تقع على عاتق القادة مسؤولية نقل الأخبار غير السارة، مثل إلغاء مشروع يثمنه الموظفون أو صرف النظر عن منح الزيادات أو المكافآت أو تطبيق إجراءات العودة إلى المكتب أو حتى تسريح الموظفين. عندما يصبح الاقتصاد ضعيفاً، يتخذ المزيد من الشركات هذه القرارات التي يجب على القادة إخبار الموظفين بها بطريقة تخفف آثارها السلبية على معنوياتهم.
بدأ روبرت ساتون التفكير بهذا التحدي عندما كان طالب دكتوراة في جامعة ميشيغان في أوائل الثمانينيات. درس ساتون في أطروحته تعامل المدراء مع الموظفين في فترات إغلاق المصانع والمتاجر، وطور أفكاره بالتعاون مع زملائه، منهم روبرت كان وجيفري فيفر، ثم عرضها عام 2009 في مقال نموذجي في هارفارد بزنس ريفيو بعنوان "كيف تكون مديراً جيداً في اقتصاد ضعيف؟".
تنص توصية ساتون في جوهرها على أن القادة الجيدين يجب أن يحدوا من شدة الصدمات والقلق الناتجين عن قرارات العمل المؤلمة من خلال توفير كل من القدرة على التنبؤ (من خلال مشاركة المعلومات والتصرف بشفافية) والفهم (شرح أسباب التغييرات) والسيطرة (جعل الموظفين يشعرون بأن لهم رأياً فيما يحدث) وإظهار التعاطف (من خلال وضع أنفسهم مكان الآخرين). كتب ساتون في المقال: "إذا زودت الموظفين بأكبر قدر ممكن من المعلومات حول ما سيحدث ومتى سيحدث، فإنهم سيحضرون أنفسهم لدرجة كافية لتخفيف معاناتهم. ما يهم بالقدر نفسه هو أن الموظفين سيدركون أن لا حاجة إلى القلق ما دامت التحذيرات غائبة".
تبدو هذه التوصية مهمة بالقدر نفسه في يومنا هذا؛ إذ إن الحكومة تبذل الجهود لتقليص حجم القوى العاملة الفيدرالية، كما تزداد المخاوف بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي في الأدوار والمسؤوليات ويتصاعد التوتر حول موضوع العمل الهجين والأمان الوظيفي. تحدثت أنا وساتون عما تغير منذ نشر المقال أول مرة، وعن الأفكار التي لا تزال صحيحة حتى الآن. فيما يلي مقتطفات من حديثنا، محررة على نحو طفيف لتقصيرها وتوضيحها:
نشرت مقالك الأصلي خلال فترة الركود الكبير. اليوم، يشهد الاقتصاد نمواً واضحاً، كما وصلت سوق الأسهم لمستويات قياسية. مع ذلك، ما زلنا نشهد قلقاً كبيراً بين الموظفين واضطراباً تنظيمياً. ما هو السبب؟
هناك أبحاث تبين أن تسريح الموظفين له آثار معدية. خلال الجائحة، بدأ العديد من شركات التكنولوجيا بتسريح الموظفين على الرغم من أن هذه الشركات كانت تحقق الأرباح، وساد في وادي السيليكون الاعتقاد أن العديد من هذه الشركات كان يفعل ذلك بالدرجة الأولى لأن المنافسين كانوا يفعلونه أيضاً. ثمة أسباب أخرى بالطبع. هناك شركات عديدة ترجع ذلك إلى الذكاء الاصطناعي وتقول إن التكنولوجيا تتيح لها إنجاز المزيد من العمل بعدد أقل من الموظفين، على الرغم من أن هذا الادعاء ليس مثبتاً وربما يكون مجرد ذريعة. أحد الأسباب الأخرى هو أن هناك بعض القادة الساديين الذين يستمتعون بتسريح الموظفين. قد يولد فصل الموظفين الشعور بالسلطة أو القوة، كما أنه قد يثبت للقادة أنهم يستطيعون فصل عدد أكبر من الموظفين مقارنة بالقادة الآخرين. بعض هذه السلوكيات استعراضي وأناني.
