تكنولوجيا التسويق: كيف تتحول من تكلفة إلى ميزة تنافسية؟

6 دقيقة
تكنولوجيا التسويق
مارتن بول/غيتي إميدجيز

على الرغم من أن الشركات تستثمر مبالغ كبيرة في تكنولوجيا التسويق، فهي لا تستفيد منها بما يكفي، وأثرها ضعيف. أجرى فريقنا المكون من أكاديميين اثنين واستشاريين اثنين ورئيس تنفيذي للتسويق بحثاً لتحضير الدراسة الاستقصائية الخاصة بالرؤساء التنفيذيين للتسويق، سألنا فيه 292 من كبار خبراء التسويق عن طرق استخدامهم لتكنولوجيا التسويق والأسباب المحتملة لعدم تحقيقها أفضل النتائج.

أخبرنا قادة التسويق بأنهم يعتزمون إنفاق 24% من ميزانياتهم على تكنولوجيا التسويق هذا العام، بينما أشار نحو ثلث المشاركين في الدراسة (31%) إلى أن إنفاق أقسام التسويق على تكنولوجيا التسويق سيزداد بنسبة 55% في غضون 5 سنوات. لتكنولوجيا التسويق تأثير هائل على الشركات، وتشير التوجهات المتعلقة بالميزانية إلى أنه في ازدياد.

عندما سألنا: "ما هو أثر أدوات تكنولوجيا التسويق الحالية في أداء شركتك؟"، أفاد خبراء التسويق بأن درجة الأثر بلغت 4.7 على مقياس من 7 نقاط (تقابل فيه الدرجة 1 "لا تأثير على الإطلاق" و7 "لها أثر كبير"). وذكر 49% من المشاركين أن النتائج التي توقعوها لا تتوافق مع الأثر الحقيقي للتكنولوجيا، كما أفادوا أيضاً بأنهم لا يستخدمون 44% من أدوات تكنولوجيا التسويق التي اشتروها.

يثير التباين الصارخ بين الاستثمارات الكبيرة والمتزايدة في تكنولوجيا التسويق وأدائها المنخفض سؤالين: 1) ما هي العوامل المسببة لهذه الفجوة؟ 2) كيف يجب أن تدير الشركات أنشطتها في مجال تكنولوجيا التسويق منهجياً؟ تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن الفجوة بين الاستثمار والأداء تنشأ من التركيز المفرط على الجوانب التشغيلية لتكنولوجيا التسويق مقارنة بجوانبها المؤسسية.

تقرير الأداء المؤسسي لتكنولوجيا التسويق

لمساعدة المؤسسات على حل هذه المشكلة، نقدم تقرير الأداء المؤسسي لتكنولوجيا التسويق، الذي يلخص "أفضل الممارسات" المؤسسية لزيادة معدل استخدام تكنولوجيا التسويق وفعاليتها. يوفر تقرير الأداء نهجاً منظماً لتحديد العوائق التي تحول دون دمج تكنولوجيا التسويق في الشركات ومعالجتها، وذلك استناداً إلى تدابير مبلغ عنها ذاتياً. تستطيع الشركات إجراء قياس معياري لاستراتيجية دمج تكنولوجيا التسويق التي تطبقها بناءً على الممارسات العشر الأفضل التالية بهدف تحسين العناصر المؤسسية.

1. إعادة توجيه الاهتمام ليتعدى الميزانية.

تشير الدراسة الاستقصائية الخاصة بالرؤساء التنفيذيين للتسويق إلى أن أداء تكنولوجيا التسويق لا يرتبط بالإنفاق عليها؛ أي أن إنفاق المزيد لا يؤدي بالضرورة إلى تحسين الأداء. يبين ذلك أنه يجب على القادة النظر إلى ما هو أبعد من الإنفاق والتفكير أكثر في التوصل إلى طرق لتحقيق استفادة أكبر من هذه الأنظمة.

2. تحديد الأهداف الصحيحة.

يتبنى القادة تكنولوجيا التسويق لأسباب عديدة، منها أسباب إشكالية مثل تقليد المنافسين أو الانبهار بتكنولوجيا التسويق الجديدة المغرية. قارنا في الدراسة بين هذه الدوافع والدوافع التي لها أساس استراتيجي، مثل ضمان تحقيق أهداف الشركة وتوافق التكنولوجيا مع استراتيجيتها وأهداف تعزيز قيمة العميل.

بينت النتائج أنه عندما تستخدم المؤسسات تكنولوجيا التسويق التجاري لأسباب استراتيجية، يرتفع معدل استخدامها بنسبة 20%، بينما يكون أثرها أكبر بكثير. من المرجح أن هذه الميزة تنشأ لأن الدوافع الاستراتيجية السليمة قد تجعل تكنولوجيا التسويق مورداً قيماً في صناعة القرار بدلاً من مجرد أداة تسويقية أخرى. وغالباً ما يكون تبني الأدوات أسهل عندما يكون أساس هذا التبني استراتيجياً.

3. زيادة انتشار تكنولوجيا التسويق في الشركة.

قد تقتصر تكنولوجيا التسويق على مجال التسويق، لكن التسويق يكون أكثر فعالية عادة عندما يندمج بإحكام في عمليات المؤسسة الواسعة النطاق.

قيمنا صحة هذه الفكرة من خلال قياس فعالية أدوات تكنولوجيا التسويق في تحسين الأداء في كل جانب من جوانب استراتيجية الشركة عبر 6 مجالات استراتيجية، وهي التسويق ونظام إدارة علاقات العملاء والمبيعات وتجربة الزبائن ورؤى الزبائن والعمليات. تحسن الأداء في مجالي التسويق ونظام إدارة علاقات العملاء فقط في بعض الشركات، بينما كان متوسط التحسن في الأداء موزعاً بتوازن أكبر على المجالات الستة في شركات أخرى.

تبين النتائج أنه عندما تستفيد الأقسام على مستوى الشركة بأكملها من تكنولوجيا التسويق، يزداد الأثر المؤسسي الإجمالي لهذه التكنولوجيا من 4.2 (تركيز أضيق) إلى 5.4 (انتشار أوسع) على المقياس المكون من 7 نقاط السابق الذكر. يمكن توسيع نطاق استخدام تكنولوجيا التسويق ليشمل مختلف الأقسام من خلال إشراك المدراء من مختلف أنحاء الشركة في عمليتي تبني هذه التكنولوجيا وتحديد الأهداف من استخدامها. يجب أيضاً تنفيذ المزيد من برامج التدريب على استخدام هذه التكنولوجيا في كل مجال وظيفي.

4. إشراك الأشخاص المناسبين.

تشير بيانات الدراسة الاستقصائية إلى أن الشركات لا تمنح الأولوية للمتخصصين في تكنولوجيا التسويق. عندما طلبنا من المشاركين "تقييم التركيز على الأنشطة التالية عند إدارة استراتيجية تكنولوجيا التسويق"، كان المجال صاحب الأداء الأخفض هو "توظيف أصحاب المواهب لإدارة استراتيجية تكنولوجيا التسويق واستخدامها أو الاحتفاظ بهم". منح المشاركون الاحتفاظ بالموظفين درجة 4.1 على المقياس السابق الذكر. على النقيض من ذلك، يحظى "تحسين الأدوات الحالية أو تبسيط استخدامها" باهتمام أكبر بكثير؛ إذ منحه المشاركون درجة 5.3.

من الواضح أن معالجة هذا الخلل ضرورة؛ إذ إن تأسيس فرق غير مؤهلة قد يؤدي إلى تراجع كل من القيمة الموضوعية لتكنولوجيا التسويق ومصداقيتها المتصورة. يتطلب الحصول على أقصى استفادة من أحدث تكنولوجيات التسويق أن يرسخ القادة ثقافة التعلم والتطوير الدائمين، كما يجب عليهم إنشاء برامج مخصصة لإعداد الموظفين الجدد واستخدام هذه التكنولوجيا بطرق مفيدة.

5. دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في تكنولوجيا التسويق.

أفادت الشركات التي شملتها دراستنا بأنها تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي فيما يبلغ متوسطه 15% من أنشطتها التسويقية. تستخدم الشركات ذات الأداء فوق المتوسط الذكاء الاصطناعي التوليدي في 32.1% من أنشطتها التسويقية، بينما تستفيد الشركات ذات الأداء تحت المتوسط من هذه التكنولوجيا فيما يبلغ متوسطه 4.3% فقط من أنشطتها. بالإضافة إلى ذلك، كان أثر تكنولوجيا التسويق في الشركات ذات الأداء فوق المتوسط أعلى بنسبة 10-20%. لهذا السبب، يبدو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي وتكنولوجيا التسويق هما مقومان متكاملان؛ إذ يعزز كل منهما فعالية الآخر وينتميان إلى الأنظمة نفسها غالباً. للأسف، سمعنا عن خبير تسويق يجري عملية من 27 خطوة لنشر مدونة واحدة، وهذه ممارسة غير مستدامة بالمطلق ويمكن الاستغناء عنها باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.

6. تمكين قادة التسويق.

يولد عامل القيادة تبايناً مذهلاً في فعالية تكنولوجيا التسويق. في المؤسسات التي يقود فيها قسم التسويق مبادرات تكنولوجيا التسويق (66% من الشركات التي شملتها الدراسة)، يكون أثر هذه التكنولوجيا أعلى بنسبة 25% من نظيره في المؤسسات التي تقود فيها الأقسام الأخرى هذه المبادرات، ومنها قسم تكنولوجيا المعلومات. يسلط هذا التفاوت الضوء على أهمية تمحور النهج حول التسويق؛ إذ إن تركيز خبراء التسويق على العملاء يزيد احتمال تحديد التكنولوجيات المناسبة واستخدامها بفعالية بهدف حل مشكلات العملاء واغتنام الفرص ذات القيمة بالنسبة لهم.

7. تضمين مقاييس للأثر الطويل الأجل.

تستخدم الشركات مجموعة متنوعة من المقاييس لتقييم أثر تكنولوجيا التسويق. يقيم بعض هذه المقاييس الأثر القصير الأجل، مثل توليد العملاء المحتملين وتحويل العملاء المحتملين إلى عملاء فعليين والتفاعل مع المحتوى، وتستخدمه نسبة 60% أو أكثر من الشركات التي شملتها الدراسة. يقيم البعض الآخر الأثر الطويل الأجل، مثل رضا العملاء والولاء والقيمة الدائمة للعميل، وتستخدمه نسبة 50% من الشركات المشمولة في الدراسة.

تشهد المؤسسات التي تركز على مقاييس الأثر الطويل الأجل ارتفاعاً أكبر في أثر تكنولوجيا التسويق مقارنة بالمؤسسات التي تركز على مقاييس الأثر القصير الأجل، ما يجعل التركيز على مقاييس الأثر القصير الأجل مفاجئاً. إذا كانت مقولة "إذا تمكنت من قياسه، فستتمكن من إدارته" صحيحة، فإن التركيز الطويل الأجل على علاقات العملاء بدلاً من مجرد إجراء المعاملات يجب أن يقتضي أن يركز المدراء على تحفيز العملاء للشراء مجدداً من شركاتهم وتعزيز ولائهم لها.

كما أن المقاييس تعكس القيمة؛ إذا تركز تطبيق تكنولوجيا التسويق في الأنشطة التكتيكية أو النشاطات القصيرة الأجل فقد ينظر موظفو الشركة إليها على أنها أقل قيمة، وسيؤدي ذلك بمرور الوقت إلى تقويض مصداقية تكنولوجيا التسويق بصفتها منصة استراتيجية فعالة.

8. تعزيز الإبداع لزيادة أثر تكنولوجيا التسويق.

تستطيع الشركات زيادة فعالية تكنولوجيا التسويق من خلال تعزيز الإبداع في تطبيقها. اختبرنا هذه الفكرة من خلال تقييم إجابات القادة عن السؤال: "هل يعتمد النجاح الطويل الأجل للمؤسسة على قدرتها على توليد الأفكار الإبداعية التي تحدث تحولاً في الأعمال؟" (إذ تقابل الدرجة 1 "غير موافق إطلاقاً" والدرجة 7 "موافق بشدة")، ثم نظرنا في ارتباط تقييمات القادة مع أثر أداء تكنولوجيا التسويق. بينت النتائج أن أثر تكنولوجيا التسويق يزداد كلما كانت تقييمات الإبداع التي قدمها القادة أعلى. يزداد احتمال حدوث ذلك عندما تركز المؤسسات على عناصر استراتيجية العلامة التجارية والاستراتيجية الاجتماعية و(أو) استراتيجية نظام إدارة علاقات العملاء.

9. ركز على العملاء.

من المحتمل أن يصل الاعتماد على التكنولوجيا لدرجة تصبح فيها هي الأساس بدلاً من أن تخدم أهداف المؤسسة. ليس صعباً أن تنسى المؤسسات أن الهدف الرئيسي هو توليد المزيد من الإيرادات وخفض التكاليف. اختبرنا هذه الفكرة من خلال طرح أسئلة على القادة تتعلق بتركيزهم على العملاء، مثل: "هل تعرف الشركة كيف تحدد العملاء الأكثر مشاركة؟"، و"هل تستطيع الشركة جمع البيانات المتعلقة بالعملاء الأكثر مشاركة وتحليلها؟"، و"هل تستخدم الشركة الرؤى بفعالية لإدارة العملاء الأكثر مشاركة؟" (إذ تقابل الدرجة 1 "لا على الإطلاق" والدرجة 7 "نعم"). في الحالات جميعها، أفادت الشركات التي تتمتع بدرجات أعلى في هذه المهام الاستراتيجية التي تركز على العملاء أن أداء تكنولوجيا التسويق فيها أعلى.

10. إجراء عمليات تدقيق منتظمة على أنظمة تكنولوجيا التسويق.

يتطلب شراء تكنولوجيا التسويق جهداً كبيراً ونفقات كبيرة، ومن المعتاد أن تؤسس الشركات الفرق أو المجموعات الكبيرة المتخصصة في تقييم التكنولوجيات التي يمكن اعتمادها. مع ذلك، فإن الشركات لا تدقق أداء هذه التكنولوجيات بعد شرائها إلا نادراً. على الرغم من أن ضبط الأدوات وتركها تعمل وحدها يمثل خياراً مغرياً، فإن هذه الأدوات تفشل غالباً بسبب عدم استخدامها أو عدم دمجها في المنصات الأخرى أو لأنها تصبح قديمة ولا تواكب الابتكارات السريعة التغير في مجالها.

عندما طرحنا على المشاركين السؤال: "هل تجري على أدوات تكنولوجيا التسويق في شركتك عمليات تدقيق وتقييم منتظمة؟"، أجاب 30.9% فقط منهم بأنهم يجرون عمليات تدقيق كل 6 أشهر أو أقل. مع ذلك، لاحظنا أن أثر تكنولوجيا التسويق ينخفض بدرجة كبيرة عندما تمتنع الشركات عن تقييم الأدوات قبل نصف سنة من شرائها. الآليات المتبعة في عملية التقييم، مثل التحري وجمع البيانات وتحليلها وإجراء المناقشات، لا تقل أهمية عن التدقيق؛ إذ إن النقاشات توضح الهدف من استخدام تكنولوجيا التسويق وتذكر من يستخدمها بطرق استخدامها السليمة. إذا أجرت المؤسسات تقييمات الأداء بالطريقة الصحيحة فستعالج أوجه القصور في تكنولوجيا التسويق وتساعد على اتخاذ القرار بالاستغناء عن الأدوات التي لا تتمتع بأداء جيد. الأهم من ذلك هو أن عملية التقييم تصبح أدق من خلال فحص حالات الاستخدام ومبادرات تكنولوجيا التسويق قيد التنفيذ.

تزيد الشركات إنفاقها على تكنولوجيا التسويق لقدرتها على زيادة طلب العملاء وخفض التكاليف. تشير الأدلة التي كشفناها إلى أن الحصول على هذه الفوائد يعتمد جزئياً على دمج تكنولوجيا التسويق في مختلف أقسام المؤسسة. يقدم تقرير الأداء المؤسسي لتكنولوجيا التسويق التي أنشأناها إطار عمل يستطيع القادة استخدامه لتقييم استثماراتهم بهدف زيادة أثرها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي