في كتاب "إذن، تزوجت قاتلاً بالفأس" (So I Married an Axe Murderer)، وهو قصة ساخرة سخيفة من تسعينيات القرن الماضي، يبوح شرطي يدعى توني لقائده قائلاً: "أنا أشكّ بقدرتي على العمل كشرطي. فهذا العمل ليس كما يبدو على التلفاز. كل ما أقوم به طوال اليوم هو تعبئة الاستمارات والأعمال الورقية". فما علاقة هذا الاقتباس بموضوع مساعدة الفريق لإدارة المهام؟
كان توني يعتقد أن عمله سيكون أكثر إثارة وتشويقاً مما تبين له لاحقاً. توني ليس وحده في ذلك، فكل وظيفة تحوي على بعض الأعمال المزعجة البغيضة.
أنا أؤيد متعة العمل بشدة. ولكن ليس كل جزء من كل وظيفة يحمل المتعة. وبينما نرغب جميعنا بإيجاد حد ما من المعنى والغاية في أعمالنا، غالباً ما نقضي بعض أوقاتنا في تنفيذ مهمات لا تعني لنا شيئاً حقيقياً ولا تخدم هدفاً أكبر من المساعدة في استمرار سير العمل في المكتب.
اقرأ أيضاً: كيف تستخدم برامج اليقظة والتنبه الذهني لزيادة الإبداع لدى فريق العمل؟
وقد يكون تقبل ذلك صعباً على المهنيين في سنواتهم الأولى، بالأخص وظائف المبتدئين. فحياة الجامعة غالباً ما تكون مرنة وتحمل تحديات تساعدهم على الانسجام، وبعد مرور أربع سنوات من هذه الحياة سيصعب على الإنسان الثبات خلف مكتب لساعات متواصلة والقيام بأعمال إدارية دون أن يقول لنفسه: "هل حصلت على شهادة جامعية من أجل هذا؟" ولكن، ليس خريجو الجامعات الجدد هم وحدهم من يعانون من العمل المزعج، بل قد يفكر أي موظف في أي فئة عمرية أنّ وظيفته يجب ألا تتضمن سوى مهمات حماسية أو مُرضية وأنّ العمل الممل أدنى منه ويجب أن يكون من مسؤوليات شخص آخر.
تعد الاستحقاقات الوظيفية قاتلة للمسيرة المهنية مهما كان مصدرها. فهي كالحبل الذي يمكن للموظف من أي جيل لفه حول رقبته بنفسه. إن كان أحد مرؤوسيك يشتكي من كمية الأعمال المزعجة التي يجب عليه إنجازها، يجب عليك أن تجد طريقة لمساعدته على التخلص من استيائه وعلى إدراك أن جميع أعضاء الفريق يقومون بأعمال مزعجة أيضاً. كما يجب عليك مساعدته في تعلم كيفية تنظيم وقته كي لا يقصّر في أداء المهام ذات القيمة الأعلى. (سأفترض لأسباب تتعلق بهذا المقال أنك كمدير قمت بتوزيع هذه المهام بعدل بين موظفيك، وأنّ الموظف الذي نتحدث عنه لا يحمل فعلياً عبئاً أكبر مما ينبغي من المهام التي لا تؤدي إلى ترقيته).
كيفية مساعدة الفريق لإدارة المهام
فيما يلي بعض الطرق التي أقترحها لمساعدة موظفيك على تقليص حجم الوقت الذي يقضونه في إنجاز المهام المزعجة بفعالية:
افرض قيوداً
افرض قيوداً زمنية إن كانت إحدى الموظفات تملأ أيامها بأعمال ذات أهمية ضئيلة يمكن إتمامها في وقت أقل بكثير. يجب الانتهاء من الإجابة على الرسائل الإلكترونية الصباحية بحلول الساعة 10 صباحاً. ويجب الرد على الاتصالات خلال ساعة واحدة. ويجب الانتهاء من تجميع بيانات الأسبوع السابق وتسجيلها عند الساعة الرابعة من مساء يوم الأحد.
اقرأ أيضاً: كيف تسلم المشروع من فريق الابتكار لفريق التنفيذ بسلاسة؟
إن إدارةالوقت هي مهارة يحتاج العديد من الموظفين تعلمها، ويجب عليك بصفتك المدير أن تكون المُعلم. توقع أن تجد مقاومة، كأن يقول لك أحد الموظفين أنه لا يستطيع إنهاء مهمة معينة بنصف الوقت الذي يستغرقه عادة. ولكن يجب عليك دفعهم للمحاولة على الأقل، فقد يتفاجؤون هم أنفسهم. بالنتائج وهناك جانب إيجابي نغفل عنه في غالب الأحيان، وهو أنه من الممكن أن يصبح هذا العمل البغيض تحدياً يدفع الموظفين نحو المشاركة في تحديات أكبر عندما تفرض عليهم قيوداً زمنية.
حاول إغراء الموظف بالأعمال التي تجذبه
ما هو أكثر عمل ممتع يرغب الموظف بأدائه؟ ما هي رؤيتك لما يمكن أن يفعله الموظف لصالح الشركة؟ تحدث معه وساعده على تصور الفرص الجديدة التي يمكن لها أن تتمم أعماله العادية. ربما تسند له أعمالاً بالتعاون مع زميل أكبر منه يمكنه إرشاده في إدارة الوقت وإلهامه بإطلاعه على الأنواع المختلفة للأعمال التي تقوم بها الشركة. فإضافة الأعمال الأكثر جاذبية لمسؤولياته ستدفعه إلى تقليص الوقت الذي يستغرقه في إنجاز الأعمال ذات القيمة الأقل.
هدد بالعواقب
يعتبر إغراء الموظف بالأمور التي يحبها حافزاً إيجابياً، ولكن قد تكون العواقب فعالة أيضاً. إذ إن الموظفين الذين يقضون ساعات في أداء أعمال غير ذات أهمية حقيقية لا يستثمرون وقتهم في المكان الصحيح. أوجد أهدافاً للأعمال ذات القيمة الأكبر للموظف وأوجد عواقب إن لم يحقق هذه الأهداف.
يجب أن يساعد تقليص الوقت الذي يستغرقه الموظف في أداء الأعمال المملة على الحد من استيائه من وجوب قيامه بهذه الأعمال. وإن لم يكن ذلك، قد تحتاج لإجراء محادثة أوسع بشأن أهدافه المهنية وما إذا كان بإمكانه تحقيقها في منصبه الحالي أو في شركتك حتى.
ذكّر الموظف أن الإيجابية نفسها تجعله قابلاً للترقية
عندما تقوم بتعيين موظف أو ترقيته يكون ذلك بسبب الأعمال التي ترى أنه قادر على القيام بها لصالح مؤسستك. ولكنك أيضاً تودّ أن توظف أشخاصاً يتمتعون بالإيجابية، ويبادرون ويفعلون ما يجب فعله. في بعض الأحيان يكون تولي الأعمال المزعجة عبارة عن إظهار القدرة على العمل ضمن الفريق بإيجابية كبيرة. وإن تمكنت من كسب ثقة المدير في أداء الأمور المملة ستكسب ثقته في أداء الأمور الممتعة بالتأكيد. ذكر الموظف لديك أنه في بعض الأحيان لا يتعلق الأمر بما تفعله بل بكيفية قيامك به.
اقرأ أيضاً: كيف تضع معايير عمل للفريق التنفيذي وتضمن الالتزام بها؟
كن قدوة
هناك الكثير من الأعمال غير المرئية. نحن نعلم أننا نمضي أوقاتنا في أدائها ولكن هل يعلم ذلك أحد غيرنا؟ عندما يشتكي موظف من الأعمال المزعجة التي يجب عليه القيام بها، يكون ذلك على الأغلب لأنه لا يرى كم من الأعمال المزعجة يجب على الآخرين (بمن فيهم مديره) القيام بها. تحدث مع الموظف عن نسبة الوقت التي يقضيها الجميع، بمن فيهم أنت، في أداء أعمال كهذه. واحرص أن يرى الفريق أنك تقوم بأعمال كهذه من وقت لآخر.
كم أحب القصة التي تروى عن سام بيترودا، رئيس شركة الاتصالات الهندية سي دوت (C-DOT)، التي كانت تشغل طابقين من فندق ذي خمس نجوم. عندما استدعي عامل صيانة من أجل إصلاح قبضة باب قاعة الاجتماعات. أنهى العامل عمله وجمع أدواته واستعد للمغادرة وترك القاعة تعج بالفوضى التي خلفها جراء عمله. طلب بيترودا مكنسة ودعا الرجل للجلوس ومراقبته وهو يقوم بالتنظيف بنفسه. كان هذا درساً عظيماً يجب أن يتم تعليمه في المزيد من أماكن العمل، فعمل التنظيف هذا ليس أدنى من أن يقوم به الرئيس التنفيذي، ولا أي موظف آخر أيضاً.
اقرأ أيضاً: كيف تضمن شعور الأعضاء الجدد في فريقك بأنهم مندمجون منذ اليوم الأول؟
ربما لم تكن مديراً لموظف كما في هذا السيناريو، بل أنت الموظف نفسه، ولكن ستنجح هذه التقنيات معك أيضاً. خطط أهدافك بنفسك وطبق النظام من أجل تحقيقها. افرض على نفسك حدوداً زمنية لإتمام الأعمال البغيضة وضع جدولاً لإتمام المشاريع المملة وكافئ نفسك على إنجاز هذه الأهداف. ضع نصب عينيك العواقب السلبية لعدم بذل الجهد اللازم وافرضها على نفسك إن لزم الأمر. كما يجب عليك إدراك أن هذه فرصة لك كي تتميز. فعدم الخبرة تحمل ميزة امتلاك النظرة الجديدة، إن كان بعض عملك يستغرق وقتا كبيراً حاول ابتكار عملية أكثر فعالية لم تخطر لمديرك أو لأحد من زملائك من قبل. عندما يتعلق الأمر بالصراع على الاستحقاقات، تكون إدارة الذات بطريقة جيدة هي أقوى سلاح على الإطلاق في سبيل مساعدة الفريق لإدارة المهام.