هل بلغتك الأخبار السارة! لقد حصلت لتوِّك على ترقية، وستدير فريقاً من زملائك السابقين. نعم هي كذلك حتى تدرك في لحظة ما أن حظك الحسن أصاب زملاءك في العمل بالإحباط لأنهم لم ينالوا ذلك المنصب. إنك عندما تحصل على ترقية وتصبح درجتك الوظيفية فوق درجة أصدقائك الدائمين (أو منافسيك)، فإن قوة العلاقة بينك وبين فريقك تتغير لا محالة.
لقد كنت أعمل مع الفرق لعقدين من الزمان، والشيء الوحيد الذي أثق فيه تقريباً هو تلك اللحظات المحرِجة التي تمر بك عندما تتحول من عضو في الفريق إلى قائد للفريق. ولكن إليك ثلاثة أشياء تعينك على تخفيف عملية التحول: اجتماعات فردية مع كل عضو على حدة، وجلسة لوضع خطة عمل الفريق، والتدخل السريع مع الأفراد الرافضين. وإليك طريقة عمل ذلك:
أولاً، الاجتماع الثنائي مع كل عضو في الفريق على حدة. تستطيع أن ترسل رسالة خاصة تحمل الكثير من الوضوح إذا أجريت المحادثات الثنائية الأولى بينك أنت بصفتك رئيساً وبين مرؤوسيك، مع كل منهم على حدة أفضل مما لو كنت في بيئة جماعية. أنصِت لمرؤوسيك المباشرين الجدد، وخصص الكثير من الوقت لكل اجتماع. اطرح على مرؤوسيك مثل هذه الأسئلة "أطلعني على أهدافك وأين بلغْتَ منها؟"، "هل تود أن أدعمك في مواضيع معينة؟"، "أخبرني عن خطط النمو الخاصة بك وعن أي محادثات مهنية أجريتها". أصغِ جيداً إلى الإجابات وأعِد صياغتها ولخصها باستمرار حتى تعلم أنك فهمت المراد منها. سيطمئنهم ذلك وسيدركون أنك لم تتحول إلى مدير مهووس.
يقع الكثير من القادة الحديثي الترقي في خطأ الاكتفاء بالترقية. إن كنت تسعى إلى أن تُثبِت أنك المدير، فعليك أن توازن بين الأسلوب الاحتوائي الودود والتلويح بشيء من الشدة. فبهذا سيثق الجميع من أن الفريق في رعاية جيدة. لا تقدِّم الكثير من التفاصيل، وما عليك إلا أن تشارك الفريق رؤيتك المبكرة والأشياء التي لها الأولوية الأولى في المعالجة. أفسِح المجال للتعليقات والأسئلة لكي يشعر أعضاء فريقك بشعور المؤلِّف المشارك في الخطة.
وفي ختام كل اجتماع ثنائي، اطلب منهم مساعدة محدَّدة في المجالات التي يمكنهم إضافةُ قِيمةٍ فيها. يعرف الجميع أنك، بين عشية وضحاها، أصبحت مديراً ولم تعد زميلاً؛ فإن زعمت فجأة معرفتك إجابات جميع الأسئلة هدمت مصداقيتك. فكن صادقاً في طلب المساعدة حتى يشعر مرؤوسوك المباشرون بالأهمية ويشاركون في العمل. على سبيل المثال: "ليان، كنتِ دوماً خبيرة البرمجيات لدينا. أحتاج إلى مساعدتك في الاطلاع على كل المعلومات الضرورية المتاحة والتحقق من أنني أضع مشكلات البرمجيات في مقدمة اهتماماتي".
ثم بعد ذلك يحين موعد الاجتماع الأول مع الفريق. حاول، إن أمكنك، أن تنسق الاجتماع تنسيقاً خاصاً، فالأفضل أن يكون أطول من المعتاد وفي مكان فريد مثل مراكز المؤتمرات خارج المدينة أو في حجرة ملحقة بمكتبك تحتوي على الأرائك بدلاً من الطاولات. إن استطعتم قضاء فترة ما بعد الظهر ثم تخرجون بعد ذلك للاستمتاع ببعض الوقت، كان هذا أفضل.
ابدأ معهم بمناقشة الهدف من تكوين هذا الفريق. ولأنك كنت بالفعل عضواً في الفريق، فأنت تعرف الخلفية عنه كاملة. ولكن الفرصة قد حانت ليتطور التكليف بالمنصب بما يتوافق مع تغيرات الزمن. استَقِ بعض الأفكار من المحادثات الثنائية التي أجريتها، وناقشهم حول المواضع التي تريد الاستمرار عندها على المسار نفسه، والمواضع التي تريد عندها تغيير المسار. ومع إجراء بعض التعديلات على أهداف الفريق وأولوياته، فإنك تبرهن على أنك لست مجرد مشرف على خطة المدير السابق، ولكنك قائد بحكم حقك الشخصي.
وناقشهم، بناءً على التكليف الذي تعمل على تطويره، في الإيقاع المثالي لاجتماعات الفريق. ما أشكال الاجتماعات المختلفة التي تريدها، وكم مرة تريد تكرار هذه الاجتماعات، وما مدتها؟ عادةً ما ترتبط الاجتماعات بالقادة المؤسسين لها، ولهذا فإن تحديد النسق الذي تريد أن تكون عليه الاجتماعات وأوقاتها عامل مهم يشير إلى حلول حقبة جديدة تحت قيادتك.
وفي الختام، خذ بعض الوقت لتشرح فيه طريقتك المفضلة في العمل، وما قواعد الطريق التي ستتبعها؟ إن استطعت أن تستخلص من فلسفاتك مبدأين أو ثلاثة مبادئ إرشادية، فسيكون مفيد جداً. فمثلاً إن علمت أن الفريق يميل قليلاً إلى السلبية والعدوانية، فكن واضحاً في توقعاتك وعالج مخاوفك مباشرة. "أريد أن أكون شديد الوضوح معكم فيما يتعلق بمشاركة جميع المشكلات علانية حتى نستطيع حلها؛ لذا أرجو منكم أولاً معالجة المشكلة مباشرة فيما بينكم قبل أن تأتوني بها". وبتلك الطريقة، إن احتجت لاحقاً إلى التعامل مع السلوك السيئ، فقد حددت القاعدة (التي تُحتذى) منذ البداية.
من خلال اجتماعاتك الثنائية مع أعضاء الفريق ثم مشاركتهم الحديث عن دور الفريق وعمله، فسوف تقطع شوطاً في ترسيخ قيادتك. كن منفتحاً وبيِّن لهم أنك تنصِت وتتعلم وإياك أن تقترف خطأَ أن تكون ضعيفاً أملاً في ألّا تضايق أحداً.
ستكون بدايتك موفقة بهاتين الخطوتين. إذا وجدت (على نحو أدق عندما تجد) بعض التحديات في موقعك أو صلاحياتك، فسارع في التعامل معها بكل حزم. إليك بعض التحديات الجلية والخفية في عملك قائداً وكيف تتعامل معها:
اتخاذ القرارات دون علمك
إذا علمت أن أحد الأعضاء قد اتخذ قراراً دون علمك فتحدث معه ولا تُخْفِ استياءك عنه. "لقد علمت للتو أنك اعتمدت سعراً مخفَّضاً لشركة أكمي (Acme)، وهذا من القرارات التي كان ينبغي أن أشارك فيها. دعنا نراجع القرارات التي يمكنك اتخاذها على نحو مستقل والقرارات التي يجب أن أشارك فيها".
إعادة فتح الموضوعات المنتهية
عادة ما يحاول أعضاء الفريق الرافضين لقيادتك فتح المجال للحديث مرة أخرى عن قرار ما باعتباره وسيلة لاختبار سلطتك. يمكنك أن تردع هذا السلوك بهذه الطريقة. "لقد اتخذنا القرار في هذه المسألة الأسبوع الماضي، فما الذي دفعك إلى إثارتها الآن مرة أخرى؟ دعوني أؤكد أننا نحتاج إلى العمل بفعالية، والمرجو من كل واحد منكم إذا اتُّخِذ القرار أن يشارك في التنفيذ. وأنا أرحِّب بالخلاف ولكن قبل اتخاذ القرار فحسب".
أحد الأعضاء السلبيين يعترض بعدوانية على قيادتك للفريق
غالباً، لا يملك أعضاء الفريق الرافضين لقيادتك شجاعة الاعتراض المباشر. ولكن يبدو الاستخفاف وعدم الاحترام في حركات أجسادهم على نحو خفيٍّ أو غير خفيٍّ كأن يلتفتون عنك في الاجتماعات أو يقلِّبون أعينهم فيما حولهم أو لا يشاركون في الحديث. عند حدوث ذلك فليكن ردك في بداية الأمر خفيفاً كأن تجلس بجانب ذلك الشخص مباشرة أو في مواجهته في الاجتماع التالي أو أن تتجول خلفه وأنت تتحدث. فإذا ما أصر على الرفض، فقدِّم له ملاحظات مباشرة في اجتماع ثنائي بينكما. "في الاجتماعين الأخيرين، كنت تجلس في مؤخرة الغرفة ولم تكن تجيب عن أسئلتي إلا بإجابات مقتضبة جداً. أخشى أنك لا تسعى للانتقال إلى العمل تحت قيادتي للفريق. ما الذي ترغب في فعله خلافاً لما فعلته لتثبت أنك منضم لنا في الفريق؟".
تكتل الموظفين ضدك
إنه لمن المؤلم جداً أن تتعامل مع عضو واحد يتصف بالعدوانية والسلبية، ولكن هذا الألم يتعاظم كلما تضاعف عدد المشككين في قيادتك أو المتحدثين عنك بسوء بعضهم بين بعض. فإذا واجهت هذا التحدي، فكرِّر طريقة الاجتماع الفردي مع كل عضو ثم معالجة المشكلات في اجتماع الفريق. كن مباشِراً في ملاحظاتك ولا تخَفْ من إزعاجهم بعض الشيء: "أخشى أنكم معترضون على قراراتي، ومعارضتكم هذه تحث الآخرين على أن يصنعوا مثلكم. ما مشكلتكم؟ كيف نُعِيد الأمور إلى مسارها الصحيح؟". إذا كنت تفعل بعض الأشياء التي أدت إلى هذه المقاومة فعليك أن تتحمل مسؤوليتها. اعقد اجتماعاً لتشارك فيه هذه الموضوعات، ومن ثم لترسِّخ القواعد الأساسية التي وضعتها منذ البداية؛ فأنت ترجو في المستقبل أن يعالج الأعضاء هذه الأنواع من المشكلات معك مباشرة.
إن مؤسستك أبدت ثقتها فيك فجعلتك قائداً للفريق. فلا تخسر تلك الثقة بل وازن بين التواضع في الإنصات والتعلم وخدمة فريقك وبين الشجاعة في الإصرار على دورك قائداً عند الحاجة. سوف يتكيف أعضاء الفريق النافعين، الذين قد لا يحتاجون إلى البحث عن مكان آخر للمشاركة في العمل.