كيف تُحقق نجاحاً باهراً في العام الأول من توليك منصب الرئيس التنفيذي؟

6 دقيقة
Male hand holding white chess piece of king standing in front of a group of pawns in a conceptual image.

ملخص: ينعكس مردود أداء الرئيس التنفيذي على الجميع، بدءاً من الموظفين وانتهاءً بالمساهمين، مروراً بالحكومات وشركاء الأعمال. وتمثل البداية الجيدة عنصراً بالغ الأهمية في نجاح كلٍّ من الرئيس التنفيذي والمؤسسة على المديين المتوسط والبعيد، لكن كيف ينجح الرؤساء التنفيذيون الجدد في منصب مختلف كلياً وجزئياً عن أي منصب شغلوه من قبل؟ أجرت شركة رسيل رينولدز أسوشيتس (Russell Reynolds Associates) دراسة لفهم هذه الفترة المحورية في رحلة الرئيس التنفيذي على نحو أدق، وذلك بإلقاء نظرة فاحصة على الجوانب التي يركز عليها الرؤساء التنفيذيون الجدد والأشياء التي تفاجئهم خلال هذه المرحلة والأشياء التي يندمون عليها لاحقاً. ويمكن استخلاص الكثير من الدروس المستفادة من الرؤساء التنفيذيين الذين بدؤوا بداية جيدة ونجحوا في التخطيط لهذه العملية وتنفيذها واجتيازها.

فشغل منصب الرئيس التنفيذي نقلة نوعية لا مثيل لها بكل تأكيد. وبعد الضغوط والإثارة المصاحبة لعملية التعيين، يبدأ العمل الحقيقي في ظل توقعات تناطح السحاب ومنحنى تعلُّم بالغ الحدة، وسرعان ما يكوّن المتابعون آراء حول مستوى أداء الرئيس التنفيذي.

أجرت شركة رسيل رينولدز أسوشيتس دراسة لفهم هذه الفترة المحورية في رحلة الرئيس التنفيذي على نحو أدق. ووجدنا أن 15% من الرؤساء التنفيذيين الذين تركوا مناصبهم في الربع الأول من عام 2024، ظلوا فيها مدة تقل عن 24 شهراً، مقارنة بنحو 10% في عام 2019. وهذا لا يعني أن النسبة المتبقية البالغة 85% منهم ناجحة بالضرورة؛ إذ يشير التوزيع الطبيعي إلى أن نحو 80% يقبعون في منتصف المنحنى بأداء مختلط، ونحو 10%-15% فقط أصحاب أداء متميز.

ينعكس مردود أداء الرئيس التنفيذي على الجميع، بدءاً من الموظفين وانتهاءً بالمساهمين، مروراً بالحكومات وشركاء الأعمال. وتمثل البداية الجيدة عنصراً بالغ الأهمية في نجاح كلٍّ من الرئيس التنفيذي والمؤسسة على المديين المتوسط والبعيد، لكن كيف ينجح الرؤساء التنفيذيون الجدد في منصب مختلف كلياً وجزئياً عن أي منصب شغلوه من قبل؟ ألقت دراستنا نظرة فاحصة على الجوانب التي يركز عليها الرؤساء التنفيذيون الجدد والأشياء التي تفاجئهم خلال هذه المرحلة والأشياء التي يندمون عليها لاحقاً. ويمكن استخلاص الكثير من الدروس المستفادة من الرؤساء التنفيذيين الذين بدؤوا بداية جيدة ونجحوا في التخطيط لهذه العملية وتنفيذها واجتيازها.

أهم أولويات الرؤساء التنفيذيين الجدد

أجرينا 35 مقابلة شخصية مع الرؤساء التنفيذيين الذين ظلوا في مناصبهم مدة تتراوح بين 12 و18 شهراً. وجمعنا أيضاً البيانات الكمية من 178 رئيساً تنفيذياً، 69% منهم رجال و31% نساء، تعيَّن 66% منهم من خارج شركاتهم، في حين ترقى 34% إلى مناصبهم داخلياً.

طلبنا من المشاركين ترتيب 5 أولويات بحسب أهميتها، ووجدنا أن كلاً من الرؤساء التنفيذيين المتمرسين (أي مَن يشغلون منصب الرئيس التنفيذي للمرة الثانية أو الثالثة) ومَن يشغلون المنصب للمرة الأولى يضعون على رأس أولوياتهم الاجتماع مع أعضاء فريق القيادة العليا وتقييمهم وتغييرهم وتعيينهم. ويعتبرون مراجعة استراتيجية الشركة وتصميمها ثاني أولوياتهم، يليها مستوى الأداء والثقافة المؤسسية والتواصل مع مجلس الإدارة.

ووجدنا أن الرؤساء التنفيذيين لا يستطيعون التحرك بالسرعة الكافية في المرحلة الانتقالية لتشكيل فريق القيادة العليا والتعرف إليه، لكن إجراء تغييرات على فريق القيادة العليا ليس سوى جزء من المعادلة؛ فما هي السرعة المثالية؟ وما هو الحد الأقصى للانتظار؟ طلبنا من المشاركين الإجابة عن الأسئلة الآتية لمعرفة كيفية تعاملهم مع 3 أحداث رئيسية محددة بالعملية الانتقالية:

  • ما هو مقدار الوقت الذي انتظرته إلى أن أجريت التغيير الأول في فريقك؟ كان متوسط الوقت الذي استغرقه الرؤساء التنفيذيون الجدد لإجراء التغيير الأول في فرقهم القيادية 2.8 شهراً. واستوفى الرؤساء التنفيذيون المشاركون كلهم هذه المرحلة.
  • ما هو مقدار الوقت الذي استغرقه تعيين كل مسؤول في المنصب المناسب؟ قفز متوسط الوقت الذي استغرقه الرئيس التنفيذي لتعيين "المسؤولين المناسبين" في فريق القيادة العليا إلى 9.2 أشهر، مع وجود تباين أكبر بكثير بحسب خبرة كل رئيس تنفيذي؛ إذ أتمّ أسرع مشارك تعييناته المطلوبة خلال 4.5 أشهر.
  • ما هو مقدار الوقت الذي استغرقه الفريق ليبدأ الأداء الجيد؟ كانت المرحلة الأخيرة صعبة المنال؛ إذ كان متوسط مدة عمل الرؤساء التنفيذيين الذين التقيناهم 14.25 شهراً، وقال أكثر من نصفهم (55%) إنهم كانوا لا يزالون يعملون على تحسين أداء فريقهم.

تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن خبرات الرؤساء التنفيذيين هي أهم عوامل تحديد سرعة إجراء التغييرات اللازمة في فريق القيادة؛ إذ كانت قدرتهم على التحرك بسرعة لإجراء التغييرات اللازمة بفرقهم تتوقف على مدى ارتياحهم لإجراء التغييرات ورغبتهم فيه.

يتمثل العامل الثاني فيما إذا كان الرئيس التنفيذي قد تولى منصبه عن طريق ترقية داخلية أم تعيين خارجي. يتميز الرئيس التنفيذي الذي تولى منصبه عن طريق ترقية داخلية بإلمامه بشؤون الفريق الحالية، ما يتيح له عادةً اتخاذ إجراءات قابلة للتنفيذ فيما يخص تشكيل فريقه بصورة أسرع من غيره؛ إذ يعتبر الرئيس التنفيذي الذي تولى منصبه عن طريق ترقية داخلية غالباً أن يومه الأول في المنصب يبدأ من تاريخ تعيينه في الشركة (يسبق تاريخ توليه منصبه رسمياً بـ 3 أشهر عادةً). ولك أن تقارن ذلك بالرئيس التنفيذي الذي تولى منصبه عن طريق تعيين خارجي؛ إذ يعتبر أن يومه الأول في المنصب يبدأ من تاريخ تعيينه في منصبه الجديد.

