لماذا لا تدوم العلاقة المهنية بين مؤسسي الشركات الناشئة وشركائهم؟

6 دقيقة
الخلافات في الشركات الناشئة
بول تايلور/غيتي إميدجيز

يضطر نحو 43% من مؤسسي الشركات الناشئة في نهاية المطاف إلى شراء حصة المؤسس المشارك بسبب الخلافات الشخصية والصراع على السلطة. لفهم سبب فشل العديد من الشراكات بين المؤسسين المشاركين، أجرى المؤلفون بحثاً حول المؤسسين الرئيسيين الذين يبحثون عن مؤسسين مشاركين، واكتشفوا أن المؤسسين الرئيسيين يميلون إلى التركيز على مجموعات المهارات والتنفيذ في حين يركز المؤسسون المشاركون على التوافق الشخصي. هذا التفاوت في الأولويات هو السبب الجذري لانفصال العديد من المؤسسين المشاركين. للتغلب على هذه العقبة، يقدم المؤلفون 3 توصيات لكل من المؤسسين الرئيسيين والمؤسسين المشاركين على حد سواء: 1) ضع نفسك مكان الطرف الآخر، 2) تجنّب إهمال الجانب الشخصي في المحادثات الأولية، 3) فكّر في تطوير فكرة عمل مع شريك.

لا شك في أن اختيار مؤسس مشارك قرار مصيري للشركات الناشئة. فمن ناحية، يمكن للمؤسس المشارك أن يوفر المهارات الضرورية والموارد الأخرى التي قد يفتقر إليها المؤسس الفردي. ولكن من ناحية أخرى، يمكن أن تكون العلاقات مع المؤسسين المشاركين مصدراً للصراعات الكبيرة التي قد تؤدي إلى فشل الشركة الناشئة. على سبيل المثال، تشير الأدلة الحديثة إلى أن نحو 43% من المؤسسين يضطرون في نهاية المطاف إلى شراء حصة المؤسس المشارك بسبب الخلافات الشخصية والصراع على السلطة.

بالطبع، السيناريو المثالي هو العثور على مؤسس مشارك يتمتع بالمهارات المناسبة ويتوافق معك على المستوى الشخصي، ولكن تحقيق ذلك في الواقع قد يكون صعباً للغاية، إذ يواجه المؤسسون غالباً صعوبة في إقناع الآخرين بترك وظائفهم الثابتة للعمل بدوام كامل على فكرة شركة ناشئة جديدة وغير مجرّبة، ولا تكمن الصعوبة في العثور على شخص مستعد للانضمام إلى شركة ناشئة فحسب، بل يتمتع بالمهارات اللازمة ويتوافق معك أيضاً على المستوى الشخصي؛ أي العثور على توءم روحك في العمل إذا جاز التعبير.

ما هو سبب صعوبة العثور على مؤسس مشارك مناسب؟ وكيف يمكننا تعزيز فرصة العثور عليه؟ لاكتساب رؤى أعمق حول هذه التحديات، جمعنا بيانات من منصة واي كومبينيتور كوفاوندر ماتشينغ (Y Combinator Cofounder Matching)، وهي في الأساس موقع للتعارف المهني على الإنترنت يهدف إلى مساعدة الأفراد في العثور على شركاء الأعمال. ينشئ الشركاء المحتملون ملفاً تعريفياً على الموقع ويمكنهم الإشارة إلى اهتمامهم بشركاء العمل المحتملين أو تجاهلهم. حللنا بيانات أكثر من 9 آلاف ملف تعريفي على الموقع وأجرينا تحليلاً نصياً على أوصاف المؤسس المشارك المثالي التي تضمنتها لنرى إذا ما كان أصحابها يركزون أكثر على المهارات أو التوافق الشخصي أو كليهما. كما أجرينا تجربة منفصلة مع 769 فرداً عرضنا عليهم مجموعة من المؤسسين المشاركين الافتراضيين الذين يختلفون في المهارات والسمات الشخصية (القيم، الشخصية، إلخ) وطلبنا إليهم اختيار الشريك المفضل. بالإضافة إلى ذلك، جمعنا نصوص محادثات بين 147 فرداً آخر يشاركون في فعالية لمقابلة المؤسسين المشاركين وراجعنا كل محادثة يدوياً لمعرفة إذا ما كانوا قد أعطوا الأولوية للمهارات أو التوافق الشخصي خلال محادثاتهم.

اكتشفنا اختلافاً رئيسياً بين المؤسسين الرئيسيين (أي الأشخاص الذين لديهم فكرة ويبحثون عن شريك للانضمام إليهم لتنفيذها) والمؤسسين المشاركين (أي الأشخاص الذين يفكرون في الانضمام إلى المؤسس الرئيسي). في حين أن الطرفين كليهما يقدّران المهارات والتوافق الشخصي إلى حد ما، تختلف قيمة هذين الجانبين لكل منهما. وعلى وجه التحديد، يركز المؤسسون الرئيسيون على مهارات الشريك المحتمل ويقللون من أهمية التوافق الشخصي، في المقابل يعطي المؤسسون المشاركون الأولوية للتوافق الشخصي على حساب المهارات.

ظهر هذا التناقض بين المؤسسين الرئيسيين والمشاركين بوضوح في مجموعات البيانات والدراسات التي أجريناها كلها. ما هي أسباب هذا التناقض؟ وكيف يمكن للمؤسسين الرئيسيين التغلب عليه وتشكيل شراكات ناجحة؟

لقد اكتشفنا أن هناك اختلافاً في مفهوم الشراكة في التأسيس بين المؤسس الرئيسي والمؤسس المشارك، إذ يعطي المؤسسون الرئيسيون الأولوية للتنفيذ الفوري في حين يركز المؤسسون المشاركون المحتملون أكثر على إذا ما كان الانضمام إلى رائد الأعمال أفضل مما يفعلونه حالياً، وهذا يخلق تضارباً في الأولويات فيما يتعلق بتوافق المؤسسين المشاركين، ما يعقّد عملية تكوين الفريق.

مع ذلك، اكتشفنا أن الطرفين كليهما تمكنا من تجنّب هذه التعقيدات عندما فهم كل طرف بصورة أفضل عقلية الطرف الآخر وحافزه. نوصي بأن يعمل المؤسسون الرئيسيون والمؤسسون المشاركون على فهم بعضهم عقلية بعض فهماً أفضل لإنشاء شراكات ناجحة من خلال اتخاذ الخطوات الآتية:

1. ضع نفسك مكان الطرف الآخر.

يقيّم المؤسسون الرئيسيون والمؤسسون المشاركون الشراكات المحتملة بعقليات وحوافز مختلفة تماماً. على سبيل المثال، لدى المؤسسين الرئيسيين فكرة واضحة عن تفاصيل العمل قبل البحث عن مؤسسين مشاركين، وقد يكونون منخرطين بالفعل في مهام ملموسة تتطلب اهتماماً فورياً وتفاصيل معقدة لتحويل الفكرة إلى مشروع تجاري مجدٍ. فهم يتعاملون مع الاحتياجات المُلحة لفكرتهم ويبحثون عن شخص يمكنه الإسهام في المهام الفورية المطروحة دون عناء، لذا فإن تركيزهم الأساسي ينصب على التنفيذ وتحول المفاهيم إلى واقع ملموس.

أما بالنسبة للمؤسسين المشاركين، فالأمر مختلف. فهم غالباً لا يفهمون طبيعة فكرة العمل بالتفصيل بعد، ورؤيتهم للشركة وسماتها المميزة غير واضحة تماماً. ومن المحتمل في كثير من الحالات أن تكون لديهم وظائف أخرى. لذلك، بدلاً من أن تحفزهم عوامل "الضغط" لحل المشكلات في الشركة الناشئة مثل المؤسس الرئيسي، فهم يفكرون في عوامل "الجذب"؛ أي إذا ما كان الانضمام إلى صاحب الفكرة أفضل من وظيفتهم الحالية.

وعليه، بينما يركز المؤسسون الرئيسيون على المهام عند البحث عن شركاء الأعمال، عادة ما يكون المؤسسون المشاركون محفزين بحب الاستطلاع أو احتمال العثور على شريك للعمل الذي يجدون فيه فائدة أكبر من منصبهم الحالي. يركز المؤسسون المشاركون على العمل مع شخص يستمتعون بالعمل معه، في المقابل يركز المؤسسون الرئيسيون على حاجة محددة تجب تلبيتها. بعبارة أخرى، يفكر المؤسسون الرئيسيون بعقلية الاحتياجات عند تقييم الشركاء المحتملين، في المقابل يفكر المؤسسون المشاركون بعقلية الرغبات. وبالتالي، يتمتع المؤسسون المشاركون بمرونة أكبر فيما يتعلق بأنواع المؤسسين الرئيسيين الذين قد ينضمون إليهم، لأنهم ليسوا ملزمين بفكرة معينة أو مهمة فورية.

من المهم وضع هذه الاختلافات بعين الاعتبار، ومن المفيد للمؤسسين الرئيسيين والمؤسسين المشاركين أن يضعوا أنفسهم في مكان الطرف الآخر لفهم وجهة نظره، فذلك يساعد الشركاء المحتملين على فهم سبب تركيز الطرف الآخر الذي يتحدثون إليه على جوانب معينة أو التقليل من أهميتها، وهذا يقودنا إلى النقطة التالية.

2. تجنّب إهمال الجانب الشخصي في المحادثات الأولية.

حللنا في إحدى دراساتنا شراكات أعمالٍ تنشأ في الوقت الفعلي. خلال الفترة من عام 2016 إلى عام 2017، جمعنا بيانات من فعاليات بناء العلاقات التي جرت في حاضنة أعمال تابعة لجامعة مرموقة في الغرب الأوسط الأميركي، وكان الهدف من هذه الفعاليات إنشاء شراكات أعمال، وقد ضم الحضور مؤسسين رئيسيين ومؤسسين مشاركين محتملين. قبل بدء فعاليات بناء العلاقات، طلبنا إلى المشاركين حمل أجهزة تسجيل صوتية أتاحت لنا تسجيل محتوى محادثاتهم. كما جمعنا بيانات حول الأفراد الذين شكّلوا بالفعل شراكات في نهاية المطاف بعد الفعاليات.

اكتشفنا أن بعض المؤسسين الرئيسيين كانوا يركزون بالكامل تقريباً على فكرة العمل والمهارات المطلوبة خلال المحادثات، في حين ركز البعض الآخر في المقام الأول على العوامل الشخصية (أي التعرف إلى الشخص ومناقشة الاهتمامات المشتركة، وما إلى ذلك)، ولم يخصصوا سوى القليل من الوقت خلال المحادثات الأولية لمناقشة فكرة العمل و(أو) المهارات المطلوبة. وقد لاحظنا اختلافات كبيرة بين هاتين المجموعتين فيما يتعلق بالشراكات التجارية التي يجري تشكيلها بالفعل. قد يبدو من غير المنطقي أن يكون التركيز على المواضيع الشخصية بدلاً من تفاصيل العمل أكثر فعالية، لكن بياناتنا تقدم دليلاً مقنعاً على صحة ذلك. كان أولئك الذين ركزوا في المقام الأول على العوامل الشخصية خلال المحادثات الأولية أكثر احتمالاً بنسبة 70% للعثور على شريك تجاري والحفاظ عليه.

لا يعني ذلك أن على المؤسسين الرئيسيين تجنب مناقشة المهارات كلياً، فقد تضمن العديد من المحادثات الناجحة في عيّنتنا مناقشة المهارات فعلاً، ولكن المحادثات الناجحة أدت أيضاً إلى بناء علاقة شخصية من خلال مناقشة اهتمامات مشتركة مثل الهوايات والمجتمعات والقيم.

3. فكّر في تطوير فكرة العمل مع شريك.

ثمة طريقتان أساسيتان لبدء شراكة تجارية. الطريقة الأولى، التي ركزنا عليها حتى الآن، ينفرد فيها المؤسس الرئيسي بابتكار فكرة ثم يبحث عن مؤسس مشارك مستعد للمساعدة. يندرج معظم المؤسسين في دراستنا في هذه الفئة.

أما الطريقة الثانية الأساسية للدخول في شراكة تجارية فتحدث عندما يقرر شخصان أن يصبحا شريكين في العمل ثم يشتركان معاً في إنشاء الفكرة، وهذا هو النهج الذي يوصي به أحد مؤسسي موقع لينكد إن، كونستانتين غيريكا. يقول غيريكا في مقالة عن قصة إطلاق لينكد إن، إن الفريق في البداية كان عبارة عن مجموعة من الأشخاص أرادوا العمل معاً، لكنهم لم يكونوا متيقنين تماماً من ماهية الفكرة، فطرحوا العديد من الأفكار قبل الاستقرار على فكرة شبكة تواصل عبر الإنترنت تربط بين المهنيين. يقول غيريكا في سرده لهذه القصة:

"من الصعب جداً إقناع الآخرين بالانضمام إلى مشروعك الطموح إذا لم يكن لديك أي أساس للانطلاق. إنها معضلة: لن ينضم الأشخاص إلى فريقك إذا بدت الفكرة طموحة جداً، وإذا انضموا بالفعل، فقد يشير ذلك إلى أن فكرتك ليست طموحة بما يكفي لإحداث تغيير كبير. ولكن إذا توصل الأشخاص معاً إلى فكرة طموحة، فسيكون لديهم الحماس نفسه تجاهها. عندما يعمل أفراد فريقك معاً على اختيار فكرة وتنميتها، فستصمدون على الأرجح معاً في مواجهة التحديات التي ستواجهونها لا محالة".

بعبارة أخرى، يمكن تجنب العديد من صعوبات البحث عن شريك تجاري من خلال العثور أولاً على شخص ترغب في تأسيس شراكة معه. من خلال ابتكار فكرة معاً تتفقان عليها وتؤمنان بها، يمكنكما تجنب العديد من العقبات التي قد تواجهكما في عملية البحث عن شريك والصراعات المحتملة التي قد تنشأ لاحقاً.

تجدر الإشارة إلى أن نتائج تحليلنا قد لا تنطبق بالضرورة على الحالات التي يلتقي فيها المؤسسان الشريكان مصادفة (مثل الأصدقاء القدامى أو زملاء العمل) ويبتكران الفكرة معاً. ففي مثل هذه المواقف، غالباً ما يكون التوافق الشخصي بين المؤسسين المشاركين مرتفعاً على الأرجح لأن كلاً منهما يعرف الآخر مسبّقاً. ولكن في الوقت نفسه، قد يكون احتمال أن يمتلك المؤسسان المشاركان اللذان التقيا مصادفة مجموعة مهارات متكاملة قليلاً، لأن التوافق بينهما ربما كان حظاً أكثر منه نتيجة تخطيط واختيار مدروس. ربما تكون النتائج التي توصلنا إليها أكثر صلة بالحالات التي يبتكر فيها أحد المؤسسين فكرة ثم يبحث عن مؤسس مشارك للمساعدة.

باختصار، العثور على شريك تجاري ليس بالأمر السهل أبداً. ولكن فهم عقلية وحوافز الطرف الآخر بصورة أفضل، سواء كنت مؤسساً رئيسياً أو مؤسساً مشاركاً، سيساعدك على المضي قدماً في هذه الرحلة بنجاح.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .