كيف تُدير مشاعر الشك والثقة في نفسك بعد الحصول على ترقية؟

7 دقيقة
الثقة بالنفس
shutterstock.com/NeoLeo
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يتطلب الانتقال بنجاح إلى منصب قيادي أعلى ثقة بالنفس، لكن يظهر العديد من القادة قدراً كبيراً أو ضئيلاً جداً من الثقة في قدراتهم في بداية مسيرتهم القيادية. في هذا المقال، يوضح الكاتب الاستراتيجيات التي تساعدك في العثور على أفضل مستوى من الثقة في النفس. في القيادة الفعالة، عند انتقالك من منصب المدير إلى منصب المسؤول التنفيذي أو الرئيس التنفيذي، تنتقل من التركيز على إنجازاتك الشخصية إلى التركيز على الاهتمام الذي توليه للآخرين وتوفير الدعم اللازم لهم لتحقيق النجاح والأهداف المشتركة من خلالهم.

عندما تحصل على ترقية إلى منصب قيادي أعلى، فإنك تشعر بالحماس والإثارة. هذا يعني أن الشركة تعترف أخيراً بمهاراتك وتثق في قدرتك على تحمل المسؤولية لقيادة مستقبل الشركة. في الوقت نفسه، تصبح المخاطر أكبر، لأنك ستجد نفسك الآن في مرمى الأنظار؛ إذ يراقب الجميع كيفية تعاملك مع الوظيفة الجديدة. تُعد الترقية إلى منصب قيادي أعلى تحدياً كبيراً بسبب زيادة الضغوط والتقييم الدقيق للأداء، كما يختبر هذا التحول قدرات كل قائد جديد بطرائق مختلفة أبرزها مدى ثقة الشخص بنفسه وقدرته على النجاح في المنصب الجديد.

خلال فترة عملي مدرباً تنفيذياً، كنت أساعد كبار القادة خلال فترات التحول هذه، ولاحظت وجود اختلاف في مستويات الثقة لدى القادة التنفيذيين. فمن ناحية، يتصرف العديد من القادة بغرور وثقة مفرطة. ومن ناحية أخرى، يعاني البعض ضعف الثقة بأنفسهم والتردد في اتخاذ القرارات.

في بعض الحالات، ربما يكون كلا الجانبين مفيداً. على سبيل المثال، على الرغم من بعض السلبيات، يمكن أن يتمتع القادة، الذين يملكون ثقة مفرطة بالنفس، بطاقة إيجابية تنتقل إلى أفراد فريق العمل ويستطيعون اتخاذ قرارات سريعة وشجاعة، كما يمكن أن يكونوا قادرين على إقناع العملاء والزملاء بأفكارهم ورؤيتهم. أظهرت دراسة حديثة أن الرؤساء التنفيذيين الذين يتمتعون بثقة مفرطة يكونون أكثر كفاءة عند إعادة هيكلة الشركات بعد توليهم المناصب القيادية بدلاً من رؤساء سابقين ذوي ثقة مفرطة في النفس ممن شهدوا تراجعاً في أدائهم.

يمكن للقادة الذين يعانون ضعف الثقة بأنفسهم أن يثبتوا كفاءتهم في مواقف معينة. نظراً لأن القادة الذين يعانون ضعف الثقة بأنفسهم يتميزون بالتفكير العميق والنقد الذاتي، فإن شعورهم بالنقص يدفعهم إلى السعي المستمر نحو تحقيق مستويات أعلى من الكفاءة وتوخي الحذر في أداء عملهم. بسبب شعورهم العميق بمشكلاتهم، فمن المرجح أن تكون لديهم قدرة أكبر على التعاطف والتضامن مع مخاوف الموظفين، ما يسمح بتشكيل فرق عمل تتمتع ببيئة نفسية آمنة.

على الرغم من أن الثقة المفرطة وقلة الثقة في النفس ربما تحملان بعض الجوانب الإيجابية، لا يمكن الاعتماد على أي منهما لتحقيق القيادة المستدامة والقابلة للتطوير في الشركات. على الرغم من أن الغرور وضعف الثقة بالنفس هما جانبان متناقضان، فإنهما يتشابهان إلى حد كبير في نقطة مهمة جداً، وهي أنهما ينبعان من الاهتمام والتركيز المَرَضي على الذات.

في القيادة الفعالة، عند انتقالك من منصب المدير إلى منصب المسؤول التنفيذي أو الرئيس التنفيذي، تنتقل من التركيز على إنجازاتك الشخصية إلى التركيز على الاهتمام الذي توليه للآخرين وتوفير الدعم اللازم لهم لتحقيق النجاح والأهداف المشتركة من خلالهم.

تجب مراعاة 5 جوانب عالمية لعمليات انتقال القيادة، كما يجب اتباع هذه الاستراتيجيات للتغلب على الغرور الشديد أو ضعف الثقة بالنفس للعثور على القدر المناسب من الثقة.

إبداء الانطباعات الأولية

نظراً لتأثير الانطباعات الأولية، فإن طريقة تصرفك في بداية فترة عملك بعد الترقية يمكن أن تترك تأثيراً دائماً على انطباع الآخرين عنك، سواء كان ذلك إيجابياً أو سلبياً. في هذه الفترة، يجب على القادة الذين يتمتعون بالثقة بالنفس أن يكونوا حذرين ويتجنبوا الغرور أو الثقة المفرطة بالنفس، وبدلاً من ذلك، يجب عليهم السعي لبناء ثقة أكبر وتواصل أفضل مع الفريق والأفراد الآخرين، وذلك لتعزيز الثقة المتبادلة في المستقبل.

يحاول العديد من القادة الجدد تذكير أنفسهم بنجاحاتهم السابقة للتخفيف من حالة الاستياء وعدم الراحة التي يشعرون بها نتيجة توليهم دوراً جديداً غير مألوف. سبق لي أن عملت مع أحد الأشخاص الذي كان يبدأ حديثه دائماً بسرد إنجازاته في عمله السابق. كان يعتقد أنه يشارك أفكاراً قيمة، لكنّ زملاءه الجدد فسروا ذلك على أنه تكبر واستخفاف بأدائهم قبل وصوله.

من ناحية أخرى، يميل بعض القادة الذين يعانون ضعف الثقة بأنفسهم إلى الابتعاد عن الأضواء وتجنب أن يكونوا محط الانتباه. على الرغم من أنهم ربما يفضلون القيادة من خلف الكواليس، فمن الممكن أن يُساء فهم هذا النهج في المراحل الأولى ويفسر بطريقة خاطئة على أنهم يتصرفون بسرية ويفتقرون إلى الشفافية، ما يؤدي إلى عدم ثقة الفريق الجديد بهم.

اسأل نفسك وزميلك الذي تثق به عن الطريقة التي تظهر بها وإذا كنت تبدي الثقة في تعاملك مع الآخرين. هل تتسم تصرفاتك بالتسلط والسيطرة أو الرفض والازدراء أو عدم الصبر والغرور بطريقة مبالغ فيها؟ أم أنك تبدو متحفظاً وغامضاً وتميل إلى تأجيل الأمور وتفتقر إلى الثقة بالنفس. حاول أن تكون متوازناً في تصرفاتك وابتعد عن الإفراط في كلتا الحالتين. تخلَّ عن أي شعور بالحاجة المُلحة لإثبات نفسك، وافتح المجال أمام الآخرين للتعبير عن آرائهم إذا شعرت بالثقة المفرطة، وفي الوقت نفسه، يجب عليك أن تحتفظ بمكانتك وتدافع عن رأيك إذا كنت تعاني الشك والتردد الزائد.

في اجتماعك الأول مع الفريق، يمكنك التواصل بثقة مع الفريق وتقول: “أنا سعيد جداً بوجودي معكم، أنا واثق من قدرتنا على التعلم بعضنا من بعض وتحقيق إنجازات عظيمة بفضل مواهبنا وخبراتنا المشتركة”. هذا يعبّر عن نبرة تعاونية، ويظهر أنك لا تستهين بقيمة فريقك وتتجاهلها بغرور ولا تتردد في ممارسة دورك القيادي.

العثور على انتصارات مبكرة

من الضروري أن تستمع وتتعلم من فريقك، لكن لا تدع رغبتك في فهم وجهات نظر أفراد الفريق وآرائهم تعوق عملية اتخاذ القرارات الحاسمة. لا يُنصح بالتصرف بثقة مفرطة وغرور، وفي الوقت نفسه، يجب اتخاذ زمام المبادرة وعدم انتظار التعليمات والموافقة للتصرف.

كان أحد عملائي السابقين في مجال التدريب رئيساً تنفيذياً حصل على الترقية حديثاً وبدأ اتخاذ قرارات مهمة وجريئة في غضون شهر واحد فقط من توليه منصبه. يمكن رؤية هذا النهج على أنه ثقة مفرطة ومخاطرة كبيرة. لكنه كان أيضاً قائداً يتمتع بوعي واضح للظروف المحيطة ويستطيع اتخاذ قرارات دقيقة تستند إلى التعاون مع الآخرين والاستماع لآرائهم وتوحيد الرؤى المشتركة. منعته هذه الصفات من التفرد بوضع الخطط الأحادية الجانب، التي تستبعد وجهات النظر الضرورية، كما ضمنت عدم تصرفه بغرور.

في المقابل، إذا كنت تعاني ضعف الثقة بالنفس، فيمكنك التعاون مع الآخرين لاتخاذ قرارات أفضل بناءً على وجهات نظر متنوعة. تأكد فقط من أنك تتمتع بالشجاعة والفاعلية لمواجهة التراخي والجمود الذي يصاحب عدم الثقة بالنفس. قل لنفسك: “ربما لا أعرف ما الإجراء الصحيح الذي يجب عليّ فعله الآن، لكن على الأقل أستطيع اتخاذ الخطوة الأولى وجمع المعلومات وتوحيد الجهود لإعداد خطة واضحة قبل اتخاذ القرار النهائي”.

تفويض المواهب وتنميتها

في الأشهر القليلة الأولى من تولي دور قيادي جديد، ربما يكون من الصعب تطبيق عملية التفويض بطريقة فعالة نظراً لأنك لا تزال تحتاج إلى وقت لتقييم قدرات أفراد الفريق ومهاراتهم. بالإضافة إلى ذلك، ربما يشعر القائد الجديد بالضغط لتحقيق نتائج إيجابية سريعة بدلاً من الاستثمار في تطوير أفراد الفريق وتعزيز مهاراتهم للمستقبل.

نتيجة لذلك، يتجاهل كلا النوعين من القادة التفويض والتطوير في المراحل الأولى، على الرغم من وجود أسباب مختلفة لذلك. يقاوم القادة المغرورون التفويض لاعتقادهم أنهم الوحيدون الذين يمكنهم إنجاز المهام بطريقة صحيحة. لذلك، ربما يتجاهلون تدريب موظفيهم، ويتوقعون من الموظف أن يتعامل بنفسه مع المواقف المختلفة، وذلك نتيجة تجربتهم الشخصية السابقة في التعامل مع المواقف والتغلب على التحديات دون مساعدة أو توجيه من الآخرين.

يتردد القادة الذين يعانون ضعف الثقة بالنفس في تفويض الآخرين أو تطويرهم، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى ظهورهم بمظهر أقل كفاءة وقدرة على القيادة. تظهر الأبحاث أن القادة الذين يشعرون بضعف الثقة بأنفسهم يميلون إلى تفويض زملائهم الآخرين الذين يعانون أيضاً عدم الثقة بالنفس، بدلاً من الأشخاص الواثقين بأنفسهم في الفريق، ما يؤدي إلى تعطيل الابتكار وعدم تكافؤ الفرص.

يرى القائد المتزن أن عملية التفويض والتطوير تعود بالفائدة على نفسه وعلى موظفيه وعلى المؤسسة بأسرها. يوجه هذا القائد أيضاً اهتمامه نحو اختيار خلفاء له ويعمل على إعدادهم وتطوير قدراتهم لأنه يدرك أهمية بناء قاعدة المواهب لنجاح العمل.

يتعاون هذا النوع من القادة أيضاً مع أفراد فريقه لإيجاد فرص تساعدهم على النمو، ما يؤدي إلى رضا الموظفين وتخفيف الشعور بالذنب لدى القادة لأنهم يعملون على تقديم الفرص اللازمة لتطوير فرقهم وتحقيق النجاح. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول لمرؤوسك المباشر: “أرغب في الاعتماد عليك كلياً للتعامل مع هذه المهمة، لكن هذا ليس لصالحي فقط؛ إنها أيضاً فرصة لك لكسب الخبرة وتعزيز مكانتك وتأثيرك في الشركة. ما رأيك؟”

حل النزاعات

من الطبيعي أن يكون مجال إدارة النزاعات هو المجال الذي يرغب الرؤساء التنفيذيون في الحصول على المساعدة فيه، وذلك من أجل تطويرهم الشخصي. عندما تتولى مناصب قيادية أعلى، تزداد أعباء عملك وتحتاج إلى اتخاذ قرارات تتضمن تقديم مزيد من التنازلات وتحقيق التوافق بين مجموعات أوسع من أصحاب المصلحة المتنافسين.

ينظر القادة المغرورون بطبيعتهم إلى النزاعات من منظور ضيق جداً؛ إذ يسعى هؤلاء القادة غالباً إلى تحقيق أهدافهم الشخصية ويتجاهلون آراء الآخرين واحتياجاتهم ولا يظهرون اهتماماً بالتواصل أو التعاون لحل المشكلات. في المقابل، يعمل القادة الذين يعانون ضعف الثقة بأنفسهم بأسلوب يتميز بالتركيز الشامل على الاحتمالات كافة، وبالتالي، يغيرون وجهات نظرهم باستمرار ويترددون في اتخاذ القرارات، ما يؤدي إلى تضاؤل ثقتهم بأنفسهم والسعي باستمرار إلى إرضاء الأشخاص الذين يعترضون على قراراتهم أو يعبّرون عن آرائهم أو مطالبهم.

يجب على كلا النوعين من القادة تركيز اهتمامهم على تنفيذ العمليات الأساسية لتحقيق النتائج المرجوة بدلاً من السعي لإرضاء الجميع (حتى أنفسهم). بمعنى آخر، بدلاً من الانحياز إلى جانب معين في النزاع وإثارة مزيد من القلق والتوتر، يمكنكم العمل معاً لإيجاد حلول تلبي احتياجات الجميع ورغباتهم.

عندما تتولى الإشراف على حل نزاع ما، يمكنك القول: “في أي حل نتوصل إليه في هذا النزاع، يوجد دائماً شخص فائز وآخر خاسر ولا يمكننا إرضاء الجميع، دعونا نعمل معاً لإيجاد حل يرضي الأطراف كافة، حتى لو لم يكن هذا الحل مثالياً”.

بناء الثقة على المدى الطويل

في الفترة الأولى من توليهم المسؤولية، يحظى القادة الجدد بفرصة لإثبات أنفسهم دون التعرض لانتقادات شديدة. لكنّ هذه الفترة تمر بسرعة. لتكون قائداً فعالاً يترك بصمة لا تُنسى، ركز على بناء الثقة على المدى الطويل. الطريقة الأسرع لتحقيق ذلك هي من خلال الاستعداد لتلقي الملاحظات والقدرة على التكيف.

تختلف الأدوار القيادية عن أدوار المسهمين الأفراد من حيث أنها تتطلب استعداد الآخرين للتعاون مع القادة لتحقيق نتائج مشتركة. لذلك، من الصعب قيادة الأشخاص باستمرار دون وجود آلية لتلقي الملاحظات تمكّنك من معرفة مدى استعدادهم لاتباع نهجك.

على الرغم من ذلك، يميل القادة الذين يتمتعون بثقة مفرطة بالنفس إلى تجاهل آراء الآخرين وملاحظاتهم، ويكونون غير قادرين على التعامل مع النقد الذي يبدو لهم مثل هجوم على قيمتهم الشخصية. من ناحية أخرى، ربما يتجنب القادة الذين لا يثقون بأنفسهم سماع الملاحظات التي تعزز شعورهم بعدم الكفاءة ونقدهم لذواتهم أو تخلق مخاوف جديدة يجب التعامل معها.

نظراً لأهميتها في القيادة، فإن إنشاء آليات للحصول على الملاحظات والآراء في وقت مبكر يُعد أمراً ضرورياً للقادة الجدد لتجنب الفشل. حتى لو لم تتفق مع آراء الآخرين، فإن إدراكك لها سيمنحك نظرة ثاقبة للمستقبل، كما يمكن أن تساعدك في بناء الثقة.

إذا كان من الصعب تحمل سماع هذه الملاحظات، فلا تتردد في التعبير عن ذلك بصراحة. يمكنك أن تقول: “أواجه صعوبة في تقبل هذه الملاحظات لأنني كنت أقصد شيئاً مختلفاً، على الرغم من ذلك، فأنا أقدر شجاعتك في مشاركة وجهة النظر هذه”. إن التصرف بصدق والالتزام بالتعلم من المواقف سيزيد من رغبة الآخرين في اتباعك على الرغم من الانتقادات الموجهة إليك.

يتطلب الانتقال بنجاح إلى منصب قيادي أعلى ثقة بالنفس، لكن يظهر العديد من القادة قدراً كبيراً أو ضئيلاً جداً من الثقة في قدراتهم في بداية مسيرتهم القيادية. من خلال اتباع هذه الاستراتيجيات، يمكنك العثور على المستوى الأمثل من الثقة للتفاعل بطريقة أفضل وتحقيق النتائج الإيجابية من خلال فِرقك الجديدة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .