أسئلة القراء: كيف أثبت نفسي للمدراء المشغولين بمرحلة انتقالية؟

6 دقائق
إثبات الذات للمدراء المشغولين بمرحلة انتقالية
shutterstock.com/patpitchaya

سؤال من قارئة: أعمل كمصممة من المستوى المتوسط في شركة ابتكارية في لندن. استحوذت شركة استشارية عالمية على شركتنا مؤخراً، ويمكننا ملاحظة التغييرات التي تطرأ على ثقافة الشركة كل يوم. مثلاً، لم يعد المدراء يهتمون بالموظفين بوصفهم أشخاصاً حقيقيين، وإنما أصبحوا يعتبرونهم موارد. استلمت مشروعاً داعماً لشركة خدمات مالية منذ وقت قريب، لكن بيئة العمل فيه كانت صعبة للغاية منذ اليوم الأول. إذ كان المشروع قد بدأ فعلاً بمواجهة المشكلات وأصبحنا بحاجة إلى دعم من أشخاص يملكون مجموعة مهارات لا أملكها. كما بدا أن العميل، وهو رجل في منتصف الأربعينيات، يكرهني شخصياً. لم يثق بخبرتي المهنية أو بأي شيء أقوله، وحتى أنه لم يكن يسمح لي بإنهاء جملة أقولها، ولم أعلم كيف أثبت ذاتي في هذه المرحلة، وقال لي مرة: "أنا لا أدفع المال مقابل الحصول على آراء". أعتقد أن جزءاً من السبب في ذلك يعود إلى التحيز ضد المرأة. تحدثت عن كل هذه المشكلات مع مديري عدة مرات، لكن لم يتغير شيء. اشتكى العميل مني، ويرى مديري المباشر أني في وضع سيئ، يمكنني الجزم بأن بعض المدراء في المراتب الأعلى في شركتي يعتبرونني مثيرة للمتاعب، وتم سحب المشروع التالي مني. يقولون إن ذلك ليس بسبب ما حدث، ولكني أرى أن البيئة قد تغيرت.

سؤالي هو:

كيف يمكنني تجاوز هذا الوضع إذا لم يتيحوا لي الفرصة لأثبت أني قادرة على التعلم والعمل بكفاءة في المشاريع الأخرى؟

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

ناشاتر داو سولهايم (NASHATER DEU SOLHEIM): الرئيسة التنفيذية للشركة الاستشارية "بروغرسنغ مايندز" (Progressing Minds)، كتابها الجديد بعنوان: "الرمز السري للقيادة: فتح قفل العلاقات العازمة والرابحة" (Leadership Pin Code: Unlocking the Key to Willing and Winning Relationships).

ناشاتر داو سولهايم: رد فعلي الأول هو أن هناك كثيراً من المشكلات والتغييرات التي تجري حول صاحبة السؤال. وأنا أتعاطف معها كثيراً، إذ إنها تواجه تحديات في التعامل مع مؤسسة تمر بمرحلة انتقال وتغيير، والقادة على الأرجح شديدو الانشغال بإدارة هذه التغييرات حالياً، ولا يهتمون بالاعتناء بالموظفين وثقافة المؤسسة. يمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى نشوء ضغط كبير على الجميع.

دان ماغين: بعيداً عن مشكلات التغييرات الثقافية والاستحواذ وكل ما يجري حول صاحبة السؤال، في عالم الخدمات المهنية حيث تنشأ علاقات مع العملاء، عندما ترسل الشركة أخصائياً ما للعمل على أمر ما لدى العميل، تكون المشكلة الأساسية هي عدم إعجاب العميل بالأخصائي أو الأخصائية لسبب ما. هل ثمة توجيهات خاصة بهذه المشكلة تحديداً؟ لا بد أنها شائعة نوعاً ما.

ناشاتر داو سولهايم: تقول صاحبة السؤال إن علاقة العميل معها كانت سيئة منذ اليوم الأول، وأتساءل عما إذا تحدثت عن ذلك مع مديرها فوراً وأخبرته أن هناك مشكلة، وعما فعلته لمحاولة معالجة هذه العلاقة. هل تحدثت مع مديرها؟ هل حاولت التحدث مع العميل لمحاولة التوصل إلى ما يمكنها فعله كي يشعر أنها ذات فائدة أكبر، أو أنها قادرة على إنجاز ما يتوقعه منها؟ لا شك في احتمال وجود شيء من التحيز ضدها بوصفها امرأة، كما أنها ذكرت أن العميل رجل في منتصف الأربعينيات، وهي امرأة أصغر منه سناً، لذا، يمكن أن يكون لديه تحيز متعلق بالعمر أيضاً. كما أتساءل عما إذا كان أسلوب التواصل بينهما صعباً، إذ ذكرت أن العميل قال لها: "أنا لا أدفع المال مقابل الحصول على آراء"، ويبدو ذلك أسلوباً لاذعاً نوعاً ما. فبدلاً من أن يقول: "لا أوافقك الرأي"، تعامل معها بحدة وبأسلوب مزعج. هناك عدد من الأمور التي يمكننا العمل عليها مع صاحبة السؤال لمساعدتها على التوصل إلى ما يؤثر على علاقتها مع العميل والطرق التي يتعين على مديرها اتباعها لمساعدتها. فوفقاً للسؤال، لا يبدو أن المدير قد تحمل مسؤولية مساعدتها.

أليسون بيرد: أرى أن مديرها فشل في مساعدتها، لكن المدير الآن يخوض عملية اندماج، وصاحبة السؤال على الأرجح ليست أهم أولوياته حالياً، وهو يحاول معرفة موقعه من كل ما يجري. في الأزمات التي تتسبب بها عمليات الاستحواذ والاندماج عادة، يلجأ الموظفون لحماية أنفسهم والتركيز بشدة على ما تعنيه الأزمة بالنسبة لهم. الأمر الجيد هو أنه وسط كل الأشياء الكثيرة التي تجري حولها، يمكنها إثارة انطباع أول جديد لدى قادة الشركة الجدد، أي رؤساء مديرها، وربما إثبات أنها تستحق دفاعهم عنها. بالطبع، فقد أخرجت من المشروع التالي، لذا يمكنها أن تبحث عن مشروع آخر ترى أنها ملائمة له، وأن تطلب تسليمها إياه. هذا يحتاج إلى دعم مديرها بالتأكيد، لكني أعتقد أن عليها أولاً تقديم طلب ذكي له بما أنها تعلم مدى انشغاله في هذه الفترة.

ناشاتر داو سولهايم: أعتقد أنه بإمكانها إجراء لقاء فردي مع مديرها لإجراء مراجعة. أنا أؤمن أنه بعد تنفيذ مشاريع مهمة أو صعبة أو ناجحة، سيكون إجراء لقاء فردي مع المدير والقيام بمراجعة بهدف التعلم فكرة رائعة. يمكن أن تتحدث عما سار على نحو جيد وما لم ينجح وما كان من الممكن تنفيذه بطريقة مختلفة. ليس الهدف من هذا الاجتماع الحصول على تقدير أو مكافأة على ما فعلته، وإنما تمرير الدروس التي استقتها إلى المشاريع التالية. ويمكنها استخدام هذه الطريقة كإطار لمحادثتها مع مديرها، يمكنها أن تقول له: "كان هذا المشروع صعباً، وأنا أود الجلوس معك والتحدث عما قمت به على نحو جيد وما كان من الممكن أن أقوم به على نحو مختلف كي أتعلم وأستفيد مما تعلمته في المشروع التالي الذي سلمتني إياه". ويمكنها في الوقت نفسه أن تسأله عن رأيه وتطلب معلومات منه عن نظرة رؤسائه لها، وهي محقة في طرح هذا السؤال. يمكنها أن تقول: "أنا قلقة لأن المشروع كان صعباً ولم تكن نتيجته كما كنت آمل، ما هي برأيك نظرة القيادة عن مجموعة مهاراتي؟ وما هي الأدوار والفرص التي يجب عليّ البحث عنها كي أتقدم، والتي تناسب مجموعة مهاراتي وتتيح لي إخراج أفضل ما لدي".

دان ماغين: أجد ذلك مثيراً للاهتمام جداً، فأليسون وأنا لدينا خلفية في الصحافة، وثمة قول مأثور في الصحافة يقول إن الحكم على نجاح الإنسان يبنى على ما حققه في قصته الأخيرة، وبحسب خبرتي، هذا ليس صحيحاً. لطالما عملت مع محررين ومدراء كانوا قادرين على النظر إلى عملي من منظور شامل. لكن يبدو أن مدراء صاحبة السؤال يحكمون عليها بناء على مشروعها الأخير الفاشل فقط، ويتعين عليها التوصل إلى طريقة لجعل المدراء يغيرون زاوية نظرهم وأخذ المشاريع الخمسة الناجحة السابقة في حسبانهم، وعدم إيلاء المشروع الأخير وزناً أكبر مما يستحق.

أليسون بيرد: دوري كلارك هي واحدة من مؤلفينا. تكتب الكثير حول تطوير الهوية التجارية الشخصية، وهي تتحدث عن طريقة لتجاوز هذه المشكلة. تنصح دوري بأمرين، أولهما هو المفاجأة، أي أن تدخل وتفاجئ المدير بطريقة لا يتوقعها وأن تقتنص الفرص. والثاني هو أن تحاول التعويض بصورة مفرطة، أي أن تدرك أنه عندما ترتكب خطأ أو عندما تجري الأمور على نحو سيئ من دون ذنب منها، يجب أن تبذل جهداً أكبر كثيراً للعودة. وهذا يتضمن التحدث مع المدير ومحاولة التوصل إلى طرق لجذب انتباه المدراء في المراتب العليا وإظهار ما تفعله. أعتقد أن عليها الابتكار أكثر في التفكير بطرق تنفيذ ذلك.

ناشاتر داو سولهايم: أود أن تعتمد صاحبة السؤال على هذه النصيحة، وأود منها أيضاً أن تبحث عن مرشد في المؤسسة يمكنها التحدث إليه عن هذه الصعوبات في مكان آمن، ومن الأفضل أن يكون هذا المرشد خارج القسم الذي تعمل فيه وخارج خط الإدارة التنفيذية التي تتبع لها. كيف تنهض بعد المرور بتجربة تبدو وكأنها ضربة لثقتها بنفسها؟ فقد قالت في سؤالها شيئاً عن شعورها بالتوتر جراء ما يحدث، وشعورها بأنه سيؤثر على حصولها على الفرص في المستقبل بسبب الصورة التي تشكلت عنها لدى المدراء. لو كنت أعمل على تدريب صاحبة السؤال، كنت سأقول لها كما أقول دائماً لجميع الموظفين الذين مروا بهذا النوع من المواقف: "لا تسمحي لهذه التجربة بأن تحدد هويتك. من الضروري أن تتلقي الضربة، لكن يجب عليك بعدها أن تنهضي وتتعلمي منها وتتجاوزيها، واعثري على الأمر الرائع التالي الذي يمكنك التألق فيه". وهذا مهم جداً.

أليسون بيرد: ونظراً للمشكلات التي تراها في المؤسسة نتيجة لعملية الاندماج، هل ينبغي لنا تشجيعها على البحث عن عمل في أماكن أخرى؟ فمن الممكن أن تقاتل لأجل وظيفة في هذا المكان ثم تدرك بعد شهرين من الزمن أنها لم تعد ترغب بالعمل فيه.

ناشاتر داو سولهايم: إن عمليات الاستحواذ والاندماج هي فرصة رائعة للموظف ليبحث عن أدوار وفرص جديدة قد تظهر في أثناء هذه الفترة في أقسام أخرى من المؤسسة، وفي هذه الحالة يمكنها الانتظار قليلاً ريثما تستقر الأمور وتتضح كي تتمكن من العثور على دور تشعر أنه يلهمها للتقدم إليه. ويمكنها بالتأكيد التحدث مع مديرها الذي قد يملك رؤية أعمق عما سيأتي. ستكون الاستفادة من هذا الوضع بوصفه فرصة لاستكشاف فرص مختلفة فكرة سديدة. ولا ضير من البحث عن فرص خارج المؤسسة في هذه الفترة، لأنه من المتوقع أثناء عمليات إعادة التنظيم الكبيرة أن يبدأ الموظفون بإعادة تقييم ما يقدم إليهم في المؤسسة وما قد يحصلون عليه في مؤسسات أخرى وتحديد قيمتهم في السوق.

أليسون بيرد: أولاً، نريدها أن تدرك أن المؤسسات تمر بفترات مضطربة جداً عند إجراء عمليات استحواذ واندماج، ومن الممكن أن يصبح تركيز الموظفين منصباً على أنفسهم أكثر، وهذا يشمل مديرها. نرى أن مشكلة عدم التواؤم مع العميل هي مشكلة شائعة في قطاعها، لكن قد تكون هناك أمور يمكنها التعلم منها. لذا، نقترح عليها أن تجلس مع مديرها وأن تجري معه مراجعة بهدف التعلم، أن تتحدث معه عما أفلحت فيه وما تعثرت فيه، وما يمكنها القيام به على نحو مختلف في المستقبل. كما نرى أنه يتعين عليها طلب معلومات عن الصورة التي يحملها المدراء الأعلى رتبة عنها وعن مجموعة المهارات لديها، وأن تسأله عن الفرص والأدوار التي يجب عليها البحث عنها كي تحقق تقدماً. صحيح أنها لم تحصل على المشروع التالي، لكن هذا لا يعني أنها لن تحصل على المشروع الذي بعده، ويمكنها أن تطلب المشاركة في المشروع الذي تعتقد أنها مناسبة له. يمكنها البحث عن مرشد في المؤسسة يمكنه مساعدتها على تجاوز هذه المشكلة والمضي قدماً. وأخيراً، يمكن القول إن فترات التقلب هذه في أثناء عمليات الاستحواذ والاندماج، وفي أثناء اندماج الثقافات، هي فرصة جيدة لإعادة تقييم الفرص المتاحة في المؤسسة الحالية وخارجها، وباتباعها النصائح التي ذكرناها ستتمكن من إثبات ذاتها في أي مرحلة انتقالية تحصل في الشركة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي