3 مبادئ عملية لإدارة ناجحة لمشاريع البحث والتطوير الكبرى

4 دقائق
ميراج سي/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لا تخلو إدارة مشاريع البحث والتطوير طويلة الأمد من تحديات تتعلق بطبيعتها، حتى أن تطبيق أي أسلوب لإدارة تلك الأزمات يجد صعوبة في التعامل معها. وهنا، تظهر ثلاثة عوامل رئيسية للنجاح في إدارة المشاريع الكبيرة؛ وهي تستلهم تجربة لافتة حديثة خاضتها لشركة لاتيس (Lattice)، وهي شركة ناشئة متخصصة في ابتكار برمجيات الموارد البشرية. أولاً، أن ضمان التزام الفريق التنفيذي يكفل تحمل المخاطر، وتنفيذ نهج مرن عند تحديد الميزانية. ثانياً، يستدعي تحديد التوقعات وحصرها، لا سيما في إدارة مشاريع البحث والتطوير، تواصلاً شفافاً فيما يتعلق بالجداول الزمنية للتسليم، وعنايةً فائقةً بثقافة التعلم والقدرة على التكيف. وأخيراً، تتوقف القيادة الحقة ونجاح المشروع على تحمل النتائج وتبعاتها، ومساندة صنع قرارات جريئة، وضمان تركيز فرق العمل على مهامها دون خوف من لوم. وبتبني هذه المبادئ، تتمكن الشركة من إدارة أعقد المشاريع بكل ثقة ومرونة.

مع مرور الوقت، تتعاظم تحديات إدارة المشاريع بقدر تعاظم نطاق تنفيذها، وخاصة تلك التي أساسها البحث والتطوير. وتصعب إدارة مواعيد التسليم النهائية وتخصيص الموارد على المدى البعيد. وحتى أجايل (agile)، الذي يعد أشهر تطبيق لإدارة المشاريع وأكثرها مرونة، يجد صعوبة بالغة في التعامل مع المشاريع طويلة الأمد. وهذا لأن مساعي الابتكار طويلة الأمد، من قبيل مشاريع البحث والتطوير التي يعكف عليها فريق خبير مختص، تفتقر غالباً إلى تلقي تقييم دوري من المستخدمين النهائيين، وهو متطلب ضروري في نهج الإدارة المرن.

ولا ينبغي أن نفهم من ذلك عدم إمكانية إدارة مشاريع الابتكار بفعالية. لقد أعلنت لاتيس، الشركة الناشئة في ابتكار برمجيات الموارد البشرية، حيث أشغل بها منصب المدير العام، عن تأسيسٍ كبيرٍ بينما انتهينا من تحديث منتجاتنا الحالية.

وفيما يلي، أعرض عليك ثلاثة عوامل مجدية ساعدتنا في تحقيق النجاح.

الحصول على تفويض تنفيذي

تنطوي التأسيسات الكبيرة، بطبيعتها، على درجة مخاطر أعلى من النهج التدريجي. لذلك من المهم أن تحيط قيادة الشركة بهذه المخاطر وتتقبلها منذ البداية. وبينما يمكن للقائمين على مشروع صغير التحقق من مدى تقبل السوق للمنتَج خلال التنفيذ، تتكبد المشاريع الأكبر حجماً تكاليف لا يستهان بها للبحث والتطوير قبل أن تتحقق من رأي المشترين المحتملين. فإذا ما ضعف التزام الفريق التنفيذي خلال الفترة، يواجه المشروع خطر الإغلاق.

ومن المعتاد في تنفيذ المشاريع أن تتحدد الأهداف ومقاييس النجاح منذ البداية. ولكن التكهن بمستقبل الأرباح والتكاليف أجدى في المشاريع الكبيرة على وجه التحديد. وبمقدور فرق المشروع التعاون مع خبراء ماليين في وضع خطط متنوعة لتوظيف الأفراد وتحديد الموارد وفق ظروف مختلفة. وبهذا، يضبطون الميزانية بمرونة أكبر، فلا يخرجون عن نطاق الإنفاق المتفق عليه.

ومع اتضاح ملامح مسارات مستقبلية ممكنة، يتسنى ربطها بجداول زمنية مقترحة، حيث يمثل سقف الإنفاق أقصى حد للموارد التي يمكن تخصيصها بصورة منتجة للمشروع، ويمثل خط أساس الإنفاق الحد الأدنى من الموارد المطلوبة لتحقيق تقدم مقبول في تنفيذ المشروع.  وبينما ينشأ المشروع، يمتلك قادة الشركة والقائمين عليه إطاراً مشتركاً لإدارة المخاطر الصعبة لمثل هذه المشاريع الكبيرة.

تحديد التوقعات

يصعب تقدير الوقت والمجهود اللازمين لتنفيذ مشاريع البحث والتطوير ذات مواعيد التسليم النهائية المعلنة سلفاً. فمن التحديات المألوفة أن آخر مراحل تنفيذ المشروع هي الأكثر استنزافاً للوقت في المعتاد. لأن اللمسات الأخيرة تستحوذ على أغلب الجهد. كما أن تصورات التنفيذ تتغير وتتبدل مع التقدم في مراحل تنفيذ المشروع. وبالتالي، يضطر مدير المشروع، مهما كانت كفاءته في توقع التحديات مسبقاً، إلى تعديل المواعيد النهائية بينما يجري العمل بالمشروع.

ولمعالجة هذه المشكلة، يستحسن التعريف بمواعيد التسليم في هيئة نطاقات زمنية بعينها، وليس أياماً محددة.  في شركتنا، نبلغ عن تاريخي تسليم: تاريخ مستهدَف وتاريخ التزام.  فالتاريخ المستهدف هو الذي نرى وفق أسس منطقية إمكانية أن نفي به على أساس فهمنا الحالي للعمل الجاري.  أما تاريخ الالتزام فهو أقصى موعد للتسليم، وفي حال عدم الوفاء به نتيقن من أن ثمة شئ ما خطأ.

وأهمية التقدير بطريقة كهذه هي أن الجميع يعلم بالفعل أن مدير المشاريع الكفؤ يسجل تقديراته، ولكن إذا كانت هذه التقديرات غير شفافة، فإن الأطراف الأخرى التي يعتمد العمل عليها ستعمد إلى معرفة “التاريخ الحقيقي” للتخطيط لعملها.  وتحسن شفافية هذا الاقتطاع من مسارات التواصل هذه، وتساعد على ضمان إمكانية جدولة أي عمل ذي صلة من خلال فهم أوضح لمخاطر الجدول الزمني القائمة.

ولا تقل إدارة التوقعات مع فريق المشروع أهمية، خاصة في المشاريع الكبيرة التي تشهد متغيرات عدة أثناء التنفيذ، ذلك لكثرة الاكتشافات المتواصلة خلال العمل. فخلال عمليتنا الأخيرة، تجنبنا تماماً عبارات من قبيل “سنبني الكثير وسنتخلص من بعضه، ولا بأس في ذلك”.  كان هناك بالفعل هدف نهائي نطمح إلى تحقيقه، ولكن نجاحنا يعتمد أكثر على عدد تجاربنا ومدى اتساع نطاق ما تعلمناه، خاصة خلال النصف الأول من البناء.

وهناك مقولة (ظني أنها مختلقة) لتوماس إديسون وقت أن كان يحاول إيجاد المادة المناسبة لفتيلة المصباح الكهربائي: “لم أفشل أبداً في صنع مصباح كهربائي. كل ما في الأمر أنني وجدت 99 طريقة لا يُصنع بها”. وهذا ميل قوي للتجريب من شأنه أن يقدم قصة نجاح قائم على التعلم وتحسن الأداء (في مقابل الكفاءة، على سبيل المثال)، وبالتالي يساعد في استمرار ارتفاع معنويات فريق المشروع.

تحمل المسؤولية عن النتائج

من الضروري في مشاريع البحث والتطوير طويلة الأمد أن يتحمل مدير المشروع المسؤولية عن نتائجه. وهي قد تبدو مسألة مبدأ، إلا أنها ذات جانب عملي في الواقع: أنت تحصل على أفضل أداء من فرق المشاريع عندما تركز على المهام التي بين أيديها، دون تشتيت نتيجة التفكير في المخاطر المحتملة.

وعندما يتحمل مدير المشروع مسؤولية الاختيارات الصعبة، فإن ما ينجم عن ذلك من أمان نفسي يرفع العبء عن كاهل الفريق. وفي كثير من الأحيان، يتردد فريق المشروع في اتخاذ القرار، خشية عواقب الفشل. وهو حذر يؤدي إلى تفضيل الاستراتيجيات الآمنة إلى حد مبالغ فيه، أو إلى تعطل صنع القرار وإخضاعه لمناقشات اللجان التي لا تنتهي.

لكن مدير المشروع الذي يقول لفريقه: “زودوني بأنسب توصياتكم، وسوف نطبقها. وفي حال ظهرت مشاكل، فسوف أتحمل المسؤولية عنها ونتعاون في حلها”، يضمن بقاء فريقه على المسار الصحيح، بكل تفانٍ، ومتحرراً من عوائق غير ضرورية. ويستحسن أن تعمل قيادة الشركة على تشجيع بيئة عمل لا تخشى تبعات اللوم، فهذا مهم لترسيخ روح الجرأة وتحمل المسؤولية لدى مدير المشروع، التي تنعكس على الفريق بأكمله، بما يحفز الابتكار وفعالية الأداء واتباع نهج حكيم في التعامل مع تحديات المشروع ومصاعبه.

تتطلب إدارة المشاريع، خاصة في مشاريع البحث والتطوير الكبيرة طويلة الأجل، الجمع بين التزام القيادة ووضوح توجيه الرسائل وشجاعة تحمل المسؤولية. علمتنا تجربتنا في لاتيس أن أسس النجاح هي الثقة والشفافية والقدرة على التكيف، ومن ثم دقة التخطيط ونموذجية التنفيذ. وفريق المشروع الذي يغرس هذه المبادئ في أساس نهج إدارة المشروع قادر على مواجهة أشد التحديات صعوبة بكل ثقة ومرونة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .