كيف تُدير موظفاً يكنّ لك مشاعر الكراهية؟

7 دقائق
إدارة العلاقات مع زملاء العمل
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/غيتي إميدجيز/لفليميج

ملخص: من أصعب المواقف التي يمكن أن تواجهها كمدير جديد أن يكون لديك مرؤوس مباشر يحمل مشاعر سلبية تجاهك. فيما يلي طرق من أجل إدارة العلاقات مع زملاء العمل ومعالجة الموقف.

  • فكّر ملياً في سبب المشكلة: ليس من الضروري أن تكون المشكلة في الشخص الآخر دائماً. من المحتمل أن تكون المشكلة فيك أنت أو في أسلوب إدارتك أو لعل تحيزاً تمارسه ولا تشعر به لكنه ينعكس في كيفية تفاعلك مع ذلك الموظف أو كيفية تفاعله معك.
  • نحو بداية جديدة: بعد أن تتاح الفرصة للتفكير في تحيزاتك ومراجعتها، يجب عليك الآن التركيز على ما يمكنك فعله لإدارة الموقف سواء كانت المشكلة تكمن فيك أو في موظفك أو في كليكما على حد سواء. ابدأ محادثة صريحة ومنفتحة معه. يمكنك استخدام نموذج "غرو" التدريبي لرفع مستوى المحادثة والتعبير بصراحة عن الصعوبات التي تواجهك في العمل معه وسماع وجهة نظره بالمقابل.
  • تابع جهودك: إجراء محادثة واحدة ليس إلا البداية. فهي لن تكون بمثابة الحل السحري، إذ يتعين عليك الاستمرار في محاولة بناء الثقة مع هذا الشخص. ما لم يثق بك موظفك ويؤمن بأنك تدعمه، فلن يغير رأيه بك.

 

بصفتك قائداً، لا يمكنك توقع أن يحبك الجميع؛ ولكن، وكما هو الحال مع العديد من الأشياء الأخرى في مكان العمل، عليك كسب القبول لدى الآخرين. ومع ذلك، فإن أحد أصعب المواقف التي يمكن أن تواجهها كمدير جديد هو وجود مرؤوس مباشر يحمل مشاعر سلبية تجاهك.

طوال تجربتي كمدربة تنفيذية، عملت مع العديد من المدراء والقادة الذين مروا بهذه التجربة. كيف تتعامل إذاً مع هذا النوع من المعضلات في العمل؟

أولاً، يجب أن تكون قادراً على اكتشاف العلامات المُنذرة. فيما يلي بعض العلامات الشائعة التي تشير إلى أن أحد أعضاء فريقك لا يحمل لك الودّ:

  • يتفق مع توجيهاتك في اجتماعات الفريق لكنه يتجاهلها تماماً بعد ذلك.
  • ينشر الشائعات حولك.
  • يستجيب لك بكلمات أحادية المقطع، مثل: نعم؛ بالتأكيد؛ حسناً.
  • يظهر لغة جسد دفاعية (يطوي ذراعيه أو يحدق بعيداً عنك عندما تتحدث).
  • تختفي ابتسامته عندما يراك، ولا يعيرك أي انتباه عندما تمر بجانبه، أو يحاول تجنب التواصل البصري قد الإمكان معك.
  • يتجاهل وجودك في الاجتماعات ويتجنب طرح أسئلة متعلقة بالعمل عليك.

إذا تجاهلت التعامل مع هذه العلاقة المتوترة، فقد تتطور أكثر وتؤدي إلى خلق بيئة عمل مرهقة لجميع المعنيين لتؤثر بالتالي سلباً في الأداء. لكن الحل لا يكمن في أن تأمر مرؤوسك المباشر بأن يغير من تصرفه، إذ تتمحور القيادة والإدارة اليوم حول طرح الأسئلة وليس الإخبار، وحول التعاون والشراكة وإيجاد الحلول بشكل جماعي.

أنا لا أقترح أن تستنفد نفسك في محاولة إقناع هذا الشخص بأن يحبك، فليس هناك الكثير مما يمكنك فعله حيال هذا الأمر. لكني أنصحك أن تحاول إيجاد أرضية مشتركة وتطوير علاقة ودية أكثر، بينك وبين بقية أعضاء فريقك. ففي النهاية، يعتمد نجاحك كمدير إلى حد كبير على الجهد الجماعي للفريق الذي تقوده.

فكّر ملياً بسبب المشكلة

ليس من الضروري أن تكون المشكلة في الشخص الآخر دائماً. من المحتمل أن تكون المشكلة فيك أنت أو في أسلوب إدارتك أو لعل تحيزاً تمارسه ولا تشعر به لكنه ينعكس في كيفية تفاعلك مع ذلك الموظف أو كيفية تفاعله معك.

راجع نفسك

قد تكون طريقة إدارتك لأحد أعضاء الفريق سبباً في كرهه لك. اطرح الأسئلة التالية على نفسك لتوجيه تأملك الذاتي في هذا الصدد.

  • أي نوع من المدراء أنت؟ ربما تركز على أدق التفاصيل عند إدارتك لهذا الموظف دون إدراك ذلك، أو ربما لم تبذل جهداً كي تكون توجيهاتك واضحة بما فيه الكفاية أو تفترض أنه يفهم ما تطلبه منه.
  • هل أنت متسق؟ ربما رفضت له طلباً تقدم به بينما وافقت على طلب مشابه لزميل آخر، أو ربما وافقت على عملية في أحد الأيام ثم غيرت رأيك دون توضيح الأسباب.
  • هل تتجاهله في أثناء الاجتماعات؟ ربما حاول التحدث خلال الاجتماعات، لكنك لم تمنحه فرصة قطّ.
  • ما مدى معرفتك به؟ ربما لم تكلف نفسك عناء التعرف عليه، بينما يبدو أنك تعرف الكثير عن أعضاء الفريق الآخرين.

تحقق من تحيزاتك الخاصة.

إذا كنت تشعر أنه لا يوجد هناك سبب واضح يدعو ذلك الموظف لكرهك، فقم بمراجعة تحيزاتك، فقد يكمن السبب فيها. ففي كثير من الأحيان، يمكن أن تؤثر تحيزاتنا اللاواعية في سلوكنا أو كيفية تفاعلنا مع الآخرين، وغالباً ما تدفعنا للحكم عليهم بناءً على تجاربنا أو افتراضاتنا المسبقة المتعلقة بالجنس أو العِرق أو عوامل أخرى دون أن ندرك ذلك.

تفحص جميع أعضاء الفريق. هل يحبك الجميع باستثناء ذلك الموظف؟ ربما وقعت في فخ "تحيز التقارب". هل تقارن أداء هذا الموظف بأداء الموظفين المتميزي الأداء؛ بطريقة تحدثهم وكيفية عملهم وحيويتهم؟ يُعرف ذلك بتأثير التباين.  ربما تم تكليفك بإدارة موظف مبدع وذكي أكبر سناً منك ولكنه يفتقر إلى الخبرة العملية ويحتاج إلى مزيد من الوقت لإنجاز المهمة. في هذه الحالة، قد يكون سبب كرهه لك هو التمييز ضد سنّه (التحيز ضد كبار السن) أو أن نفورك الأساسي من أسلوب عمله يتجلى في الطريقة التي تدير بها هذا الشخص، مثل انتقاده عمله أمام الزملاء أو الإدارة التفصيلية لجدوله وما إلى ذلك.

فكّر في تأثير الصور النمطية للثقافة أو الجيل

خلال عملي في مؤسسة هندية تقليدية، علمت أن العديد من مرؤوسيّ المباشرين لم يكونوا سعداء بتولي امرأة أصغر سناً منهم إدارتهم. لم تكن المشكلة شخصية، بل ثقافية. كانت شركة الاستشارات الأميركية التي أتيت منها غير رسمية وغير قائمة على تسلسل هرمي وذات بنية تنظيمية مسطّحة (هيكل تنظيمي يتميز بوجود مستويات قليلة أو عدم وجود مستويات من الإدارة المتداخلة بين الموظفين والمدراء) إلى حدّ ما. كانت ثقافة مؤسستي الجديدة لا تزال غارقة في الشكليات وتعتبر أن العمر يتناسب طرداً مع القدرة على خلق قيمة للآخرين، لذلك كانوا يرفضون أن يديرهم شخص أقل خبرة منهم.

كان عليّ بذل المزيد من الجهد لكسب تقديرهم ولإثبات أنني أستطيع إضافة قيمة على الرغم من صغر سني بالنسبة لهم. قد يكون من الصعب تجاوز الاختلافات بين الأجيال والأمر يحتاج إلى بعض الصبر. لذلك قضيت الكثير من الوقت أصغي إلى كل عضو في الفريق آخذةً وجهات نظرهم بعين الاعتبار وأشدد لهم على أنه يمكن أن يتعلم بعضنا من بعض. وأكدت لهم مراراً وتكراراً أنهم يستطيعون الوثوق بي وأن شعار قيادتي هو التعاون.

نحو بداية جديدة

بعد أن تتاح لك الفرصة للتفكير في تحيزاتك ومراجعتها، يجب عليك الآن التركيز على ما يمكنك فعله لإدارة الموقف سواء كانت المشكلة تكمن فيك أو في موظفك أو في كليكما على حد سواء.

إجراء محادثة صريحة ومنفتحة.

القاعدة الذهبية لإجراء مثل هذه المحادثة الصعبة هي أن تكون شفافاً بشأن غرضك منها عندما تتواصل مع عضو الفريق الذي يكرهك. يمكنك القول مثلاً "أردت التحدث معك عن علاقة العمل بيننا. أشعر أن هناك خللاً ما في علاقتنا، وأعتقد أنه من المهم إصلاحه"، أو "أشعر أن هناك خللاً ما في علاقتنا، وأود معرفة ما إذا كانت هناك طريقة لتنقية الأجواء بحيث لا يمنعنا ذلك من تحقيق أهدافنا المشتركة".

لقد تعلمت من خبرتي في قيادة الفرق أنه من أجل أن تجعل شخصاً ما يشعر بالأريحية والتكلم بانفتاح، عليك إظهار نقاط ضعفك وربما حتى الاعتراف له بأنك ارتكبت بعض الأخطاء في العمل ولكنك على استعداد لإصلاحها.

في أثناء المحادثة، عبّر بصراحة عن الصعوبات التي تواجهك في العمل معه، ثم امنحه الفرصة لفعل الشيء نفسه.  أقترح نهجاً منظماً لهذه المحادثة، كاستخدام نموذج "غرو" التالي:

حدد الهدف: قل شيئاً مثل "هدفنا اليوم هو العمل لتحقيق علاقة عمل أفضل حتى نتمكن من خلق بيئة عمل صحية أكثر تساعد على الازدهار والنمو مع الحفاظ على أهداف الفريق/المؤسسة الأكبر".

عرض الواقع كما هو: يترك الحوار الصريح للطرفين المجال للتعبير عن مشاعرهما ووصف واقعهما الحالي. على سبيل المثال، يمكنك القول في البداية "أشعر بأننا بدأنا بداية سيئة، وأتطلع إلى تحسين الأمور، ويسعدني معرفة رأيك حول كيف يمكنني أن أكون قائداً أفضل، وآمل أن تسمح لي بدورك بإبداء رأيي حول كيفية الاستفادة من إمكاناتك. وبغض النظر عن كيفية انتهاء محادثتنا هذه، تذكر أنه لدينا عمل يتعين علينا تنفيذه وأريد لكلينا أن نقوم به بالشكل الأفضل".

ثم دع زميلك يوضّح موقفه.

بعد ذلك، حاول طرح أسئلةٍ مفتوحة لمساعدة عضو الفريق على توضيح موقفه من التعامل معك بمزيد من التفصيل. فيما يلي بعض الأسئلة التي يمكنك طرحها:

  • هل هناك مشكلة عامة أو محددة يمكنني معالجتها؟
  • هل ترغب في إخباري المزيد عن شعورك عندما...؟
  • كيف يمكننا تحسين علاقتنا؟
  • هل هناك أي شيء يعيق تقدمك؟

تجنب الأسئلة التي يمكن أن تحرج عضو فريقك، أو التي تجعله يشعر أنه المسؤول عن الخطأ أو تضعه في موقف دفاعي. على سبيل المثال:

  • هل بدر مني ما يجعلك عدائياً جداً نحوي؟
  • هل هناك سبب يمنعك من الانخراط معي في اجتماعات الفريق؟
  • ما المشكلة؟
  • لماذا تجد ذلك مشكلة؟

استكشاف الخيارات المتاحة: بمجرد عرض كل منكما لوجهة نظره، وبعد تكوين فكرة أفضل حول موقف عضو فريقك، استكشفا معاً الطرق الممكنة لمعالجة المشكلة والمضي قدماً. مرة أخرى، اطرح أسئلة مفتوحة لتتيح الفرصة لزميلك مشاركة المزيد من المعلومات.

على سبيل المثال، إذا قال زميلك إنه لم يشعر مطلقاً بأهمية وجوده أو آرائه، يمكنك القول "في الحقيقة أحاول السعي دائماً للحصول على رأي الجميع في الاجتماعات. إذا شعرت على هذا النحو، فكيف يمكنني مساعدتك كي تشعر بأهمية آرائك أو وجودك أكثر؟".

فيما يلي بعض الأسئلة الأخرى التي يمكنك طرحها:

  • كيف يمكننا الالتزام بأن نكون أكثر انفتاحاً معاً؟
  • هل يمكنني/يمكننا القيام بشيء مختلف؟
  • سأبذل قصارى جهدي لتقوية علاقتنا عن طريق... ما رأيك بذلك؟
  • هل تقترح أي طريقة لتحسين علاقتنا؟

كيف تمضي قدماً: اختتم الاجتماع من خلال التأكيد لزميلك بأنك موجود لدعمه والعمل لتحقيق علاقة عمل أقوى. يمكنك أن تقول مثلاً "دعنا نناقش الخطوات التالية قبل أن ينتهي اجتماعنا. أود أن أؤكد التزامي بتحسين هذه العلاقة".

لا تنسَ السعي لمعرفة رأيه قبل إنهاء المحادثة، يمكنك أن تسأله:

  • ما رأيك في محادثتنا؟ أتمنى أنها كانت مفيدةً.
  • ما هو الدعم الآخر الذي تحتاج إليه؟ ومن يمكن أن يقدمه لك؟
  • هل هناك أي شيء آخر تريد الحديث عنه الآن؟

احرص على الاستماع بعناية لحديثه. يمكنك مثلاً تكرار ما يقوله لتظهر صدق اهتمامك به. على سبيل المثال، يمكنك القول "كما ناقشنا، سأتحقق من الآن فصاعداً مما إذا كنت مهتماً بتولي مسؤولية علاقة عميل جديدة، ولن أفترض ببساطة أنك لا تمتلك القدرة للقيام بذلك".

لكن هذا السيناريو مثالي. فقد تجد نفسك في موقف لا يكون فيه زميلك منفتحاً أو منخرطاً، أو يرد عليك ببرودة وبإجاباتٍ أحادية المقطع (أو يقول إنه ليس هناك مشكلة).  في هذه الحالة، ليس هناك الكثير مما يمكنك فعله باستثناء بذل قصارى جهدك لجعل هذه المحادثة الصعبة مريحة ومنفتحة قدر الإمكان. ولكن يجب أن يعلم أنك مستعد لإجراء تغييرٍ ما إذا كان على استعداد لفعل الشيء نفسه بالمقابل.

تابع جهودك

إجراء محادثة واحدة ليس إلا البداية. فهي لن تكون بمثابة الحل السحري، إذ يتعين عليك الاستمرار في محاولة بناء الثقة مع هذا الشخص. فالثقة هي أساس أي علاقة صحية، وما لم يثق بك موظفك ويؤمن بأنك تدعمه، فلن يغير رأيه بك.

أحد أساليب متابعة جهودك التي وجدت أنها فعالة هي تفقد أحوال زميلك في الفريق بدلاً من التحقق مما يفعله.

إليك الفرق بين الحالتين:

هل تتفقد أحوال الآخرين أم تتحقق من سير العمل؟

تفقد أحوال الآخرينالتحقق من سير العمل
كيف تسير الأمور؟ألم تنتهي بعد من مشروع العميل؟
هل لديك كل ما تحتاجه للقيام بعملك؟ألم تنجح في الحصول على ذلك موعد؟
ما رأيك في وضع هذا العميل؟هل تمكنت من تحديد المشكلة أم يجب عليّ التدخل؟
هل هناك أي طريقة يمكن للفريق مساعدتك من خلالها كي تنجز العمل في الموعد النهائي؟ما الذي يؤخرك عن إنجاز هذا العمل؟

عندما تقوم بتفقد أحوال أحد أعضاء الفريق، فأنت لا تتواصل معه فقط لمعرفة ما إذا كان زميلك على ما يرام وما إذا كان يحتاج إلى دعم للقيام بعمله فحسب، ولكن لتظهر ثقتك بقدرته على تنفيذ المهام الموكلة إليه. ولكن عندما تتحقق من سير العمل معه، فإنك ستبدو أكثر استبداداً كما لو كنت مديراً تفصيلياً يدقق على صغائر الأمور مرسلاً إشارة واضحة تشي بأنك لا تثق به لإنجاز المهمة في الوقت المحدد أو بالجودة المتوقعة.

على الرغم من أنك قد تبذل قصارى جهدك، فلن يحبك الجميع بالطبع، وعليك تقبّل حقيقة أنه يمكن أن تفشل في كسب ود الآخرين. في النهاية، مسؤولية المدير لا تكمن في جعل موظفيه يحبونه، بل في تعزيز مشاركتهم وخلق بيئة عمل يمكن لفريقه أن يزدهر وينجح من خلالها.  على الأقل، تعلم تقبل خلافاتك واتفق أو لا تتفق مع مرؤوسيك ولكن لا تتجاهلهم أو تعاقبهم دون وعي. فدورك كقائد يتمثل في نهاية المطاف في مساعدة الجميع على تطوير أنفسهم والاستفادة إلى أقصى حد من إمكانياتهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي