سؤال من قارئ: أنا موظف جديد في شركة شحن أوروبية متوسطة الحجم. دائماً ما يُزج بي في أوضاع تبدو مستحيلة أو مزعجة إلى حد كبير. على سبيل المثال، طُلب مني العمل على مرحلة ما بعد اندماجنا مع إحدى الشركات الآسيوية التي اشتريناها. واستقال مدير المشروع في منتصف الطريق ولم يجرِ استبداله. تولى الرئيس المالي زمام الأمور، لكنه لم يمتلك وقتاً كافية لإدارة كل شيء. وتمثلت النتيجة في وجود توترات كبيرة بين مالك الشركة المستحوذ عليها وقيادتنا العليا. أشعر أننا فشلنا في بناء شبكة من العلاقات وحلقات التواصل قبل عملية الاستحواذ. وتسبب ذلك في تعقيد عملية الاندماج التي كانت بالغة التعقيد بالفعل. بدا الأمر وكأنني لا أحرز تقدماً. وفي غضون ذلك الوقت، كنت أتولى قيادة 19 مبادرة تطويرية في مختلف مكاتبنا العالمية. لم يكن لدي فِرق أو موارد، وبالكاد كانت لدي أي علاقة بالأشخاص المضطلعين بالأمور. وبالتأكيد كنت أفتقر إلى أقدمية رسمية لتحفيز التعاون من بعض كبار الموظفين المتأثرين بالأمر. كانت بعض هذه المبادرات منظمة بالفعل وتوشك على الانتهاء. وبعضها كانت جهوداً كبيرة تتطلب سنوات من الإعداد. ثمة مبادرات أخرى لم يكن لديها تنظيم أو مخطط مشروع يمكن الحديث عنه. وفي جميع هذه الحالات، لم يقدّم كبار المسؤولين التنفيذيين الذين كلفوني أي إظهار علني للدعم. ولم يكن لها أثر على صعيد التغلب على المقاومة القوية لبعض هذه التغيرات. أعمل بجد وأتمتع بالمرونة. أعتقد أنني ماهر في التعبير عن فوائد المشروع من ناحية مصالح المساهمين وبناء الدعم. لكنني أشعر أنه حتى المحترفين المتمرِّسين سيجدون صعوبة في تولي زمام الأمور. ولهذا فسؤالي هو:
كيف يمكنني السيطرة على الأمور في المواقف الصعبة، وأداء مهامي على أكمل وجه؟
يجيب عن هذا السؤال:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
كاتي بورك: رئيسة قسم الموارد البشرية في شركة هبسبوت (HubSpot).
كاتي بورك: تبدو قيادة 19 مبادرة تطويرية عملاً كثيراً بالنسبة لأي شخص. لكنني سأجازف في لعب دور محامي الشيطان، وأقول إنّ هذا الشخص أوكلت إليه مسؤولية كبيرة جداً، ومن الواضح أنها فرصة كبيرة للقيام بأشياء مذهلة. ولست قلقاً إزاء قيام كاتب السؤال بتحديد جميع الأشياء التي فعلتها الشركة على نحو خاطئ وجميع الأشياء التي فعلها القادة على نحو خاطئ. سأعود إلى حقيقة أنّ الرواية التي تخبر بها نفسك باستمرار لديها أثر جوهري على كيفية قدومك إلى العمل. وإذا كنت تتوقع قيادة 19 مبادرة مختلفة على مستوى الشركة وتجميع الموظفين من خلفك، وإذا كانت لديك عقلية الضحية، فسيصعب عليك جداً إقناعهم بأن يتبعوك، وذلك ما تحتاجه لتحقيق النجاح الكامل.
أليسون بيرد: السطر الأول من ملاحظاتي هو هنيئاً له على تعيينه للقيام بهذه المهام المذهلة والحافلة بالتحديات، والتي يستطيع أن يتعلم منها الكثير.
كاتي بورك توجد فرصة واضحة للقيادة، وتوجد بعض الأشياء التي لا يلاحظها زملاؤك. انظر إلى الأمر على أنه فرصة لتعرض كيف تستطيع قيادة الموظفين وجمعهم معاً. سأقول: إنّ القيام بـ 19 شيء هو كثير على أي شخص، وعلى أي إنسان. دائماً ما أفكر بالأمر على أنها قاعدة من خمس نقاط. أول شيء أفعله وما يتعين أن يختاره هذا الشخص هو تضييق هذه المبادرات البالغ عددها 19 إلى ما سأسميه ثلاثة أشياء تستطيع الفرق متعددة المشاريع التركيز عليها حقاً وحيث يمكنهم تحقيق الفائدة. والشيء الآخر الذي سأقوله في فترات التغيير الكبير هو أنّ المبتدئين يميلون إلى طلب آراء تقويمية حول أعمالهم، في مقابل الخطة. يريدون ملاحظات إزاء: هل من المقبول القيام بهذا الأمر؟ وصدقاً، فأنت ستزعج فريق قيادة مشغول وملتزم جداً. بدلاً من ذلك، رهانك الأفضل هو الحصول على قبول مسبق لما يبدو عليه النجاح وما هي المقاييس الأساسية. وما هي المتغيرات التي يمكنك التحكم بها. وبالتالي، فإنني أشجع هذا الشخص على الحصول على موافقة مسبقة، لتقليص إطار الأشياء المتوقع تحسينها خلال فترة قصيرة من الوقت. وثالثاً، تبني موقف إيجابي حقاً لأنّ الموظفين الذين تقودهم والموظفين التي تتوقع أن تؤثر عليهم سيجتمعون حوله.
دان ماغين: من الواضح أنّ 19 عدد كبير جداً، لكن هذا يثير السؤال عن ماهية المعايير التي سيستخدمها لاختيار ما سيتعامل معه من بين الـ 19، وفيما إذا كان يمتلك الإذن لإسقاط الـ 14 الأخرى في طريقه.
كاتي بورك: دائماً ما يترك التنفيذيون أدلة، حتى إذا لم يكونوا واضحين فيما يقولون في تواصلهم معك. يتركون خلفهم أدلة. لو كنت محله لكنت محققة جيدة. وتساءلت: ماذا لو قالوا خلال اجتماعات الشركة، ما الأعمال التي يقومون بها وما التغييرات الهيكلية التي يُحدثونها؟ ما مظاهر الإحباط التي عبروا عنها في مبادرات سابقة؟ وأستخدم ذلك لتكوين افتراضات حول ما يتعين وضعه في مكان الأولوية. ما يقوم به الموظفون في أحوال كثيرة، وخصوصاً من هم في مناصب قيادية جديدة، هو الاختيار وفقاً لمناصبهم وانطباعاتهم. على سبيل المثال، أهتم بشأن هذا وذلك ما يتعين أن نضعه على رأس الأولويات. وفي الحقيقة، يتعين أن تأتي الأدلة على ما تضعه في مكان الأولوية مما يقوله التنفيذيون بشأن التغييرات الأخرى في العمل. إذا سمع أحد التنفيذيين تكرار شيء ما يبدو مألوفاً لديه، فمن الأرجح أن ينفذ تلك المقارنة، ويقول في نفسه إنّ هذا الشخص كان يستمع لي. من الواضح أنه بصدد شيء ما. لذا في أغلب الأوقات من الجيد الحصول على قبول لأنّ الناس يلاحظون أنك مهتم بما يقولونه.
أليسون بيرد: كيف تقلصين 19 مبادرة إلى ثلاث دون أن تقولي إنك لا تستطيعين إنجاز العمل؟
كاتي بورك: ما سأفعله هو تأطير التركيز على ثلاث مبادرات فقط كبداية لتحوّل ناجح حقاً داخل الشركة. ومن خلال القول، إذا جعلنا البشر حول المؤسسة يركزون على هذه الأشياء الثلاثة، فالمبادرات المتبقية تحت مظلة الـ 19 ستتحقق. أحد الأساليب التي أستخدمها عندما لا يثق بي الموظفون حول أشياء من قبيل ذلك الأمر، يتمثل في أنني أقول: هل يمكنك الذهاب إلى أحد موظفينا الأماميين وسؤاله ما هي الأشياء الـ 19 التي نعمل عليها؟ لم يسبق أن رأيت موظفاً يستطيع ذكر 19 شيئاً أو 19 قيمة. وبالتالي، عندما تعود إلى ذلك العنصر البشري، يصبح من السهل القول إنّ التركيز على ثلاثة إلى خمسة أشياء هو أمر يسهل إدارته على نحو كبير. وهذا يعني إنه من المرجح أن يستطيع مدراء الموارد البشرية تفسير ذلك للموظفين، ومن المحتمل جداً أننا سننجح، وهذا فوز بالنسبة لنا جميعاً.
دان ماغين: ألا يتعين أن يكتفي هو باختيار المشاريع التي يعتقد أنها قد تنجح؟
كاتي بورك: أمتلك وجهة نظر قوية إزاء هذا الأمر، وهي أنّ القادة الجدد في أغلب الأحيان يريدون تحقيق النجاحات وهم يعتقدون أنّ هذا ما يهتم به التنفيذيون. وأنّ هذا ما تهتم به في واقع الأمر. الفوز هو فقط فوز إلى الدرجة التي يكون بها فوزاً للشركة. وبالتالي، فإنّ اختيار الأشياء التي ستنجح بها لأنها الأسهل يمثل غالباً الطريقة الأسهل لضمان أنك لن تكون هناك في سنة. ما سأقوله هو أنّ تجميع الناس حول طاقة إيجابية والحصول على بعض النجاحات مفيد لقوة الاستمرار الإجمالية للمشروع. أعتقد أنّ التفكير في ماهية هذا الأشياء ليس اقتراحاً مجنوناً على الإطلاق. لكنني أقلق أحياناً من أنّ نصح القادة للتفكير بشأن ذلك الأمر على أنه عدستهم للنجاح في إطار تفكير على المدى القصير يمكن أحياناً أن يلحقهم بعد ستة أشهر.
أليسون بيرد: إذاً، عليه البحث عن نجاحات مبكرة، لكن بعد إنجاز التحاليل حول أي المشاريع أكثر أهمية.
كاتي بورك: وعلى مستوى النجاحات المبكرة، ما سيحدث إذا كنت قائداً جديداً هو أنك تحقق أحد هذه النجاحات وتقول إنك محطم. هذا بالضبط هو الوقت الذي تقول فيه إنّ ذلك الإطار مهم للغاية.
أليسون بيرد: كنت قلقة على كاتب السؤال لأنه موظف جديد. وكل شيء نتحدث عنه، أي نوع من التغيير المؤسسي، والمبادرات الجديدة، يتطلب شبكات قوية. كيف يكون توجهه إزاء بناء الشبكات التي يحتاجها داخل إطار المؤسسة لضمان نجاح هذه المبادرات التي اختارها؟
كاتي بورك: لقد توصل كاتب السؤال إلى حقيقة أنّ تلك الثقة لم يجرِ بناؤها قبل عملية الاندماج. وبالتالي، أعتقد أنّ عليه الأخذ بنصيحته الخاصة وهي أن يقول إنه يرى أثراً بعيد المدى لعدم استغلال الوقت في بناء تلك الثقة، بعد عدة أشهر. عليه تخصيص وقت لبناء هذه العلاقات الاستراتيجية. والسؤال الذي سأطرحه إذا كنت محله هو أين مواطن ضعفي الكبيرة، ونقاطي العمياء الكبيرة التي تتعلق بخطة شبكتي داخل الشركة، وأضع هذه الأمور على رأس الأولويات بالمقارنة مع الأشخاص في المناصب العليا. لكنني أعتقد أنّ الثقة في الشبكات ستكون ضرورية على المدى الطويل لهذا الأمر.
أليسون بيرد: إحدى النقاط التي توصلنا إليها في مقالة عملت عليها قبل بضع سنوات مع جولي باتيلانا من كلية هارفارد للأعمال وتيزيانا كاسيارو من كلية روتمان للإدارة تتمثل في أنّ وكلاء التغيير الناجحين يعلمون حقاً كيفية الوصول إلى شبكة غير رسمية. وهؤلاء هم من تريد أن يدعموك في أي شيء لكي ينجح.
كاتي بورك: في أوقات التغيير يكون المساعدون الإداريون من بين الأشخاص الأقوى. إنهم أقوياء في الشركة. لكن حقاً في أوقات التغيير، أجد أنّ المساعدين الشخصيين، وهم أشخاص كانوا هناك منذ وقت طويل وحتى وصولك حيث أنت، سأجادل كثيراً بأنّ هذا الشخص يتعين أن يركز بشكل أقل على الألقاب أو سنوات الخبرة، ويركز بشكل أكبر على إنجاز الأشياء فعلاً في هذه الشركة، وعلى الطريقة التي يستطيع من خلالها بناء علاقات هادفة معهم.
دان ماغين: ما تقولينه يسير في الاتجاهين لأنني أعتقد أنّ المدراء يدركون أنك بحاجة إلى شبكة من أجل تحقيق التغيير. يعملون أنه موظف جديد، ومع ذلك طلبوا منه إنجاز المهمة. لذا لا شك أنّ أحداً منهم هناك يعتقد أنه جيد حقاً أو أنه يمتلك القدرة لفعل ذلك. لا بد أنّ أحداً رأى فيه ما يكفي لمواجهة هذه المجموعة من التحديات.
أليسون بيرد: أو إنه يرى كل شيء من منظور جديد. يمكنه أن يأتي إلى بعض هذه البرامج التي استغرقت وقتاً حتى انطلقت، ويقوم ببث الروح فيها. ويمكنه النظر إلى البرامج القديمة ويحدد كيفية تغييرها. أعتقد أنهم ربما يعتمدون عليه ليكون هذا المستجد.
كاتي بورك: أعتقد أنّ ثمة فائدة من امتلاك منظور جديد، أو إذا كانوا يقولون بوضوح: يبدو هذا مشروعاً جيداً للفشل لذا دعونا نسنده لهذا الشخص الجديد. وعلى الرغم من كون أحد هذه الأشياء صحيحاً، تريد أن تحذر من مواجهة من سبقوك في هذا المكان، ففي مرحلة ما، سواءً في الشهرين أو الأسبوعين أو العامين المقبلين سيحتاج أحد القادة الموجودين في الشركة لأن يكون جزءاً من مبادرة التغيير الخاصة بك. لا تكن الشخص الجديد الذي يأتي ويقول ببساطة يجب أن يكون كل شيء قديم جديداً. حاول وتعرف على ما ينجح حقاً حتى تستطيع بناء علاقات مجدية مع بعض الأشخاص الذين كانوا في الشركة لفترة طويلة، والمنفتحين على التغيير ويمكن أن يكونوا مساعدين مفيدين لك.
دان ماغين: إننا نعتقد أنه بحاجة إلى اختبار عقليته. في أفضل الأحوال، هو يبدو كمستضعف ما. وفي أسوأ الأحوال، فإنه يمتلك عقلية ضحية. نعتقد أنه بحاجة للتحلي بنظرة إيجابية أكثر لرؤية هذا على أنه فرصة لإحراز النجاحات. وأكبر نجاح هو أنه يمتلك الكثير من الأولويات المنخفضة في مهامه. عليه تضييق التركيز. يختار ثلاثة، وربما خمسة. ويركز عليها. وعندما يفعل ذلك، يتعين عليه التفكير بشأن الأثر على العمل، ومشاكل المؤسسة، ولغة الجسد، والقوائم التي استخدمها مدراؤه حول الأشياء الأكثر أهمية. لا يتعين عليه البحث بالضرورة عن نجاحات مبكرة. غالباً ما تكون النجاحات المبكرة سهلة المنال، لكنها ليست الأهداف المهمة، ويتعين عليه التفكير أكثر بشأن الأثر مقارنة بشعوره الجيد إزاء إحراز بعض النجاحات المبكرة. عليه أن يحاول كسب قبول الآخرين على الخطة المبدئية، ثم البدء بتنفيذها، وعدم التدقيق باستمرار على كل السلوكيات. وعندما يحرز نجاحاً ما، يتعين أن يجعله بمثابة نجاح للفريق، ويعتبر النصر للجميع وليس لنفسه فقط. وعلى المدى الطويل يتعين عليه أن يفكر بشأن بناء شبكته وحشد الناس من أجل الهدف، وأن يبني بعض الثقة حتى يريد هؤلاء الناس التغيير ويرغبوا في مساعدته مع المبادرات الـ 14 التالية التي يتعين عليه إنجازها.