في عام 2017، مرّ مدير المنتج بإحدى شركات التكنولوجيا، ولنسمه جبران، بفترة ازدهار مهنية مثيرة للحماسة والقلق في آن معاً؛ إذ بدأت مبيعات برمجياته ترتفع بسرعة فتوسّع قسمه توسعاً كبيراً وأصبح فريقه الذي كان صغيراً يضم مئات الموظفين، لكنه لم يكن مرتاحاً لظهوره المتزايد ومتطلبات الأداء الوظيفي في عمله. إذ كان مطالباً بإلقاء عدة عروض تقديمية أمام جماهير غفيرة سنوياً، فضلاً عن خوض محادثات غير رسمية مع مجموعة متنوعة من العملاء الحاليين والمحتملين والشركاء وكبار القادة في الاجتماعات والمناسبات.
وعلى الرغم من نجاح جبران في تحسين أسلوبه في تقديم الملاحظات المُعدَّة مسبَّقاً والعروض التوضيحية للمنتجات من خلال التدريب والممارسة، فهو لا يزال يعاني صعوبة في خوض المحادثات المرتجلة التي يتطلبها دوره الجديد، وبدأ قلقه منها يؤرق لياليه؛ فقد كان يعلم أنه مطالبٌ بالتحدث بطلاقة وبعفوية تدل على حضوره الذهني دائماً، لكنه شعر بأنه غير مؤهل لذلك.
لعلك تتخيل نفسك الآن مكان جبران، فقد أثبتت الأبحاث أن الخوف من مخاطبة الجمهور أمرٌ شائعٌ، ويخيف الكثيرين منا أكثر من الأماكن المرتفعة أو الحشرات أو الثعابين أو الطيران. وعلى الرغم من أن معظمنا يبذل قصارى جهده للتألق في العروض التقديمية والخطب التي يمكننا الاستعداد لها، فإننا نولي قدراً أقل من الاهتمام للتحدي المرهق والأكثر شيوعاً المتمثل في التواصل العفوي الذي قد يكون له أثر أكبر على نجاحنا المهني.
سواء كان عليك الإجابة عن سؤال استقصائي طرحه عليك مديرك أو عميلك، أو اضطررت إلى تقديم شخص أو الترحيب به دون سابق إنذار، أو أردت تقديم ملاحظات فورية لأحد زملاء العمل، أو كنت تحتاج إلى التواصل الاجتماعي في تجمع غير رسمي، فعليك تعلم المهارات التي تعينك على اغتنام الموقف باعتباره فرصة لإثبات تميُّزك وإبهار الآخرين وإحراز تقدم ملموس نحو أهدافك المنشودة، دون الاكتفاء بمحاولة النجاة من الموقف فحسب.
ولحسن الحظ، ثبت لي من واقع خبرتي التي تمتد عقدين من الزمن في العمل مع عملاء من الشركات وطلاب ماجستير إدارة الأعمال أن أي شخص يستطيع إجادة التحدث العفوي. وخلافاً للافتراضات الشائعة، ليس من الضروري أن تكون صاحب شخصية مُنفتحة أو أَخَّاذة كي تتمكن من التواصل بفعالية عندما تتعرّض لموقف يضطرك إلى التحدث دون إعداد مسبّق، كل ما عليك هو أن تتعلم مهارات وأساليب وسلوكيات محددة. وإليك بعض الإرشادات:
تجنب الاستجابة الافتراضية
أحد أسوأ الطرق لخسارة جمهورك أو عدم ترك أي انطباع لديه على الإطلاق هو اللجوء إلى الاستجابات التقليدية عند التحدث بعفوية. على سبيل المثال، عندما يمر بك الرئيس التنفيذي في القاعة ويسألك: "كيف حالك؟" فهل تكتفي بقول: "بخير، شكراً لك"، أو تستغل الفرصة لتقديم تعليق لا يُنسى؟ وعندما يخبرك أحد زملائك بأن اجتماعه مع العملاء لم يكن موفَّقاً، فهل ترد عليه بـقول: "ما باليد حيلة"، أو تقدم اقتراحاً مفيداً؟ وعندما يُطلب منك تقديم شخص للجمهور، فهل تكتفي بذكر أدواره الوظيفية الواردة في سيرته الذاتية باقتضاب، أو تحكي قصة عن القيمة المضافة التي حققها هذا الفرد للفريق؟
على الرغم من أن الاستجابات التقليدية قد تنقذك من الإحراج الناتج عن محاولة التفكير في شيء هادف تقوله، فإنها تمنعك من التواصل مع الآخرين بطرق قد تكون صادقة وملائمة وإبداعية وبنّاءة أكثر. ثمة طريقة أفضل تتمثل في استحضار المواقف المشابهة أو المرجعيات المشتركة التي يمكن أن تساعدك على لفت انتباه مستمعيك.
عملتُ ذات مرة مع النائبة الأولى لرئيس المبيعات، وتُدعَى كاميليا، وكثيراً ما كان يُطلب منها تكريم أحد أعضاء الفريق أو تقديم موظف جديد في حفلات عشاء الشركة. نجحت كاميليا في تطوير طريقة للتعامل مع هذه المهمة في أقل من دقيقة، وذلك بأن تذكر اسم الشخص ومسماه الوظيفي، ثم تلقي كلمة سريعة عن إنجازاته وفوائدها للمؤسسة، مع تمنياتها له بدوام التوفيق والنجاح.
هذا الأسلوب منظم وموجز، لكنه غير شخصي ورسمي بدرجة مبالغ فيها ويمكن نسيان الحديث بسهولة. عملتُ أنا وكاميليا لتعزيز قدرتها على التحدُّث بعفوية مع الحفاظ على أسلوبها المنظَّم، فاستحدثنا بعض العناصر الجديدة: البدء بمرجع مناسب تختاره على الفور أو قبل الحدث مباشرة، ربما بالاعتماد على شيء ورَد ذكره في الأخبار أو مناسبة خاصة بالشركة حضرها الجميع من قبل، للفت انتباه جمهورها، ثم ذكر نبذة عن أثر الشخص من خلال ربطه بحدث في مسيرتها المهنية أو سرد قصة عنه. على سبيل المثال: "يسعدني الحديث عن مبادرة سارة الجديدة بقسم المبيعات، فهي تذكرني بما فعلناه عندما بدأتُ العمل في المؤسسة للمرة الأولى قبل 10 أعوام. أعتقد أننا سنحقق نجاحاً كبيراً من خلال مبادرتها".
لقد ساعد هذا الأسلوب كاميليا على توطيد علاقتها بزملائها مع تثبيت ما تقوله في أذهانهم، حتى إن الكثيرين بدؤوا يشكرونها على كلماتها، غالباً بعد أيام أو أسابيع من إلقائها.
لكن اعلم أن خير الكلام ما قلّ ودلّ
عند محاولة تجنُّب الإيجاز والاقتضاب في حديثك العفوي، احذر الانجراف في الاتجاه المعاكس؛ إذ يقع الكثيرون في مزلق الإسهاب بدافع الرغبة في إظهار ذكائهم وتجنُّب الصمت المحرج وينسون مقولة "البلاغة في الإيجاز".
إذا أردتَ تحقيق التوازن السليم، فابدأ بتحديد الهدف من عملية التواصل بسرعة، هل هو تغيير رأي المستمعين أو حثهم على اتخاذ إجراء معين أو توطيد علاقتك بهم؟ ثم فكّر فيما يعرفونه عن موضوعك. سيؤدي تحديد هدف واضح مقترن بما يدركه جمهورك إلى تضييق نطاق تركيزك، كي تتمكن من تحديد أولوياتك فيما ستقوله وانتقاء كلماتك بحكمة.
بعد ذلك، تحدَّ نفسك لتوصيل رسالتك بإيجاز، لكن بأكبر قدر ممكن من الفعالية. بعد أن حاولتَ
توضيح النقطة الأولية، توقف قليلاً قبل إضافة قصة أو فكرة. اسأل نفسك: هل أوضحت وجهة نظري؟ هل يمكنني أن أنهي حديثي الآن؟
من المؤكد أنك قد تبالغ في الإيجاز فلا توضح المفاهيم أو الحجج كما يجب، وقد تحذف النكات أو القصص أو الأمثلة التي قد تلفت انتباه جمهورك. أفضل طريقة للعثور على نقطة تواصل جيدة هي مراجعة ما فعلته في الماضي، إذا سجّل أحدهم كلماتك المرتجلة، فشاهد مقطع الفيديو أو استمع إلى المقطع الصوتي أو اقرأ النص المدوَّن لتعرف ما كان بإمكانك حذفه (أو إضافته). وإذا لم تجد تسجيلاً لما قلته فحاول أن تتذكره وفكّر في الجانب الذي كان بإمكانك اختصاره، والتمس التعليقات والملاحظات من جمهورك حول أدائك، وحاول إلقاء نظرة على الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني لمعرفة مدى ميلك إلى الإسهاب (أو الاقتضاب) وعدّل أسلوبك وفقاً لذلك.
تحضرني هنا قصة عميل آخر يُدعى أمجد أخبره مديره بأن إجاباته خلال فقرة الأسئلة والأجوبة في الاجتماعات الافتراضية العامة يغلُب عليها الإسهاب. عندما شاهدنا التسجيلات، لاحظنا أنه يبدأ الرد غالباً بتكرار السؤال الذي سمعه الجمهور بالفعل، كما يُكثِر أيضاً من استخدام اللغة الاصطلاحية المتداولة في الشركة ويكرر النقاط الرئيسية عدة مرات بطرق مختلفة. عمل أمجد على تغيير أسلوبه بالتدرُّب على نماذج الأسئلة التي يولّدها بوت دردشة مدعوم بالذكاء الاصطناعي وتسجيل أجوبته، وهكذا لم يمضِ وقت طويل حتى تمكّن من اختصارها بنسبة تتراوح بين %25 و%30 دون التضحية بجودتها وفائدتها.
لا تخشَ رتابة الحديث
من أهم أسباب صعوبة الارتجال الرغبة الدائمة في قول الشيء الصحيح بالطريقة الصحيحة في الوقت الصحيح، لكن هذا لن يؤدي سوى إلى الإفراط في التقييم والنقد الذاتيين واستهلاك الطاقة الذهنية الثمينة وزيادة التوتر والحيلولة دون الاندماج في الحديث بحيوية وسلاسة وصدق.
لكن عليك أن تدرك أنه لا توجد طريقة وحيدة "صحيحة" للإجابة عن سؤال محدّد أو تقديم رأي تقييمي أو الترحيب بزميل أو تقديمه، بل ثمة أساليب أفضل أو أسوأ. لا تشغل بالك بإبهار الآخرين؛ لأن مظاهر الكفاءة والمصداقية مثيرة للإعجاب في حد ذاتها، لذا أنصح عملائي في كثير من الأحيان باتباع القول المأثور في عالم الكوميديا الارتجالية: "لا تخشَ رتابة الحديث". وهذا يعني أنك لست مضطراً إلى تقديم أداء متميز، ومثلما تأتي أفضل عروض الكوميديا من الحقيقة، تأتي أفضل الخطابات من الواقع.
ثمة نصيحة شائعة أخرى تنطبق هنا أيضاً: "لا تدع الهوس بالكمال يمنعك من تقبُّل الجيد بما فيه الكفاية"؛ إذ تزداد فرصك في كسب ثقة المستمعين ونيل استحسانهم عندما تتحدث إليهم بصفتك إنساناً، لا ممثلاً ولا روبوتاً. على سبيل المثال، أثبتت الأبحاث أن أكثر الخطابات فعالية يتضمن استخداماً معتدلاً لكلمات الحشو، مثل "هممم" أو "طيب" وغيرهما، لذلك إذا أردت التحدث بعفوية، فاطلب من ناقدك الداخلي أن يتنحى جانباً ووجّه انتباهك نحو مستمعيك مجدداً، فمحاولة تلبية احتياجاتهم ستؤدي إلى إبعاد تركيزك عن نفسك، ما يخفف بعض الضغط الذي تشعر به. اسمح لنفسك بالتجربة وارتكاب الأخطاء والتعلم في أثناء التفاعل العفوي. تجنب محاولة حفظ التفسيرات أو الردود التي تعتقد أنك قد تحتاج إليها، فلن يؤدي ذلك سوى إلى زيادة فرصك في التلعثم عندما تنسى ما حفظته أو تضطر إلى الخروج عنه.
كان أحد طلابي، اسمه عقبة، يخشى الاستخفاف بإسهاماته أو رفضها في القاعة الدراسية، ولكي يتجنب الإحراج كان يحرص على التخطيط للنقاط التي يريد توضيحها والتدرُّب عليها، لكن لأنه كان يعمل دائماً على حفظها وتحديد الوقت المناسب لاستخدامها كان ينشغل بذلك عن المناقشات فلا يستفيد منها كما يجب. واستطاع بمساعدتي التركيز على الاسترخاء وإسكات ناقده الداخلي، وبدأ تقديم المزيد من الأفكار التي كانت غير مثالية في بعض الأحيان، حتى تراجع مستوى قلقه وازدادت ثقته بنفسه في غضون أسابيع قليلة. وفي النهاية أعرب عقبة وزملاؤه عن تقديرهم للحوار الذي حفزته إسهاماته.
استمع مثلما تتحدث
يبدي معظم الناس اهتماماً شديداً بما يجب قوله خلال التفاعل المرتجل، ولكن يجب عليك أن تفعل العكس: ركز على الاستماع حتى تتمكن من فهم احتياجات الطرف الآخر في المحادثة واهتماماته والاستجابة لها بفعالية أكبر.
أنصح هنا باتباع قاعدة "امنح نفسك مساحة، وتمهّل، وتلطّف" التي عرفني عليها زميلي بجامعة ستانفورد، كولينز دوبس، في مدونتي الصوتية "فكّر بسرعة وتحدّث بذكاء" (Think Fast, Talk Smart). أولاً: امنح نفسك مساحة لمعالجة المعلومات، ويمكنك إعادة صياغة كلام الطرف الآخر أو طرح أسئلة استفسارية للتأكُّد من فهمك لمقصده وكسب وقت إضافي للتفكير في أحسن رد عليه.
ثانياً: تمهّل وركّز على الحضور الذهني، حافظ على تواصلك البصري مع الطرف الآخر ولاحظ إشاراته غير اللفظية وكلماته المنطوقة (هل ينظر زميلك إلى ساعته باستمرار؟ هل تتطابق نبرة صوته مع مشاعره التي يعبّر عنها؟)
ثالثاً: تنبه إلى طريقة تقديم الآخرين لأنفسهم وسياقه، وتلطّف، افترض حُسن نواياهم وأظهِر التعاطف معهم، واعلم أن لهجة الحديث في اجتماعات القيادة المنعقدة لمناقشة مسألة خطيرة تختلف عن لهجة الحديث في الاجتماعات الافتراضية الروتينية المنعقدة لعرض آخر المستجدات. لا تكتفِ بالاستماع إلى ما يقوله الآخرون فحسب، بل أصغ أيضاً إلى صوتك الداخلي الذي سيرشدك إلى التواصل بتعاطف ويوجِّهك إلى إجراء التعديلات اللازمة خلال هذه العملية. وبزيادة تنبهك إلى الظروف المحيطة والسياق الشخصي، ستتمكن من فهم ردود فعل الآخرين وقراءة ما بين السطور والرد بعبارات ألطف.
طبَّق جمال هذه الأساليب وآتت ثمارها، وعندما اندمج فريقه في فريق آخر طُلبت منه المساعدة في توجيه المدراء الجدد والإجابة عن أسئلتهم وتهدئة مخاوفهم. سأله أحدهم ذات مرة عن خططه حول موعد إصدار منتج معين، وحينما أصغى جمال جيداً إلى السؤال وطريقة طرحه أدرك أن المدير لم يكن قلقاً من المهلة الزمنية بقدر قلقه على أمانه الوظيفي: كان هذا المدير وغيره من المدراء الذين انضموا إلى الفريق يعملون على هذا المُنتَج فقط، وكانوا قلقين من احتمال فصلهم من العمل بعد طرح المُنتَج في الأسواق. لذلك عندما أجاب جمال، أوضح أيضاً بالتفصيل العروض الجديدة التي سيعمل المدراء عليها بعد ذلك، ما أراح الجميع نفسياً.
نظّم أفكارك
عند إعداد عرض تقديمي رسمي، يلجأ أغلبنا إلى صياغته ضمن هيكلية جميلة ومنطقية كي يستطيع الجمهور متابعته بسهولة، لكن قلما ننظّم أفكارنا بطريقة مناسبة في المواقف الارتجالية. قد نفترض استحالة تنظيمها بسرعة في هذه المواقف، أو ربما نعتقد أن الاعتماد على هيكلية شديدة التنظيم سيجعلنا نبدو متكلفين، وهذا يتناقض مع العفوية، لكن كم مرة واجهت أشخاصاً يقدّمون إجابات ملتوية يصعب متابعتها، ما جعلك تبحث عن مَخرَج من محادثاتك معهم بأي طريقة؟
يحافظ المتحدّثون المتميزون على اهتمام الجمهور من خلال إظهار ارتباط النقاط أو الأفكار أو الأمثلة المحددة؛ سيعزز الالتزام بهيكلية محددة قدرة الجمهور على استيعاب ما تقول والاندماج معه عاطفياً وعدم تشتت انتباههم، وسيشحذ تفكيرك من خلال إجبارك على مواصلة التركيز على النقاط الأساسية فقط.
يعتقد البعض أن ترتيب الأفكار في هيكلية محددة يعني وضعها في قوائم، لكن القوائم قد تكون مملة أو مربكة، لذا أنصح بصياغة قصة ذات بداية ووسط ونهاية، مع الربط بين الأفكار بأسلوب منطقي غير متكلّف، ويمكنك إعداد بضعة أطر عمل بسيطة للاستعانة بها في أي موقف عفوي (انظر الفقرة الجانبية بعنوان "تطبيق الهيكلية"). أحد أطر العمل الحاسمة والمفضَّلة لديّ ويمكن تطبيقه على كثير من المواقف، وهو مكوّن من 3 أجزاء: ما الفكرة؟ ماذا أيضاً؟ وماذا إذاً؟ اعرض أولاً حجتك أو مُنتَجك أو فكرتك أو وجهة نظرك، ثم اشرح ارتباطها بجمهورك، وأخيراً اذكر الخطوات التالية، مثل الإجراءات المحتملة أو تطبيقات المعلومات الجديدة أو الخطط المستقبلية.
استخدمت مسؤولة تنظيم اجتماع افتراضي كبير تُدعى مايا هذا الهيكلية عندما لم يتمكن أحد المتحدثين من الحضور في اللحظة الأخيرة، وكان من المقرّر أن يقدم تحديثاً حول مُنتَج جديد. وبدلاً من تأجيل التحديث، ارتأت مايا أنها على دراية كافية بالمُنتَج تتيح لها التحدث عن ميزاته وشرح فوائده للعملاء المحتملين والعملاء، ووصف خطة طرحه في الأسواق، حتى إن المسؤولين التنفيذيين بشركتها حرصوا في وقت لاحق على الإشادة بها وبالعرض الذي قدمته، دون أن يكون لديهم أي فكرة أنها ارتجلت صياغته في حينها دون إعداد مسبّق.
المشكلة الحقيقية التي نواجهها عندما نتحدث بعفوية ليست عدم القدرة على التواصل، بل التوتر الشديد لدرجة أننا نسعى جاهدين لتحقيق الكمال أو استخدم الاستجابات الافتراضية، ونتحدث كثيراً دون الاستماع إلى الآخرين أو مراقبتهم، ولا نرتّب ما سنقوله في هيكلية محددة، لكن لا داعي للذعر والتراجع عندما تتعرض لموقف يضطرك إلى الارتجال، فبإمكانك اغتنام المحادثات الارتجالية وتحويلها إلى فرص للتألق ببعض التجريب وإعمال الفكر والتدريب. عندما تتعلم التفكير بسرعة والتحدث بذكاء، يمكنك حينئذٍ إظهار شخصيتك الحقيقية بالكامل، وستكون النتيجة تجربة مشهودة أكثر إمتاعاً وإثراءً لك ولجمهورك أيضاً.