أما العامل الثالث فيتوقف على إذا ما كان أداء الشركة جيداً أم ضعيفاً؛ فقد وجدنا أن الرؤساء التنفيذيين في الشركات التي تتعافى من فترة شهدت ضعف مستوى الأداء أجروا أول تغيير بفريق القيادة خلال 1.1 شهراً في المتوسط؛ أي أقل من ثلث الوقت الذي استغرقه الرؤساء التنفيذيون في الشركات التي كان أداؤها جيداً (3.5 أشهر).

فريق القيادة العليا أحد أهم عوامل نجاح الرؤساء التنفيذيين؛ فمن دون فريق فعال ستتعرض قدرة الرئيس التنفيذي على إحداث التغيير المنشود لعراقيل جسيمة. وفي الوقت نفسه، تستلزم عملية تشكيل الفريق غالباً مدة طويلة من الزمن ولا تتوقف عند حدٍّ معين. وإدراك أن الوصول إلى هذه المرحلة يستغرق عاماً أو أكثر هو أحد الاعتبارات المهمة لكيفية إدارة الرؤساء التنفيذيين الجدد توقعاتهم للأداء، بالإضافة إلى توقعات مجلس الإدارة والمؤسسة والسوق.

ما الذي يفاجئ الرؤساء التنفيذيين الجدد؟

نظراً لندرة الرؤساء التنفيذيين المستعدين على نحو المطلوب لأداء المهام المنوطة بهم عند توليهم المنصب، فقد حرصنا على فهم ما يعتبرونه أهم المفاجآت. تندرج الإجابات في الفئات العامة الآتية:

  • كانت الثقافة المؤسسية أكثر المفاجآت شيوعاً بالنسبة للرؤساء التنفيذيين الجدد؛ إذ عبّر 75% منهم عن تفاجئهم بسلبيات الثقافة المؤسسية للشركة التي عيّنتهم.
  • ثمة نظرة متشائمة مماثلة فيما يتعلق بحالة العمل في الشركة؛ إذ وجد 63% منهم أن الحالة المالية أو التشغيلية للشركة أسوأ مما توقعوا.
  • أبدى 89% من المشاركين تفاجئهم بارتفاع مستوى جودة الموظفين وتفانيهم في العمل.
  • قال 45% منهم إنهم أمضوا وقتاً طويلاً في الأنشطة المتعلقة بمجلس الإدارة أكثر مما توقعوا.
  • أفاد 36% من المشاركين بأن الوطأة العاطفية للدور مثلت لهم مفاجأة وتحدياً.

حتى الرؤساء التنفيذيون الذين تولوا مناصبهم عن طريق ترقيات داخلية ويلّمون بأحوال الشركة سيواجهون مفاجآت حينما ينظرون إلى الأمور من زاوية الرئيس التنفيذي. وعندما يعرف الرؤساء التنفيذيون الجدد مسبّقاً أنهم سيتفاجؤون بجوانب محددة من ثقافة الشركة وحالة العمل ومتطلبات مجلس الإدارة وانفعالاتهم العاطفية، سيكونون أكثر استعداداً لاجتياز المرحلة الانتقالية واكتشاف علامات المشاكل مبكراً.

ما الذي يندم عليه الرؤساء التنفيذيون الجدد؟

طلبنا من الرؤساء التنفيذيين الجدد العودة بذاكرتهم إلى أول 12 شهراً لهم في المنصب، وسألناهم عما إذا كانوا سيفعلون أي شيء على نحو مختلف إذا اضطرتهم الظروف إلى تكراره.

وكانت أكثر الإجابات شيوعاً (66%) هي أنهم سيتحركون بسرعة أكبر في إجراء التغييرات اللازمة بفرقهم وتشكيلها. ومثلما توقعنا، فقد كانت هذه الفكرة أوضح بين الرؤساء التنفيذيين الذين تولوا المنصب للمرتين الثانية والثالثة، والذين استفادوا من شغلهم المنصب خلال فترات سابقة لتعزيز هذه الرسالة.

من أغرب الأشياء التي لم نكن نتوقعها هو أن هذه المجموعة نفسها كانت في الواقع أبطأ في إجراء التغييرات بفريق القيادة؛ إذ كشفت مقارنة الرؤساء التنفيذيين الذين يشغلون مناصبهم للمرة الأولى بالرؤساء التنفيذيين المتمرسين، وجميعهم تولوا مناصبهم عن طريق تعيينات خارجية، أن الرؤساء التنفيذيين الذين يشغلون مناصبهم للمرة الأولى أجروا التغيير الأول بعد 2.6 شهراً في المتوسط؛ أي أسرع بأكثر من شهر من الرؤساء التنفيذيين المتمرسين الذين أجروا التغيير الأول بعد 4 أشهر في المتوسط. ومن هنا تشير أبحاثنا إلى أن الخبرة ليست ضماناً للسرعة.

وكان ثاني أكثر أسباب الندم شيوعاً، بنسبة 48%، يتمثل في ندم الرؤساء التنفيذيين الجدد على عدم تعديل أسلوبهم القيادي. ويتجلى هذا فيما يلي:

  • الحزم؛ أي "الثقة بحدسهم" عند اتخاذ القرارات، الذي يتساوى في الأهمية مع ندمهم على عدم التحرك بسرعة أكبر في إجراء التغييرات اللازمة بفرقهم وتشكيلها.
  • الشفافية؛ أي مدى شعور الرؤساء التنفيذيين بأنهم أطلعوا مجلس الإدارة والمؤسسة على أي تغييرات يجرونها.
  • العقلية. من بين الرؤساء التنفيذيين الجدد الذين أعربوا عن ندمهم الشديد على عدم تعديل أسلوبهم أو نهجهم القيادي، قال 25% إنهم شعروا بأنهم استغرقوا وقتاً أطول من اللازم لاستيعاب طريقة تفكير مَن يشغلون هذا المنصب؛ أي أنهم ظلوا يفكرون ويتصرفون كما لو كانوا في مناصبهم السابقة (سواء كانوا يشغلون منصب الرئيس التنفيذي للشؤون المالية أو الرئيس التنفيذي للعمليات أو الرئيس التنفيذي لأحد الأقسام).

وأخيراً، تمنى 25% من الرؤساء التنفيذيين لو أنهم تفاعلوا على نحو أفضل مع مجلس الإدارة خلال المرحلة الانتقالية؛ إذ يعتبر الكثيرون أن التعاون الوثيق والمباشر مع مجلس الإدارة من أهم السمات المميزة لدور الرئيس التنفيذي، لكنه لا يخلو من الصعوبات. ومثلما قال أحد الرؤساء التنفيذيين: "ينتقل المرء من العمل تحت إشراف مدير واحد إلى العمل تحت إشراف مدراء عدة". وإذا علمنا أن ثمة إحصائية وتقديرات تفيد بأن ما يزيد على 63% من المشاركين أشاروا إلى دخولهم في صراعات مع مجلس الإدارة خلال عامهم الأول بمنصب الرئيس التنفيذي، فسنجد أنفسنا أمام رؤساء تنفيذيين يخوضون المرحلة الانتقالية دون استعداد كافٍ للتعامل مع مجلس الإدارة مقارنة بالعناصر الأخرى التي تتطلبها مهام منصبهم.

يكتنف دور الرئيس التنفيذي تعقيدات وضغوط ومطالب كثيرة، وشغل منصب الرئيس التنفيذي عملية انتقالية صعبة، لكن بمقدور الرؤساء التنفيذيين الجدد الاستفادة من فهم أهم أولويات أقرانهم والأشياء التي ندموا عليها لاحقاً والأشياء التي فاجأتهم خلال انتقالاتهم الوظيفية. ومرور الرئيس التنفيذي بمرحلة انتقالية يعني مرور المؤسسة كلها بمرحلة انتقالية، وعلى كليهما دعم الآخر لتحقيق النجاح.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي