من الجيد أن تكون لديك مبادئ توجيهية تستند إليها عندما تحتاج إلى حل مشكلة صعبة مع زميل، لكن سياق النقاش بينكما مهم أيضاً؛ هل يتعين عليك اتخاذ موقف بشأن مسألة ما؟ أو تبليغه أخباراً سيئة؟ وهل لديك الوقت للاستعداد، أم أنك تؤخَذ على حين غرة؟ فيما يلي بعض النصائح المحددة للتعامل بطريقة مناسبة في السيناريوهات الأكثر شيوعاً، بما في ذلك توضيح الطريقة الخاطئة للتعامل مع المشكلة وطريقة أفضل للتعامل معها.
إذا كنت غاضباً بسبب قرار له تأثير عليك
أبدينا جميعاً ردود فعل عنيفة تجاه الأخبار التي تؤثر في وظائفنا، ولكن الانفعال والصراخ على مديرك أو زميلك بغضب لن تكون عواقبه حسنة، لأنك ستخسر في هذا النقاش حتى قبل أن تنطق. تقول مديرة مركز بحوث تسوية النزاعات في كلية كيلوغ للإدارة، جين بريت، إن الانتظار حتى تهدأ وتوضيح كيف أن القرار الذي أغضبك يضر بالشركة وليس بك وحدك، سيضعك على المسار الصحيح لإجراء حوار مثمر.
الطريقة الخاطئة: "اكتشفت للتو أن بهاء حصل على زيادة على راتبه تعادل ضعفي الزيادة التي حصلت عليها، هل هذا صحيح؟ أبذل جهداً يعادل 3 أضعاف جهده في العمل! ما هذا الهراء!".
طريقة أفضل: ألقِ نظرة أشمل على المشكلة. إذا كنت غير راضٍ عن القرار، فهل يمكن أن يكون الآخرون غير راضين عنه أيضاً؟ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا؟ ما المشكلة الأكبر بالنسبة لفريقك أو مؤسستك؟ تنصح بريت بصياغة المحادثة على النحو التالي: "لاحظت شيئاً ليس جيداً للشركة، وأود المساعدة في معالجته" بدلاً من "أنا غاضب حقاً من هذا القرار الذي اتخذتموه بشأني".
بعد أن اكتشفت شريكة شابة في شركة محاماة حصول زميلتها على زيادة في الراتب أكبر من الزيادة التي حصلت عليها بكثير، نجحت في تطبيق نهج بريت ونظرت إلى المشكلة على أنها تحدٍ على مستوى المؤسسة. على الرغم من أن الشريكة الشابة كانت مستاءة، فقد أدركت أنه لن يكون من الحكمة تقديم شكوى بشأن الزيادة التي حصلت عليها زميلتها أو التفكير المفرط في الظلم الذي وقع عليها. لم تتعمد الشركة تجاهلها؛ فقد قدمت شريكة أخرى مؤخراً حجة أكثر إقناعاً لزيادة راتب زميلتها. لذلك اتصلت المحامية المتضررة بالشريك الرئيسي، موضحة أنها ليست مستاءة من حصول زميلتها على زيادة في الراتب، ولكنها صاغت المشكلة على أنها نقص في الشفافية، إذ قالت: "ليس لدينا نظام واضح ومنصف لمنح الزيادات في الرواتب في هذه الشركة". وتطوعت للبحث عن طريقة تعامل الشركات الأخرى مع التحدي نفسه حتى تتمكن شركتها من إنشاء عملية أفضل. وفي نهاية المطاف، أدى هذا البحث إلى وضع نظام جديد ومنصف ويتسم بالشفافية، وكانت الشريكة راضية عنه. على الرغم من أن الشركة لم تُعدّل راتبها على الفور، فإنها حسّنت وضعها في المستقبل، وأنشأت عملية أفضل للجميع.
إذا كنت بحاجة إلى الإدلاء بتعليقات انتقادية في اجتماع عام
يمثل التعبير عن الرأي تحدياً كبيراً، فما بالك بالتعبير عن رأيك أمام الجميع في شركتك، إنه كابوس!
ولكن ليس من الضروري أن يكون كذلك، فالاستعداد الجيد وصياغة المشكلة مع التركيز على الشركة وممارسة دور حلّال المشكلات، جميعها أمور ستساعد في جعل المهمة الشاقة المتمثلة في الإعراب عن مخاوفك في اجتماع كبير، مثل اجتماع مجلس الإدارة أو الاجتماع الشامل لجميع الموظفين، مقبولة ومثمرة بدرجة أكبر.
الطريقة الخاطئة: ليس من الحكمة الإدلاء بتصريح مثل هذا أمام الجميع: "أعتقد أن هذه فكرة غبية، وإذا واصلنا السير في هذا الطريق، ستكون العواقب وخيمة".
طريقة أفضل: قبل التعبير عن رأيك، استعد لتقبُّل الانتقادات؛ من المرجح أن يؤدي الإدلاء بتعليق انتقادي في منتدى عام إلى إثارة غضب الأشخاص الذين لا يتفقون معك، لذا قل صراحة إنك تحاول فعل ما تعتقد أنه الأفضل للشركة. ولكن، وفقاً لبريت، عليك أن تدرك أيضاً أنك ربما لست وحدك: "في كل موقف، من غير المحتمل أن تكون الشخص الوحيد الذي لديه هذه المخاوف". لذا، قبل الاجتماع ابحث عن زميل يفكر بطريقتك نفسها وقد يكون مستعداً لدعمك، إذا كان ذلك ممكناً.
لبدء الحوار، قل شيئاً من قبيل: "أعلم أن الجميع يعتقد أنه يمكننا التعامل مع تضارب المصالح المحتمل بين هؤلاء العملاء، ولكن لديّ شعور قوي أننا إذا بدأنا السير في هذا المسار، فسنجد أننا نحاول حل جميع أنواع النزاعات التي ستكون مدمرة لعملائنا في المستقبل". ولكن لا تتوقف عند هذا الحد، بل حدد أيضاً الحلول المحتملة للمشكلة التي أثرتها: "أعلم أن هذا سيؤخر عملنا الذي ننجزه للعميل، ولكن يسعدني قضاء الأيام القليلة المقبلة في مناقشة بعض المسارات البديلة للمضي قُدماً مع زملاء آخرين"، على أمل أن ينضم إليك زميل أو اثنان في التعبير عن أهمية المسارات البديلة والتطوع لدراسة المشكلة معك.
إذا استشاط أحد الزملاء غضباً
لا ترد على زميلك إذا كان في حالة غضب شديد، ولا تدع كلماته تؤثر فيك. انظر إذا ما كانت حِدة الموقف ستقل تدريجياً، وهنا ستساعدك إدارة أفكارك ومشاعرك في التغلب على هذا التحدي بنجاح. تقول بريت: "يردُّ معظم الأشخاص على سلوك الآخرين بالمثل. ويتطلب الأمر ضبط النفس حتى لا تغضب نتيجة لسلوكياتهم، لكنه أسلوب فعال".
الطريقة الخاطئة: "عمّ تتحدث؟! ليس لديك أدنى فكرة عن حجم العمل الذي تطلّبه هذا المشروع! في المرة القادمة لن أكلف نفسي عناء طلب رأيك!"
طريقة أفضل: ليس عليك أن تذهب إلى الطرف الآخر وأنت ترتجف خوفاً، أو تعتذر عن شيء لم تفعله، ولكن ببساطة اختر عدم خوض المعركة. إذا كان زميلك منفعلاً لدرجة أنك لا تستطيع بدء حوار معه أو التعبير عن رأيك، فمجرد وصف الموقف يساعد أحياناً في تخفيف حدة التوتر: "يمكننا تبادل التهديدات والإهانات، لكن هذا لن يحل مشكلتنا، ولن نحرز أي تقدم بهذه الطريقة". من الأفضل بكثير إخراج نفسك من الموقف بدلاً من محاولة الرد. اقترح أن تلتقيا لاحقاً لمناقشة المشكلة. وافعل كل ما يلزم للحفاظ على هدوئك وتجنب إجراء محادثة انفعالية.
ولكن نظراً إلى أنه لا يمكنك دائماً تحديد التوقيت، كما أن محاولة فعل ذلك يمكن أن تؤجج غضب بعض الأشخاص، فمن المفيد الرد بأكثر الطرق حيادية دون تنازل أو تصعيد. هكذا تبدو الطريقة الحيادية: "لا أعرف ما أقول، فهذا غير متوقع! ما خطوتنا المقبلة؟"، وفقاً لاقتراح هولي ويكس، مؤلفة كتاب "الفشل في التواصل: كيف تسير المحادثات في الاتجاه الخطأ وما يمكنك فعله لتصحيح مسارها" (Failure to Communicate: How Conversations Go Wrong and What You Can Do to Right Them). فأنت بذلك لم تسترضِ الشخص ولم تتنازل، بل اعترفت بهدوء أن زميلك غاضب. قد لا تكون المحادثة ممتعة بعد ذلك، لكنك لم تزِد الأمور سوءاً لأي منكما، وأنتما الآن تفكران معاً بدلاً من أن يرد كل منكما على الآخر.
من ناحية أخرى، إذا كنت مخطئاً وتعرف ذلك، فاعتذر فوراً، وفقاً لويكس. يمكنك أن تقول شيئاً من قبيل: "أنا آسف، كنت أقصد أن يكون ذلك مضحكاً". هذا كل شيء، أنجزت بذلك مهمتك. لا تستمر في التفسير، فقط تحمَّل مسؤولية ما فعلت.
ليس من الممكن (في كثير من الأحيان) جعل المحادثة الصعبة ممتعة ومفرحة وسهلة بطريقة سحرية، وهي لهذه السبب تمثل تحدياً، ولكن يمكنك جعلها مثمرة من خلال تهيئة نفسك للتعامل معها بطريقة أفضل. تقول ويكس إن الطريقة الوحيدة لتحسين قدرتك على التعامل مع المحادثات الصعبة هي إجراؤها: "لن تزداد مهارتك إذا كان كل ما تفعله هو الابتعاد عن المشكلة". والأسوأ من ذلك هو أنه من غير المرجح أن تختفي المشكلة التي تعتقد أنك تتجنبها، ما يؤدي إلى شعورك أنت أو زميلك بغضب شديد. ولكن يمكنك أن تُحسّن قدرتك على خوض المحادثات الصعبة من خلال التحضير لها والبقاء على الحياد والتركيز على إيجاد حل أفضل لك وللشركة أيضاً.