هل يمكنك ذكر أمثلة على القادة الذين يتبعون الطريقة الصحيحة لنقل الأخبار غير السارة؟
استشهدت في مقال عام 2009 بالمدرب والمدير التنفيذي الشهير في وادي السيليكون، بيل كامبل، الذي وافته المنية لاحقاً. بن هورويتز من شركة رأس المال الاستثماري، آندرسن هورويتز، وبريان تشيسكي من شركة إير بي إن بي هما من الأمثلة المعاصرة. كتب بن مقالًا رائعاً بعنوان: "الطريقة الصحيحة لتسريح الموظفين" يصف فيه كيف أجرى 3 جولات من التسريح في شركة ناشئة قادها دون التأثير سلباً في ثقافة العمل، وهو إنجاز صعب. مع بداية الجائحة، خفضت إير بي إن بي عدد موظفيها بنسبة 25%. كان نهج بريان، الذي بدأ بنشر مذكرة أعلن فيها عن هذه الخطوة، مثالاً نموذجياً على الطريقة التي يمكن وفقها توفير القدرة على التنبؤ والفهم والسيطرة وإظهار التعاطف. شرح بريان بالتفصيل أسباب التسريح وسمح للموظفين المسرحين بالاحتفاظ بأجهزة الكمبيوتر المحمولة التي منحتهم الشركة إياها للبحث عن وظيفة جديدة، كما أنه منحهم تعويضات نهاية الخدمة السخية والحق المباشر في امتلاك الأسهم. بالإضافة إلى ذلك، سمح بريان للموظفين المسرحين بالبقاء بضعة أيام لتوديع زملائهم وترتيب ما يجب ترتيبه. ستدهش من عدد الشركات التي تدار بكفاءة لكنها لا تزال تلغي حسابات البريد الإلكتروني الخاصة بموظفيها مباشرة وكأنها تحاول إخفاء وجود الموظفين المسرحين. يولد ذلك الشعور بغياب السيطرة، وهو سلوك غير منطقي.
هل غيرت أساليب الشفافية وطرق العرض التي ابتكرتها مواقع مثل غلاس دور ولينكد إن الطرق التي تتبعها الشركات في نقل الأخبار غير السارة؟
هذه إحدى الفرضيات. لكن هناك عامل مقابل، وهو أن الصحافة تراجعت على نحو ملحوظ منذ ذلك الحين أيضاً. انخفض عدد المراسلين وأصبحت الصحف ملكاً لأصحاب المليارات الذين يعرقلون الصحافة المستقلة. لذلك، تنص الفرضية البديلة على أن الشركات تتعرض لقدر أقل من الرقابة على سلوكياتها مما كانت عليه في السابق. على الرغم من أن أي أحد يمكنه التذمر حول سلوك القادة في موقع لينكد إن، فإن معظم الناس لن يفعلوا ذلك لأنهم يعرفون أن منشوراتهم يمكن العثور عليها بالبحث وقد تضر بمساراتهم المهنية في المستقبل.
نعيش اليوم في عصر العمل الهجين، حيث ينقل القادة القرارات غير السارة عبر مكالمات زوم. هل هذا أفضل أم أسوأ من نقلها وجهاً لوجه؟
في الماضي، كانت الشركات تسرح موظفيها بالاجتماع معهم في قاعة يخرجون منها باكين واحداً تلو الآخر. قد يكون نقل خبر التسريح عبر الفيديو أقل إحراجاً للموظفين وأسهل بالنسبة للمدراء لأنهم لن يضطروا للقاء الموظف شخصياً، كما أنهم يستطيعون إنهاء المحادثة من جانبهم. من بعض النواحي، يمكن أن نعد الموظف المسرح محظوظاً إذا أجرى محادثة مع مديره، سواء عبر الفيديو أو شخصياً؛ إذ يرسل بعض الشركات رسائل البريد الإلكتروني لإخبار الموظفين بتسريحهم دون إجراء أي محادثة. عام 2020، سرحت شركة الدراجات الكهربائية الصغيرة، بيرد، 406 من موظفيها عبر مكالمة زوم دامت دقيقتين، أخبر فيها أحد موظفي الموارد البشرية (الذي لم تظهر صورته) الموظفين بقرار تسريحهم. ظن بعض الموظفين أن الإعلان مسجل مسبقاً، لكن الرئيس التنفيذي نفى ذلك وقال لاحقاً إنه ندم على عدم إجراء الاجتماعات الفردية مع الموظفين.
في اقتصاد يسوده عدم اليقين مثل اقتصادنا اليوم، كيف يستطيع القادة توفير القدرة على التنبؤ للموظفين؟
أشرت في مقال عام 2009 إلى كل من بحث مارتن سيليغمان حول صفارات الإنذار الجوية في مدينة لندن خلال الحرب العالمية الثانية والتجارب التي تعرضت فيها الحيوانات لصعقات كهربائية وفق فواصل زمنية مختلفة. يبين هذا البحث وغيره أنه عندما يشهد الناس أحداثاً مؤلمة وغير متوقعة، فإن هذه الأحداث تدخلهم في حالة من القلق الدائم. لذلك، يجب عليك بصفتك قائداً أن تطمئن الموظفين بصدق قدر الإمكان. شهدت رؤساء تنفيذيين يقولون: "لن نسرح أي موظف خلال الأشهر الأربعة المقبلة". على الرغم من أن هذا قد لا يبدو مطمئناً جداً، فإنه يشعر الموظفين بأنهم بأمان حالياً.
تتعرض ميزانياتنا في جامعة ستانفورد للضغوط بسبب تخفيض مخصصات الأبحاث الفيدرالية، تماماً كما يحدث في جامعة هارفارد. احترمت ما فعلته العميدة الجديدة لكلية الدراسات العليا لإدارة الأعمال في جامعة ستانفورد مؤخراً؛ إذ إنها أرسلت مذكرة تفيد بأن كلية إدارة الأعمال لا تخطط لتسريح الموظفين حالياً. لم تقل العميدة إن ذلك لن يحدث في المستقبل، لكنها توفر الدرجة التي تستطيع توفيرها من الفهم والوضوح، على الرغم من صعوبة الظروف.
عندما تتأمل مقال عام 2009، هل هناك أي شيء تود تغييره؟
سأغير العنوان. لم أحبذ قط وصف نقل الأخبار غير السارة على أنه يحدث فقط في الاقتصادات الضعيفة، لأنه يحدث في مختلف أنواع الاقتصادات. كانت عمليات تسريح الموظفين في السابق دورية في المقام الأول، لكنها تحدث اليوم في الشركات التي تحقق الكثير من الأرباح أيضاً، مثل وول مارت وجوجل وفيسبوك وأمازون ومايكروسوفت. تضطر الشركات إلى اتخاذ قرارات صعبة أخرى دائماً، مثل إلغاء المشروعات. حالياً، فرض العودة إلى المكاتب هو مثال على ذلك؛ إذ إنه لا يتعلق بالاقتصاد. كان وصف المقال بأنه يتحدث عن الإدارة "في ظل الاقتصاد الضعيف" خطأ. طرحت هذه الحجة على هارفارد بزنس ريفيو آنذاك، لكنني فشلت في تغيير رأي المحررين. تعلمت من خطئي وأسعى بجد أكبر حالياً للحصول على حق الموافقة على العناوين الرئيسية.
تحدثنا كثيراً عن تسريح الموظفين. كيف يمكننا تطبيق إطار العمل نفسه على قرارات العمل الصعبة الأخرى؟
أعتقد أن الإطار مفيد لمساعدة القادة على تنفيذ أي قرار قد يهدد أمان موظفيهم الوظيفي أو مكانتهم أو رواتبهم. تحدثت مؤخراً إلى رئيسة فريق جديد يطور حلول الذكاء الاصطناعي تعمل في مجال يتداخل مع عمل فريق أقدم في شركتها. أخبرتني بأن رئيسها التنفيذي سمع إشاعات تفيد بأن قائد الفريق الأقدم ينظر إلى الفريق الجديد على أنه منافس، وأنه يشعر بالقلق من أن فريقه القديم (بما فيه هو) أصبح أقل أهمية بالنسبة للشركة، ومن أنه سيتولى المهام الأقل إثارة للاهتمام وقد يتعرض للتسريح. التقى الرئيس التنفيذي هذا القائد وأكد له مدى إعجابه بعمله وبعمل فريقه وتقديره لهما. أخبر الرئيس التنفيذي القائد بأنه لا يعرف بعد ما سيكون ميثاق الفريق الجديد لأنه قيد التطوير، لكنه أكد أنه لن يلغي أياً من مشروعات الفريق القديم قبل شهرين على الأقل (إن ألغى أي مشروع في المقام الأول)، وأنه لن يخفض رتبة أعضاء الفريق القديم أو يسرحهم أو يخفض رواتبهم حتى في حال حل الفريق أو دمجه في الفريق الجديد. خلال المحادثة، تعامل الرئيس التنفيذي مع القائد القلق بتعاطف ومنحه وفريقه قدراً كبيراً من القدرة على التنبؤ.
منحت ضمانات الاستقرار الوظيفي أعضاء الفريق سيطرة موضوعية ومتصورة على عملهم وحياتهم. هذا نموذج على طرق التواصل السليمة في فترات عدم اليقين.