أن تكون خبيراً إماراتياً

2 دقائق

عندما تجد نفسك موجهاً في برنامج مهم كبرنامج خبراء الإمارات، يحق لك أن تشعر بالفخر، ولكن قبل أن تستسلم لخدر الإحساس العالي بالذات، هل فكرت في معنى أن تكون موجهاً أو خبيراً؟ حسناً، أنا خبير يعني أنني قد ختمت العلم، ولا حاجة لي بعد اليوم إلى الكتب والمراجع. وأنا خبير يعني أنني أنا من يتكلم، وعلى الآخرين أن يصيخوا السمع، وأن يصادقوا على ما أقول. وأنا خبير يعني أنني بلغت القمة التي ما بعدها قمة.

بداية، إن هذه الهواجس هي أقرب إلى المونولوج الذاتي لشخص يشعر بالامتنان العميق لكونه أحد أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكونه حظي بالفرصة لكي يكون واحداً من موجهي برنامج خبراء الإمارات. هذا الشخص الذي هو "أنا" يريد بهذا المونولوج أن يكبح لديه أي شطحات قد تؤدي إلى المرض القاتل الذي يسمّونه الغرور (EGO)، وهذا الشخص الذي هو "أنا" يريد أن يتأكد على الدوام من جدارته بالانتساب إلى بلد رائع وقيادة ملهمة وشعب عظيم.

هل وصلت الرسالة؟ حسناً، لنتحدث الآن عن البرنامج. لقد كانت تجربة رائعة حقاً. وكانت كثيفة وزاخرة بالتجارب والخبرات والآراء التي تتفتح لها العقول والقلوب، فتزهر مزيداً من الأمل والعطاء والإصرار على خدمة دولتنا من خلال العمل الحكومي المرن والفعال والمبدع. وبالنسبة لشخص آت من قطاع الاتصالات والمعلومات، ينطوي الأمر على أهمية استثنائية، لماذا؟ لأن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT)، هو القاطرة التي تقود عالم اليوم نحو المستقبل بكل ما فيه من تحديات وآفاق. هذا القطاع هو الحاضنة الخصبة للتفاعل المنتج للأفكار المبدعة والخيال الخلاق. وقديماً قال أينشتاين: "إن الخيال أهم من المعرفة، لأن الثانية محدودة، بينما الأول مفتوح على آفاق لا حدود لها".

لنتأمل أهم المنجزات التقنية والاقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها في هذا الزمن! سنجد حتماً أن للاتصالات والمعلومات فضلاً لا يمكن إغفاله في كيفية الوصول لتلك المنجزات، ناهيك عن تطبيقها على أرض الواقع، ونشرها كعلم ينتفع به.

هذا عن الواقع الراهن، فما بالك بالمستقبل؟ على امتداد عمر البشرية كان المستقبل يشكل حالة غموض تثقل الوجدان الإنساني بالكثير من المخاوف والحسابات. بالنسبة للإنسان القديم، كان المستقبل يعني الكوارث التي ستنفجر على شكل براكين وزلازل وفيضانات وأشياء لا يمكن التنبؤ بها. وكانت مواجهة تلك الأخطار الغامضة تتم من خلال الغيبيات والماورائيات والتقوقع على الذات.

اليوم، في عصر الإنترنت، والبيانات الكبيرة، والذكاء الاصطناعي، وتعلّم الآلات، تمتلك البشرية فرصة غير مسبوقة لاستشراف المستقبل، والاستعداد له. ولكن مهلاً، لدي نقطة نظام هنا أود طرحها بإلحاح: إن من يسعى لاستشراف المستقبل لا بد أن يكون ملمّاً باللحظة الراهنة. ها قد وصلنا إلى رؤيتي لمفهوم "الخبير" أو "الموجه". ومن هنا نستطيع النظر إلى الأهمية الاستثنائية لبرنامج خبراء الإمارات.

خبراء الإمارات، في نظري، هم أشخاص يمتلكون الرغبة والقدرة والإمكانية للإلمام بمتطلبات القيادة، قيادة الذات، وقيادة الآخرين، وقيادة المؤسسة. إنها القيادة المبنية على المعرفة، وامتلاك أدوات العصر، والانفتاح على تجارب الآخرين في هذا العالم، والإيمان العميق برؤية الإمارات 2021، ورؤية 2071، والإصرار على استلهام تجارب الأولين من قادة الدولة ولا سيما الآباء المؤسسين بقيادة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، الذي ما فتئ يعلّمنا كل صباح أبجديات القيادة واستشراف المستقبل ومقارعة التحديات.

خبراء الإمارات هم أشخاص يدركون أهمية التعلم المستمر، ويعون حقيقة أن الخبير الذي يتوهم معرفة كل شيء هو ليس بالخبير. وهم أشخاص لا تسبقهم ألسنتهم في الحكم على الأمور، بل تسبقهم عقولهم إلى التفكير والتعمّق والتحليل قبل الوصول إلى القرارات. ثمة مقولة قديمة مفادها أن الإنسان يحتاج إلى عامين ليتعلم الكلام، وإلى ستين عاماً ليتعلم الصمت. خبراء الإمارات ليسوا في الستين، ولكن لهم حكمة الستين، واندفاع العشرين، ورجاحة الأربعين.

خبراء الإمارات هم رسل معرفة، وفرسان تفاؤل، وحملة فكر مستنير. إنهم القدوة الحسنة لأقرانهم وللعاملين ضمن مسؤولياتهم. وقد قال أحد الحكماء يوماً: "عندما تأوي إلى فراشك بعد يوم عمل، لا تفكر في إنجازاتك، بل في البذور التي نجحت في زراعتها".

خبراء الإمارات هم هؤلاء الذين سيزرعون بذور الاستدامة والسعادة والنجاح في نفوس الآخرين، من أجل أن تبقى دولة الإمارات النموذج الساطع للريادة والقيادة والأمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي