كيف تُخبر موظفاً بأنه ليس جاهزاً للترقية بعد؟

7 دقيقة
حول ترقية
shutterstock.com/Gajus
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: الدخول في نقاش مع بعض الموظفين حول ترقية أنت لست مستعداً لمنحها في الوقت الحالي هو مهمّة حساسة تحتاج منك إلى بعض التوازن، ولكنها فرصة ذهبية أيضاً؛ إنها فرصة لتحويل موقف قد يكون سلبياً إلى حوار بَنَّاء يركز على المستقبل، فتعاطفك مع الموظف وتشجيعك له مع تركيز الحديث على المستقبل يمهد الطريق لبناء علاقة تعاونية معه. يقدم مؤلف المقال بعض الاستراتيجيات لإجراء هذا الحوار والتخطيط للمستقبل.

قيادة أي فريق هي عملية معقدة ودقيقة تتطلب قدراً متوازناً من التعاطف ومهارات التعامل مع الآخرين واستيعاب الديناميات ضمن الشركة، وواحد من التحديات التي يواجهها كثير من المدراء هو النقاش حول الترقيات، لا سيّما إذا كان الموظف حريصاً على التقدم الوظيفي والمدير غير مستعد بعد لمنحه الفرصة.

أظهرت الأبحاث الارتباط الوثيق بين التقدم الوظيفي ومشاركة الموظف في العمل، ومع ذلك فإن التخطيط الوظيفي وتقدير المدير للموظف لهما أثر كبير وخلال سنوات عملي مدرباً للمسؤولين التنفيذيين عاصرت الموقفين: القلق الذي ينتاب القائد والمشقة التي يلاقيها عند نقل الخبر السيئ للموظف بعدم منحه الترقية التي كان يتطلع إليها، وكذلك الإحباط الذي يصيب الموظف والمفاجأة المربكة بعد سماع الخبر.

إدارة المحادثة

وجدت أن أنجح القادة على الإطلاق في التعامل مع مثل هذه المحادثات الشاقة هم الذين يتبنّون منهجاً منظماً، ويبدو أن النجاح لا يكمن فقط في الحفاظ على علاقة عمل إيجابية بعد المحادثة، بل في وضع خطة نمو للمستقبل أيضاً. إذا أديرت المحادثة بفعالية ربح الطرفان: فالموظف يغادر الموقف واعياً تماماً بحقيقة مكانته الحالية ومستشعراً التقدير ومجهَّزاً بخطة تدفعه إلى الاستمرار بالسعي والتقدم، والمؤسسة تعزز سياسة استبقاء الموظفين ومشاركتهم في العمل. ويكمن السر في أن تبدأ المحادثة بعقلية متعاطفة تنطوي على التشجيع والتركيز على المستقبل.

التعاطف

ابدأ حديثك مع الموظف بالإقرار بجهوده ومشاعره وتأكيد أن عمله الدؤوب لم يذهب سدى، تحول من عقلية نقل الأخبار السيئة إلى عقلية دعم التفاهم المشترك؛ فهذا المنهج المتعاطف يخفف حدة خيبة الأمل التي تصيب الموظف، ويعزِّز الحوار الإيجابي الصريح أكثر.

على سبيل المثال يمكنك أن تقول: “أعرف كم كنت مجتهِداً ومخلصاً في أداء عملك، وأعلم أنك كنت تتطلع إلى ترقية، وأريد أن تعلم أنني أرى جهودك في العمل وأقدِّرها”.

الدعم

لا يدور الكلام في هذه المحادثة حول أسباب عدم منح الترقية في الوقت الحالي فحسب، بل هي فرصة لتأكيد ثقتك في قدرات موظفيك وإمكاناتهم.

حدد للموظف الجوانب الإيجابية في عمله، يمكنك مثلاً أن تقول: “لقد أثبت مهارة فائقة في [مجال كذا]، وكانت إسهاماتك مع الفريق في [مجال كذا] لا تقدر بثمن؛ وأنا على يقين من أن المزيد من تنمية المهارات سوف يضعك بقوة على طريق الترقية في المستقبل. فلنتحقق معاً من فرص تنمية المهارات التي نستطيع إتاحتها لتهيئتك”.

التركيز على المستقبل

لا تدع المحادثة تنتهي بخيبة الأمل، بل بالرجاء في الفرص المستقبلية المحتملة، فالعقلية التي تركز على المستقبل تساعدك على تحديد الجوانب التي يحتاج موظفك إلى تطويرها، وتساعده أيضاً على المشاركة في رسم مسار مستقبل العمل بفعالية.

في وسعك أن تقول: “أرى فيك طاقات هائلة وأثق في قدرتك على النمو حتى تصل إلى الوظيفة التي تطمح إليها”.

كيف تناقش الأسباب؟

عند مناقشة الأسباب الدقيقة التي حالت دون حصول موظفك على الترقية التي كان يرغب فيها، عليك أن تعالج 3 جوانب: الكفاءة والإمكانات والتصور السائد. وبينما تفعل ذلك، ركز حديثك على الوضع الحالي للموظف والمطلوب منه ليتقدم في عمله، فهذه المقارنة بين “الوضع الحالي والوضع المطلوب” تقدم خطة توجيهية تُبقي الحوار بنّاءً وداعماً ومنصبَّاً على النجاح في المستقبل.

الكفاءة

تشير الكفاءة إلى مجموعة المهارات والمعرفة والقدرات المحددة المطلوبة للوظيفة، فمن الضروري عند مناقشة ترقية ما أن نتعرف على الكفاءة التي أظهرها عضو الفريق من قبل وأوجه القصور التي يجب أن يعالجها حتى يُعدّ نفسه للمرحلة التالية، وعليك التركيز على أن كفاءة الموظف تجعله “ملائماً” لدوره الحالي، أما الترقي فيتطلب نمواً وتمكناً تاماً.

ابدأ الحديث مع الموظف بالاعتراف بإنجازاته والمشروعات التي أتمها، مع التركيز على ما حققه والإشادة بتفانيه وجدارته، وبيِّن له أنه على الرغم من تقديرك لإنجازاته فهي لا ترقى بعد إلى مستوى الكفاءة المطلوبة لدوره القادم.

أشركه في التعرف على قدراته الحالية واستيعابها، ووضح له أهمية تطويرها أكثر، وشجعه على الحوار المفتوح، واطرح عليه أسئلة مثل: “كيف ترى أداءك في مهارة كذا؟” وأكِّد له أن موافقة كلا طرفي المحادثة على الجوانب التي تحتاج إلى مزيد من التطوير يصنع التزاماً مشتركاً بالعمل على تحسينها، ولا تنسَ التشديد على أن الإخفاق في مشروع ما لا يعني بالضرورة نقص الكفاءة، وبالمثل فإن تحقيق هدف ما لا يضمن الكفاءة في العمل.

وإليك طريقة صياغة المحادثة: “أنت الآن بارع في [المهارات الحالية] التي لا غنى عنها في دورك الحالي، والمطلوب للخطوة التالية هو مزيد من التطوير في [مهارة كذا]، دعنا نستكشف المشروعات أو برامج التدريب الملائمة لسد هذه الثغرة ونؤهلك لتولي مسؤوليات منصبك القادم”.

الإمكانات

تشير إمكانات الموظف إلى طاقته الكامنة ورغبته في النمو وتولي تحديات ومسؤوليات أكبر داخل المؤسسة، وإثبات قدرته على الأداء على أعلى المستويات في مناصبه المقبلة. وفوق ذلك، يتضمن تقييم إمكانات الموظف ملاحظة أدائه الحالي والمبادرات والتغييرات اللازمة لإثبات استعداده للمرحلة القادمة؛ تتوافر عدة أطر لتقييم الإمكانات، لكني وجدت أن أكثرها نفعاً هي السمات الأربع المميزة للإمكانات التي تُنسب إلى كلاوديو فيرنانديز أراوز:

  • حب الاطلاع: ليس الرغبة في المعرفة فقط، بل الرغبة أيضاً في نقد الوضع الراهن.
  • الرؤية: تعني القدرة على جمع المعلومات التي توحي بإمكانات جديدة واستيعابها.
  • المشاركة: تعني الذكاء العاطفي الذي يتعدى مجرد التواصل البسيط مع الموظفين إلى الانسجام الصادق معهم وزيادة قدرتهم على التأثير.
  • العزيمة: تعني الإصرار على التغلب على العقبات وتحويلها إلى نقطة انطلاق.

وفي وسعك أن تستخدم المصفوفة التي شكّلتُها اعتماداً على هذه العناصر الأربعة لترشدك في حديثك عن الإمكانات.

اطلب من موظفك قبل أن تطرح عليه ملاحظاتك الخاصة أن يقيّم نفسه في كل واحد من العناصر الأربعة، وذكِّره بأن هذه العناصر ليست صفات شخصية؛ لا يعني أن تكون انطوائياً مثلاً أنك لا تجيد المشاركة؛ فالمشاركة لا تتعلق بكمية التفاعل بقدر ما تتعلق بجودته.

وبعد أن يشاركك الموظف تقييمه الذاتي قدم له رؤيتك الخاصة مدعومة ببعض الأمثلة المحددة. مثلاً: “أثرت اهتمامي إذ وضعت نفسك في المستوى 3 من حب الاطلاع، وفي الواقع سأضعك في المستوى 4؛ لأنك تبحث دائماً عن وسائل جديدة لتحسين عملياتنا. وقد صنفت نفسك ضمن المستوى 2 في المشاركة، وأنا أوافقك الرأي. أنت رائع في التفاعل الفردي، ولكن يمكنك المشاركة على نحو أفضل في العمل الجماعي”.

ناقش بعد ذلك الإجراءات المحددة للتحسين وفقاً لمبدأ الوضع الحالي في مقابل الوضع المطلوب، على سبيل المثال حتى تنتقل إلى المستوى 3، بوسعك أن تقود اجتماع فريقنا المقبل أو تتولى مسؤولية مشروع تعاوني حتى تحقق تقدماً ملحوظاً”.

التصور السائد

التصور السائد هو نظرة الآخرين في المؤسسة إلى مهارات الموظف وإسهاماته وإمكاناته، وهو مجموع الانطباعات التي يخلِّفها الموظفون بدءاً من طريقة إدارتهم للاجتماعات إلى طريقة حل النزاعات. وعلى خلاف الكفاءة والإمكانات، غالباً ما يتشكل التصور السائد من خلال العوامل المجردة (مثل التعاطف والتأثير وكيفية التعامل مع التحديات والمواقف الصعبة) ويتأثر بالرأي الجماعي للأقران والمشرفين والمرؤوسين المباشرين.

ابدأ بالاعتراف بخطأ المفهوم الشائع أن النتائج وحدها يجب أن تكون كافية لنيل التقدير والترقية، وفي استطاعتك أن تقول: “يعتقد الكثيرون أن النتائج التي حققوها هي التي يجب أن تتحدث عن نفسها، وأنها يجب أن تكون كافية لنيل التقدير أو حتى الترقية. وعلى الرغم من أهمية النتائج فهي ليست العامل الوحيد، لا تتأثر صورتك المهنية في نظر الآخرين بأفعالك فحسب، ولكن بطريقة تفسيرهم لها، ويمكنك أن تغيّر نظرة الآخرين إليك في العمل“.

قبل الخوض في ملاحظاتك الخاصة، استفسر من موظفك عن فكرته عن صورته داخل الفريق والمؤسسة بأكملها وتحديداً في مجال معين ترى فيه مشكلة. مثلاً: “كيف ترى صورتك العامة في الفريق فيما يتعلق بتعاونك معهم؟”.

وبمجرد أن يشاركك أفكاره قدّم له وجهة نظرك، واستخدم أمثلة محددة لدعم تقييمك، فالتصورات السائدة لدى الآخرين تتشكل غالباً من خلال سلسلة من الأحداث لا من خلال حدث منفرد. ومن النافع في هذا الأمر أن تكون لديك بيانات شاملة أو ملاحظات من الفريق، ركز على إظهار التناقضات بين تقدير الموظف لذاته وصورته في نظر الآخرين؛ فهو أمر بالغ الأهمية في تحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسين.

على سبيل المثال: “أنت ترى نفسك مجتهداً في التعاون مع أقرانك، ولكن التقييم الذي تلقيته يشير إلى أهمية الإشادة بعمل أقرانك بفعالية أكبر”. فكيف نضمن التطابق بين تقديرك لذاتك والتصور الأوسع السائد عنك؟”.

ناقش معه الإجراءات التي يمكنه تنفيذها لتحسين صورته لدى الآخرين. مثلاً: “حتى تحسّن صورتك بأنك متعاون، يمكنك أن تقود المشروع المقبل أو تطلب تقييم أعضاء الفريق وملاحظاتهم باستمرار وتبرز إسهاماتهم. فما رأيك؟”.

لخِّص النقاط الرئيسية في المناقشة، وكرر على مسامعه التزامك بمساعدته على تغيير التصور السائد الذي قد يقف حائلاً دون ترقيته.

التخطيط للمستقبل

خطة التطوير الفردي هي عمل تعاوني استباقي مصمم خصوصاً للنمو المهني، ويجب عدم الخلط بينها وبين خطة تحسين الأداء التي تستهدف التدابير التصحيحية لمعالجة مشكلات الأداء.

لا بد من بناء خطة التطوير الفردي على 3 عناصر أساسية: الأداء والإمكانات والتصور؛ إضافة إلى الإجراءات اللازمة للانتقال من الوضع الحالي إلى الوضع المطلوب. تفيد خطة التطوير الفردي الفعالة في:

  • تحديد الأهداف المهنية بكل وضوح.
  • تحديد الأدوار والمستويات والوظائف المستهدَفة.
  • وضع خطة التنفيذ من أجل “الاستعداد” للدور المستهدَف.

يجب تصميم خطة التطوير الفردي لتعمل على تعزيز الأداء وإطلاق العنان للإمكانات الكامنة وتشكيل الصورة الإيجابية، كلها في آن معاً، فهذا يضمن وضع استراتيجية تطوير متوازنة وشاملة. ولتنفيذها ‎اتبع قاعدة 70/20/10%: يجب أن يكون 70% من التركيز منصبّاً على الخبرة العملية، و20% على التعرض للأفكار الجديدة والأشخاص الجدد، و10% على التعليم الرسمي.

الخبرة

تعادل الخبرة في المسار المهني “قطع الأميال” في سباق الماراثون الطويل؛ فكر في المهام الإنمائية أو التناوب الوظيفي أو المشروعات المشتركة بين عدة أقسام على أنها طرق تؤدي إلى التعلم التجريبي الذي يدعم الأداء ويُظهر الإمكانات الكامنة ويحسّن التصور السائد عنه.

على سبيل المثال: “لقد تفوقت في دورك الحالي. فما رأيك في قيادة مشروع مشترك بين الأقسام استعداداً للمرحلة المقبلة؟ فهذا لن يساعدنا على تحقيق مستهدَفات الأداء فقط، بل سيساعدنا أيضاً على إبراز إمكاناتك الكامنة وتحسين الصورة السائدة عنك”.

التعرُّض

التعرض هو توسيع شبكة علاقاتك ووجهات نظرك. شجع الموظفين على الانضمام إلى الجمعيات المهنية أو حضور المؤتمرات الخاصة بالقطاع والاجتماعات المشتركة بين عدة أقسام، أو حتى الاستعانة بمرشد متخصص في القطاع.

على سبيل المثال: “لديك مهارات فنية عالية، ولكن شبكة العلاقات داخل القطاع سترتقي بمسارك المهني وتحسِّن صورتك بين أقرانك. ما رأيك في إلقاء عرض تقديمي في مؤتمر القطاع القادم؟”

التعليم

على الرغم من أن التعليم يمثل الجزء الأصغر من الصورة الكاملة، فهو عامل بالغ الأهمية في سد الفجوات المعرفية ومواكبة المستجدات؛ يشمل التعليم دورات تعليم المهارات التنفيذية وبرامج التعليم الإلكتروني أو شهادات الاعتماد.

فعلى سبيل المثال: “لقد أظهرتَ اهتماماً بتحليلات البيانات؛ وهناك دورة تعليمية إلكترونية ستبدأ قريباً يمكن أن تعزز مجموعة مهاراتك وتبرز إمكاناتك، وتؤثر إيجاباً في شكل الصورة السائدة عنك”.

إن خطة التطوير الفردي ليست مجرد قائمة مراجعة، بل هي أداة استراتيجية تحفّز النمو المهني الهادف إذا ما توافقت مع الأداء والإمكانات الكامنة والإدراك.

الدخول في نقاش مع بعض الموظفين حول ترقية أنت لست مستعداً لمنحها في الوقت الحالي هو عمل حساس يحتاج إلى التوازن؛ ولكنه فرصة ذهبية أيضاً. إنه فرصة لتحويل موقف قد يكون سلبياً إلى حوار بَنَّاء يركز على المستقبل، فتعاطفك مع الموظف وتشجيعك له مع تركيز الحديث على المستقبل يمهد الطريق لبناء علاقة تعاونية معه.

لذا عليك أن تتذكر في المرات القادمة التي تجد فيها نفسك طرفاً في محادثة حول رفض الترقية “حالياً” ألا تحصر الحديث في إرجاء الترقية، وأن تحرص على وضع أسس النجاح في المستقبل. وفي نهاية المطاف، تتطلب الرحلة إلى المستوى التالي إعداداً وتركيزاً واستراتيجية مدروسة؛ فهي ليست مجرد رحلة قصيرة بل مسيرة طويلة وشاقة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .