منذ زمن طويل والجميع يعتبرون "فيسبوك ماسنجر" ميزة ثانوية بالنسبة لأعمال "فيسبوك" الأساسية، فهو إحدى ميزات المنتج الرئيس لا أكثر. لذا، عندما اشترت شركة "فيسبوك" تطبيق "واتساب" مقابل مبلغ استثنائي قُدر بـ 19 مليار دولار، بدا أن "واتساب" سيكون منصة المراسلة الخاصة بـ "فيسبوك". ولكن وفي 14 إبريل/نيسان، أعلنت"فيسبوك" بوضوح أنها ستحول "ماسنجر" إلى منصة تسمح فيها للمنافذ الإعلامية وتجار التجزئة وأي جهة أخرى، بتطوير بوت آلي للدردشة مع المستخدمين، ومن ثم الانضمام إلى "كيك" (Kik)، و"مايكروسوفت" (Microsoft)، وغيرهما من الشركات التي تقدم خدمات مماثلة، فماذا عن أهمية فيسبوك ماسنجر لموظفي خدمة الزبائن؟
خدمة العملاء عبر تطبيق فيسبوك ماسنجر
بعد استخدامي تطبيق "ماسنجر" للتحدث مع شركة "روجرز" مزود الإنترنت الخاص بي في كندا، شعرتُ أن هذه الخدمة الجديدة وجميع الخدمات المشابهة، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على مفهوم خدمة الزبائن. إضافة إلى ذلك، أثبتت هذه التجربة أن التغييرات الصغيرة يمكن أن تترك الأثر الكبير، خاصةً عندما تكون شركة مثل "فيسبوك" وراء هذه التغييرات.
أولاً، يستطيع مزود مثل "روجرز" تطبيق ميزة "ماسنجر" بسرعة وسهولة. وقد استخدمتُ هذه الخدمة في اليوم الذي تلا إعلان "فيسبوك" عن إطلاق هذه الخدمة. فكّر للحظة في مدى صعوبة اعتماد الخيارات الجديدة في مجال خدمة الزبائن. وظهور "ماسنجر" على صفحة الشركة كخيار بعد وقت وجيز من طرحه يدل على مدى تأثير "فيسبوك" في المؤسسات الكبرى، فهو يشكل مزيجاً فعَّالاً من برمجيات المؤسسات جنباً إلى جنب مع قدرته على الانتشار الساحق على الهواتف المحمولة.
وفيما يلي صور عن تواصلي مع شركة "روجرز" (مع تمويه معلوماتي الخاصة).
كما ترى، كان التواصل سريعاً ويصب في صلب الموضوع. لم يكن عليّ انتظار الرد كثيراً، لأنني تلقيت الإشعارات. واحتاج الوكيل إلى بعض الشرح مني فقط من أجل الحصول على المعلومات الكافية لمعرفة طلبي. هذا يعني كفاءة عالية. وهذه هي الميزة الإضافية الثانية لتطبيق "ماسنجر". ولا تختلف آلية عملها عن استخدام "ماسنجر" المعتاد. لقد استخدمتها كما لو أنني كنت أتواصل مع أحد أصدقائي، وهذا ما شعرت به حقاً. فعلى الرغم من أن إضافة هذه الميزة تعتبر تغييراً بسيطاً، فإنه في حال تم تعميم استخدام "ماسنجر"، فستتسم جميع تعاملاتي مع موظفي الدعم الفني وخدمة العملاء بطابع ودي، بغض النظر عن موضوع التواصل. ومن المحتمل أن يكون هذا الشعور بسبب تأثير الشبكة الكبيرة.
هل نتواصل مع آلات؟
على الهامش، وبسبب كل ما يدور حول الذكاء الاصطناعي، انتابني الفضول لمعرفة ما إذا كانت موظفة خدمة الزبائن التي تواصلت معي ليست إلا مجيباً آلياً. لذلك استفسرت عن الموضوع. لكنها زعمت بأنها آدمية، كما تفاعلت مع الموضوع بلطف.
وبالمقارنة مع خدمة دعم العملاء الهاتفية المتعبة والخالية من المشاعر، فقد كان استخدام الموظفة للرموز التعبيرية خلال المحادثة طبيعياً ولطيفاً. أعيد وأكرر، إن تقديم خدمة العملاء عبر أطر تواصل مألوفة يفسح المجال أمام المستخدم للتعامل بألفة مع الشركة.
وبذلك لن يشعر الغالبية بأن التواصل متكلف. في بداية تواصلي مع الشركة كانت مشكلتي بسيطة ولم تكن بحاجة إلى الكثير من المتابعة. ولكن بدت ميزات استخدام "ماسنجر" جلية مع استمرار مشكلة الإنترنت لدي. ففي المرة الثانية التي أردتُ فيها التحدث إلى قسم دعم الزبائن، فتحت فقط تطبيق "ماسنجر" وتابعت التواصل السابق. لم أتحدث هذه المرة مع الموظفة نفسها، ولكن المندوب الجديد اطّلع على محادثتي السابقة، لذلك لم يكن عليّ تكرار عرض مشكلتي عليه. إذ لا حاجة إلى تسجيل شكوى جديدة أو التعامل مع شكوى مغلقة. لقد شعرت أن موظفي "روجرز" كانوا "دائماً" على أهبة الاستعداد لمساعدتي. ومرةً أخرى، وبواسطة هذا التغيير البسيط لتقديم الخدمات المألوفة، أصبحتُ قادراً على التفاعل مع "روجرز"، تلك الشركة الضخمة، تماماً كأي شخص.
لقد كانت مشاكل الإنترنت التي واجهتني متصلة ببعض المشاكل العامة في المنطقة التي أعيش فيها. لذا تواصلت مع عدد من وكلاء شركة "روجرز"على مدى الأيام القليلة الماضية. وتمكن كل منهم من الإجابة عن أسئلتي دون تبادل الأسئلة المطولة.
أعلم أن تجربة واحدة جيدة في التعامل مع موظفي خدمة الزبائن لا تكفي لإحداث ثورة في هذا المجال. ولكن دعونا ننظر فيما اتخذته "فيسبوك" من إجراءات.
لقد قدمت "فيسبوك" وبشكل سلس منصةً لخدمة الزبائن، وهم مجموعة كبيرة من العملاء الذين كانوا في السابق بحاجة إلى الاستخدام الخاص للموردين المتخصصين لتولي خدمة دعم العملاء لديهم. أعلم أنه يتوفر لدى العديد من الشركات فرقاً للإجابة عن الاستفسارات عبر "تويتر". ولكن من وجهة نظري، فإن "تويتر" يمثل انعكاساً لتطبيق "فيسبوك" فيما يتعلق بوعي المستخدم. حيث يمكنك تقديم شكوى إلى شركة طيران عبر "تويتر" حول تأخر الرحلة، ولكن ذلك يتطلب سلسلة من الإجراءات المعقدة لتعرف ما إذا كان الشخص في الطرف المقابل يمكنه مساعدتك. فهناك شعور دائم بأن فرق وسائل التواصل الاجتماعي موجودة للحرص على راحتك أو لمنع حدوث فضيحة عامة. إن "تويتر" على علم بأوجه القصور التي تكنف تطبيقها، لذا فهي تعمل على طرح أدوات لخدمة زبائن الشركات. ولكنني لم أصادف رابطاً لتطبيق "تويتر" على صفحة شركة "روجرز" الرئيسية (أو على موقع شركة "كيك" أو "سكايب").
ثانياً، إن تطبيق المراسلة هو شكل من أشكال الاتصال السريع والملائم. فمن خلاله لن تضطر للذهاب إلى الشركة وانتظار الموظف ريثما يجد الحل لمشكلتك. ففي مرحلة ما، طلبتُ من المندوبة أن تراسلني عندما تتوفر لديها أي مستجدات، وقد فعلت ذلك. ولكن في حال كنت لا أستخدم البريد الإلكتروني، فلن أجد أي وسيلة لمعرفة ما إذا كان قد تمت معالجة مشكلتي. وفي المقابل، يخبرك "ماسنجر" بالمدة التي تحتاجها الشركة عادةً للرد على رسائلك (بالنسبة لشركة "روجرز"، فقد ذكروا أن الرد قد يصل في غضون بضعة دقائق، وهذا ما أكدته التجربة).
وأخيراً، نجد أن الأشخاص الذين يستخدمون خدمة "ماسنجر" في الوقت الحالي هم المستخدمون الذين يميلون إلى إرسال الرسائل أو على الأقل يعرفون كيفية استخدامها. حيث تتيح هذه الميزة مساراً واضحاً للتوسع. قد تستطيع "روجرز" الآن التعامل مع هذا الكم الحالي من تساؤلات المستخدمين. ولكن مع انتشار استخدام "ماسنجر"، سيكون لزاماً على الشركة إيجاد السبل اللازمة لتلبية الطلب المتنامي. حيث يعد الانتقال الملائم والفعّال لهذا التواصل من مندوب إلى آخر ميزة في غاية الأهمية، إضافة إلى ذلك، قد تهيئ هذه الخاصية التدريب اللازم للتحول إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في التعامل مع الكثير من حالات التواصل مع الزبائن. أو على الأقل في مراحل التواصل الأولي.
وفي نهاية الحديث عن أهمية فيسبوك ماسنجر لموظفي خدمة الزبائن، كل ذلك سيصب في مصلحة "فيسبوك". ويكفي القول إن هذا يشكل إحدى علامات حركة اتصالات شاملة مع تنامي اتجاه الشركات الكبرى لتصبح أكثر تهيؤاً من الناحية الاجتماعية.