دراسة حالة: هل يجب أن تستمع إلى العملاء؟

12 دقيقة
أهمية الاستماع إلى العملاء
shutterstock.com/Tharin kaewkanya
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعرض دراسات الحالة التي تصوغها مجلة هارفارد بزنس ريفيو، على هيئة قصص، مشكلات يواجهها القادة في شركات حقيقية وتقدم لها حلولاً من الخبراء. تستند هذه الدراسة إلى دراسة حالة تابعة لكلية هارفارد للأعمال بعنوان “سيرك دو سولي” (Cirque du Soleil) (منتج رقم 403006-PDF-ENG)، من إعداد توماس دي لونغ (توم دي لونغ) وفينيتا فيجاياراغافان حول دراسة موضوع أهمية الاستماع إلى العملاء.

طرقت ناتاليا جورجيو باب مكتب مديرة التسويق الجديدة، إليزابيث غاردوس، ولاحظت أنها لم تضع الكثير من الأشياء في مكتبها حتى الآن. فقد كان المكتب فارغاً إلا من كرسيين ومكتب وكمبيوتر وصورة لبناتها.

قالت ناتاليا: “أنتِ بحاجة إلى بعض اللوحات الفنية هنا”.

ردت إليزابيث: “أعرف ذلك، ولكن كنت مشغولة للغاية طوال الأسبوعين الماضيين. أريد أن أضع بعض الصور لفنانين استعراضيين”.

عملت المرأتان في “دولاكروا” (Delacroix)، وهي مؤسسة مبدعة في مجال الاستعراضات الفنية وتتخذ من نيويورك مقراً لها، ولديها 5 فرق تقوم بجولات في الولايات المتحدة وكندا. ناتاليا هي المديرة التنفيذية للمؤسسة، وكانت فنانة استعراضية سابقة. وقد عينت إليزابيث، التي كانت فنانة استعراضية أيضاً، لأنها تمتلك عقوداً من الخبرة في التسويق، آخرها في شركة “فايوليت” (Violet)، وهي شركة سريعة النمو للملابس الرياضية النسائية. وعلى الرغم من الركود الاقتصادي، كانت “دولاكروا” تنمو بوتيرة جيدة، ويرجع ذلك جزئياً إلى سياستها المتمثلة في إبقاء أسعار التذاكر منخفضة بشكل معقول. ومع ذلك، اعتقدت ناتاليا أن الشركة بحاجة إلى تسويق أفضل لدعم استراتيجيتها للتوسع. وإليزابيث، التي كانت متحمسة لتحدٍّ جديد والعودة إلى مجال الاستعراضات الفنية، انتهزت الفرصة.

سألت ناتاليا: “إذاً، لماذا تريدين أن نعقد اجتماعاً؟”.

“لدي بعض الأفكار التي أريد عرضها عليكِ، إنها بعض الأشياء التي لاحظتها في أول أسبوعين من العمل”.

“رائع، فلنسمعها”.

قالت إليزابيث: “تفاجأت حقاً من أن ‘دولاكروا’ لم يسبق لها مطلقاً إجراء استطلاعات للرأي أو جمع معلومات من أي نوع من العملاء”.

“نعم، فهذا ليس من اهتماماتنا. فنحن نسترشد بآراء الفنانين الاستعراضيين وليس الجمهور”.

قالت إليزابيث بحذر: “إذاً، ما تفعلونه هنا ليس تسويقاً فعلياً. يبدو أن دور التسويق الوحيد هنا هو تحديد مدة استمرار العروض وكيفية الإعلان عنها وتحديد تكلفة التذاكر. فأنتم تروجون للعروض ويحضرها الأشخاص، لكنكم لا تعرفون حقاً مَن هم عملاؤكم أو لماذا يأتون لحضور العروض”.

قالت ناتاليا وهي تبتسم: “تقصدين، أننا نروج للعروض. تواصلين قول ‘أنتم’، لكنك أصبحت جزءاً من هذه الشركة الآن”.

“نحن، عذراً”.

“أنتِ محقة؛ كان دور التسويق محدوداً حتى الآن. ولكن أحد أسباب الاستعانة بك هو تزويدنا ببعض الأفكار الجديدة”.

حصلت ناتاليا على تفويض من أعضاء مجلس إدارة شركة “دولاكروا” لأخذ الشركة في اتجاهات جديدة، لاستكشاف المشاركات الدولية وفرص الظهور في التلفزيون والأفلام. لكنها كانت متوترة بشأن صياغة استراتيجيتها دون إجراء أي بحث لتقديم مبررات مقنعة لما يستحق المجازفة. وقد أوضحت ذلك لإليزابيث في أثناء عملية إجراء المقابلات الشخصية لشغل الوظيفة.

قالت إليزابيث: “أعتقد أننا يجب أن نبدأ باستطلاع بسيط لآراء العملاء على الأقل، فقط للأشخاص الذين سجلوا في الموقع ومن الواضح أنهم يريدون التواصل معنا. يمكننا جمع بعض المعلومات الأساسية ومعرفة أكثر الأشياء التي تعجبهم في عروضنا. وسيعطينا ذلك بعض الرؤى حول الجماهير والأسواق الأخرى التي يجب أن نستهدفها”.

قالت ناتاليا، مع اختيار كلماتها بعناية: “هذه فكرة جيدة بالتأكيد، لكنها ستكون أيضاً تغييراً كبيراً بالنسبة إلينا وسيقاومه بعض الأشخاص في هذا المبنى”. كانت تشير في المقام الأول إلى هنري دولاكروا، مؤسس الشركة والمدير الفني. فعلى الرغم من أن ناتاليا كانت مسؤولة من الناحية الفنية عن الشركة، فإن هنري لا يزال يمارس الكثير من النفوذ.

قالت إليزابيث : “إذاً، لن يكون إقناعهم سهلاً؟”.

“لا، لا أعتقد ذلك”.

الرسالة الفنية

قال هنري: “لماذا نريد أن نعرف رأي جمهورنا؟ لا نأبه لرأيهم”. نظرت إليزابيث وناتاليا إلى بعضهما سريعاً عبر طاولة الاجتماعات.

ثم قالت ناتاليا: “دعك من هذا يا هنري، بالتأكيد يهمنا أن يحضروا العروض”.

“بالطبع، أعرف أن جمهورنا مهم. لكن عملنا يعتمد على الخبرة الإبداعية لفنانينا”. اصطنع هنري ابتسامة والتفت إلى إليزابيث، قائلاً: “عندما يأتي الناس إلى عروضنا، فإنهم يتوقعون الحصول على تجربة مذهلة وفريدة لن ينسوها أبداً. إذاً، كيف يمكن للناس إخبارك بما يريدون إذا لم يكونوا قد رأوه من قبل؟ وإذا سألناهم عما يريدون، فسينتهي بنا الأمر بتقديم “بحيرة البجع” كل عام!”.

تحركت ناتاليا في مقعدها بتوتر. كانت تعلم أن العديد من أعضاء مجلس الإدارة، فضلاً عن الفنانين الاستعراضيين، يرون كما يرى هنري أنه يجب الحفاظ على السيطرة الفنية. وبذلك إذا اعتمدت “دولاكروا” نهجاً يركز على العملاء، فقد تفقد بعضاً من أفضل موظفيها.

قدمت إليزابيث لهنري تقريراً موجزاً، قائلة: “إليك بعض الأمثلة على الكيفية التي استخدمت بها شركتي السابقة “فايوليت” وسائل التواصل الاجتماعي لفهم العملاء على نحو أفضل والحصول على ملاحظات وتعليقات على المنتجات واختبار الأفكار الجديدة”. توقفت قليلاً عندما ألقى هنري نظرة سريعة على التقرير، ثم أكملت: “سمح لنا هذا باتخاذ قرارات أفضل حول كيفية تسعير منتجاتنا، وكيفية دخول السوق، ومتى يمكن أن نخاطر بتقديم عروض جديدة. أعلم أن المنتج في هذه الحالة مختلف تماماً؛ فنحن شركة تقدم استعراضات فنية، ولكن هناك فوائد مماثلة. فلنأخذ على سبيل المثال الموقع الإلكتروني لمعجبي الشركة…”.

رد هنري: “نعم، سجل فيه 90 ألف شخص”.

“صحيح، وهذا رائع. لكنكم، أعني لكننا، لا نتفاعل حقاً مع هؤلاء الأشخاص. ليس لدينا فعلياً أي بيانات حول أي منهم سيحضر عروضنا ولماذا. هذا يعني أنه ليس لدينا فكرة عن الفرص التي يجب اغتنامها في الفترة المقبلة، أو كيفية تقديم أنفسنا لوسائل الإعلام أو للشركاء من الشركات. فنحن كالذي يتحسس طريقه في الظلام. قد تنجح الشركات العملاقة مثل ‘آبل’ في تقديم ما تريده للعملاء، لكن هذا لن ينجح هنا”.

قال هنري متكلفاً الابتسامة: “إنه ناجح حتى الآن”.

“لكن قواعد اللعبة تغيرت. أنت تفكر في طرق مختلفة للتوسع. أعلم أننا نريد أن ننتقل إلى العالمية بحلول نهاية العام، لكننا لا نعرف سوى القليل عما يريد الجمهور في لندن، على سبيل المثال، رؤيته في عروضنا”.

رد هنري فوراً: “سوف نملي عليهم ما يريدون رؤيته. تعمل العديد من الشركات بهذه الطريقة. لا تستطلع شركة ‘تيفاني’ (Tiffany) آراء نساء العالم لمعرفة نوع المجوهرات التي يرغبن فيها. إذ تثق الشركة بمصمميها وبخيالهم، ونتيجة لذلك تحصل على منتج أفضل. لا يمكننا إبقاء فنانينا ملهمين ومبتكرين إذا بدأنا في السماح للعملاء بإخبارنا بما يجب علينا فعله”.

نظرت ناتاليا إلى إليزابيث معبرة عن أسفها، لكنها أدركت أن هنري لديه وجهة نظر. إذ لم يكن الهدف من تأسيس “دولاكروا” هو تلبية احتياجات العملاء؛ بل كانت رسالتها منذ البداية هي تجاوز حدود الاستعراضات الفنية الحديثة. وقد أدى سعي هنري الحثيث لتحقيق هذا الهدف إلى تحقيق الشركة الكثير من النجاح.

سألت إليزابيث: “وماذا عما حدث العام الماضي في شركة ‘جويس’ (Joyce)؟”. نظرت ناتاليا إلى موظفتها الجديدة، التي من الواضح أنها بحثت جيداً.

استثمرت شركة “دولاكروا” جزءاً كبيراً من ميزانية التسويق في الترويج لعرض جديد لمدة 3 أشهر. وقد شهد العرض، الذي كان من المتوقع أن يكون من أفضل العروض على الإطلاق، ظهور فنانين استعراضيين يرتدون أقنعة ضخمة. ولسوء الحظ، أخافت الأقنعة جميع الأطفال ضمن الجمهور. وكان الجمهور ينسحب من العرض في الأسابيع القليلة الأولى، ثم غمر الآباء والأمهات موقع الويب وكذلك مواقع التذاكر والمراجعات بالشكاوى. وبعد الكثير من المشاورات الداخلية، قررت الشركة وضع ملاحظة في برنامج العرض تحذر من أن الأقنعة قد تكون مخيفة للأطفال دون سن الثامنة. أرادت ناتاليا فعل المزيد، وربما حتى إزالة الأقنعة من العرض، لكن عدداً قليلاً من أعضاء مجلس الإدارة تمسّكوا بمبدأ عدم الرضوخ لما يمليه عليهم العملاء. لكنهم أخبروها أيضاً أنهم لا يريدون رؤية هذا النوع من الأخطاء مرة أخرى.

قال هنري: “كانت حادثة مؤسفة وفشلاً من جانبنا بالتأكيد. لكننا تعلمنا منه أنه لا يجب استخدام أقنعة مخيفة في عروضنا”.

ردت إليزابيث: “ولكن إذا كان لدينا حوار مستمر مع عملائنا، كنا سنتمكن من معرفة هذه الأشياء مسبقاً؛ كنا سنعرف أنهم يريدون المزيد من العروض الملائمة للأطفال، أو أننا بحاجة إلى تسويق عروض معينة لشرائح معينة من جمهورنا. يمكننا تجنب هذا النوع من الإخفاقات. أعرف من واقع الفترة التي قضيتها في ‘فايوليت’ أن المعلومات قوة. فالمشاريع والشراكات الجديدة واكتساب المزيد من الشعبية هي أمور لا يمكننا المخاطرة بها. ويجب فهمها وفعلها بشكل صحيح. ولذلك ستساعد البحوث التي تُجرى حول العملاء في تقليل المخاطر”.

هز هنري رأسه قائلاً: “أنتِ فقط لا تفهمين الأمر…”.

وقفت ناتاليا وقالت: “حسناً، لن نحل هذا الأمر اليوم. إليزابيث، هل يمكنكِ إرسال هذا التقرير عبر البريد الإلكتروني إليّ أنا وهنري؟ سنناقش هذا الأمر بشكل منفصل”.

“ماذا ستفعلين إذا طلب عملاؤنا أن يرتدي الفنانون أزياء السنافر؟”.

استطلاع واحد فقط؟

كانت ناتاليا في سيارة أجرة متوجهة إلى منزلها عندما رن هاتفها الخلوي، وكان هنري هو المتصل.

قال لها بمجرد أن ردت: “لا تفكرين في هذا حقاً، أليس كذلك؟”.

أجابته قائلة: “بلى، أفكر. إليزابيث لديها بعض الأفكار الرائعة. كيف سندخل الأسواق الدولية إذا كنا لا نعرف أي شيء عن الجماهير هناك؟”. نظرت ناتاليا إلى المياه عندما بدأت السيارة في السير فوق جسر بروكلين، قائلة: “كيف سننافس جميع الشركات الأخرى التي تريد فرصة للظهور في التلفزيون إذا لم نجرِ بحثاً حول العملاء؟ سوف يسخر منا المسؤولون التنفيذيون في هوليود لسخافة أفكارنا، فضلاً عن الشركاء من الشركات”.

“وماذا ستفعلين عندما يطلب عملاؤنا أن يرتدي الفنانون أزياء السنافر؟ هل ستطلبين زياً لصوفيا؟”.

ابتسمت ناتاليا من فكرة ارتداء الفنانة الاستعراضية الشهيرة، والعنيدة، للغاية ملابس شخصية ‘سنفورة’، وقالت: “لا تكن درامياً يا هنري، لن يطلبوا منا فعل شيء سخيف”.

“حسناً، لا يلزم أن يكون زي السنافر تحديداً، لكنك تعلمين أننا سنضطر إلى فعل بعض المخاطرات، وتركيز اهتمامنا على بيع التذاكر بدلاً من الاهتمام بالجانب الإبداعي. كنتِ فنانة استعراضية يا ناتاليا، وواحدة من أفضل الفنانات في فرقتنا. هل تتذكرين رسالتك؟ هل تتذكرين كيف كانت تحفزك؟”.

“أتذكر بالطبع. وأتذكر أيضاً أن تقديم الاستعراضات الفنية الحديثة لأكبر عدد ممكن من الأشخاص هو جزء من رسالتنا”. حاولت ناتاليا ألا تتحدث بصوت يشوبه الإحباط. فقد كانت تعرف جيداً، كما يعرف الجميع، مدى اعتماد “دولاكروا” على أعضاء مجلس الإدارة والفنانين الاستعراضيين للابتكار، فقالت: “ولكن تم تعييني لإضفاء الطابع المهني على هذه الشركة، وللتوسع بناءً على ما بدأتموه. وقد تكون البحوث التي تُجرى حول العملاء، اللازمة للتسويق الحقيقي، جزءاً من ذلك. تعرف إليزابيث ما تفعله جيداً. وقد أدارت المبادرات المتعلقة بالعملاء بالكامل في وظيفتها السابقة، وحققت نجاحاً كبيراً”.

قال هنري: “كانت تبيع ملابس يا ناتاليا!”.

“معك حق، ولكن ما الضرر في إجراء استطلاع أو استطلاعين لآراء العملاء؟ وإذا قدم لنا العملاء ملاحظات غير مقبولة، لسنا مضطرين إلى الاستماع إليها والأخذ بها”.

قال هنري: “لكن إذا سألناهم عما يفكرون فيه ثم لم نقدمه لهم، فإننا بذلك سنجعلهم ينفرون منا. وبالتالي سندمر العلاقة بيننا. وبالتأكيد تعلمين أن بعض أعضاء المجلس سيرفضون ذلك”.

ناتاليا لم تتفاجأ؛ فقد كانت تعلم أن أعضاء مجلس الإدارة في مجال الأعمال سيؤيدون ذلك، لكن الأعضاء الذين لديهم خلفية فنية، أولئك الذين يركزون على العملية الإبداعية، لن يوافقوا على ذلك أبداً. وتخيلت كل عضو من أعضاء مجلس الإدارة في أثناء جلوسهم حول الطاولة في اجتماعهم التالي الذي سيُعقد بعد بضعة أسابيع فقط. كان هنري محقاً؛ فمن المحتمل أن ينقسموا بشأن هذه المسألة، بالتساوي تقريباً.

واصل هنري حديثه قائلاً: “كما أن الأمور تسير على ما يرام. فلماذا نحاول إثارة مشكلات الآن؟”.

قالت: “يبدو أن الآن هو الوقت المناسب للتغيير. يتوقع مجلس الإدارة منا أشياء كثيرة خلال العام المقبل، أشياء محفوفة بالمخاطر لم نجربها من قبل”.

“ولن نكون ناجحين إلا إذا وثقنا بإبداعنا ومواهبنا، وليس بالبحوث التي تُجرى حول العملاء”.

نظرت ناتاليا من نافذة السيارة وكانت متعبة.

سألها هنري : “أمازلتِ على الخط؟”.

“بلى”.

“حسناً، فكري في الأمر جيداً. لا يمكننا الجمع بين الأمرين؛ إما أن يكون الموظفون في المقام الأول وإما العملاء. وأنتِ تعرفين موقفي. فما هو موقفك؟”.

هل يجب على “دولاكروا” إطلاق مبادرة لإجراء بحوث حول العملاء؟

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”الأقل” height=”50″ link_color=”#66abe8″ link_style=”button” link_align=”right”]

تعليقات مجتمع هارفارد بزنس ريفيو

ماذا كنت ستفعل؟

فنانو الأداء في “دولاكروا”، مثلهم مثل الملحنين العظماء، يصممون العروض من واقع ابتكاراتهم وليس من البيانات المستقاة من استطلاع رأي العملاء. وللتوسع في أسواق جديدة، ينبغي لإليزابيث الاستفادة من سمعة الشركة في الابتكار والتطلع إلى إقامة شراكات مع شركات رائدة أخرى.

جيف فينكين (Geoff Finken): أخصائي دعم المشاريع والأفراد في رابطة الاتحاد الائتماني بكارولاينا الشمالية.

يمكن لـ “دولاكروا” الحفاظ على السيطرة الفنية مع التفاعل مع جمهورها في الوقت ذاته. عملت في فرقة موسيقية اختار مديرها الموسيقى 6 مقدمات موسيقية ثم طلب من رواد الحفل التصويت عبر الإنترنت للمقدمة التي يريدون سماعها في الحفلة الموسيقية الأخيرة من الموسم.

تيم بينيل (Tim Pennell): مرشح لنيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية الإدارة بجامعة بوسطن.

لا تسأل العملاء عما يريدون رؤيته، بل اسألهم عما أثار عواطفهم وعما واجهوا صعوبة في فهمه، وعن العرض الذي يرغبون في إحضار أصدقائهم إليه. واطرح بعض الأسئلة الديموغرافية. فالأمر لا يتعلق بتقييد الحرية الفنية، بل بفهم معجبي الشركة الحقيقيين على نحو أفضل حتى تتمكن ناتاليا من العثور على أشخاص من الفئة نفسها في الأسواق الدولية.

بيث روبنسون (Beth Robinson): مهندسة دعم فني وخدمة عملاء في شركة “ألستروم” (Ahlstrom).

قبل أن تجري ناتاليا أي بحث، ينبغي لها التفكير في سؤالين: ماذا سنفعل بالنتائج؟ وكيف ستوجهنا البيانات نحو تحقيق أهدافنا الاستراتيجية؟ فملاحظات العملاء هي مجرد معلومات، وما تخطط ناتاليا لفعله بها هو ما يهم.

جورج بيرتون (George Burton): مدير عمليات في شركة “أكسنتشر” (Accenture) في سويسرا.

[/su_expand]

رأي الخبراء

ماريو داميكو (Mario D’Amico): النائب الأول لرئيس قسم التسويق في “سيرك دو سولي” (Cirque du Soleil).

تكافح أي شركة مبتكِرة لمعرفة إلى أي مدى ينبغي لها الاستماع إلى العملاء. ومعظم الشركات تدرك أنه لا يمكنك الوثوق بالعملاء لإخبارك بما يجب أن يكون عليه منتجك الجديد. الأمر يشبه مقولة هنري فورد الشهيرة: “لو كنت قد سألت الناس عمّا يريدون، لقالوا إنهم يريدون أحصنة أسرع”. فالإجابة لا تكمن في العملاء.

لكن الشركات التي ترغب في النمو مع الحفاظ على قدرتها على الابتكار غالباً ما تحتاج إلى تغيير طريقة عملها. عندما تكون شركتك صغيرة ومحلية، فلا داعي للقلق بشأن التعرف على عملائك بشكل أفضل. ولكن عندما تحتاج إلى بيع 100 ألف تذكرة أسبوعياً وتسويقها لأشخاص لا يعرفونك أو يعرفون منتجك، فهذا شيء آخر. عندما انضممت إلى “سيرك دو سولي” كان لدينا 7 عروض. أما الآن، فلدينا 21 عرضاً. وبالتالي يتطلب حجمنا أن نعرف جمهورنا.

يجب أن تعرض ناتاليا اقتراح إليزابيث على مجلس الإدارة. وإذا كان أعضاء مجلس الإدارة أذكياء، فسيوافقون على فكرة إجراء استطلاع لرأي العملاء. وينبغي لناتاليا توخي الحذر بشأن ما ستفعله بالبيانات التي ستجمعها إليزابيث. وكما أوضح هنري مؤسس “دولاكروا”، لا يكون رد فعل المبدعين جيداً عندما تخبرهم بما يجب عليهم فعله. كما تحتاج ناتاليا إلى إيجاد طرق غير مباشرة لتثقيفهم حول الجمهور دون الضغط عليهم لتصميم منتج معين.

في “سيرك” نستخدم البحوث لفهم عملائنا بطريقة عامة؛ مَن هم وما هي أنواع الترفيه الأخرى التي يبحثون عنها وما الذي يتوقعونه من علامتنا التجارية. ونستخدم البيانات لتثقيف أعضاء فريقنا الإبداعي، لمساعدتهم على فهم مَن يصفق عندما يُسدل الستار. لا نطلب منهم ارتداء فستان أحمر أو أزرق في مشهد معين، بل نثقفهم. ثم نبتعد عن طريقهم حتى يتمكنوا من الإبداع. فالمغزى هو: على الرغم من أن لديهم صندوق رمل ضخم للعب فيه، فإن الحدود الخارجية لهذا الصندوق تمثل توقعات علامتنا التجارية. فنحن نريدهم أن يكونوا مبتكرين مع ضمان أن يفي منتجنا بوعوده.

لدى فريقنا الإبداعي صندوق رمل ضخم للعب فيه، ولكن الحدود الخارجية لهذا الصندوق تمثل وعد العلامة التجارية للعملاء.

تُعد البحوث التي تُجرى حول العملاء وسمعة العلامة التجارية من الأمور المهمة بشكل خاص عند دخول أسواق جديدة حيثما لا تعرف ما يتوقعه الجمهور المحتمل. لا تكيف “سيرك” منتجاتها لتناسب فئة أو ثقافة معينة، لكننا أيضاً لا نريد إزعاج أي شخص، كما فعلت “دولاكروا” عندما استخدمت تلك الأقنعة. على سبيل المثال، عندما صممنا عرضنا لجمهور صيني، أخذنا في الاعتبار معنى بعض الألوان والأرقام بالنسبة إليه. فلم يكن من قبيل المصادفة أن يكون افتتاح عرضنا الأول في الصين بتاريخ 28 أغسطس/آب عام 2008، نظراً إلى أهمية رقم 8 لهذا البلد.

ناتاليا محقة في أن “دولاكروا” بحاجة إلى البدء في جمع بيانات حول العملاء إذا كانت تسعى إلى النمو. لكن يجب عليها أن تتأنى في خطواتها وأن تستخدم استطلاعات الرأي بطريقة مقبولة بالنسبة إلى هنري وأمثاله. ويحتاج هنري من جانبه إلى فهم أن ناتاليا لا تحاول أن تجعل العملاء يتحكمون في شكل عروضه. فهي تريد فقط تحقيق هدف مجلس الإدارة المتمثل في وصول علامة “دولاكروا” التجارية إلى جمهور أوسع. ولذلك فهي بحاجة إلى معلومات حول العملاء لتحقيق ذلك.

ينس مارتن سكيبستيد (Jens Martin Skibsted): رائد أعمال لسلسلة من المشاريع، وأحد مؤسسي شركة “كيبيسي” (KiBiSi) المتخصصة في تصميم المنتجات واستراتيجية التصميم ومقرها في كوبنهاغن.

قبل أن تفعل ناتاليا أي شيء، عليها تحديد الأولوية القصوى لـ “دولاكروا”. يقول هنري إن الفرقة تأسست لتجاوز حدود الاستعراضات الفنية الحديثة، ولكن ينبغي أيضاً أن تقدم استعراضاتها لأكبر عدد ممكن من الناس. وهاتان رسالتان مختلفتان للغاية.

إذا أرادت شركة “دولاكروا” أن تظل وفية للرسالة الأولى، وأعتقد أنه ينبغي لها ذلك، فلا يمكنها أن تسأل العملاء عما يريدون. فهذا لن يؤدي إلا إلى تقويض الابتكار. إذ تنجح الشركات المبدعة وغير المبدعة على حد سواء عندما تسترشد برؤية واضحة ومجموعة فريدة من القيم وثقافة لا يمكن أن تغيرها رؤى العملاء أبداً. وإذا احتاجت “دولاكروا” إلى إيجاد مصادر جديدة للإيرادات، فيجب أن تضيف إلى جوهرها، وليس تغييره.

إذا أخبر أحدهم الفنانة الاستعراضية الألمانية الشهيرة بينا باوش أنها بحاجة إلى تغيير بعض العناصر في أدائها لأنها قد تخيف الأطفال، على سبيل المثال، كانت سترفض بالتأكيد. فقد كانت تسعى إلى تحقيق رؤيتها، وليس جمع آراء الناس حول عروضها. حاولت شركة “نوكيا” (Nokia) الابتكار باستخدام العديد من مبادرات التعهيد الجماعي التي تم الترويج لها على نطاق واسع، ولكنها لم تفعل شيئاً يُذكر لإنقاذ شركة الهواتف المحمولة من التدهور السريع. على النقيض من ذلك، كانت شركة “آبل” مبتكِرة وناجحة للغاية لاتباعها النهج المغلق والحصري “نعرف أكثر مما يعرفه العملاء”.

الاعتماد على إسهامات المستهلكين لن يؤدي إلا إلى وقوع “دولاكروا” في فخ الرتابة. إذ سيخبر العملاء الفرقة دائماً بأن تفعل ما تفعله شركات الاستعراضات الفنية الشهيرة الأخرى. وهذا لن يمنح “دولاكروا” ميزة تنافسية. بدلاً من ذلك، يجب أن تسأل ناتاليا فريقها الإبداعي، وخاصة هنري، عن كيفية المضي قدماً. وإذا كان الفريق يفتقر إلى الأفكار، فعليه جلب مواهب جديدة.

إذا أرادت “دولاكروا” أن تظل وفية لرسالتها، فلا يمكنها أن تسأل العملاء عما يريدون.

يجب أن تتذكر ناتاليا وإليزابيث أنه لا بأس في أن تكون نخبوياً؛ فلا عيب في تصميم منتج لن يستمتع به أو يفهمه الجميع. تمتلك مجموعة “مويت هنسي لويس فويتون” (Moët Hennessy Louis Vuitton) مجموعة كاملة من الشركات التي تعمل بشكل جيد للغاية من خلال خدمة الأسواق المتخصصة. بالطبع يجب أن تكون السوق المتخصصة كبيرة بما يكفي، لكن يبدو أن “دولاكروا” قد وجدت سوقها المتخصصة.

يمكن أن تسمح ناتاليا لإليزابيث بإجراء بعض استطلاعات الرأي، فلا ضرر من التعرف على الجمهور بشكل أفضل. ولكن يجب أن يكون نطاق البحث محدوداً. ربما عليها أن تسأل العملاء عما إذا كانوا يفضلون تخفيضات معينة على الأخرى أو ما إذا كانوا يرغبون في توفير أطعمة في العروض. لكن يجب أن يتم ذلك في إطار محدد.

الأمر لا يتعلق في الواقع بما إذا كان يجب الاستماع إلى العملاء أو الموظفين أم لا. إذ تحتاج جميع الشركات إلى تحقيق التوازن بين مصالح مختلف أصحاب المصلحة، ويمكن لـ “دولاكروا” بل ويجب عليها الاستماع إلى العملاء في موضوعات معينة. ولكن يتعلق الأمر بوضع رؤية وتنفيذها. ولن تتجاوز “دولاكروا” أي حدود، إبداعية أو اقتصادية، إذا سمحت للعملاء بتوجيه قراراتها الإبداعية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .