ملخص: إخبار العملاء عن زيادة الأسعار ليس بالمهمة الممتعة على الإطلاق؛ فمن المحتمل أن يؤدي إلى إرسال شكاوى عبر مركز خدمة العملاء أو حالة من الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي أو ببساطة خسارة العملاء نهائياً. يقترح المؤلف في هذه المقالة 3 طرق مدعومة بالبحوث للتخفيف من استياء العملاء: 1) كن صريحاً وتجنب الرسائل الملطفة. 2) اشرح الأسباب الحقيقية وراء زيادة الأسعار. 3) استخدم وصفاً للقيمة يربط ارتفاع الأسعار بتقديم قيمة للعميل.
يتم رفع القيود التي فُرضت بسبب جائحة "كوفيد - 19" في بعض أجزاء العالم، وبدأ الاقتصاد في الازدهار في بعض القطاعات. وبعض تكاليف العمالة والمواد آخذة في الارتفاع بسبب أوجه النقص، وكذلك طلبات العملاء. والكثير من العلامات التجارية تتمتع في الوقت الحالي بقوة كبيرة فيما يتعلق بتحديد الأسعار، ما يجعل ارتفاع الأسعار أمراً يكاد يكون حتمياً. قد يكون مدراء العلامات التجارية على عِلم بحجم الزيادة في الأسعار، ولكن ليس من السهل توصيل هذه الأخبار غير المرحب بها إلى العملاء.
الكثير من الشركات، وحتى قطاعات بأكملها، ترفع الأسعار بشكل روتيني دون إخبار العملاء. في مجال السلع الاستهلاكية المعبأة، على سبيل المثال، ثمة ممارسة شائعة تتمثل في تقليل الكمية (الوزن النوعي للحزمة وعدد العناصر وما إلى ذلك) مع الحفاظ على السعر. وهذا يؤدي إلى زيادة المبلغ الذي يدفعه المتسوقون لكل وحدة، لكنه يحافظ على السعر الظاهر للحزمة دون تغيير. بدلاً من ذلك، يمكن أن تقلل العلامات التجارية من عمليات الترويج التجاري وتقديم القسائم للعملاء وأشكال التخفيضات الأخرى، ما يؤدي إلى رفع الأسعار بشكل غير مباشر. على سبيل المثال، عندما واجهت شركة "كيه إف سي" (KFC) نقصاً في الدجاج مع ارتفاع أسعاره، حذفت العروض الترويجية داخل المتجر من أجل تقديم وجبة عائلية ترضي الجميع بـ 30 دولاراً.
ومع ذلك، لا تتاح هذه الخيارات غير الملحوظة للمنتجات المباعة باشتراكات أو إيجارات أو عقود. وفي هذه الحالات، يتعين على المدير إبلاغ العملاء بأن الأسعار قد ارتفعت قبل دورة الفوترة التالية. هذه المهمة مليئة بالمزالق؛ فإذا تم أداؤها على نحو سيئ ، حينها يمكن أن تؤدي مثل هذه الأخبار إلى نتائج غير مرغوب فيها، مثل شكاوى من العملاء وحالة من الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي، والأسوأ من ذلك، الاضطرار إلى التراجع عن زيادة الأسعار أو خسارة العملاء نهائياً.
لتجنب مثل هذه الإخفاقات وللتخفيف من استياء العملاء، فيما يلي 3 إجراءات ينبغي للمدراء اتخاذها عند إخبار العملاء عن زيادة الأسعار. وهي مدعومة بأدلة وُجدت في بحوث أكاديمية وبتجاربي في العمل مع الشركات.
