هل الشركة التي تعمل فيها تجعلك أفضل؟

2 دقائق
أهمية التوازن بين العمل والحياة

عندما نسمع الناس يتحدثون عن كفاحهم للحفاظ على التوازن بين العمل والحياة الشخصية، فإن قلوبنا تهبط في صدورنا. قال مدير تنفيذي لإحدى الشركات ذات الأداء الرفيع التي درَسناها: "إذا كان العمل والحياة الشخصية أمرين منفصلين، وإذا كان العمل يمنعك من عيش حياتك الشخصية، فإننا نواجه مشكلة خطيرة". ولهذا إليكم أهمية التوازن بين العمل والحياة بشكل عام.

"المؤسسات التي تمارس التطوير بشكل مدروس"

في أبحاثنا التي أجريناها حول ما أسميناه "المؤسسات التي تمارس التطوير بشكل مدروس"، حددنا المؤسسات الناجحة التي تعتبر هذه المفاضلة بين الحياة الشخصية والعمل زائفة. فماذا لو نظرنا إلى العمل على أنه سياق ضروري للتطوير الشخصي؟ وماذا لو افترضنا أن التطوير المتواصل للموظف هو عنصر أساسي لنجاح أي شركة؟

تعمل الشركات التي نطلق عليها "المؤسسات التي تمارس التطوير المدروس" وفقاً لقناعة بسيطة ولكنها أساسية، تقول إنه لا يمكن لأي مؤسسة أن تزدهر ما لم تكن ثقافتها مصممة من القاعدة إلى القمة، لتمكين المؤسسة من التطور المستمر لجميع موظفيها. ماذا يعني هذا؟ يعني أن الشركة لن تكون قادرة على تحقيق تطلعاتها للنمو ما لم ينمو موظفوها دائماً من خلال عملهم.

اقرأ أيضاً: ماذا لو تعارضت ممارسات الشركة مع الغرض من وجودها؟

فما هو شكل العمل في شركة من هذا النوع؟ تخيل أنك تذهب إلى المكتب كل يوم وأنت تعلم أنه إضافة إلى عملك على مشاريع الشركة ومشاكلها، فإنك ستعمل على تطوير نفسك. وفي أي اجتماع، قد يُطلب منك إحراز تقدم في التغلب على نقاط ضعفك المتمثلة في كل ما يعترض سبيلك ويحد من فعاليتك في العمل.

سواء كنت شخصاً يتجنب المواجهة، أو يتصرف قبل التفكير في الأمر بعناية، أو يصبح عدائياً بشكل مفرط عند انتقاد أفكاره، يمكنك أنت وزملاؤك توقع العمل على تحديد هذه الأنماط والتغلب عليها كجزء من أفضل أداء لعملك. خلال الاجتماعات، سواء كانت اجتماعات فردية أو تلك التي تحدث في السياق الطبيعي ليوم العمل، ستبحث عن الأسباب الجذرية لهذه الأنماط وتصوغ طرقاً مختلفة للتصرف.

في "مؤسسات التطور المدروس"، تتعلق الأسباب الجذرية دائماً وغالباً بالحياة الداخلية للشخص، أي الافتراضات غير الخاضعة للتدقيق وأساليب السلوك الاعتيادية. ولا يوجد مدير تنفيذي أو قائد محصّن من العملية التحليلية نفسها. وعندما يتعلق الأمر بالتطوير المستمر، تفقد المرتبة الوظيفية للشخص مزاياها المعتادة.

في المؤسسات العادية، يؤدي كل شخص بوظيفة ثانية لا يدفع له أحد أي مال مقابلها، وهي إخفاء نقاط ضعفه وعيوبه والتعامل مع انطباعات زملائه الجيدة عنه والمحافظة على موقع سيكون أكثر اهتزازاً إذا لم يراه الناس دائماً في أفضل حالاته، أما في "المؤسسات التي تمارس التطوير بشكل مدروس"، فإن هذا يعتبر أكبر عامل لتبديد الموارد في حياة أي مؤسسة.

أهمية التوازن بين العمل والحياة

تخيل لو أنك عملت في مكان لا تعتبر فيه النواقص الموجودة فيك معيبة، وإنما ينظر إليها على أنها طاقة كامنة للنمو المتواصل، حيث تمثل تحديات العمل فرصاً جديدة لقياس مدى قدرتك على اتخاذ مقاربة أكثر فعالية في حل المشاكل، وبوسعك مهما كنت فعالاً في عملك، أن تواصل تحسين قدراتك إلى مستويات لا نهاية لها.

اقرأ أيضاً: لتطوير مهارات القيادة… تمرّن في بيئة منخفضة المخاطر

أحد الاستنتاجات التي توصلنا إليها من خلال العمل مع الشركات التي تتطلع إلى بناء ثقافة رفيعة الأداء، هو هذا السؤال: هل ستقتصر في تطوير موظفيك على جلسات تدريبية تنظّم لمرة واحدة فقط، وبرامج لرفع القدرات وما شابهها، إذا كان بمقدورك جعل عمليات مؤسستك بحد ذاتها مناهج تدريسية وجعل شركتك واحدة من أجمل الصفوف الدراسية الممكنة في قطاعك؟

وفي نهاية الحديث عن أهمية التوازن بين العمل والحياة لدى الموظفين. ليس من السهل دائماً أن يكون المرء جزءاً من مؤسسة كهذه. غير أن البيئة التي تنشأ من خلال التركيز على تطوير مكان العمل بصورة شاملة (لجميع المراتب والوظائف) ومتواصلة (وبالتالي تأخذ شكل العادة) يمكن أن تطلق العنان لبعض الصفات المفاجأة مثل التعاطف وفحص الذات والتضامن المؤسسي. تقود هذه الصفات إلى نوع مختلف من الحيوية في مكان العمل: أي تحقيق التكامل بين العمل والحياة الشخصية عوضاً عن الموازنة بينهما.

اقرأ أيضاً: لإنجاز المزيد من العمل… وجه تركيزك نحو البيئة والتوقعات والأمثلة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي