إطار عمل جديد للتعويضات التنفيذية

5 دقائق
التعويضات التنفيذية

إليك هذا المقال الذي يتحدث عن التعويضات التنفيذية تحديداً. تختلف طبيعة التغيير في عالم الأعمال التجارية اليوم عن الماضي من حيث الحجم والسرعة، حيث تعمل التكنولوجيا على زعزعة نماذج الأعمال الأساسية مسفرة عن حدوث تحولات في جميع القطاعات. ووفقاً لدراسة أجرتها شركة "أكسنتشر" (Accenture) عام 2019، فإن 71% من أصل 10,000 شركة في 18 قطاعاً صناعياً هي "في خضم زعزعة كبيرة أو على وشك التعرض إلى زعزعة كبيرة". وبالمثل، اختتمت شركة "ماكنزي" (McKinsey) دراسة رئيسة حول قطاعات صناعة السيارات والإلكترونيات والفضاء الجوي والدفاع بقولها: "ستشهد القطاعات الصناعية مزيداً من الزعزعة خلال السنوات الخمس المقبلة مقارنة بالسنوات العشرين الماضية مجتمعة".

في الوقت نفسه، تعمل القوى المجتمعية وأولويات الأعمال التجارية الجديدة على تقويض أولوية المساهمين وتعزيز مصالح أصحاب المصلحة الآخرين. وخرج الاستقرار الاستراتيجي من دائرة الأضواء لصالح الرشاقة الاستراتيجية.
ومع ذلك، لم تجرِ مطابقة الاستجابات لهذه الزعزعة مع تصميم نظام الحوافز على المدى الطويل، حيث تكافئ خطط المكافآت التقليدية المسؤولين التنفيذيين على نجاحهم على مدار 3 سنوات. ونظراً إلى أن الشركات تتنافس اليوم على إعادة تشكيل أعمالها التجارية على مدى فترات زمنية أطول، لا يزال المسؤولون التنفيذيون مقيّدين بهيكل تعويضات قائم على التغيير التدريجي بدلاً من تمتّعهم بتحول جذري في هيكل التعويضات، ويُشير التباين هذا إلى أن النزاع هو أمر لا مفرّ منه.

وليس من المستغرب أن يزداد قلق مدراء الإدارة الذين نتحدث معهم عبر لجان التعويضات التنفيذية في مجلس الإدارة. هل يمكن لخطط الثلاث سنوات التقليدية أن تشجّع المسؤولين التنفيذيين على التهاون في الأداء على المدى الطويل؟ هل انعدام المرونة في هياكل خطط التعويضات يُعيق وجود محاور استراتيجية سريعة؟ كيف تتناسب مصالح أصحاب المصلحة مع الخطط التي تركّز على النتائج المالية فقط؟ نحصل على هذه الأسئلة من شركات التكنولوجيا التي نعتقد أنها شركات رائدة نسبة إلى قطاعات أخرى.

إن حل مشكلة عدم الترابط هذا غير واضح، ذلك أن وضع تصميمات خطط جديدة يطرح لغزاً واضحاً: كيف نحدد أهداف التحوّل على المدى الطويل؟ وكيف نحدد أهداف الرشاقة الاستراتيجية على المدى القصير؟ وكيف نضع أهدافاً لخلق بيئة عمل متكاملة لأصحاب المصلحة في الوقت نفسه؟ ألا يتطلب ذلك مقايضات لا يمكن التوفيق بينها؟

صمم خطط التعويضات التنفيذية مستندة إلى رسالة الشركة

اتضّح أن الإجابة عن هذا السؤال هي كلّا، إلا في حال قمت بتصميم خطط حوافز مستندة إلى رسالة الشركة، بدلاً من الاستراتيجية، وربط الأهداف وتعويضات الحوافز بتلك الرسالة بطريقة مُحكمة. يجب أن تقدّم رسالة شركتك إرشادات متسقة ومرنة لإجراء تحول على المدى الطويل، وأن توفر مناهج تدريب على منهجية أجايل، وأن تُكوّن بيئات عمل غنية بأصحاب المصلحة وتديرها وتعيد تشكيلها باستمرار.

وللحصول على إرشادات فاعلة، يجب أن تجيب رسالة الشركة عن أسئلة محددة يمكن تفسيرها في أهداف طويلة الأجل وقابلة للقياس:

  • من هو المستفيد؟
  • ما هي النتائج المطلوبة من أصحاب المصلحة لتحقيق هذه الفائدة؟
  • كيف يمكننا تحسين هذه النتائج باستمرار والتفوق على المنافسين؟

لنأخذ شركة الطيران "ساوث ويست أيرلاينز" (Southwest Airlines) كمثال على ذلك. تتمثّل رسالة الشركة في "التفاني في تقديم أعلى مستويات الجودة من خدمة الزبائن بأسلوب ودي ولطيف ويولّد الشعور بالفخر ويمثّل روح الشركة". في حين تتمثل رؤيتها في "أن تصبح شركة الطيران الأكثر شعبية والأكثر ربحية في العالم".

وتضم بيانات شركة "ساوث ويست" الأساسيات اللازمة لخلق تدابير حوافز قائمة على النتائج وأصحاب المصلحة والتي يمكن تحسينها وتقييمها كل عام بهدف التفوق على المنافسين. ومن الواضح أن الشركة تعتبر الزبائن والموظفين من ضمن أصحاب المصلحة الرئيسيين للاستفادة مع المساهمين. ويمكن لمدراء إدارة الشركة ربط الأداء بأهداف قابلة للقياس، مثل:

  • التدابير المتعلقة بالزبون، مثل صافي نقاط الترويج (الوفاء)، ودرجة رضا العملاء، ومعدل الاستنزاف
  • اندماج الموظفين، والسلوكيات، والرضا، أو معدل دوران الموظفين
  • عدد الركاب أو الأميال التي قطعها المسافرون
  • قوة العلامة التجارية نسبة إلى القطاع، على المدى الطويل
  • نسبة الإيرادات مقارنة بالمنافسين، على المدى الطويل
  • نسبة الربحية مقارنة بالمنافسين، على المدى الطويل

تُعتبر هذه التدابير دائمة وليست مرتبطة بخصائص الاستراتيجية المختارة لتحقيقها، بعبارة أخرى، لا تضع هذه التدابير قيوداً على التغييرات الاستراتيجية الرشيقة في أثناء إجراء التحول على المدى الطويل. وعلى الرغم من أنه سيتعين على المسؤولين التنفيذيين إجراء مقايضات قصيرة الأجل لصالح أحد أصحاب المصلحة، تشجّع هذه الأهداف الخيارات التي توفر توازناً للأداء المستدام على المدى الطويل. وتؤكد البحوث التي أجراها أليكس إدمانز في كلية لندن للأعمال وروب ماركي في شركة "بين آند كومباني" (Bain & Company) على أهمية خلق هذا التوازن. وتُظهر دراساتهم أن الشركات التي تتمتع بدرجة عالية من رضا الموظفين ونسبة عالية من صافي نقاط الترويج تتفوق على نظرائها بشكل جوهري.

ويعود إلى مجلس الإدارة قرار تضييق التركيز على اثنين أو ثلاثة من التدابير القائمة على رسالة الشركة والتي ستكون بمثابة الأساس لوضع خطة حوافز على المدى الطويل، ومن ثم تحديد الأهداف على أساس تلك التدابير. ويجب أن تكون الأهداف محددة وقابلة للقياس بما يكفي لتوجيه الإجراءات وإظهار التحسن في الأداء. وبغية استكمال الأهداف طويلة الأجل، يجب على مدراء الإدارة اعتبار الأهداف النهائية للحوافز السنوية أهدافاً متوسطة المدى بهدف قياس التقدم المحرز نحو تحقيق نتائج طويلة الأجل. وبالعودة إلى مثال شركة "ساوث ويست"، قد يتمثّل هذا الهدف في تحديد النسبة المئوية للرحلات التي أقلعت في الوقت المحدد مقارنة بجميع الرحلات الجوية.

تصميم حوافز قياسية لليومتصميم قياسي للمستقبلالأساس المنطقي
مستند الاستراتيجيةمستند إلى رسالة الشركة وهدفهاأكثر مرونة واستدامة
يركّز على المساهمينيركز على أصحاب المصلحةتركيز أوسع نطاقاً ليعكس رسالة الشركة
يركز على الأهداف الاستراتيجية متوسطة المدىيركز على نتائج أصحاب المصلحةتركيز متّسق على المدى الطويل
يركّز على الأهداف الماليةيركّز على الأهداف المالية وغير الماليةتواؤم أفضل مع نتائج رسالة الشركة/ أصحاب المصلحة
دورات خطط مستقلة متداخلةدورات خطط متكاملة باستخدام مقاييس النتائج نفسها في كل دورةالتركيز على المدى الطويل، وتجنب الأهداف السنوية المتناقضة
الأداء المدرج في الميزانيةالأهداف القابلة للتطور: (1) وفق مبلغ محدد خلال الدورة السابقة و(2) مقارنة بأداء الأقرانأكثر استدامة مع مرور الوقت مع تجنب ربطها بالخطط الاستراتيجية

والأهم من ذلك، يتجنّب هذا النهج الجديد نزاعات الأفق الزمني المعقدّة. قد يبدو هذا التغيير بمثابة إجراء بسيط، لكنه مهم في الواقع لمعالجة أحد الأسباب الرئيسة لتحقيق المكاسب السريعة وتعزيز الأداء على المدى الطويل. عندما توافق مجالس الإدارة كل سنة على مجموعة جديدة من أهداف الثلاث سنوات، فإنها تخلّف وراءها أهداف الثلاث سنوات التي لا تزال قائمة منذ العامين السابقين، وهو ما يخلق ثلاث مجموعات من الأهداف التي قد تتعارض مع بعضها البعض. وبدلاً من دورات الأهداف المتداخلة هذه، نقترح الانتقال إلى دورات الأهداف المتكاملة، حيث تبقى الأهداف ثابتة طوال دورة معينة، وتبقى التدابير كما هي في الدورات اللاحقة، في حين تصبح الأهداف أكثر صعوبة تدريجياً. ويُحمّل هذا النهج الجديد المسؤولين التنفيذيين مسؤولية تحقيق أهداف ثابتة طويلة الأجل وقائمة على النتائج.

كما يتجنب هذا النهج مفاوضات مجلس الإدارة المعقدة حول الأهداف التي ستُبنى عليها خطة التعويضات التنفيذية والحوافز. وبدلاً من الحصول على أجر لقاء بلوغ أهداف الميزانية التي جرى تحديدها في اجتماع تفاوضي مع مجلس الإدارة، سيكسب المسؤولون التنفيذيون تعويضات حوافز بناء على إظهار التحسن المستمر خلال العام السابق، وعلى قدرتهم المتعلقة في تفوقهم على أقرانهم.

وعندما يتعلق الأمر بالتعويضات المرتبطة بخطط الحوافز، يمكن لمدراء الإدارة أن يعرضوا على المسؤولين التنفيذيين الحصول على أسهم في الشركة بناء على تحقيق بعض النتائج القيّمة والقائمة على رسالة الشركة. ولتهدئة مخاوف المساهمين الذين يتوقون دائماً إلى التحقق من أن ثروات المسؤولين التنفيذيين مرتبطة بثرواتهم المستمدة من سوق الأوراق المالية، قد تتطلب خطط التعويضات أن يحتفظ المسؤولون التنفيذيون بكمية كبيرة من الأسهم على المدى الطويل، حتى بعد التقاعد.

ومع اتباع نهج إعادة تصميم الحوافز على المدى الطويل، سيمتلك مجلس الإدارة نهجاً مدعماً يعمل على حل مشكلة نقاط الفصل التي نشهدها اليوم، وتصبح تعويضات الحوافز مرتبطة برسالة الشركة. كما أن ربط الحوافز طويلة الأجل برسالة الشركة يتيح وجود توازن طبيعي جديد بين الحوافز السنوية والحوافز طويلة الأجل في التأثير على سلوك المسؤولين التنفيذيين. كما أنه يتيح لمجلس الإدارة مكافأة الإنجازات قصيرة الأجل في خطط المكافآت السنوية ومكافأة النتائج طويلة الأجل في الخطط طويلة الأجل.

وفي عصر التحول الاستراتيجي الجذري، قد لا يكون أمام المسؤولين التنفيذيين ومجالس الإدارة خيار سوى النظر في التعويضات التنفيذية وكيفية جعل الحوافز طويلة الأجل أفضل. وإذا كانت الشركات ترغب في الاستجابة للزعزعة والحفاظ على نهج الرشاقة، وحشد أصحاب المصلحة للعمل معاً على تحقيق أداء متفوق في بيئات العمل التجارية المستندة إلى البيانات اليوم، فهي تخاطر في التخلف عن منحنى التطور في حال التزامها بتصميم نظام حوافز قياسي وقائم على تحديد أهداف على مدى ثلاث سنوات استناداً إلى التدابير المالية. وقد تمثّل رسالة الشركة أو هدفها الموضح بالتفصيل في رؤيتها "المسار الصحيح" الذي يُعتبر امتداداً للماضي ونقطة انطلاق إلى المستقبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي