تعرف على أسرار شركة “آيديو” لإشعال حماسة الموظفين

3 دقائق
إشعال حماسة الموظفين

ربما تبدو قصة نشأة شركة آيديو (IDEO) للوهلة الأولى ضرباً من الخيال أو أسطورة من الماضي، لكنها حقيقة واقعة، حيث أسس ديفيد كيلي شركته بهدف بسيط، ألا وهو خلق بيئة عمل مكونة من أفضل أصدقائه. والتزم بذلك حقاً في بداية الأمر، حين أحضر أحد أقرب أصدقائه لمعاونته في إطلاق شركته التي أصبحت لاحقاً آيديو من وادي السيليكون.

وها نحن أصبحنا في غضون أكثر من 30 عاماً لتصميم الشركة العالمية والتي يعمل لديها ما يزيد عن 650 موظفاً. بالتأكيد، لم نصل إلى هذا العدد بتوظيف أصدقائنا فقط، غير أنّ الذهنية التي بدأ بها ديفيد ما زالت تُلهم الطريقة التي نعمل بها. فالمبادىء الأربعة التي تقوم عليها ثقافة الشركة هي في الواقع مستوحاة بشكل مباشر من البيان التأسيسي الذي أعده وتهدف إلى إشعال حماسة الموظفين وتحفيزهم، ونحن نعتقد أنها عوامل أساسية للحفاظ على انخراط الموظفين الفعال في أعمالهم خلال أية شركة، فضلاً عن شركتنا. 

اقرأ أيضاً: لماذا تعمل المؤسسات على تدريب موظفيها وتعليمهم مهارات جديدة؟

الإذن باللعب 

عندما يلعب الناس مع بعضهم، فإنّ عرى الصداقة بينهم تتوثق ويصبحون أكثر جرأة على ركوب المخاطر وتخيّل إمكانات جديدة مع بعضهم البعض. فالموظفون بحاجة لأن يدركوا أنّ التجريب ليس مسموحاً به فحسب، بل هو مُرحّب به بشدة. واستطعنا إحراز ذلك في آيديو من خلال عمل مساحات الصناع (maker spaces) التي توفر للموظفين البيئة الملائمة والمواد والأدوات اللازمة لبعث الحياة في أفكارهم، حيث لا تخطيء العين في كل غرفة اجتماعات. "عدة العصف الذهني" (brainstorm kits) التي تتضمن وريقات لاصقة (Post-It) وأقلام شاربي (Sharpie) لتعطي كل المشاركين انطباعاً جاداً أنّ لديهم الحرية للتعبير عن أفكارهم بأكثر من طريقة. كما يتشارك الموظفون في صنع بيئة العمل الخاصة بهم. على سبيل المثال، قمنا مجتمعين في مكتب نيويورك، حيث أعمل بتصميم "أكشاك الهاتف" الخاصة بنا، أو إنشاء غرف للمحادثات الخاصة مع إعطاء كل منها صِغة ترتبط بشخصية مشهورة من المدينة (وودي آلين، روبرت دي نيرو). لدينا كذلك "وقفات سياحية" (وهي مساحات مهيئة للزوار ليأخذوا انطباعاً عما يصنعه موظفونا وما يولونه اهتمامهم). ونحاول باستمرار ابتكار طرق جديدة لتحويل العادي الممل من المهام إلى جذاب ممتع. وأحد الطقوس التي نتبعها تكمن في إدراج صور متحركة في تعميماتنا الإلكترونية للموظفين ليكون منها قصص تُروى، ونُنشيء جمعاً مترابطاً، ونشجع الحوار.

غاية مشتركة، ومعدّلة بحسب المكان

إنّ بيان الغاية الخاص بشركة آيديو (أثر إيجابي وغير متكافيء في العالم من خلال التصميم) يُعد طموحاً ورحباً في آن معاً. فهو يفيد من ناحية في إلهام العاملين في استديوهاتنا حول العالم، لكنه يعجز من ناحية أخرى في مساعدتهم على اكتشاف الرابط بين عملهم وبلوغ تلك الغاية. (كيف يكون لي أثر إيجابي وغير متكافيء؟ من أين أبدأ؟ هل تنهل اهتماماتي وشغفي وتلك الخاصة بالشركة من معين واحد؟) وهو ما دفعنا للطلب من مكاتبنا لإعادة صياغة غاية آيديو بحيث تكون متوافقة مع الاستديوهات والأسواق التي يعملون فيها. مثلاً بيان الغاية المحلي في الصين يكون على الشكل التالي "خلق قيمة جديدة للبلاد عبر تمكين القادة المستنيرين من معالجة التحديات النظامية"، بينما في لندن يكون "تمكين المؤسسات من تقديم خدماتها وتجاوز وعودها لعملائها"، في حين أنه في مكتب أكبر مثل مكتب سان فرانسيسكو  في أميركا، فإنّ كل تخصص تجاري يصوغ عبارة الغاية الخاصة به كما هو الحال في استديو الأغذية والعصائر، حيث يعبرون عن أنفسهم من خلال "إيجاد الحلول لمشكلة الغذاء في العالم عبر الوصل بين عالم الطهي وعالم العلم". إذ يساعد هذا الموظفين على تحديد العمل الذي يوافق مهاراتهم والموقع الوظيفي الذي يكونون فيه أكثر اندماجاً ونجاحاً في المؤسسة.

اقرأ أيضاً: المكافآت مهما تكن صغيرة، فإنها تحفّز الآخرين على بذل قصارى جهدهم.

عقد اجتماعي 

ربما سمعت عن "كتاب آيديو الصغير" (Little Book of IDEO) الذي تحدثنا فيه عن القيم السبع المشتركة التي تجمعنا: كن متفائلاً، تعاون، تعلم من الفشل، احتضن الغموض، تكلم أقل واعمل أكثر، تملّك عملك، وأخيراً، ساعد الآخرين على النجاح. فهذه القيم في واقع الأمر هي التي نستلهم منها عقدنا الاجتماعي، حيث تجعل الفرق تدير أعمالها من دون الحاجة للإشراف والإدارة، كما تجعل الناس يذوقون طعم النجاح. ووجدناها ذا فائدة عظيمة في إشعال حماسة الموظفين ,تطوير العاملين، ذلك أنه يندر أن يوجد في من نوظفهم من يحتاج إلى تطوير في مجال عمله، لكن في بعض الأحيان يكونون بحاجة إلى الدعم لضمان التزامهم بتلك القيم.

الإبداع من الأسفل إلى الأعلى 

إنّ التوجيهات القادمة من أعلى الهرم لا تعطي ثماراً يانعة في آيديو، فقد تعلمنا أنّ أفضل الأفكار والإمكانات الجديدة عادة ما تنبع من أسفل سلم الهرم الوظيفي وتترقى صعوداً عبر جهود والتزام شخص ما. على سبيل المثال، فإنّ أحد أعمالنا التجارية الأسرع نمواً يركز على التعليم. إذ قامت الموجهة الإدارية ساندي سبيتشر التي تقود هذا العمل بتأليف فريق من 23 شخصاً يعملون على مشاريع تمتد عبر العالم انطلاقاً من إيمانها العميق بأنّ ميدان التعليم الذي تشغفه لا بدّ أن يكون له نصيب من إسهامات آيديو. وعندما يرغب القادة بإطلاق مشروع ما، نقوم دوماً بشرح مبرراته ونعطي معالماً واضحة حول النتائج المطلوبة كي نساعد فريق العمل على الاصطفاف معاً لتحقيق هدف مشترك. فأحسن الاستراتيجيات هي تلك التي يتبناها الناس بأنفسهم.

في عالم حيث العثور على المواهب صعب واستبقاؤها أكثر صعوبة، تنجح الشركات حين تعمل على إشعال حماسة الموظفين والحفاظ عليهم منخرطين بكفاءة، وسعداء، وراضين. فلا يوجد حل سهل لإدراك تلك النتيجة. وقد ساعدت هذه المباديء الأربعة شركة آيديو على أن تقطع شوطاً بعيداً في تحقيق هذا الهدف.

اقرأ أيضاً: 4 استراتيجيات يمكن استغلالها للاحتفال بالإنجازات بطريقة هادفة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي