بل بتوفير الوقت اللازم لخلق علاقة وثيقة مع الزبائن قبل إطلاق المنتج وبعده وعدم استنفاد مواردنا التسويقية. فإذا أطلقت عدداً مبالغاً فيه من المنتجات بسرعة كبيرة، فسيحدث لك أثر عكسي وتصبح كمن يطلب الزيادة فيقع في النقصان.

ما القدر الذي تستطيعين تعلمه حقاً في الفترة الزمنية بين إطلاق منتج وآخر؟ لكي يكون المنتج جذاباً بالنسبة لزبائننا يجب أن يخفض التكاليف ويرفع الكفاءة التشغيلية بشكل ملحوظ ويرضي الأطباء المعالجين والمرضى، ويحسن النتائج العلاجية السريرية. يمكننا الإنصات إلى الزبائن طوال اليوم أثناء تطوير المنتج، ولكن لا نستطيع قياس مقدار التحسن في المنتج أو التوفير الذي تحقق قبل طرح المنتج للاستهلاك. وللحصول على سمعة جيدة في السوق يتعين علينا القيام بعمل جيد فعلاً لنثبت أن القيمة المضافة للمنتج ستصل إلى صاحبها في أسرع وقت ممكن. وبالنسبة لنا تلك هي عملية التعلم الحقيقية، إنها عملية تكرارية ومتغيرة.

كم من الصعب قياس ذلك وإثباته؟ يتطلب ذلك قدراً كبيراً من إشراك الزبائن في كل عملية إطلاق للمنتج. من الأمور التي أدركتها وأنا أقرأ البحث أننا كنا نطلق منتجات كثيرة جديدة كحزمة واحدة، بحيث يصعب علينا تمييز العوامل التي كانت حاسمة في تحقيق النجاح. فإذا أثبتنا على سبيل المثال أن أحد التطبيقات قد حقق قيمة مضافة لأحد الزبائن، فما هي درجة الشبه بين الزبون الجديد والزبون السابق لكي يحقق ذلك التطبيق نفس القيمة المضافة للزبون الجديد؟ لقد كنا نجمع الكثير من التكاليف والموارد ولا نميزها عن بعضها في عمليات الإطلاق الحديثة لمنتجاتنا. وبالنظر إلى المستقبل، أرغب في استكشاف مدى نجاعة الاعتماد على الإيقاع الأبطأ في عملية إطلاق منتجاتنا الجديدة.

تسويق

التوافق مع الزبائن يعزز الرضا ويحقق الأرباح

من المفترض نظرياً أن يكون كل فرع من فروع أحد بنوك التجزئة المصرفية مجهزاً على نحو جيد لخدمة الزبائن الراغبين في القيام بمجموعة واسعة من المعاملات المصرفية، مثل إيداع الشيكات وتحويل الأموال وشراء حوالات مالية. بيد أن سلسلة من ثلاث دراسات خلصت إلى أن لهذه الاستراتيجية بعض السلبيات: فقد وجد الباحثون الذين حاولوا في إحدى هذه الدراسات فهم العوامل المحفزة على رضا الزبائن من خلال تحليل 58,294 معاملة مصرفية مباشرة أن حوالي ربع حجم التباين في مستوى رضا الزبائن إنما كان ناتجاً عن الاختلافات بين الزبائن أنفسهم (لا عن عوامل ذات صلة بموظفي فرع المصرف أو بمكان تواجده على سبيل المثال). وللتعمق في فهم تلك الاختلافات حلل الباحثون عمليات التقييم لرضا الزبائن التي قدمها 149.389 شخصاً يتعاملون مع 166 مصرفاً على مدار خمس سنوات. وقد وجدوا أنه كلما ابتعد العميل عن مواصفات الزبون التقليدي لفرع المصرف، سواء فيما يتعلق بخصائصه الديموغرافية أو من حيث نوع المعاملات التي يرغب في إنجازها، كلما انخفضت نسبة رضا هذا الزبون بشكل أكبر. كما أظهرت الدراسة الأخيرة أن تلك التباينات قد تضر بهامش الربح لفرع المصرف: ففروع المصارف ذات العملاء الأكثر ابتعاداً عن مواصفات الزبائن التقليديين تحقق معدلات نمو في حجم إيداعاتها وأرباحها أقل بشكل ملحوظ من تلك الفروع التي يكون عملاؤها أكثر تجانساً وذلك داخل المؤسسة المصرفية ذاتها.

عادة ما يركز المدراء الذين يسعون إلى تعزيز نسبة رضا زبائنهم على تدريب الموظفين أو تحسين البنى التحتية والعمليات، غير أن هذا البحث يظهر أن "التوافق مع الزبائن" – أي التوافق بين الحاجات الخاصة لكل زبون وقدرة فرع المصرف على تلبية تلك الحاجات – تشكل عامل الحسم الأكثر أهمية نحو تحقيق رضا الزبون، وأن تنوع قاعدة زبائن أي فرع مصرفي يمثل تحدياً جوهرياً في هذا الإطار. ويقترح الباحثون إدارة مسألة التوافق مع العملاء بشكل استباقي من خلال توزيع الخدمات إلى فئات والتصريح بشفافية حول أنماط العملاء الذين تناسبهم أكثر الخدمات المقدمة، وتصميم عروض خدمات على نحو يسمح بمواءمتها مع الحاجات المتباينة للزبائن على اختلاف أنواعهم. ويخلص الباحثون إلى أن "الشركات لن تكون لها سوى قدرة محدودة على ضبط نسبة رضا العملاء ما لم تعالج أولاً مسألة مواءمة خدماتها مع تنوع أنماط زبائنها".

حول البحث: قد لا يكون الزبون دائماً على صواب: التوافق مع الزبائن ومستوى أداء الخدمات"، ريان بيول ودينيس كامبيل وفرانسيس فراي (ورقة عمل).

آلية اتخاذ القرار

مخاطر استخدام الموظفين لوسائل التواصل الاجتماعي بغرض إنجاز مهام العمل

تعد وسائل التواصل الاجتماعي أداة فعالة للتواصل، فهي تساعد الموظفين على تبادل الأفكار وإيجاد حلول للمشكلات ولفت الانتباه إلى منتجات الشركة وخدماتها. لكن ذلك لا يتحقق من دون تكلفة: فالموظفون الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لإنجاز مهام عملهم معرضون أكثر من سواهم إلى عروض التوظيف الأخرى، ويتمتعون بمكانة أرفع لدى جهات التوظيف، الأمر الذي يجعلهم محلاً للاستقطاب من قبل الشركات المنافسة. وقد وجدت دراسة تحليلية شارك فيها 277 موظفاً في مؤسسة رعاية صحية تباينات واضحة في المواقف والسلوك بين الموظفين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لإنجاز مهام عملهم وأولئك الذين لا يفعلون ذلك. وفيما يلي نتائج كل من المجموعتين.

تفاوض

الجانب السلبي للشعور بالامتنان

تعمد أبحاث علم النفس الإيجابي إلى تمجيد حسنات الإفصاح عن الشكر والامتنان، لدرجة أن بعض الخبراء ينصحون بإنشاء "صحيفة امتنان" يومية. ولكن قد يكون لهذه الإيجابية المفرطة نتائج عكسية في ظروف معينة، ألا وهي ظروف التفاعل القائم على التنافس. لقد أجرى الباحثون خمس تجارب بغرض التعرف على ردود أفعال الناس عندما يعبر نظراؤهم عن الشكر لهم أثناء التفاوض. ففي إحدى التجارب – برنامج محاكاة حاسوبي يؤدي فيه المشاركون دور المشترين الذين يفاوضون البائع لتحصيل أفضل سعر ممكن لحقيبة ظهر يبتغون شراءها – بالنسبة للمشاركين الذين حظي عرضهم الأول برد مقابل من البائع يعبر عن الشكر والامتنان يقول: "شكراً على العرض الذي قدمتموه بقيمة 60 دولاراً!!! هذا رائع حقاً"، فقد قدموا عروضاً أخرى لاحقة بمبالغ أقل وذلك مقارنة بالمبالغ التي قدمها المشاركون الآخرون الذين تلقوا رداً مقابلاً حيادياً من البائع يقول: "تلقيت عرضكم بقيمة 60 دولاراً… وهذا عرضي المقابل". وفي تجربة أخرى، أدى المشاركون دور صاحب شقة يسعى إلى تأجير شقته. وهنا أيضاً قدّم أولئك الذين حصد عرضهم الأول رد فعل مصحوباً بالشكر عرضاً ثانياً أكثر جرأة من عرض أولئك الذين حصد عرضهم الأول رد فعل حيادي من صاحب الشقة. وقد أظهرت التجارب اللاحقة أن عبارات الشكر غالباً ما توحي بأن أصاحبها يميلون لأن يكونوا متساهلين ومتسامحين وأن ردود أفعال نظرائهم قد تتطور إلى الغش والخداع.

ويخلص الباحثون إلى أن "من مصلحة الأفراد أن يفكروا بنحو واع واستراتيجي في التعبير عن الشكر والامتنان" في ظروف التفاعل القائم على التنافس أو التفاوض، مضيفين: "من الجيد أن تشعر بالامتنان عندما يقدم نظيرك تنازلات، لكن يتعين عليك الاحتفاظ بعبارات الشكر إلى ما بعد إبرام الاتفاق.

حول البحث: "الشكر مقابل لا شيء: التعبير عن الامتنان يستدعي الاستغلال من قبل المنافسين"، جيريمي يب وآخرون (ورقة عمل).

التواصل

التحدث مثل الشخص الذي يجري معك المقابلة قد يجعلك تفوز بالوظيفة

كثيراً ما يسعى مدراء التوظيف إلى التحقق مما إذا كان الشخص المرشح للوظيفة "يلائم" المعايير الثقافية للشركة أم لا، إذ إن هذا التوافق يدل في كثير من الأحيان على أرجحية النجاح المستقبلي لذلك المرشح في عمله. غير أن الركون المبالغ فيه إلى هذا النهج قد يكون إشكالياً، فهو محكوم بالانحياز الاجتماعي وقد يؤدي إلى انخفاض نسبة التنوع بين الموظفين، فضلاً عن أن القائمين على المقابلات ينحون إلى الاعتماد على عوامل مميزة بادية للعيان لكنها في معظمها غير أساسية كتسريحة الشعر والملابس.

وسعياً منهم إلى تحديد أدوات يمكن الاعتماد عليها بشكل أفضل لاختبار مدى مواءمة المتقدمين لمعايير العمل في الشركة، طلب الباحثون من المتقدمين إلى وظائف في شركة تكنولوجية متوسطة أن يجيبوا عن ثلاثة أسئلة اختيارية مكتوبة كجزء من آلية التقدم الرسمي إلى تلك الوظائف (لم ير القائمون على مقابلات التوظيف هذه الأسئلة ولذلك لم تؤثر على قرارات التوظيف). وباستخدام تقنيات معيارية لتحليل النصوص المكتوبة، حلل الباحثون أجوبة 353 متقدماً تم توظيفهم لاحقاً وقارنوها مع أجوبة 11,234 متقدماً لم يتم توظيفهم. وقد وجد الباحثون درجة واضحة من التشابه في اللغة المستخدمة من قبل جميع المتقدمين الناجحين: فعلى سبيل المثال استخدم المقبولون اسم الشركة في أجوبتهم أكثر بثلاث مرات من المرفوضين. وقد خلصت الدراسة إلى أن زيادة درجة التشابه اللغوي في حديث المتقدم للوظيفة بمقدار انحراف معياري واحد يرفع فرصة المتقدم للتوظيف بنسبة 20%.

وفي دراسة متابعة شملت الرسائل الإلكترونية للموظفين الجدد ومقارنتها مع رسائل الموظفين القدامى، أظهر الباحثون أن التشابهات اللغوية تشير أيضاً إلى الملاءمة الثقافية بعد تسلم الموظفين الجدد لوظائفهم. ويخلص الباحثون إلى أن "لغة المتقدم للوظيفة تحتوي على إشارات ثقافية واضحة ويمكن التعرف عليها وهي منفصلة ومختلفة تماماً عن المؤشرات الثقافية التي عادة ما يعتمد عليها القائمون على مقابلات التوظيف".

حول البحث: "التمييز بين ماهو مناسب وغير مناسب: توقع نتائج التوظيف بناء على اللغة المستخدمة قبل التوظيف"، سارة كاثرين شتاين وأمير غولدبيرغ وسمير سريفاستافا (ورقة عمل).

عمليات

إلى أي مدى يدوم أثر تدخلات المستشارين؟

عندما توظف الشركات مستشارين لمساعدتها في إيجاد طرق أكثر كفاءة للعمل، عادة ما تشهد تلك الشركات قفزة قصيرة الأجل في تحسن الأداء. ولكن هل تستمر المكاسب مع مرور الزمن؟ لطالما كان ذلك سؤالاً مفتوحاً، إذ ينظر أنصار ما يسمى "نهج تويوتا" إلى مثل تلك المبادرات بوصفها مجرد بداية لدورة مستمرة من التحسن، في حين يرى آخرون أن ثلثي مبادرات إحداث تحول حقيقي في الأداء تخفق في نهاية المطاف. وتخلص دراسة حديثة إلى أن الحقيقة إنما تقع في مكان ما بين النظرتين – وتشير إلى عوامل من شأنها أن تساعد الشركات على الحفاظ على معدلات العائد على الاستثمار التي ساهمت تدخلات المستشارين في تحقيقها.

في عام 2008 عمل بعض المستشارين لمدة عامين مع بعض مصانع الغزل والنسيج الـ 28 المملوكة من قبل 17 شركة نسيج هندية (في حين عدت المصانع الأخرى هي المجموعة الضابطة). وقد زار فريق بحثي كلتا المجموعتين من المصانع عام 2017 ليروا ما إذا كانت توصيات المستشارين كان لها آثار مستدامة. وبالرغم من أن حوالي نصف التوصيات قد جرى تجاهلها، إلا أن فريق الباحثين وجد فجوة ملحوظة في الممارسات والأداء بين مجموعة المرافق التي عمل معها المستشارون والمجموعة التي لم يعملوا معها. وفي الواقع ارتفع معدل إنتاجية العمال بحوالي 35% في مصانع المجموعة الأولى. وقد انتشر عدد كبير من أفضل الممارسات الجديدة بناء على توصيات المستشارين للمصانع الأخرى ضمن نفس الشركات، الأمر الذي يشير إلى الآثار غير المباشرة ذات النفع والتي تعزز قيمة هذه المشروعات الاستشارية.

وقد درس الباحثون أيضاً لماذا تم إهمال بعض توصيات المستشارين وتجاهلها، برغم أنها قد أدت في البداية إلى نتائج إيجابية واضحة. يقول الباحثون "لقد كان السببان الأكثر وروداً للقصور في الممارسات الإدارية هما: تغيير المدراء وعدم توفر الوقت الكافي لدى الرؤساء التنفيذيين والمدراء الماليين... الأمر الذي يشير إلى أهمية الموظفين الأساسيين" في استمرار الأثر الإيجابي لتدخلات المستشارين.

حول البحث: "هل يستمر أثر التدخلات الإدارية؟ دلائل من الهند"، نيكولاس بلوم وآخرون (ورقة عمل).

استدامة

مجالس الإدارة الخضر

وجدت دراسة أجريت على 1,681 شركة أن 82% منها توجه مجالس إدارتها للاهتمام بالمخاطر والفرص المرتبطة بالمناخ. وتحت تلك النسبة العامة هنالك فروقات جغرافية واضحة، حيث تعد الشركات الأوروبية أكثر ميلاً بكثير من سواها إلى الاهتمام بهذا الأمر.

أداء

الأرباح المبكرة تسبب الثقة الزائدة

قد تشكل الثقة الزائدة بالنفس مشكلة حقيقية. ويظهر أحد الأبحاث الجديدة كيفية حصول ذلك. ففي تجربة حول التوصل إلى التشخيص الطبي، كان المشاركون الذين لا يتمتعون بالخبرة يبدؤون عملهم بثقة منخفضة جداً بأنفسهم، لكنهم بعد تحقيق عدد قليل من النجاحات باتوا يشعرون بأنهم خبراء أكثر مما هم في الواقع – وهو ما يسميه الخبراء "فقاعة المبتدئين". ويظهر الشكل أدناه سرعة نمو شعور المشاركين بدقة تشخيصهم وتخطي ذلك الشعور لواقع مهاراتهم الحقيقية.

مسارات مهنية

الموظفون الأفضل أداءً ليسوا دائماً أفضل المدراء

قبل حوالي نصف قرن وصف عالم التربية الكندي لورنس بيتر ما بات يعرف اليوم بـ "مبدأ بيتر"، الذي يوضح أن المدراء "يصلون إلى هذا المستوى من عدم الكفاءة" لأنه يتم ترقيتهم على أساس أدائهم في وظيفتهم الراهنة، حتى ولو كان من غير المتوقع أن يترجموا ذلك الأداء العالي إلى نجاح في وظيفتهم اللاحقة. ومع أن هذا المبدأ قد غدا مقبولاً ويستخدم كقول مأثور، إلا أنه لم يتم التحقق منه تجريبياً على نطاق واسع – حتى قام بحث حديث باستكشاف ما إذا كانت الشركات تقوم حقاً بتجاهل أفضل مدرائها المحتملين لصالح موظفين يمتلكون مهارات تقنية أفضل. درس الباحثون بيانات أداء 53,035 وكيل ومدير مبيعات في 214 شركة في قطاعات اقتصادية متنوعة (يعد حقل المبيعات مثالياً لدراسة هذه الظاهرة، حيث يمكن قياس الأداء بسهولة)، ووجدوا أولاً أن نجاح الموظف كوكيل مبيعات كان يؤشر فعلاً إلى احتمال ترقيته، فكل زيادة في رتبة المبيعات (ما يعني مضاعفة المبيعات) كانت تزيد فرصة الوكيل المعني بأن يصبح مديراً بنسبة 15%. كما وجدوا ثانياً أن أداء الوكيل في المبيعات يتناسب عكساً مع نجاحه كمدير، فكل زيادة في رتبة المبيعات كانت مرتبطة بانخفاض بنسبة 7.5% في أداء مرؤوسي الوكيل المعني الذي أصبح مديراً جديداً. وقد أظهرت الدراسة أيضاً أن الوكلاء المعتادين على تشارك عمولاتهم مع زملائهم – ما يعني أنهم يعملون بشكل جماعي لإبرام الصفقات – كانوا مدراء أفضل ممن يطلق عليهم "الذئاب المنفردة".

لكن، وكما يرى الباحثون، لا تعني هذه النتائج بالضرورة أن سياسات الشركات التي تتبع هذا النهج مضللة، بل إنهم يشيرون إلى أن "الشركات قد تبالغ في زيادة أعباء العمل على الموظفين الحاليين عندما تتخذ قرار ترقيتهم، وذلك حرصاً منها على تشجيع الموظفين على الاجتهاد في وظائفهم الراهنة والحفاظ على مستوى عال من تكافؤ الفرص". لكن يتعين على القادة تقدير تكاليف انتقال موظفيهم الأفضل أداء إلى المواقع الإدارية والنظر في إمكانية مكافأتهم عن طريق منحهم التعويضات المالية لا الترقية الوظيفية. وبوسع القادة أيضاً التفكير في اعتماد نهج المسار الوظيفي المزدوج – واحد للموظفين الذين يتمتعون بمهارات تقنية متميزة وآخر لأولئك الذين يتمتعون بإمكانيات قيادية بارزة.

حول البحث: "الترقيات ومبدأ بيتر"، ألان بينسون ودانيال لي وكيلي شو (ورقة عمل).

ابتكار

السياسات الاجتماعية تدعم تسجيل براءات الاختراع

الابتكار عملية اجتماعية والسياسات الحكومية تؤثر في كيفية تفاعل الناس مع بعضهم البعض. وقد خلص بحث جديد إلى نتيجة مدهشة: لقد أظهرت دراسة لكافة براءات الاختراع المسجلة في الولايات المتحدة في الفترة الممتدة بين 1990 و2007 أن الولايات التي تطبق سياسات اجتماعية واقتصادية أكثر حرية متعلقة بالزواج وبيع بعض الأدوية تحت إشراف طبي. قد حققت لاحقاً ارتفاعاً ملحوظاً في ناتج ابتكاراتها قياساَ إلى عدد براءات الاختراع التي تم منحها. وفيما راقب الباحثون المتغيرات الأخرى. وأشارت الدلائل إلى أن العلاقة بين السياسات الاجتماعية والابتكار هي علاقة سببية، حيث يرى الباحثون أن "سياسات التحرر الاجتماعي على مستوى الولايات تؤثر بشكل كبير في سويات الابتكار على المستوى المحلي".

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي