إدارة الموظفين ليست بالأمر السهل، فعندما تتفاقم العداوة بين اثنين من موظفيك لتصل إلى مرحلة العداوة، عليك التصرف لتقليل التوتر وعودة الفريق إلى مساره الصحيح. لكن قبل أن تستعين بوسيط محترف، تذكّر أن هذه المهمة من صميم عملك بوصفك مديراً. وفي حال استطعت معرفة السبب الرئيسي لمخاوف موظفَيك فستكون قادراً على حل الخلاف وإعادة العلاقة بينهما. وإذا فعلت ذلك بطريقة سليمة، فستتحول المخاوف من عامل كراهية إلى عامل ثقة بين الطرفين. جرّب الطريقة الآتية للوصول إلى جذر المشكلة وحل الخلاف بصورة نهائية.

قبل معالجة التوتر الشخصي بين الموظفَين، من المهم أن تتأكد أن الخلاف لا ينبع من قضايا ذات منشأ تنظيمي أو إداري في الفريق. أولاً، تأكد أن الموظفَين يعرفان حدود مهامهما بوضوح، ويفهمان ما هو متوقع منهما دون لبس، ويعلمان مجموعة التدابير والمكافآت التي تعزز التعاون وليس المنافسة. واحرص على بناء علاقة تسهم في نجاح الفريق.

فكر في مدى استيائك منهما ورأيك بهما قبل التحدث إليهما. ففي حال سئمت من تفهّم مواقفهما وفقدت الرغبة أو القدرة على ذلك، فلن تكون في وضع يسمح لك بتقديم المساعدة. الكراهية نتاج سوء التواصل وسوء الفهم والخوف، ويمكن للمشاركة الوجدانية أن تحل المشكلة. ابدأ بالافتراض الإيجابي بأنهما طيبان لكنهما يواجهان موقفاً صعباً. تمالك نفسك، وإلا ستثير المزيد من القلق لدى الأشخاص الذين تحاول تهدئتهم.

عندما تكون مستعداً، تحدث إليهما دون تردد وقدِّم ملاحظاتك حول أعراض المشكلة في علاقتهما. على سبيل المثال: “عندما تحدث خالد أظهرت تعابير وجهك علامات الاستياء، وذلك يشير إلى نقص في النضوج المهني. ما سبب رد فعلك تجاه ما كان يقوله خالد؟”

اغتنم أي فرصة للتنديد بالسلوك السيئ ولا تتردد في تقديم الملاحظات حول غياب السلوك الجيد أيضاً، مثال: “لاحظتُ بقاءك صامتاً خلال عرض خالد التقديمي، ما المشكلة؟” في كلتا الحالتين، احرص على أن تنتهي ملاحظاتك بسؤال مفتوح يدفعه إلى التحدث.

استفد من إجاباتهما عن أسئلتك للكشف عن أسباب الكراهية. وتذكر أن الأسباب الرئيسية لإثارة المشاعر القوية مثل الكراهية، تكون عادةً ذات منشأ شخصي. لذا سلط الضوء على مسائل ضعف تقدير الذات أو القلق من التغيير أو الخوف من فقدان السيطرة. اطرح أسئلة على غرار: “ما الذي يقلقك؟” “كيف تتوقع أن يتطور الوضع؟” أو “كيف تشعر حينما يفعل خالد ذلك؟” دع كل إجابة تنقلك إلى السؤال التالي. هدفك التعمق في انطباعات الموظف المتحيزة عن المواقف التي حدثت، والتعرف على دوافعه وأفكاره، فهي التي تولّد المشاعر.

في أثناء إصغائك إلى الإجابات، من المهم تصحيح الأفكار التي تتضمن افتراضات مسبّقة حول ما يفكر فيه الموظف الآخر أو يشعر به. على سبيل المثال، إذا قال: “إنه يحاول تدمير مصداقيتي”، فأعد صياغة الفكرة على النحو التالي: “نحن لا نعرف دوافع خالد؛ أريد أن أعرف أنت كيف استقبلت سلوكه، ما شعورك عندما يخالفك الرأي أمام الفريق؟”

راجع ما سمعته وابدأ بوضع بعض الفرضيات حول المشكلة. “لدي شعور بأنك بدأت تفكر في تطورك المهني بعدما ترقّى خالد مرتبتين خلال ثلاثة أعوام، هل كانت الترقية منصفة؟” “أخبرني المزيد عما تفكر فيه”. الهدف هنا هو التأكد أن كل طرف يفهم كيف تؤثر أفكاره ومشاعره في انطباعاته عن الطرف الآخر.

شجع كل طرف على التفكير في احتمال أن الطرف الآخر يحاول التعامل معه بأفضل طريقة يراها مناسبة. اطرح أسئلة تساعدهما على النظر إلى الموقف بطريقة مختلفة. “كيف شعر خالد في رأيك عندما انضم إلى فريق مكون من موظفين أكبر منه سناً وأكثر خبرة؟” “كيف يمكنك مساعدة خالد في توضيح وجهة نظره دون الحاجة إلى المبالغة في الانفعال إلى هذا الحد؟”

بمجرد أن تساعد كل طرف على فهم الجانب الخاص به من العلاقة، يمكنك جمع الاثنين معاً لإجراء محادثة. “تحدثت مع كل منكما عن قلقي بشأن العلاقة المتوترة بينكما، وأعتقد أنه حان الوقت لتتحدثا معاً”. حاول التدخل في الحديث بأقل قدر ممكن، ولكن إذا تجنبا الحديث عن شيء مهم، فلمّح بلطف: “لقد تحدثنا يا خالد عن شعورك عندما لا يتفاعل إبراهيم في الاجتماع”، قد تستغرق هذه العملية عدة محادثات وعليك الاستمرار بها.

ميزة هذا النوع من التدخل أنه يسرّع الوصول إلى حل نهائي للمشكلة، فعندما تتفهم موقف الآخر سيكون من الصعب أن تكنّ له العداوة. والأهم من ذلك، ستمثل التجربة لهذين الموظفَين أحد أفضل تمارين تطوير القدرات القيادية. ستسهم في نموهما واكتشاف نفسيهما، وإقامة علاقة مفيدة للجميع. والفهم الجديد لتحمل المسؤولية في العلاقات سيخدمهما طيلة حياتهما المهنية.