أطلق على الإجراء "زيادة في الأسعار"، وليس تعديلاً أو تغييراً في الأسعار، أو أي تعبير ملطف آخر
في رسائل البريد الإلكتروني والرسائل الموجهة إلى العملاء، كانت جميع العلامات التجارية المحبوبة بشدة، مثل "نتفليكس" و"مايكروسوفت" و"سلينغ تي في" (Sling TV) و"يوتيوب تي في" (YouTube TV)، تشير إلى زيادة الأسعار على أنها "تحديث في الأسعار" أو "تعديل في الأسعار". وهذه ممارسة شائعة لأنه من الطبيعي أن يتردد المدراء في إخبار العملاء بأنهم سيرفعون الأسعار. في حين أن هذا قد يبدو أمراً بسيطاً، فإن الرسائل الملطفة يمكن أن تسبب ضرراً جسيماً، ما يؤدي إلى توتر العلاقة مع العملاء المخلصين. أظهرت بحوث في مجال علم النفس الاستهلاكي أُجريت على مدار عقود أن محاولات التعتيم على الأخبار السيئة نادراً ما تؤتي ثمارها للعلامات التجارية. فالعملاء يعرفون أن العلامات التجارية تحاول التأثير على آرائهم وسلوكياتهم ويتفهمون ذلك إذا تم استخدام طرق مجدية، وتتسم بالشفافية، وغنية بالمعلومات.
المصداقية والنزاهة من الأمور المهمة بالنسبة إلى العملاء، خاصة عندما يتعلق الأمر بإعلامهم بالأخبار السيئة. عندما تستخدم العلامة التجارية تعبيراً ملطفاً للإبلاغ بزيادة الأسعار، فإنها لا تشتت انتباه العملاء أو تخفف من التأثير السلبي للأخبار، كما قد يعتقد المدراء، بل تثير الشكوك، ما يجعل العملاء أكثر تنبهاً وانتقاداً للمعلومات الواردة في الإعلان. قد يرى بعض العملاء أن استخدام التعبيرات الملطفة يُعد استخفافاً بهم، كما أنه قد يثير استياء آخرين، ما يؤدي إلى التنفيس عن غضبهم على وسائل التواصل الاجتماعي مع احتمالية تحول الأمر إلى غضب واسع النطاق. حتى العملاء الذين يؤيدون العلامة التجارية قد يشعرون أنه يتم خداعهم أو الاستهانة بهم. لذا، عند إعلام العملاء بزيادة الأسعار، من الأفضل تسمية الأشياء بمسمياتها.
اشرح أسباب ارتفاع الأسعار بوضوح
عندما يتعلق الأمر بإبلاغ العملاء بسبب الزيادة في الأسعار، فإن الكثير من المدراء الذين عادة ما يكونون واثقين من أنفسهم يلتزمون الصمت ويرتجفون. فهم يرون أن هذه مهمة ثقيلة وبغيضة يجب تخطيها بأقل قدر من الضجة وإثارة الانتباه، والتفاصيل أيضاً. تأمل هذا الإعلان الذي قدمته شركة برمجيات كبرى:
"تُقيِّم [العلامة التجارية] أسعارها بشكل دوري لضمان التوافق المعقول مع احتياجات العملاء والشركاء والسوق، وقد تُجري تغييرات استجابة لهذا التقييم والملاحظات. لذا، اعتباراً من [التاريخ]، سيتغير السعر السنوي لـ [المنتج] من [س دولار إلى ص دولار]".
استخدمت الشركة لسنوات هذه الصياغة الشائعة نفسها لإعلام العملاء بالزيادات في أسعار المنتجات المختلفة التي تبيعها في الأسواق حول العالم. في أحسن الأحوال، سيُنظر إلى هذا الشرح المختصر على أنه محير. وفي أسوأ الأحوال، سوف ينفر العملاء. كما أن هناك مشكلة أخرى في هذه الرسالة: استخدام صيغة الغائب بدلاً من ضمير المتكلم "نحن"، ما يعزز الافتقار إلى التعاطف المتضمن في بقية الإعلان.
تُظهر البحوث أنه بعد حجم الزيادة في الأسعار، يُعد الإنصاف المتصور في الدافع وراء هذه الزيادة ثاني أكبر محرك للكيفية التي سيتفاعل بها العملاء. فاحتمالية حدوث تضخم، وأوجه النقص واسعة النطاق، وارتفاع تكاليف المدخلات، وعودة الحياة إلى طبيعتها بعد الجائحة، جميعها أمور تدور في أذهان الجميع هذه الأيام. وفي ظل هذه الظروف، عندما يتلقى العملاء رسالة تفيد بأن أسعار منتجات العلامة التجارية سترتفع، فإن ذلك يؤكد ببساطة ما كانوا يتوقعونه. لذا، يجدر بذل الجهد لصياغة إيضاح موجز وصريح لسبب رفع العلامة التجارية للأسعار.
اربط زيادة السعر بوصف للقيمة يتمحور حول العميل.
الرسائل الأكثر فعالية في إخبار العملاء بسبب الزيادة في الأسعار هي تلك التي تتمحور حول العميل. فهي توفر وصفاً للقيمة؛ ما يعني قصة واضحة ومقنعة عن سبب زيادة الأسعار بحيث تركز على قيمة العميل. على سبيل المثال، عندما رفعت شركة "يونايتد إيرلاينز" (United Airlines) أسعار العضوية في "يونايتد كلوب" (United Club)، قدمت الشركة هذا الإيضاح:
لتوفير تجربة مثمرة ومريحة بشكل أكبر، نستثمر أكثر من 100 مليون دولار في تجديد المواقع الحالية وبناء مساحات جديدة مزودة بعدد أكبر من المقاعد ومقابس الكهرباء واتصال لاسلكي متطور بالإنترنت. ونستثمر أيضاً في إعداد قائمة جديدة للوجبات المجانية يمكنك العثور عليها الآن في معظم مواقعنا المركزية في جميع أنحاء الولايات المتحدة وستتوفر قريباً في بقية مواقعنا.
يخبر هذا الإيضاح أعضاء "يونايتد كلوب" أن الأسعار سترتفع لمنحهم المزيد من المزايا التي كانوا يطلبونها. إذ يحدد وصف القيمة المقنع تسلسل الإجراءات المتخذة لزيادة الأسعار. ويبدأ بتعليقات العملاء، ثم يتجه إلى تحديد الاحتياجات غير الملبّاة، وبعد ذلك يذكر الاستثمارات الكبيرة التي تقوم بها العلامة التجارية، ما يؤدي إلى تقديم ميزات جديدة، ويختتم بتقديم المزايا التي يقدرها العملاء.
كما يتضح من رسالة شركة "يونايتد إيرلاينز" لعملائها، فإن وصف القيمة موجز، مع بضع الجمل الطويلة فقط. لكنه يقدم تفسيراً معقولاً لزيادة الأسعار يلقى استحسان العملاء الأساسيين. والأهم من ذلك، أنه يضع العميل في قلب قصة زيادة الأسعار، ما يربط زيادة الأسعار بالقيمة الكبيرة المضافة للعملاء. يوضح وصف القيمة جيد الصياغة للعملاء أن العلامة التجارية بذلت جهداً لفهم كيف يستمد عملاؤها القيمة وأخذت هذا في الاعتبار عند إجراء عملية التسعير.
يمكن أن يكون وصف القيمة فعالاً حتى عندما تكون الزيادة في الأسعار ناتجة غالباً عن زيادة في تكاليف المدخلات. في مثل هذه الحالات، فإن إخبار العملاء بأن العلامة التجارية لا يمكنها الاستمرار في توفير المستوى الحالي من المزايا إلا إذا رفعت الأسعار وأنها تختار القيام بذلك بدلاً من تقليل جودة المنتج، يُعد حجة قوية. كما أنه يعزز القيم التي تقدمها العلامة التجارية للعميل. إذ يُعد وصف القيمة هذا فرصة لتذكير العملاء بأسباب بدء العلاقة مع العلامة التجارية في المقام الأول.
جوهر الأمر هو أنه ينبغي للمدراء التعامل مع المهمة البغيضة المتمثلة في إخبار العملاء عن زيادة الأسعار بنفس الدرجة من الصدق والاهتمام بالتفاصيل والتركيز على العملاء الذين يحرصون عليهم في المشاريع الأخرى التي تهدف إلى بناء العلامة التجارية مثل تقديم ميزات جديدة أو توسيع خطوط الإنتاج. وسيكلل هذا الجهد بزيادة في الأسعار لا يتم التراجع عنها وعملاء يشعرون أنهم شركاء قيّمون في علامة تجارية ذي مصداقية لأنها وضعت اهتماماتهم في الاعتبار.