تعد إدارة حسابات العملاء الرئيسيين Key Account Management (أو KAM) واحدة من أبرز التغييرات التي طرأت على مجال المبيعات خلال العقدين الماضيين. وهي عملية تنظيمية ذات صفات مختلفة تماماً عن غيرها ويعتمد عليها الموردون في أنشطة البيع بين مؤسسات الأعمال بغرض إدارة علاقاتهم مع عملاء استراتيجيين، وهي تحقق منافع ملموسة على صعيد الأعمال.
لذلك ليس مستغرباً أن يهتم المورد الذكي بتطبيق KAM في أعماله، لكن المؤسف هو أن العديد من الحالات التي تُطبق فيها KAM تواجه الإخفاق وبالتالي يجري الاستغناء عنها. وثمة حالات أخرى يجد فيها المورد أن عليه إجراء تغييرات ضخمة على برامج KAM كي يضمن فعاليتها.
لكن الخبر الجيد هو أن العديد من هذه الإخفاقات يمكن تجنبها. ورغم أن تطبيق KAM يعد تغييراً كبيراً، إلا أن فرص النجاح تزداد زيادة كبيرة باتباع الخطوات السبع التالية:
إدراك أن KAM هي تغيير تنظيمي وليست أسلوباً من أساليب المبيعات.
إن تطبيق عمليات KAM تتطلب سنوات وليس شهوراً. وقد كانت الشركات التي تطبق KAM بشكل ناجع تتعامل معها باعتبارها تغييراً في طريقة أداء الأعمال، وليست أمراً يقتصر على قسم المبيعات. لأن KAM التزام بالعمل بشكل مختلف مع بعض العملاء الاستراتيجيين، ومن أجل تحقيق ذلك يكون على الأقسام الأخرى لدى المورِّد أن تفهم طبيعة عمل KAM وتدعمها. فعلى سبيل المثال، إن كان هنالك حساب رئيسي في إدارة سلسلة التوريد قد حاز على أولوية للوصول إلى الخدمات أو المنتجات العاجلة، فإن على قسم العمليات أن يعنى بذلك، وليس قسم المبيعات. وتقدم الشركات ذات الأداء الأفضل التدريب على KAM للموظفين في قسم العمليات وقسم سلسلة التوريد، بالإضافة إلى موظفي المبيعات.
إن إدارة حسابات العملاء الرئيسيين هي تغيير تنظيمي وليست أسلوباً من أساليب المبيعات
الحصول على دعم عالي المستوى. إن تغييراً تنظيمياً بهذا الحجم يتطلب دعماً على أعلى المستويات، ويفضل أن يكون من الإدارة التنفيذية في الشركة. فأفضل الشركات تتمتع بدعم عالي المستوى لكل واحد من الحسابات الرئيسية. وعلى سبيل المثال فإن كل واحد من أعضاء المجلس التنفيذي في شركة سيمنز بما في ذلك الرئيس التنفيذي، يدعم عدداً من الحسابات الرئيسية ويزورهم باستمرار.
تعيين مسؤول عن KAM. حين تقرر الشركة تطبيق برنامج KAM وتدرك الإدارة العليا أهمية البرنامج وتعلن دعمها له، فإن الخطوة التالية تكون بالعثور على شخص (يفضل أن يكون من الإدارة العليا كذلك) من أجل قيادة البرنامج والإشراف على تطبيقه. ومن الأفضل إن كان هذا الشخص تابعاً بشكل مباشر للإدارة العليا، ولو خلال فترة المشروع على الأقل. والهدف من ذلك هو ضمان أن تكون عملية KAM جزءاً من أجندة الإدارة العليا في الشركة بما يتيح لمدير العملية الحصول على الدعم الذي يحتاج إليه. ومن الضروري أن يكون المسؤول عن KAM شغوفاً بها وأن يمتلك مهارات جيدة في التأثير بالإضافة إلى قدر عالٍ من الحماسة والطاقة. يوجد في شركة تيتراباك Tetrapak مسؤولان عن عملية KAM يجوبان العالم لدعم جهود عمليات KAM ضمن الشركة.
تحديد الحسابات الرئيسية بدقة. يلزمك من أجل البدء في برنامج KAM أن تحدد بعض الحسابات الرئيسية وتقدم عرضاً يختلف عن بقية العروض المقدمة للعملاء. ويمكن أن تبدأ بعدد صغير، لأنه سيسهل عليك لاحقاً إضافة عملاء آخرين إلى برنامج KAM، في حين ستلقى صعوبة في سحب عميل ما من البرنامج بعد أن تكون قد أخبرته بانضمامه إليه. ونحن نقترح مبدئياً أن يكون لدى الشركة بين 5 إلى 25 حساباً رئيسياً. وحتى الشركات الكبرى، مثل شركة زيروكس مثلاً، والتي تمتلك مصادر ضخمة وتطبق برنامج KAM منذ سنوات عديدة، تبقي عدد الحسابات الرئيسية لديها أقل من 100 حساب. ومن الضروري امتلاك معايير واضحة عن شروط كون الحساب رئيسياً وأن تلتزم بهذه المعايير. فلا ترضخ لأي ضغوط لإضافة بعض العملاء إلى برنامج KAM لمجرد أنهم عملاء قدماء أو لأن مدراء هذه الشركات يلعبون الغولف مع الرئيس التنفيذي في شركتك.
تعيين وتدريب مدراء الحسابات الرئيسية. تخطئ العديد من الشركات حين تعيّن أفضل مندوب مبيعات لديها للقيام بمهام KAM، وذلك لأن KAM تعني تغيير طريقة العمل، وليست مجرد أسلوب في المبيعات كما أسلفنا. فحين تحوّل أفضل مندوبي المبيعات لديك إلى مدراء حسابات رئيسية قد يشعر البعض منهم بعدم الارتياح لهذا الدور وقد يدفعه ذلك للرحيل. لكن يمكن بدل ذلك التفكير ببعض الأفراد المختصين أو مدراء المشاريع، فهم الأنسب لشغل أدوار تتعلق بـ KAM. ويجدر بك التفكير بما يتطلبه هذا الدور (المهارات المالية والاستشارية ومهارات التخطيط والتواصل والتأثير)، ثم اختر الشخص الأنسب. ثم لا تنس أهمية التدريب: لأن قلةً فقط من الأشخاص يدخلون إلى هذا المجال وهم يتمتعون بكافة المهارات التي يحتاجونها.
وضع المعايير السليمة. ما يمكن قياسه يمكن إدارته. فلو كلفت مدير الحسابات الرئيسية لديك بمهمة بناء علاقة طويلة المدى مع بعض العملاء، فلا تواصل مكافأتهم وكأنك تقوم بعملية مبيعات اعتيادية. فالمعايير التقليدية المتعلقة بالمبيعات، من قبيل مقدار الوقت الذي يقضيه المندوب مع العميل، هي أمور غير ذات صلة بـ KAM. فالعديد من مدراء الحسابات يقضون قدراً كبيراً من الوقت داخل شركة المورد، حيث يديرون بعض الشؤون نيابة عن العميل. فإن قررت مكافأة مدير الحسابات الرئيسية على إجمالي الإيرادات، فسيكون عليهم التركيز على المبيعات قصيرة المدى، وليس بناء قيمة حقيقية على المدى الطويل. فمقياس الأداء الصحيح لمدير الحسابات الرئيسية هي القيمة طويلة المدى للعميل (صافي الإيرادات). وهذه نقطة مهمة: فمدراء الحسابات الرئيسية يعملون عادة على صفقات أكبر لعملاء أكبر. ولو أخفقت بعض هذه الصفقات، فسيؤثر ذلك بشكل كبير على المورد. لذا يلزم على مدير الحسابات الرئيسية أن يدرك كذلك تكلفة تقديم الخدمة، وليس مجرد إجمالي المبيعات.
إرساء مقاييس مقارنة الأداء والبناء عليها. من الضروري ألا يكون برنامج KAM جامداً لا يتطور مع الوقت، بل يلزم أن تجري عليه بعض التغييرات من فترة لأخرى. وأحد السبل لتحقيق ذلك هو إضافة حسابات جديدة للبرنامج (وأحياناً عدم الاستمرار مع حسابات قديمة أخرى إن باتت لا تلبي المعايير). ويمكن أيضاً السعي الدائم للتعرف على أفضل الممارسات، داخل الشركة أو خارجها. فعلى سبيل المثال، تراجع شركة هيوليت-باكارد (آتش بي) علاقاتها مع العملاء باستمرار لتجري تغييرات في المواضيع ذات الأهمية لهم. أما في شركة برايس ووترهاوس كوبرز PwC فهناك لجنة داخلية تعمل على وضع معايير أداء لتقييم برنامجها وبرامج أخرى لتطبيق KAM وذلك بغرض البحث الدائم عن أفضل الممارسات.
إن اعتماد برنامج إدارة حسابات العملاء الرئيسيين KAM كفيل بتحقيق أثر مهم على أداء شركة المورد، إلا أنه يتطلب طريقة مختلفة في العمل، وهذه الخطوات السبع ستساعد شركتك على التحول بشكل فعال نحو الاعتماد على KAM كي تضمن أن ما تبذله من جهود لن يذهب سدى.