لذلك تعمل بجدّ لمعالجة المهمات المتراكمة بدءاً من أهم المشكلات العاجلة، وفي غضون أيام قليلة تنتهي من العمل المعلّق وتصبح مستعداً للمضي قُدماً. وتكون قد نجحت في استعادة السيطرة أخيراً.

ولكن هل نجحت حقاً؟

إذا كان ذلك هو نهجك، فقد أغفلت فرصة قيادية مهمة.

ما أهم دور للقائد؟ التركيز.

بصفتك قائداً بارزاً، أهم ما يمكنك فعله هو مواءمة الموظفين مع أهم أولويات عملك، وإذا حققت ذلك على أفضل وجه فستصل المؤسسة إلى ذروة الإنتاجية وستحقق أكبر أثر ممكن. لكن هذه المهمة ليست سهلة على الإطلاق. من الصعب على أي منا أن يركز ويبقى متوافقاً مع أهدافه الأهم، ومن الصعب جداً مواءمة مؤسسة بأكملها في الواقع.

مع ذلك، قد تلوح فرصة مثالية لتحقيق ذلك من حين لآخر؛ وقتٌ يكون فيه الأمر أسهل قليلاً، عندما يكون الموظفون أكثر انفتاحاً وبمقدورك أن تكون أوضح، عندما تكون الرسالة التي تريد إيصالها فعالة بصورة استثنائية.

العودة من الإجازة هي واحدة من تلك الفرص. فقد أخذت استراحة من التعامل مع المشكلات اليومية، والناس ينتظرون بفارغ الصبر سماع رأيك وتوجيهاتك منذ فترة، ربما كانوا في إجازة أيضاً. يشعرون بفضول شديد، وهم أكثر استعداداً الآن لتقبّل تأثيرك من المعتاد.

لا تفوِّت هذه الفرصة الثمينة بمحاولة إدارة البريد الوارد والتعامل مع قائمة مهامك بكفاءة. قبل القفز إلى مهمة الرد على رسائل البريد الإلكتروني، توقف قليلاً وفكر في بعض الأسئلة:

ما أهم أولوياتك بالنسبة للمؤسسة الآن؟ ما الذي سيحدث أكبر فرق في نتائج الشركة؟ ما السلوكيات التي يجب عليك الترويج لها إذا كنت ترغب في تحقيق أهدافك؟ والأهم من ذلك ربما، ما الجوانب الأقل أهمية التي يجب تقليل التركيز عليها الآن؟

الهدف من الإجابة عن هذه الأسئلة اختيار 3-5 جوانب رئيسية من شأنها أن تحدث فرقاً كبيراً في نتائج المؤسسة، ثم أن تخصص معظم جهودك للنهوض بها.

كيف يجب أن تفعل ذلك؟

  1. حدد بوضوح الجوانب التي اخترتها ومن شأنها أن تحدث فرقاً كبيراً في نتائج المؤسسة، دوِّنها وعبِّر عنها بعناية واقرأها بصوت عالٍ. هل تشعر أنها تنقل رسالتك بوضوح وإيجاز وشفافية، وهل تشعر أنها مفيدة؟ هل ستشكل مرجعاً مفيداً يعود إليه الموظفون عند اتخاذ القرارات واتخاذ الإجراءات؟
  2. استخدمها بوصفها عدسة تنظر من خلالها إلى كل قرار ومحادثة وطلب ومهمة وبريد إلكتروني تتعامل معه. عندما يطلب منك الآخرون مساعدة ما أو اتخاذ قرار بشأن أمر ما، تحدث عن أولوياتك بوضوح وقُل على سبيل المثال “بالنظر إلى هدفنا المتمثل في تحقيق كذا، فسيكون من المنطقي متابعة كذا”.

هل ستعزز رسالة البريد الإلكتروني التي توشك على الرد عليها أولوياتك التي حددتها؟ هل ستخلق زخماً نحو تحقيق أهدافك؟ إذا كان الأمر كذلك، فاستجِب بطريقة تعزز مواءمة أهدافك وتوضح تركيزك عليها من خلال ربط ردك قدر المستطاع بواحد أو أكثر من الأولويات المحددة مثلما كتبتها.

إذا كنت تتعامل مع بريد إلكتروني ولم تتمكن من العثور على طريقة واضحة لربطه بأهم 3-5 أولويات في المؤسسة، فتخطاه وانتقل إلى البريد الإلكتروني التالي. لا تتردد في تأجيل حل المشكلات التي لا تتوافق مع الأولويات التي حددتها. يتعلق هذا النهج كله بالتركيز، ومن أجل التركيز على بعض الأشياء، يجب تجاهل أشياء أخرى عن عمد.

لديك هذه الفرصة الرائعة، وهي لحظة نادرة يصبح فيها دورك الأساسي ومهمتك الأصعب -التركيز على المؤسسة- أسهل قليلاً، فلا تهدرها.

لا تقتصر مهامك عند العودة من الإجازة على إنجاز المهام المتراكمة فقط، بل في التفوق وتحقيق مستوى أعلى من الإنجاز.