3 خطوات لإدارة إجازات فريق عمل متعدد الجنسيات

5 دقيقة
إدارة إجازات فريق العمل

من الشائع أن تتألف الفِرق داخل المؤسسات من أفراد ينتمون إلى بلدان وثقافات متنوعة هذه الأيام، وعلى الرغم من الفوائد العديدة لتكوين فرق عالمية، يواجه قادتها تحديات عدة لعلّ أهمها تنسيق مواعيد الإجازات.

قد تختلف مواعيد الإجازات وقوانينها وعاداتها تماماً من موظف لآخر ضمن الفريق الواحد، واعتاد معظم الموظفين أساليب تنظيم الإجازات في بلدانهم بالفعل، لكن قلة هم الذين يفهمون بدقة تفاصيل تنظيم الإجازات في بلدان أخرى. وقد يُفاجأ المدير الذي اعتاد أن تكون الإجازات في شهر أغسطس/آب أو خلال فترة الأعياد عندما يغيب أحد أعضاء فريقه فجأة في شهر سبتمبر/أيلول؛ وقد لا يمتلك في تلك الحالة خيار الموافقة على الإجازة أو رفضها، بل يهرع إلى البحث عن حلول سريعة للحفاظ على استمرار سير العمل. ما الذي يمكن للقائد العالمي فعله إذاً؟

أهم خطوة هي فهم كيفية تفاعل الثقافات المختلفة مع مفهوم الإجازة؛ فهي من الرفاهيات بالنسبة للموظفين في الولايات المتحدة، وليست من الضرورات أو الحقوق. يفترض بعض الموظفين في ثقافة تتسم بأخلاقيات عمل قوية أن الإجازة تجعلهم يبدون غير ملتزمين بالعمل، ويشعر بعضهم بالذنب بسبب العبء الذي سيفرضه غيابهم على زملائهم الذين يعتريهم القلق من فكرة غيابهم، أو يتساءلون إن كانت الإجازة تستحق التعامل مع عبء العمل إبان عودتهم. يُدرك من يقرر أخذ إجازة ضرورة الحصول على موافقة مسبّقة، ويُتوقع منه أن يتحمل مسؤولية التواصل وتخطيط وقت الإجازة بما يتناسب مع مشاريع العمل الحالية. ومع ذلك، يواصل كثير من الموظفين التحقق من بريدهم الإلكتروني أو يحرصون على أن يكونوا متاحين عبر الهاتف للرد على أي مسألة عمل تطرأ في أثناء فترة الإجازة.

لكن هذه العقلية السائدة تتناقض مع ثقافة الإجازة في باقي أنحاء العالم. على سبيل المثال، أمضت إحدى مؤلفتَي هذا المقال (ميليسا) وقتاً طويلاً في بولندا، ولاحظت أن الناس معتادون على قضاء عدة أسابيع مع عائلاتهم في أماكن مختلفة، مثل شاطئ البحر أو المنازل الريفية أو الجبال، دون التحقق من بريدهم الإلكتروني أو العمل على أي مشروع في أثناء العطلة. ومن الشائع أن يأخذ الموظفون إجازات طويلة في بلدان مثل ألمانيا وهولندا والدانمارك وفرنسا، ويتقبّل زملاؤهم في العمل ذلك بصدر رحب. وفي فرنسا مثلاً، يحصل جميع الموظفين على إجازة في الوقت نفسه، ويتوقف العمل تماماً، ولا يُتوقع من أحد تعويض النقص.

وتتبنى أستراليا أيضاً مبادئ صارمة أكثر فيما يتعلق بالإجازات؛ أخبرنا أحد زملائنا من أستراليا بأن الأستراليين اعتادوا منذ القِدم على طلب إجازات طويلة لصعوبة السفر إلى أي مكان دون فترة راحة طويلة بسبب بعد بلدهم عن بقية دول العالم، ترتبط ثقافة الإجازات أيضاً بقيم الأستراليين الذين يعطون الأولوية للاسترخاء والاستمتاع بالحياة على حساب العمل، ولا ينجذبون لفكرة تحقيق الإنجازات الفردية والنجاح الشخصي بحد ذاته، ولا يُعجبون بالأشخاص الذين يقضون ساعات طويلة في العمل في المكتب، ولا يشعرون بالتالي بالضغط لقضاء وقتهم في العمل.

وعلى الرغم من أن هذه الاختلافات تعود إلى تأثير العوامل الثقافية، فقد ترجع إلى قرارات السياسة العامة أيضاً. أجرى مركز البحوث الاقتصادية والسياسية (Center for Economic and Policy Research) دراسة في عام 2013 بعنوان "دولة اللاإجازات" تقصّت الإجازات والعطلات المدفوعة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وكشفت واحدة من النتائج الصادمة عن الفارق الكبير بين الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة اقتصادياً فيما يتعلق بعدد أيام الإجازة المدفوعة الأجر: في حين تفرض غالبية هذه الدول قوانين تُلزم بمنح الموظف إجازة سنوية مدفوعة الأجر مدتها 20 يوماً على الأقل (وتكون مدة الإجازة السنوية والعطلات مجتمعة في بعضها أكثر من 35 يوماً)، فشركات الولايات المتحدة لا تلتزم بتوفير أي يوم إجازة. وقد ينزعج مدراء الفرق في الولايات المتحدة عندما يتقدّم أعضاء فرقهم بطلب إجازات بصفتها حقاً مشروعاً لهم، وهي حق مشروع بالفعل في بلدان أخرى.

يُدرك معظم المدراء العالميين أن لكل دولة ممارساتها فيما يتعلق بالإجازات بالفعل، ومع ذلك قد يصعب عملياً تضمين ممارسات الإجازات المتنوعة على نحو يحترم الاختلافات الثقافية ويضمن إنجاز الأعمال في الوقت نفسه.

عندما يواجه قادة الفرق العالمية هذه التحديات، يركزون على الجوانب السلبية على نحو مبالغ فيه (ما يقلل من حماس الفريق)، أو يشعرون بأن الحل الوحيد هو أداء الأعمال كلها بأنفسهم. وقد يقبل بعض الموظفين أداء مزيد من الأعمال بالفعل بدلاً من التعامل مع التعقيدات التي تنشأ عن اختلافات الثقافة، لكن ذلك يسبب الشعور بالإحباط ويحدّ من قدرة قادة الفرق العالمية على اكتساب الكفاءة في التعامل مع الثقافات المتنوعة والتقدم في السلم الوظيفي، كما أنه يعوق نمو الفريق ويمنعه من تحقيق أهدافه أيضاً.

والنبأ السار هو أن هناك سلسلة خطوات بنّاءة يمكن لقادة الفرق العالمية اتخاذها لضمان إتمام المشاريع بنجاح واحترام ممارسات الثقافات الأخرى في الوقت نفسه.

أولاً، إعداد جدول لمواعيد إجازات الفريق

قد يصعب تحديد الأيام التي سيطلب فيها أفراد الفريق إجازاتهم، لكن احرص على تحديد الفترة التي تتوقع غيابهم فيها بالفعل. ضع قائمة بالعطل الرئيسية لكل ثقافة تتعامل معها لكي تكون مستعداً لتأثيرها المحتمل على دورة عمل فريقك المتنوع، حتى لو لم يشارك أفراده مواعيد إجازاتهم مسبّقاً.

على سبيل المثال، يتضمن جدول مواعيد واحدة من الشركات العالمية تقويم العطل الرسمية التي تُغلق فيها الشركات والفترات التي يتوقع أن يأخذ فيها الأفراد إجازات طويلة مثل المناسبات المحلية الموسمية. من المهم أيضاً فهم الفوارق الزمنية في أوقات الحصول على إجازات الصيف عند العمل عبر خط الاستواء، إذ يكون توقيت فصل الصيف في الجهة الشمالية لخط الاستواء مختلفاً عن توقيته في الجنوب. وبمجرد أن تعلم الأيام الدقيقة التي سيكون فيها أحد موظفيك في إجازة، حدّث جدول المواعيد وفقاً لذلك.

ثانياً، وضع خطة لتغطية العمل

أشرِك أعضاء فريقك في هذه العملية. على سبيل المثال، تولّت مديرة مشاريع نعرفها إدارة فريق يضم أعضاء من ثلاث مناطق عالمية، لكنها واجهت صعوبات في الإدارة بسبب استمرار تأثير الإجازات المتكررة على سير العمل. وبعد أن ناقشت المشكلة مع زميلها الأكثر خبرة، طلبت من أعضاء فريقها المشاركة في تقديم اقتراحات حول كيفية تلبية التزاماتهم المشتركة على الرغم من غياب بعضهم في أوقات متفاوتة، فتوصلوا إلى أفكار كانت ناجحة في ثقافاتهم ولم تكن لتخطر على بال المديرة. وبمجرد تنفيذ هذه الأفكار أثبتت فعاليتها وحازت دعماً واسعاً، وأصبح الالتزام بها أسهل.

قد لا يكون الفريق مستعداً للتعاون في وضع القوانين أحياناً؛ ومن المهم في هذه الحالة وضع إجراءات بسيطة تسهّل على الأفراد الغائبين اللحاق بالفريق وتعويض الوقت الفائت. أدركت مديرة أخرى أن فريقها كان يتوقع منها قيادة المجموعة، وبعد محاولات فاشلة لحثّ الفريق على تنظيم نفسه قررت وضع قواعد تنظيم العمل بنفسها، فطلبت من الموظفين تقديم تحديثات دورية حول مشاريعهم في أثناء غيابهم، سواء عبر البريد الإلكتروني أو بتعيين عضو آخر في الفريق للعمل عوضاً عنهم خلال فترة الإجازة، ونظّمت عملية رسمية لكتابة سجلات الاجتماعات باستخدام قالب محدد لكي يتمكن الغائبون من مواكبة الأحداث بسرعة عند عودتهم. كانت احتياجات المديرة الثقافية تنحصر في النظام والانتظام والدقة، وعبّرت عن احتياجاتها هذه بطريقة تسلّط الضوء على نجاح الفريق والتزام أعضائه بعضهم تجاه بعض، ما ساعد الأعضاء المنتمين إلى ثقافات مختلفة على فهم أهمية هذا الالتزام.

أخيراً، التعديل بحسب الضرورة

ما إن تحدد الإجراءات والقواعد، احرص على الالتزام بها دائماً، وإذا وجدت نفسك مكلفاً بأعمال كثيرة ولديك عدد قليل فقط من الموظفين لأدائها، فهذه نقطة انطلاق مثالية لمعالجة هذه المشكلة؛ قد تكون فترات الإجازة قابلة للتعديل أحياناً، وقد تضطر إلى تعديل الجدول الزمني للمشروع في أحيان أخرى.

باختصار، من مصلحتك بصفتك قائداً للفريق التعاون مع زملائك لتحقيق نتائج إيجابية، وهي مهمة صعبة بالفعل عندما تختلف توقعات الإجازة بين الثقافات وتتعارض مع الجدول الزمني للمشروع. وعلى كل مدير أن يدرس استباقياً عادات الإجازات لدى أعضاء فريقه لئلا تفاجئه الاختلافات الثقافية، وأن يضع خطة تضمن استمرار تقدم الفريق دون آثار سلبية على صحته النفسية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي